
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قـد صـَحّ عزمـك والزمـان مريـض
حتّـام تـذهب فـي المُنـى وتَئيض
مـا بـال همّـك في الفؤاد كأنه
عظــم يُقَلْقَـل فـي حشـاك مَهيـض
كـم بِـتَّ معتلـج الهمـوم بليلة
مـــا للظلام بفجرهــا تقــويض
طنّـت بمسمعك الهواجس في الدجى
فنفــت كـراك كمـا يطِـنّ بعـوض
تنبـو جُنوبـك عـن فـراش نـاعم
فكــأن مَضــجعك الـدَميث قضـيض
وكــأن جنبــك بـالجوى متقـرّح
وكــأن قلبــك بـالهموم رضـيض
كُـبرت لنفسـك في الحياة لُبانة
ضـــاقت ســـموات بهــا وأروض
مـا زلـت تقتحم المهالك دونها
فـالهولَ تركـب والصـِعابَ تـروض
للــه أنــت فـأيَّ هـول تمتطـي
أم أيَّ معتَــرَك الخطــوب تخـوض
ولــربّ قافيـة كمُئتِلـق السـنى
يجلـو الشـكوك يقينها الممحوض
صــَرحت فــي إنشـادها بحقيقـة
فـات الأنـام بمثلهـا التعريـض
ولقــد أجَرَّنـي القريـضُ عِنـانَه
ونَحـا بـيَ المضـمار وهـو مروَض
وأتـى المدى يوم السباق مُجَلِّياً
يَجــري ســَبوح خلفــه ورَكُــوض
قـد كنـت أنبِـط للقريـض قريحةً
بمفـاخر العـرب الكـرام تَفيـض
ولكَـم وقفـت من السياسة موقفاً
مَحيـايَ فيـه علـى التَوىَ معروض
مستنهضـاً بالشـعر قـومي للعلا
إذ كــان يهــم فــترةٌ ورُبـوض
أيــام لـم يَنطـق بـذلك شـاعر
قبلـي ولـم يُنشـَد هنـاك قريـض
حــتى إذا دار الزمـان مـداره
خـاب القريـض وعـاد وهـو جَريض
وغـدا يُنـازعني الحَـرُورة شاعر
مـا كـان حـرّاً شـعره المقـروض
ويَبُـزّ فـي ثـوب الأمانـة خـائن
كــأبي براقـش طبعـه المرفـوض
كــم مُــدِّعٍ دعـواي فـي وطنيّـةٍ
أنـا كنـت أبنيهـا وكـان يَقُوض
مـن كـل عبـد في السياسة باعه
وشـراه هـذا الـدرهم المقبـوض
تعـس المخاصـم إن لـي لقصائداً
طــرف المعانــد دونهـنّ غضـيض
فـإذا ادّعَيـت فهنّ في دعواي لي
حُجــج دوامــغ مـا لهـنّ دحـوض
وسـل اليـراع يُجِبْـك عني ناطقاً
بمقــال صـدق ليـس فيـه غمـوض
لمــا تكرّهــتي الأراذل ســرّني
أنــي إليهـم يـا أُميـم بغيـض
ولقد بَرِئت إلى الوفاء من اميءٍ
عهــد الصــداقة عنـده منقـوض
وحزَيــت كــل صـنيعة بمثالهـا
إن الصـنائع فـي الرجـال قُروض
لا تَطلُبــنّ مـن الزمـان حقيقـةً
مـا للحقيقـة فـي الزمان وميض
وإذا مخضـتَ مـن الليالي صَرفها
أبـدى العجـائب صرفها الممخوض
وحــوادث الأيـام مثـل نسـائها
فـي الحكـم تَطُهـر تـارةً وتَحيض
ولربّمــا أنتَجْــن كــل كريهـة
سـوداء تَقنـأ فـي وغاها البيض
قـد سـاء مُنقلَـب البلاد بأهلها
فـــانحطّ أوْج واشــمخر حضــيض
ذهـب الحيـاء فكم رأينا صاغراً
قـد جـاء وهـو لمِـذْرَوَيه نَفُـوض
وَقِـح تعـامى عـن مـدانس عِرضـه
فزهــاه عُجبـاً ثـوبه المَرْحـوض
غَلَـب الشقاء على الأنام فخيرهم
دَثٌّ وقَطـــر شـــرورهم اغريــض
كيف السعادة في الحياة وللورى
فــي قــوس كـل ضـغينة تنـبيض
أم كيـف تَبتـدع المعـالي أمـةٌ
فـي العلـم قلّ نصيبها المفروض
لن تَعدَم الدنيا الشقاءَ بأهلها
مـا دام مُلـك فـي البلاد عَضـوض
ويـح الـذكاء فقـد تـأخرّ أهله
حــتى تقــدّم مَـن قفـاه عريـض
أخـزى البلاد مفاسـداً بلـد بـه
مُقــت الأديــب وأكـرم العِرِيـض
وإذا الفـتى قعـدت بـه أفعاله
أعيـاه بالنسـب الرفيـع نُهـوض
والمـرء إن عَـدمِت سجّيته العلا
لـم يَبتعثـه إلـى العلا تحريـض
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.