
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بـوَخْزِ القنـا والمرهفاتِ البواترِ
بلـوغُ المعـالي واقتناءُ المفاخر
وإنَّ الفــتى مـن لا يـزال بنفسـه
يخـوض غمـار المـوت غيـر محـاذر
يشـيد لـه مـا عـاش مجـداً مؤثلاً
ويبقـي له في الفخر ذاكراً لذاكر
إذا كنـتَ ممَّـنْ عظَّـم اللـه شـأنه
فشـمِّر إلـى الأَمـر العظيـم وبادر
وإنِّـي امرؤ يأبى الهوان فلم يَدِن
إلـى حكـم دهـر يـا أُميمـة جائر
مضـت مثـل ماضي الشفرتين عزيمتي
وحلَّــق فــي جــوّ الأُبـوَّة طـائري
لئن أنكـر الغمـر الحسود فضائلي
وأصـــبحَ بــالمعروف أَوَّلَ كــافر
فتلــك برغـم الحاسـدين شـواردي
يسـير بهـا السـَّاري وتلك نوادري
فمـا عُرِفَـتْ منِّـي مدى الدهر ريبةٌ
ولا مَـرَّ مـا راب الرِّجـال بخـاطري
ومـا زلـتُ مذْ شَدَّتْ يدي عقْد مئزري
ولا يتَّقـي مـن قـد صـَحِبتُ بـوادري
وكـــم مشــمخرِّ أنفُــه بغــروره
يـرى نفسـه فـي الجهل جمَّ المآثر
جَــدَعْتُ بحـول اللـه مـارنَ أَنفِـهِ
وأوطـأْتُ نَعلـي منـه هامـة صـاغر
ألا ثكلــت أُمُّ الجبــان وليــدها
وفـازت بمـا حـازته أُمُّ المخـاطر
أَحِــنُّ إلــى يــومٍ عبـوسٍ عصبصـبٍ
تتــوقُ لـه نفسـي حنيـن الأَبـاعر
إلـى موقـفٍ بيـن الأَسـنَّة والظبـا
ومنزلــةٍ بيـن القنـا المتشـاجر
يكشـِّر فيـه المـوت عـن حـدّ نابه
وتغـدو المنايـا داميـات الأَظافر
ترفعـت عـن قـومٍ إذا مـا خبرتهم
وَجَـدْتُ كبـاراً فـي صـفات الأَصـاغر
أخو الحَزم مَن لم يملك الحرصُ رقَّه
ولا ينتـج الآمـال مـن رحـم عـاقر
شـديدٌ علـى حـرب الزَّمـان وسـلْمِه
جريـءٌ علـى الأَخطـار غيـر محـاذر
خُلِقْـتُ صـبوراً فـي الأُمور ولم أكنْ
علـى الضَّيم في دار الهوان بصابر
إذا مـا رأيـت الحـيَّ بالذّلّ عيشه
فـأَولى بـذاك الحـيّ أهل المقابر
ألا إنَّ عُمـر المـرءِ مـا عاش طوله
كطيـــف خيــالٍ أو كــزورة زائر
تمـرُّ اللَّيـالي يـا سـعاد وتنقضي
وتمضــي ببـاقٍ حيـث كـانَ وبـائر
فكيـف يعـاني الحـرُّ مـا لا يسـرُّه
ويـأْمنُ مـن ريـب الزَّمـان بغـادر
أَزيــد علـى رزء الحـوادث قسـوة
وإنَّ معانــاتي بهــا غيـر ضـائر
كمـا فـاح بـالطِّيب الأريـج وضوّعت
شـذا المندليَّ الرّطبَ نارُ المجامر
أرانــا سـليمانُ الزهيـرُ وقـومُه
رجـال المنايـا فتـك أروع ظـافر
يريـك بيـوم الجـود نعمـةَ مُنعـمٍ
ويـوم الـوغى واليـأس قدرة قادر
يســـير مــواليه بعــزٍّ وســؤدد
ويرجــع شــاتيه بصــفقة خاســر
لقــد ظفِـرَتْ آل الزهيـر بشـيخها
بأَشــجع مــن ليـث بخفَّـان خـادر
يشـقُّ إلـى نيـل المعـالي غبارها
ومـن دونهـا إذ ذاك شـقّ المرائر
فـذا سـيفه الماضي فهل من مبارزٍ
وذا فخـره العـالي فهل من مفاخر
ففي الحربِ إنْ دارتْ رحاها وأصبحَتْ
تــدور علـى فرسـانها بالـدوائر
تحــفّ بــه مــن آل نجـد عصـابة
شـبيهة مـا تـأتي بـه بالقسـاور
وكـم بـرز الأَعداء في حومة الوغى
وثغـر الـرَّدى يفـترّ عن ناب كاشر
فأوردهــا بالمشــرفيَّة والقنــا
مـوارد حتـف مـا لهـا مـن مصادر
وكـم أنهـلَ الـواردَ منهـلَ جـودِهِ
فَمِــنْ واردٍ تلــك الأَكُــفّ وصـادر
ألا إنَّ أبنــاء الزهيــر بأسـرهم
أَوائلهـــم متلُـــوَّةٌ بـــالأَواخر
سـلِ الحرب عنهم والصوارم والقنا
وما كانَ منهم في العصور الغوابر
فهــم شـيَّدوها فـي صـدورهم علًـى
وهـم أُورِثوهـا كـابراً بعـد كابر
كــابرُ يعطــون الرئاســة حقَّهـا
ومعروفهــم يُســدى لبَــرٍّ وفـاجر
ومـا برحـت فـي كـلّ مكرمـةٍ لهـم
صـدور المعـالي في بطون الدفاتر
يمينـاً بربّ البيت والرّكن والصَّفا
ومـن فـاز في تعظيم تلك المشاعر
بــأنَّ ســليمان الزهيــر محلُّــه
محـلٌّ سـما فـوق النجـوم الزّواهر
يقـرّ لعينـي أن تـرى منـه طلعـةً
تـرى العيـن فيهـا قـرَّةً للنواظر
فأَســْمَعُ منــه مـا يشـنّف مسـمعي
وأنظــرُ فيـه مـا يـروق لنـاظري
كريـم أكاسـير الغنـى بالتفـاته
فهـل كـانَ إلاَّ وارثـاً علـم جـابر
يصـحّ مـزاج المجـد فـي رأي حاذق
طــبيب بــأدواء الرئاسـة قـاهر
يمــرُّ بنــادي الأَكرميــن ثنـاؤه
كمــا مـرَّ نجـديُّ النَّسـيم بعـاطر
وقـد نطقـتْ فـي مدحه ألسُنُ الورى
فمـن نـاظمٍ فيـه الثنـاء ونـاثر
أَحـامي الحمـى بالبأس ممَّا ينوبه
وصـنديدها المعـروف بين العشائر
إليـك مـن الـدَّاعي لك الله مدحة
مقدَّمــةً مــن حامــد لــك شـاكر
فلا زلــت فيــزرق الأَسـنَّة تحتمـي
وتحمـي بحـدّ الـبيض سود الغدائر
عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).