
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إن رمـت عيشـاً ناعمـاً ورقيقـاً
فاسـلك إليـه من الفنون طريقا
واجعـل حياتك غَضّة بالشعر والت
مثيــل والتصــوير والموسـيقى
تلـك الفنون المُشتهاة هي التي
غصـن الحيـاة بهـا يكون وريقا
وهـي التي تجلو النفوس فتَمتَلي
منهـا الوجـوه تلألُـؤاً وبريقـا
وهـي الـتي بمـذاقها ومشـاقها
يُمسـي الغليظ من الطباع رقيقا
تَمضـي الحيـاة طريّـة فـي ظلها
والعيـش أخضـر والزمـان أنيقا
إن الـذي جعـل الحيـاة رواعداً
جعـل الفنـون من الحياة بروقا
وأدَرّهـا غَيـث اللـذاذة مُنبتـاً
زهــر المسـرة سوسـناً وشـقيقا
وأقـام منهـا للنفـوس حـوافزاً
تـدع الأسـير مـن القلوب طليقا
فتحُـلّ عقـدة مـن تـراه معقّـداً
وتفُـكِ ربقـة مـن تـراه ربيقـا
تلـك الفنـون فطِر إلى سَعة بها
إن كنت تشكو في الحياة الضيقا
وإذا أردت مـن الزمـان مضاحكاً
فَتَحَــسَّ منهــا قَرقَفـاً ورحيقـا
مـا فـاز قـط بوصـلها من عاشق
إلاّ وكـــان لعــارفيه عشــيقا
فهـي ابتسـامات الدُنى وبغيرها
مـا كـان وجـه الحادثات طليقا
رطِّـب حياتـك بالغنـاء إذا عرا
هَـمٌ يُجَفِّـف فـي الحُلـوق الريقا
إن الغنــاء لمُحـدث لـك نَشـوة
في النفس تُطفىء في حشاك حريقا
وأتـرك مجادلـة الـذين توَهّموا
هَــزَج الغنــاء خلاعـة وفُسـوقا
أفـأنت أغلـظ مُهجـةً مـن نوقهم
فقـد أسـتَحثّوا بالحُداء النوقا
أرقـى الشـعوب تمـدناً وحضـارة
مـن كان منهم في الفنون عريقا
وأحَطُّهـم مـن أن سـمعت غنـاءهم
فمـن الضـفادع قـد سمعت نقيقا
فـالفنّ مقيـاس الحضارة عند مَن
حـازوا الرُقِيَّ وناطَحوا العَيُّوقا
الشــعر فَــنٌ لا تــزال ضـُرُوبه
تتلـو الشـعور بألْسُن الموسيقى
ويُجيـد تقطيـر العواطـف للورى
فتخـــاله لقلــوبهم أنبيقــا
ومسـارح التمثيـل أصـغر فضلها
جَعْـل الكليـل من الشعور ذليقا
وإذا رأى فيهـا الوقـائع غافل
مـن نـوم غفلتـه يكـون مُفيقـا
تنْمـي الحميد من الخِصال وتنقي
مـا كـان منهـا بالفَخار خَليقا
وتَجيـء مـن عِبَـر الزمان بمَشْهَد
يُلقـي خشـوعاً في النفوس عميقا
ويكـون مَنظـرُه الرهيـب مُمَهّـداً
لمُشـاهديه إلـى الصـلاح طريقـا
أمـا المُصـوِّر فهـو فنّـان يـرى
مـا كـان من صُوَر الحياة دقيقا
تأتيــك ريشــته بشــعر صـامت
ولقـد يفـوق الشـاعر المِنْطيقا
وبـدائع التصـوير مـن حسناتها
أن يسـتفيد بهـا الشعور سموقا
فهـي الجـديرة أن تكـون ثَمينةً
وتكـون أنفـق مـن سـواها سوقا
أن الحياة على الكُدورة لم تجد
مثـل الفنـون لنفسـها راووقـا
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.