
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هــي الأخلاق تنبــت كالنبــات
إذا ُســقِيَت بمــاء المكرُمـات
تقــوم إذا تعهّــدها المُرَبّـي
علــى سـاق الفضـيلة مثمـرات
وتســـمو للمكــارم باتِّســاق
كمـا اتّسـقت أنـابيب القنـاة
وتُنعـش مـن صـميم المجد روحاً
بأزهـــار لهـــا ُمتَضـــوِّعات
ولـــم أر للخلائق مــن مَحَــلّ
يهــذّ بهــا كحِضــن الأمهــات
فحضـــن الأم مدرســة تســامت
بتربيــة البنيـن أو البنـات
وأخلاق الوليــد تُقــاس حسـناً
بــأخلاق النســاء الوالــدات
وليـس ربيـب عاليـة المَزايـا
كمثــل ربيـب سـافلة الصـفات
وليـس النبـت ينبُـت فـي ِجنان
كمثـل النبـت ينبـت في الفلاة
فيـا صـدر الفتـاة رحُبت صدراً
فــأنت مقـرّ أسـنى العاطفـات
نـراك إذا ضـممت الطفـل لوحاً
يفــوق جميـع ألـواح الحيـاة
إذا أسـتند الوليـد عليك لاحت
تصـــاوير الحَنــان مصــوَّرات
لأخلاق الوليــد بــك أنعكــاس
كما انعكس الخيال على المرآة
ومـا ضـَرَ بـان قلبـكَ غير درس
لتلقيــن الخصــال الفاضــلات
فــأول درس تهــذيب السـجايا
يكـون عليـك يـا صـدر الفتاة
فكيــف نظُــنّ بالأبنـاء خيـراً
إذا نشــؤوا بحِضــن الجـاهلات
وهــل ُيرجــى لأطفــال كمــالٌ
إذا أرتضـعوا ثُـدِيّ الناقصـات
فمــا للأمهــات جهِلْــن حــتى
أتَيْــن بكــلّ طَيّــاش الحصـاة
حَنَـوْن علـى الرضـيع بغير علم
فضــاع حُنُــوّ تلـك المرضـعات
أؤم المــؤمنين إليــك نشـكو
مصــيبتنا بجهــل المؤمنــات
فتلــك مصــيبة يـا أم منهـا
نكــاد نغـص بالمـاء الفـرات
تخـذنا بعـدك العـادات دينـاً
فأشــقى المسـلمون المسـلمات
فقـد سـلكوا بهـنّ سـبيل خُسـْر
وصــدّوهنّ عــن ســُبُل الحيـاة
بحيـث لزِمـن قعـر الـبيت حتى
نزلْـــنَ بــه بمنزلــة الأداة
وعَــدُّوهنّ أضــعف مــن ذبــاب
بلا جنــح وأهــون مــن َشـذاة
وقــالوا شـرعة الإسـلام تقضـي
بنفضـيل الـذين علـى اللواتي
وقـالوا أن معنـى العلـم شيءٌ
تضــيق بــه صـدور الغانيـات
وقـالوا الجـاهلات أعـفّ نفسـاً
عــن الفحشـا مـن المتعلّمـات
لقـد كـذَبوا علـى الأسلام كذباً
تــزول الشــُمّ منــه مُزَلـزَلات
أليـس العلـم فـي الأسلام فرضاً
علــى أبنـائه وعلـى البنـات
وكـانت اُمّنـا فـي العلم بحراً
تَحُـــلّ لســائليها المُشــكلات
وعلّمهــا النــبيّ أجــلّ علـم
فكــانت مــن أجـلّ العالمـات
لـذا قـال أرجعوا أبداً إليها
بثُلثَــيْ دينكــم ذي البيّنـات
وكـان العلـم تلقينـاً فأمسـى
يُحَصــَّل بانتيــاب المدرســات
وبــالتقرير مــن كتـب ضـخام
وبـالقلم المُمَـدّ مـن الـدواة
ألم نرَ في الحسان الغيد قبلاً
أوانـــس كاتبـــات شــاعرات
وقـد كـانت نسـاء القومِ قدماً
يَرُحـن إلـى الحروب مع الغُزاة
يكـنّ لهـم علـى الأعـداء عَوْناً
ويَضــمِدن الجــروح الـداميات
وكـم منهـنّ مـن اُسـرت وذاقـت
عـذاب الهُـون فـي أسر العداة
فمـاذا اليـومَ ضَرَّ لو التفتنا
إلــى أســلافنا بعـضَ الْتِفـات
فهـم سـاروا بنهـج هدىً وسِرنا
بمنهــاج التفــرُّق والشــَتات
نـرى جهـل الفتـاة لها َعفافاً
كــأن الجهــل ِحصــنٌ للفتـاة
ونحتقــــر الحلائل لا لجُـــرمٍ
فنُــــؤذيهنّ أنــــواع الأذاة
ونُلزِمهــنّ قعـر الـبيت قهـراً
ونحســبهنّ فيــه مـن الهَنـات
لئن وَأدوا البنـات فقد قَبَرنا
جميــع نسـائنا قبـل الممـات
حجبنــاهنّ عـن طلـب المعـالي
فعِشـــن بجهلهـــنّ مهتّكـــات
ولـو عَـدِمت طبـاع القوم ُلؤماً
لمــا غــدت النسـاء محجّبـات
وتهــذيب الرجــال أجَـلّ شـرط
لجعـــل نســـائهم متهــذّبات
ومـا ضـرّ العفيفـةَ كشـفُ وجـهٍ
بــدا بيــن الأعفّــاء الاُبـاة
فــدىً لخلائق الأعــراب نفســي
وأن وُصــِفوا لـدينا بالجُفـاة
فَكــم بـرزت بحَيّهـم الغـواني
حواســر غيــر مــا متريّبـات
وكــم خشــف بمربعهــم وظـبيٍ
يمــرّ مـع الجدَايـة والمهـاة
ولـولا الجهـل ثَـمّ لقلـت مَرْحى
لمـن ألِفوا البداوة في الفلاة
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.