
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ذكـرتُ على النوى عهد التَّصابي
فأشـجاني وهيَّـجَ بعـضَ مـا بـي
وشــوَّقني معــالم كنـتُ فيهـا
بــأنعم طيــبِ عيــشٍ مسـتطاب
فَبِــتُّ احِــنُّ مـن شـوق إليهـا
كمـا حـنَّ المشـيبُ إلى الشباب
سـقى تلـك الـديار وسـاكنيها
مُلِــثُّ القَطــر منهـلّ الربـاب
فكــم ظـبيٍ هنالـك فـي كنـاسٍ
ينــوب بفتكـه عـن ليـث غـاب
بنفســي مــن أفــدّيه بنفسـي
ويعــذب فــي تجنّيــه عـذابي
ولـي قلـبٌ تَوَقَّـدَ فـي التهـابٍ
ولــي دمــع تـوالى بانسـكاب
وليــلٍ طــال بـالزفرات منّـي
ولـم يقصـر لحزنـي واكـتئابي
وكــم هـمٍ أسـاءَ إلـى فـؤادي
وطـال مـع الزمـان بـه عتابي
وأزعجنــي عــن الأحبـاب بيـنٌ
وبـالبينِ انزعـاجي واضـطرابي
تعلِّلنــي بموعــدها الأمــاني
ومـا التعليـل بالوعد الكذاب
وتطمعنـــي بمــا لا أرتجيــه
وهـل أرجـو شـراباً مـن سـراب
ومـا فَعَلـتْ بأصـحابي المنايا
فــأبْقَتْني وقـد أخَـذَتْ صـحابي
ومـا لـي مـن أُنيب إليه يوماً
إذا مــا عضــّني يومـاً بنـاب
ومـا كتَبـتْ يـدايَ لـه كتابـاً
ولكــن كــانَ فـي أمِّ الكتـاب
أذاقَنــيَ النَّـوى حلـواً ومـرًّا
وجرّعنــي الهـوى شـهداً بصـاب
أطــوِّف فــي البلاد وأنتحيهـا
فمـا أغنـى اجتهادي في الطّلاب
وأيَّــةُ قفــرة لـم أرْمِ فيهـا
ولــم أُزْعِـجْ بِمَهْمَههـا ركـابي
لبســتُ غُبارهـا وخرجـت منهـا
كمـا اسـتلَّ الحُسام من القراب
ولــم أبلُـغْ مقـام العـزّ إلاَّ
بعبـد القـادر العالي الجناب
وما نلنا المنى من السّعي حتَّى
نَزَلْنــا فـي منـازله الرِّحـاب
كريــــم طيـــب الأخلاق بَـــرٍّ
بيـوم الجـود أنـدى مـن سحاب
فمـا سـُئِل النَّـدى والجودَ إلاَّ
وأســْرَعَ بــالثواب وبـالجواب
إذا مـا أُبْـت بالنَّعمـاء عنـه
حَمِــدْتُ بفضــله حُســنَ المـآب
أو انتَسـَبَ انجـذابٌ مـن قلـوب
فمـا لسـواه ينتسـِبُ انجـذابي
فيـا بـدرَ الجَمـال ولا أُمـاري
ويــا ربَّ الجميــل ولا أحـابي
سَأشـكرُ فضـلَك الضـّافي وأدعـو
لمجــدك بالــدعاء المسـتجاب
علـى نِعـمٍ بجـودك قـد أُفيضـَتْ
ولا ترجــو بهـا غيـر الثـواب
وممَّـــا ســـَرَّني وأزالَ همِّــي
دُنُــوِّي مـن جنابـك واقـترابي
ولــم أبْــرَحْ أهيـمُ بكـلّ وادٍ
وأقْــرَعُ فـي ثنـائك كـل بـاب
وأرغَــبُ عـن سـواك بكـل حـالٍ
وأطْمَــعُ فـي أياديـك الرغـاب
ولـم تـبرحْ مـدى الأيـام تُدعى
لكشـف الضـر أو دفـع المصـاب
أصــاب بمـا حبـاك بـه مشـيرٌ
مشــيرٌ بالحقيقــة والصــواب
وولاّك العمــــارة إذ تـــولى
أُمـورَ الحكـم بالبـأس المهاب
فقُمْــت مقـامه بالعـدل فيهـا
وقــد عمرتهــا بعـد الخـراب
وذلَّلْــتَ الصـِّعاب وأنـتَ أحـرى
وموصـــوف بتــذليل الصــعاب
فلا يحزنــك أقــوال الأعــادي
فمــا جَزِعَــتْ أســودٌ مـن كلاب
لقـد حلَّقْـتَ فـي جَـوِّ المعـالي
فكنـتَ اليـومَ أمْنَـعَ مـن عقاب
عَلَـوْتَ بقَـدْرِك العـالي عليهـم
كما تعلو الجبال على الرَّوابي
ومــا ضــاهاك مـن قـاصٍ ودانٍ
بعـدل الحكـم أو فصـل الخطاب
وحُـــزْتَ مكــارم الأخلاق طــرًّا
ومنهــا جئت بـالعجب العجـاب
ألا يــا سـيّدي طـال اغـترابي
فرخِّــصْ لــي فَـدَيْتُك بالـذهاب
فــأرجعُ عنــك مُنْقَلِبـاً بخيـر
وأحْمَــدُ مـن مكارمـك انقلابـي
وأنظِـمُ فيـك طـول العمر شكراً
كما انتظم الحباب على الشراب
وليـس يهمُّنـي فـي الـدهر هـمٌّ
وفيــك تَعَلُّقـي ولـك انتسـابي
فمــن شــوقٍ إلـى وطـنٍ وأهـلٍ
غَــدَوْتُ اليـومَ ذا قلـبٍ مـذاب
ومــن مــرضٍ أٌقاســيه ووجــدٍ
رضــيتُ مـن الغنيمـة بالإيـاب
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).