
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هُنِّيــتَ هُنِّيــتَ بالإقــدام والظَفَـر
فاسـلم ودُم سـالماً بـالعزِّ وافتَخِر
زلزلــتَ بالســيف أركانـاً مشـيدة
تكــاد تلحـق بعـد العيـن بـالأثر
أنـت المنيـب إلى الله العزيز به
والمتّقـي منـه فـي أمـنٍ وفـي خطر
بطشــتَ بطـش شـديد البـأس منتقـم
من بعد ما كنت قد بالغت في النذر
إنَّ الخــوارج عـن أمـر أمـرت بـه
جــاءت إليـك لعمـري غيـر مفتقـر
هـم عاهـدوك علـى أن لا تُمَـدَّ لهـم
يــدٌ إلــى شــجر عَــدْواً ولا عشـر
ولا ينـالون منهـا غيـر مـا ملكـت
أيمـانهم بعـدما يـودى مـن العُشُرِ
لــو أنهـم صـدقوك القـول يـومئذٍ
قبلـت بـالعفو عنهـم عـذر معتـذر
كفـى بمـا كـانَ منـك اليوم تبصره
لــو يعقلـون لـذي سـمع وذي بصـر
لبَّتــك أبنــاء نجــد إذ دعـوتهم
فــأقبلت زمــراً تـأوي إلـى زمـر
جـاءت إليـك كأسـْدِ الغـاب عاديـة
علـى أعاديـك تحمـي البيض بالسمر
تهــون دونــك منهـم أنفـسُ كَرُمَـتْ
فـي عـزّةِ المـوت أو في لُجَّة الخطر
كأنمــا تنتضــيها مــن عزائمهـم
صــوارماً طبعوهــا آفــة العمــر
والحــرب قائمـة منهـم علـى قـدم
والنقـع يكحـل عيـن الشمس بالحور
وللمــــدافع إرعـــاد وزمجـــرة
ترمــي جهنَّمُهـا الطـاغين بالشـرر
إذا قضـى الحتـف من أبطالها وطراً
ففــي سـليمان منهـا لـذة الـوطر
بغلمــة كســيوف الهنــد مصــقلة
مـا شـيب منهـا صفاء الود بالكدر
لا ينزلــون علــى كــرهٍ بمنزلــة
ولا يضــامون فــي بـدو وفـي حضـر
وكــم جمعـت وشـجّعت الرجـال وكـم
علّمتهـا الحـرب بعد الجبن والخور
نفخـت فيهـم فقـاموا يهرعـون إلى
حــرب تشــبّ بنـار مـن لظـى سـقر
علّمتهـم كيـف يمضـي السـيف شفرته
وليـس يغنـي حـذار المـوت عن قدر
ســرت بهــم نفحـات منـك تبعثهـم
إلـى الشـجاعة بعـث النادر الحذر
وأنــت وحــدك فيهــم عسـكر لجـب
سـود الوقـائع مـن راياتـك الحمر
وأنــت بــالله لا بـالجيش منتصـر
فيــا لمستنصــر بــالله منتصــر
قـد أفلـح النـاس باديها وحاضرها
مــن آمــرٍ بالـذي تهـوى ومـؤتمر
وأنــت هـادٍ لهـا فـي كـل مشـتَوَرٍ
وأنــتَ مقــدامُها فـي كـل مشـتجر
ورُبَّ أمـــرٍ مهــول مــن عظــائمه
أنْ ليــس تفعلـه بالصـارم الـذكر
وإنّـك العضـب راع العيـن منتظـراً
مـن صـنعة اللـه لا من صنعة البشر
تــرقّ للنـاس مـا تصـفو ضـمائرها
برقّــةٍ كنسـيم الـروض فـي السـحر
والغـلّ يكمـن مـن تلك الخوارج في
قلوبهـا ككمـون النـار فـي الحجر
عـادوا فَعُـدت إلـى مـا كنت تفعله
فـي حالـك مـن ظلام النقـع معتكـر
والخيـل تفعـل بـالقتلى سـنابكها
لعـب الصـوالج يـوم الـروع بالأكر
وقمـت تخطـب فـي حـد الحسـام على
منــابر الهــام بالآيـات والسـور
والسـيف أصـدق مـا تنبيـك لهجتـه
بمــوجز مـن لسـان الحـال مختصـر
دانـوا لأمـرك بعـد الذل وامتثلوا
وكــان عفــوك عنهـم عفـو مقتـدر
كـم مـن يـدٍ لهـم طـولى تطول على
سـمر العـوالي رماها الله بالقصر
ومنـذ عـادوا فقـد عـادوا لمهلكة
لِمـا نُهـوا عنـه مـن بغيٍ ومن وطر
فــي كـل عـام لهـم حـرب ومعـترك
وموعــد للمنايــا غيــر منتظــر
وهـم مـتى شـئت كـانوا منك يومئذ
لـدى المنيّـة بيـن النـاب والظفر
لا يبلـغ الشـر منهـم مثـل مبلغـه
فـي عـامهم ذلـك الماضـي ولم يثر
قــابلتهم بجنــود أمطَــرَتْ بــدمٍ
كمـا يصـوب مصـاب المـزن بـالمطر
وربَّ أحمــــقَ معـــروفٍ لشـــهرته
وافـاك مـن قـومه الأعجـام في نفر
لا يعرفــون وجـوه المـوت ترهقهـم
ذلاً وتوســعهم طــرداً إلـى الغـرر
أخزاهـم الله في الأدبار إذ ذبحوا
قبـل الخلائف ذبـح الشـاة والبقـر
وفــرّ قــائدهم مــن خـوفه هربـاً
حتَّــى تحجَّــب بالحيطــان والجـدر
ليــت المنيّــة غــالته بمهلكــة
وقـد أصـيبَ لحـاهُ اللـه مـن ديـر
إن الأباعــد لــم يوثَـقْ بخـدمتهم
هـم العـدوُّ فكـن منهـم علـى حـذر
أبْعِـدْ عـن العسكر المنصور منزلهم
فشــرّهم غيــر مـأمون مـن الضـرر
لا يصـلح الجاهـل المغـرور في نظر
إلاَّ إذا كــانَ مصـروفاً عـن النظـر
المفســدون بــأرض ينزلــون بهـا
والبـارزون بقبـح الفعـل والصـور
للــه درك لــم تسـبق بمـا فعلـت
منـك العـزائم فـي مـاض من العصر
بعثــت للبصـرة الفيحـاء تحفظهـا
بصـارم البـأس مـن أحداثها الغير
طهّرتهــا مـن فسـاد كـانَ يكنفهـا
ولـم تـدع باغيـاً فيهـا ولـم تذر
وصـنتها عـن شـرار النـاس قاطبـة
صـون الجنيـن لـدى الإنفاق بالبدر
فعَلْــتَ فَعْلاتـك اللاّتـي فَعَلْـتَ بهـا
تبقـى مع الدهر في الأخبار والسير
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).