
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَأَمَّـلْ خَلِيلِـي هَـلْ تَـرَى ضـَوْءَ بَـارِقٍ
يَمَــانٍ مَرَتْــهُ رِيــحُ نَجْــدٍ فَفَتَّـرَا
مَرَتْـهُ الصـَّبَا بِـالْغَوْرِ غَـوْرِ تِهَامَـةٍ
فَلَمَّــا وَنَــتْ عَنْـهُ بِشـَعْفَيْنِ أَمْطَـرَا
يَمَانِيَـــةٌ تَمْــرِي الرَّبَــابَ كَــأَنَّهُ
رِئَالُ نَعَـــامٍ بَيْضــُهُ قَــدْ تَكَســَّرَا
وَطَبَّــقَ لَــوْذَانَ الْقَبَــائِلِ بَعْــدَمَا
سـَقَى الْجِـزْعَ مِنْ لَوْذَانَ صَفْواً وَأَكْدَرَا
فَأَمْســـَى يَحُــطُّ الْمُعْصــِمَاتِ حَبِيُّــهُ
وَأَصــْبَحَ زَيَّــافَ الْغَمَامَــةِ أَقْمَــرَا
كَــأَنَّ بِــهِ بَيْــنَ الطَّــرَاةِ وَرَهْـوَةٍ
وَنَاصــِفَةِ الضــَّبْعَيْنِ غَابــاً مُسـَعَّرَا
فَغَـــادَرَ مَلْحُوبــاً تُمَشــِّي ضــِبَابُهُ
عَبَاهيـلَ لَـمْ يَتْرُكْ لَهَا الْمَاءُ مَحْجَرَا
أَقَـــامَ بِشــُطَّانِ الرِّكَــاءِ وَرَاكِــسٍ
إِذَا غَرِقَ ابْنُ الْمَاءِ فِي الْوَبْلِ بَرْبَرَا
أَصــَاخَتْ لَـهُ فَـدْرُ الْيَمَامَـةِ بَعْـدَمَا
تَــدَثَّرَهَا مِــنْ وَبْلِــهِ مَــا تَـدَثَّرَا
أَنَـاخَ بِرَمْـلِ الْكَـوْمَحَيْنِ إِنَاخَـةَ الْـ
يَمَــانِي قِلاَصــاً حَــطَّ عَنْهُـنَّ أَكْـوُرَا
أَجِــدِّي أَرَى هَــذَا الزَّمَــانَ تَغَيَّـرَا
وَبَطْــنَ الرِّكَـاءِ مِـنْ مَـوَالِيَّ أَقْفَـرَا
وَكَـائِنْ تَـرَى مِـنْ مَنْهَـلٍ بَـادَ أَهْلُـهُ
وَعِيـــدَ عَلَـــى مَعْرُوفِــهِ فَتَنَكَّــرَا
أَتَـاهُ قَطَـا الْأَجْبَـابِ مِـنْ كُـلِّ جَـانِبٍ
فَنَقَّــرَ فِــي أَعْطَــانِهِ ثُــمَّ طَيَّــرَا
فَإِمَّــا تَرَيْنِـي قَـدْ أَطَـاعَتْ جَنِيبَتِـي
وَخُيِّـطَ رَأْسـِي بَعْـدَ مَـا كَـانَ أَوْفَـرَا
وَأَصـْبَحْتُ شـَيْخاً أَقْصـَرَ الْيَـوْمَ بَاطِلِي
وَأَدَّيْــتُ رَيْعَــانَ الصـِّبَا الْمُتَعَـوَّرَا
وَقَـدَّمْتُ قُـدَّامِي الْعَصـَا أَهْتَـدِي بِهَـا
وَأَصـــْبَحَ كَــرِّي لِلصــَّبَابَةِ أَعْســَرَا
فَقَـدْ كُنْـتُ أُحْذِي النَّابَ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً
فــأُبْقِى ثَلاثـاً وَالْوَظِيـفَ الْمُكَعْبَـرَا
وَأَزْجُــرُ فِيهَــا قَبْــلَ تَـمِّ ضـَحَائِهَا
مَنِيــحَ الْقِـدَاحِ وَالصـَّرِيعَ الْمُجَبَّـرَا
تُخُيِّـــرَ نَبْــعَ الْعَيْكَتَيْــنِ وَدُونَــهُ
مَتَــالِفُ هَضـْبٍ تَحْبِـسُ الطَّيْـرَ أَوْعَـرَا
فَمَـــا زَالَ حَتَّــى نَــالَهُ مُتَغَلْغِــلٌ
تَخَيَّــرَ مِــنْ أَمْثَــالِهِ مَــا تَخَيَّـرَا
فَشــَذَّبَ عَنْــهُ النَّبْـعَ ثُـمَّ غَـدَا بِـهِ
مُجَلّــىً مِــنَ اللَّائِي يُفَــدَّيْنَ مِطْحَـرَا
يُطِيــعُ الْبَنَــانَ غَمْـزُهُ وَهْـوَ مَـانِعٌ
كَـــأَنَّ عَلَيْـــهِ زَعْفَرَانــاً مُعَطَّــرَا
تَخِــرُّ حِظَــاءُ النَّبْــعِ تَحْـتَ جَبِينِـهِ
إِذَا ســَنَحَتْ أَيْـدِي الْمُفِيضـِينَ صـَدَّرَا
تَبَــادَرُهُ أَيْــدِي الرِّجَـالِ إِذَا بَـدَتْ
نَوَاهِـدَ مِـنْ أَيْـدِي السـَّرَابِيلِ حُسـَّرَا
وَإِنِّــيَ لَأَسـْتَحْيِي وَفِـي الْحَـقِّ مُسـْتَحىً
إِذَا جَـاءَ بَـاغِي الْعُـرْفِ أَنْ أَتَعَـذَّرَا
إِذَا مِـتُّ عَـنْ ذِكْـرِ الْقَوَافِي فَلَنْ تَرَى
لَهَــا تَالِيــاً مِثْلَـي أَطَـبَّ وَأَشـْعَرَا
وَأَكْثَــرَ بَيْتــاً مَــارِداً ضـُرِبَتْ لَـهُ
حُــزُونُ جِبَــالِ الشـِّعْرِ حَتَّـى تَيَسـَّرَا
أَغَــرَّ غَرِيبــاً يَمْسـَحُ النَّـاسُ وَجْهَـهُ
كَمَـا تَمْسـَحُ الْأَيْـدِي الْأَغَـرَّ الْمُشـَهَّرَا
فَـإِنْ تَـكُ عِرْسـِي نَـامَتِ اللَّيْـلَ كُلَّـهُ
فَقَــدْ وَكَلَتْنِــي أَنْ أَصــَبَّ وَأَســْهَرَا
أَلَا لَيْــتَ لَيْلَـى بَيْـنَ أَجْمَـادِ عَـاجِفٍ
وَتِعْشــَارِ أَجْلَـى فِـي سـَرِيجٍ وَأَسـْفَرَا
وَلكِنَّمَـــا لَيْلَـــى بِــأَرْضٍ غَرِيبَــةٍ
تُقَاسـِي إِذَا النَّجْـمُ الْعِرَاقِـيُّ غَـوَّرَا
فَإِمَّــا تَرَيْنَــا أَلْحَمَتْنَــا رِمَاحُنَـا
وَخِفَّــــةُ أَحْلاَمٍ ضـــِبَاعاً وَأَنْســـُرَا
فَمَــا نَحْــنُ إِلَّا مِــنْ قُـرُونٍ تُنُقِّصـَتْ
بِأَصــْغَرَ مِمَّــا قَــدْ لَقِيـتُ وَأَكْبَـرَا
وَشـــَاعِرِ قَـــوْمٍ مُعْجَبِيــنَ بِشــِعْرِهِ
مَــدَدْتُ لَــهُ طُــولَ الْعِنَـانِ فَقَصـَّرَا
لَقَـدْ كَـانَ فِينَـا مَـنْ يَحُـوطُ ذِمَارَنَا
وَيُحْــذِي الْكَمِـيَّ الزَّاعِبِـيَّ الْمُـؤَمَّرَا
وَيَنْفَعُنَـــــا يَـــــوْمَ الْبَلَاءِ بَلَاؤُهُ
إِذَا اسـْتَلْحَمَ الْأَمْـرُ الدَّثُورَ الْمُغَمَّرَا
وَخَطَّــارَةٍ لَـمْ يَنْضـَحِ السـِّلْمُ فَرْجَهَـا
تُلَقَّـــحُ بِـــالْمُرَّانِ حَتَّــى تَشــَذَّرَا
شــَهِدْنَا فَلَـمْ نَحْـرِمْ صـُدُورَ رِمَاحِنَـا
مَقَاتِلَهَـــا وَالْمُشـــْرَفِيَّ الْمُــذَكَّرَا
وَكُنَّـا إِذَا مَا الْخَصْمُ ذُو الضِّغْنِ هَرَّنَا
قَـدَعْنَا الْجَمُـوحَ وَاخْتَلَعْنَـا الْمُعَذَّرَا
نَقُـــومُ بِجُلَّانَـــا فَنَكْشــِفُهَا مَعــاً
وَإِنْ رَامَنَــا أَعْمَـى الْعَشـِيَّةِ أَبْصـَرَا
وَيَقْــــدُمُنَا ســـُلاَّفُ حَـــيٍّ أَعِـــزَّةٍ
تَحُـــلُّ جُنَاحـــاً أَوْ تَحُـــلُّ مُحَجَّــرَ
كَـأَنْ لَـمْ تُبَوِّئْنَـا عَنَاجِيـجُ كَالْقَنَـا
جَنَابــاً تَحَامَــاهُ السـَّنَابِكُ أخْضـَرَا
وَلَـمْ يَجْـرِ بِالْأَخْبَـارِ بَيْنِـي وَبَيْنَهُـمْ
أَشــَقُّ ســَبُوحٌ لَحْمُــهُ قَــدْ تَحَســَّرَا
كَــــأَنَّ يــــدَيْهِ وَالْغُلَامُ يَكُفُّــــهُ
جَنَاحَــانِ مِـنْ سـُوْذَانِقٍ حِيـنَ أَدْبَـرَا
أَقَــبُّ كَســِرْحَانِ الْغَضـَا رَاحَ مُؤْصـِلاً
إِذَا خَــافَ إِدْرَاكَ الطَّــوَالِبِ شــَمَّرَا
أَلَهْفِــي عَلَــى عِــزٍّ عَزِيــزٍ وَظِهْـرَةٍ
وَظِــلٍّ شــَبَابٍ كُنْــتُ فِيــهِ فَـأَدْبَرَا
وَلَهْفِــي عَلَــى حَيَّـيْ حُنَيْـفٍ كِلَيْهِمَـا
إِذَا الْغَيْـثُ أَمْسَى كَابِي اللَّوْنِ أَغْبَرَا
يُـــذَكِّرُنِي حَيَّـــيْ حُنَيــفٍ كِلَيْهِمَــا
حَمَــامٌ تَرَادَفْــنَ الرَّكِــيَّ الْمُعَـوَّرَا
وَمَـا لِـيَ لَا أَبْكِـي الـدِّيَارَ وَأَهْلَهَـا
وَقَـــدْ حَلَّهَــا رُوَّادُ عَــكَّ وَحِمْيَــرَا
فَــإِنَّ بَنِــي قَنْيَــانَ أَصـْبَحَ سـَرْبُهُمْ
بِجَرْعَــاءِ عَبْــسٍ آمِنــاً أَنْ يُنَفَّــرَا
تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِل، مِنْ قَبِيلَةِ العَجْلانِ إِحْدَى بُطُونِ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَيُكَنَّى بِأَبِي كَعْبٍ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، لكِنَّهُ ظَلَّ يَحِنُّ فِي شِعْرِهِ إِلَى أَيّامِ الجاهِلِيَّةِ وَكانَ جافِياً فِي الدِّينِ، وَتَمَيَّزَ فِي شِعْرِهِ بِوَصْفِ القَدَحِ فَيُقالُ: قَدَحُ ابْنِ مُقْبِلٍ، وَهُوَ مِنْ عُورانِ قَيْسِ الخَمْسَةِ، وَهُوَ مِنْ المُعَمَّرِينَ وَيُقالُ إِنَّهُ عاشَ مِئَةً وَعِشْرِينَ عاماً، وَقَدْ تُوُفِّيَ بَعْدَ عامِ 73ه.