
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إلـى مجـدك العليـاء تعـزى وتنسـب
وفـي ذكـرك التاريـخ يملـي ويَكتُـبُ
وفــي عـدلك الشـرع الشـريف ممثـل
وفــي حكمـك الأمثـال تتلـى وتضـرب
ولــم يبــق للإســلام غيــرك ناصـر
يؤيــده فــي اللــه يرضـي ويغضـب
نَمتــكَ جــدود مــن ربيعـة أصـلهم
بهــم فخــر الحيــان بكـر وتغلـب
أسـاطين مجـد مـن سـعود بـن مقـرن
إذا مــات منهــم طيـب جـاء أطيـب
محمــد عبــد اللــه تركــي فيصـل
ومـن عابـد الرحمـن مجـدك أعقبـوا
أولئك در المجـد فـي السـلك نظّموا
لقــد ولــدوا للباقيـات فـانجبوا
فسادوا وشادوا المجد بالدين قائما
فمـا وهنـوا والـدهر بالنـاس قلّـب
أسـاس مـتين ركنـه العـدل والتقـى
يــد اللــه عنـه بالعنايـة تضـرب
بنــاه علـى الـدين القـويم محمـد
وليــس لــه غيــر الهدايـة مطلـب
ومــن نصــر اللــه اسـتعز بنصـره
فعــز وجنــد اللـه بالنصـر أغلـب
أجـاب دعـاء الشـيخ لمـا نبـت بـه
مــواطنه حــتى لقــد كــاد يعطـب
إمــام أتـى مـن بيـت علـم مسلسـل
تـــوارثه عــن جــده الابــن والأب
فوالــده قاضــي العيينــة علمــه
غزيــر لــه رأي ابـن حنبـل مـذهب
غــذى بلبــان العلـم طفلا ويافعـاً
وأصـــبح فـــي أثـــوابه يتقلــب
تلقـى عليـه العلـم والفكـر ثـاقب
يطبــق بالأعمــال مــا كـان يطلـب
ومـا العلـم إلا ما هدى الناس نوره
إلـى الحـق لا أسـفار تتلـى وتكتـب
وقــد خصــه البـارى بنـور بصـيرة
وعقــل عــن الحــق الصـراح ينقـب
فمـا كـاد أن يلقي إلى القوم نظرة
وكلهــــم عـــن دينـــه متنكـــب
تنــاقض نــص الـدين أفعـال قـومه
علــى أن ذاك الزيـغ للـدين ينسـب
علـى حيـن ضـل الناس بالغي والعمى
وكـادت شـموس الـدين والهـدى تغرب
وغطــت منــار الــدين سـحب ضـلالة
كمثــل نميــر المـاء غطـاه طحلـب
عكــوف علــى أجــداثهم يعبـدونها
وكـــل لهـــا فــي غيــه متعصــب
فهــذاك يــدعو عنــدها دون ربــه
وهــذا لهــا مــن دونــه يتقــرب
أتــى الشــيخ والإيمـان يملأ صـدره
علــى حيـن أن النـاس للغـي أقـرب
فنــادى فصــموا عـن سـماع نـدائه
وأقصـــوه عنهــم خائفــاً يــترقب
لقــد خسـرت فيـه العيينـة منقـذا
بابعــاده والجهــل بالعقـل يلعـب
ولــو أن عثمــان الأميــر أجــاره
للاح لــه بــالعز والســعد كــوكب
ولكنــه أرضــى الحيمــدي صــاغرا
وأصــبح مــن خــوف بــه يتذبــذب
لقـد كـان فـي الإحساء جلفاً صفت له
زمانــاً بــه أهــل البلاد تشـعبوا
فبـاعوه بالـدنيا فجـوزوا بفقـدها
وقـد أغضـبوا الله القدير فعوقبوا
فاضـحوا وهـا هـي بـالخراب ديارهم
خــوال علـى أطلالهـا البـوم ينعـب
وآواه فــي الدرعيـة البطـل الـذي
تلقـــاه بـــالإجلال وهـــو يرحــب
محمــد أصــل المجـد فـي آل مقـرن
بــه اشــتد للشـيخ المبجـل منكـب
وبـايعه فـي نصـرة الـدين والهـدى
كمـا بـايعت فـي وفـدها قبـل يثرب
هنالــك عــض الإصــبع ابــن معمـر
وأصـــبح ينحـــى نفســـه ويــؤنب
وهيهــات أن يثنــي مشــيئة ربــه
بأحكــامه وهــو العليــم المسـبب
فعـاد علـى الدرعيـة الخير والغنى
وحـــق لأهليهـــا بــأن يتغلبــوا
فشــن الســرايا بالسـرايا مغيـرة
لأهــل العمــى فــي دورهـم تتعقـب
وقــام لهــم عبـد العزيـز بصـارم
يتمـــم فتحـــاً مــده قبلــه الأب
وولــى دهــام لــم يفــده دفـاعه
ولا مكـــره أو غـــدره والتقلـــب
وجـــاء ســـعود بعـــده بجموعــة
ودان لــه بالســيف شــرق ومغــرب
فأخضــع أكنــاف الجزيــرة كلهــا
ولــم يبــق للضــد المشـتت مهـرب
ولاحــت نجــوم السـعد وسـط سـمائه
لآل ســــعود بالســــعادة تثقـــب
ومـن سـنن اللـه الـتي فـي عبـاده
شـــؤونهم فـــي دهرهـــم تتقلــب
فكــل رخــاء ســوف تتلــوه زعـزع
وكــل نهــار ســوف يتلــوه غيهـب
وكـــل ســرور ســوف يعقــب غصــة
وكــل خصــيب فــي البسـيطة يجـدب
وكـل دولـة شـادت من المجد والعلي
لهــا العـز ثـوب والسـيادة مركـب
فـإن لـم تثقفهـا الحـوادث أخلـدت
إلـى الـذل واسـتولى عليها التشعب
وجـاءت إلـى الأبنـاء عفواً فأترفوا
وغـايتهم فـي الملـك ملهـى وملعـب
قلــوبهم شــتى هــواء مـن الهـوى
إلـى أن قضـوا فـي لهـوهم وتشعبوا
وكــان عليــه أن يــرى أوليــاءه
ويبلــوَهم كـي يشـكروا أو يكـذبوا
فيظهــر منهــم كــل عصــر مجــدد
يســـــــاعده لا وارث متحجــــــب
ويصــدق فيهـم قـول مـن هـو مـادح
إذا غــاب عنهــم كــوكب لاح كـوكب
وفـي مصـر مـن بعـد الفرنسيس نزعة
تهــب وبعــد الــذل للعــز تطلـب
تجيــــش بهــــا للانقلاب مراجـــل
وتوقـــدها نيـــران نفــس تلهــب
أتاهــا فأصــلاها الخــديوي محمـد
ببحـــران حمـــى ماؤهــا يتصــبب
وكــان لــه فــي آل عثمـان مطمـع
تقاصــر عنــه فـي المطـامع أشـعب
فــأردى الممالــك الملـوك بفتكـه
وظــل يــا ربــاب المناصـب يلعـب
يـــرواغ ســـلطان البلاد بمكـــره
كمــا راوغ الصـياد بـالمرك ثعلـب
ومـا عـاد والـي مصر في مصر عاملا
يــزال بفرمــان المليــك وينصــب
غـدا العاهـل الـتركي وهـو خليفـة
وباســم أميــر المــؤمنين يلقــب
يــرى الضـعف والأخطـار محدقـة بـه
وأظلــم فــي عينيــه شـرق ومغـرب
ففــي مصــر قـام الأرنـؤوط بدولـة
ومــن نجــد قــامت دولــة تتـأهب
وقــد أقلقـت أبنـاء جنكيـز فكـرة
تحــاذر أن يحيــا نــزار ويعــرب
فتصـــبح نجـــد دولـــة عربيـــة
ســيغدو لهــا نحـو الخلافـة مـأرب
فقــاموا يبثــون الدسـائس نحوهـا
ولـم يخجلـوا أن يفتروهـا ويكذبوا
تــؤازرهم باســم الديانــة عصـبة
لها الدين في الدنيا احتيال ومكسب
وفــرق تســد عنـد السياسـة حكمـة
تراعــى وضـرب الضـد بالضـد أصـوب
ومــا خســر الضــدان فهـو غنيمـة
فقــد ضـربوا نجـداً بمصـر وحزبـوا
ولـم يخـش نجـداً عاهـل الترك وحده
فــإن جــوار الأرض فـي مصـر أرعـب
وقـد صـادفت دعـوى فـروق هـوى لها
بقلـب الخـديوي وهـو يقظـان يرقـب
فـــراح لإنقــاذ الحجــاز بزعمــه
وباســم أميــر المــؤمنين يخــرب
ومقصـــده كـــف الخليفــة برهــة
وفــي نجــد الجيـش الجديـد يجـرب
وقــد وقفــت نجــدٌ لطوسـون وقفـة
وكــادت عليــه الــدائرات تـدولب
فطــارت لــه وسـط الحجـاز حشاشـة
مـن الخـوف حـتى هـاج في مصره الأب
فجهـــز إبراهيــم باشــا وجيشــه
كسلســـلة موصـــولة حيــن تســحب
ســحائب دهــمٌ والمــدافع رعــدها
ونيرانهــا وســط الفضــا تتلهــب
بجيــش كقطــر المـزن عـدَّاً وكـثرة
إذا زل منـــه صـــيِّب جــاء صــيّب
بهــا اصـطدمت آسـاد نجـد فـاثخنت
فكـــل ســـنان أو فرنـــد مخضــب
ولـو قوبلـوا وجهـاً لـوجه لبرهنوا
علـى أنهـم نعـم الكمـاة وأعربـوا
ولكنهــم فــي ألســن النـار عـزل
وهــل يتقــي نـار القنابـل أعضـب
وقــد يقنـص العقبـان والأسـد دارع
كميـــن ولا يثنيــه نــاب ومخلــب
هــم جاهـدوا حـق الجهـاد بعزمهـم
ومـا استسلموا حتى أبادوا وأعطبوا
لقـد لاقـت الدرعيـة الهـدم والفنا
ولكنهــا قــامت بمــا كـان يـوجب
فأمســت لـدين اللـه لحـداً مهـدماً
وعــاراً بتاريــخ الخــديوي يكتـب
فــوا عجبـاهم مسـلمون وقـد أتـوا
بمـا ليـس يـأتي الكـافر المتعصـب
وهـم نقمـوا مـن أهـل نجـد تـاقهم
فِلــم دمـروا لمـا تولـوا وخربـوا
وكــان عليهـم أن يجيـروا أسـيرهم
فلـم قتّلـوا مـن بعـد ذاك وصـلَّبوا
وقــد أنقـذ المـولى لشـأن يريـده
مـن الـترك تركيـا لـه النصر مركب
كــأنّ اســمه رمــزٌ لســرِّ قضــاؤه
عجيــبٌ ولكــن عزمُــه منــه أعجـب
أتــى نجـد والفوضـى يعـج عجيجُهـا
بهـا زال ذاك الأمـن والربـع مجـدب
وكـــل دعـــي بالامـــارة يـــدعى
قـد افـترقوا مـا بينهـم وتشـعبوا
ومـا عـاد حـتى استرجع الملك عنوة
وبــالأجرب المشــهور يمنـاه تضـرب
فطَهَّرهــا بالســيف والســيف فيصـل
بــه المجـد يبنـي والـترات تطلـب
ولا يسـلم النـاجي السـليم من الأذى
وآفـاته مـا دام فـي الـدار أجـرب
ومــن بعــده حــاز الإمامـة فيصـل
فقـــامت بـــه كــل البلاد ترحــب
وعــاد بـه المجـد القـديم مـؤثلا
كمـا قـد بـدا كـالتبر حيـن يـذوب
وخلــف عبــد اللـه والملـك واسـع
دعــا بــذوي الأطمـاع أن يتـألبوا
فجاهـــدهم بالســف حــتى أذلهــم
ولكــن قضــاء اللـه للمـرء يغلـب
وأدى شــــقاق بينــــه وشـــقيقه
إلــى كــل مــا مـن مثلـه يـترقب
ومـا حـال مـن يـدني إليـه عـداته
تــدس لـه فـي الشـهد سـما فيشـرب
فأبـدى عـداه ابـن الرشـيد مكشـرا
وباعــده بالفعــل وهــو المقــرب
ومــا فـتىء الطمـاع يلقـي شـباكه
ويبســم فــي أســنانه وهـي أنيـب
ومـا زال حـتى اسـتحوذ الملـك كله
وشــن السـرايا فيـه تغـزو وتسـلب
وقـد يكـره الإنسـان مـا فيـه خيره
ومعرفـــة الأشـــياء حيــن تجــرب
وللـــه فــي آل الســعود مشــيئة
لكــي يعرفـوا مـن ضـدهم فيحببـوا
وشــتان مـا بيـن المليكيـن شـيمة
يعمّـــر هـــذا حيـــن ذاك يخــرِّب
هــمُ أمَّرهــم إذا تولــوا بلادهــم
فمــا فعــل الأعـداء حيـن تغلبـوا
ومــن يحـم ديـن اللـه أيـام عـزه
يجــره ويحفــظ ملكــه حيـن تنكـب
ومــا فتحــت عينـاك إلا علـى علـىً
مــن المجــد لا تـألو لهـا تتطلـب
ولـم يكفـك الميـراث حـتى استعدته
وعزمــك كــالفولاذ بــل هـو أصـلب
فــأحييت مـا عبـد العزيـز أقـامه
علـى أن هـذا الـوقت مـن ذاك أصعب
وقفـــت أمــام المســتحيل تهــزه
وكــل يقــول الفـوز عنقـاء مغـرب
وكلــــك آمـــال وكلـــك عزمـــة
وغيــرك مــن ذكــر اسـمها يتهيـب
كجــدك تركــي الــذي جــاء وحـده
وفـي كفـه مـن صـنعة الهنـد أعضـب
وقـد أخـذ المـولى بيمنـاك مفـردا
وضـــدك مرهــوب المكانــة مرعــب
سـريت بلا جيـش سـوى العـزم والمضا
لــك الحــق هـاد والشـجاعة مركـب
وعـــاجلت عجلانــا بضــربة ثــائر
فلاقــى الــذي لاقــى بخيـبر مرحـب
وأعظـم مـا تمنـى بـه شـيمة الفتى
وضـــيع بألقـــاب الأميــر يلقــب
إذا كــان كــافور بمصــر عجيبــة
فعجلان فــي قصــر الإمــارات أعجـب
لقـــد ثكلتــه أمــه مــن مــؤمر
يســير بــه نحــو المهالـك منصـب
فمـــا ســـره لمـــا رآك فــراره
ولـم يبـق فـي الحصـن المحصن مهرب
وأمســت بعليــاك الريــاض عزيـزة
وغابــا بــه الآســاد للحـرب وثـب
تعجــب كــل النـاس منـك وأكـبروا
وحــق لهــم أن يكــبروك ويعجبـوا
هنالــك آلــت شــمر وابــن متعـب
ليســـترجعن الملــك أو يتغربــوا
ووســوس للأتــراك حــتى أتـى بهـم
إلـى الموت في أرض القصيم ليعطبوا
فمــرت بــه خمــس كــأعوام يوسـف
مكــرا مفــرا لا ينــي وهـو متعـب
إلــى أن قضـى بالسـف وهـو شـفاؤه
لـــداء بــه مــن غيظــة يتعــذب
هنالــك عــاد الحــق نحـو نصـابه
لجــور الأعــادي جولــة ثـم يـذهب
وقـد كـانت الإحسـاء للظلـم مرتعـاً
مــن البــدو والفوضـى تئن وتصـخب
بهــا دخـل الأتـراك كالضـب غـارهم
ولــم يغـن عنهـم فيـه جيـش مـدرب
فللبــدوا أربــاض البلاد وريفهــا
وللــترك مــا دون الجــدار محجـب
يعيثـون فـي السـكان نهبـاً وغـارة
ونهبهــم جهـراً إلـى السـوق يجلـب
مشـــيت إليهـــم مشــية عنبســية
ولـم يحمهـا السـوق المنيف المبوب
ومــا ذكـر التاريـخ مثلـك فاتحـاً
يغــامر بالجنــد القليــل فيغلـب
ومــا ليلــة الإحســاء إلا شــقيقة
لليلــة عجلان بــل الكــوت أرهــب
هنالــــك لا جنــــد ولا عصــــبيَّة
لـــديك ونيـــران العــدو تصــوّب
فبــدلتها بـالخوف أمنـا وبالفنـا
حيــاة وأضــحى ربعهـا وهـو مخصـب
ضـربت ذوي الغايـات والظلـم ضـربة
فتشــَّتَّتهم بالســيف لمــا تـألبوا
فقــد خنســوا للهـاربين ووسوسـوا
ولاح لهــم مــن بـارق الطيـش خلـب
فلـــول ســخاف فــي أوال تجمعــت
يوســوس فيهــا الأعجــم المتعــرب
عـــدو بــأثواب الصــديق كأنمــا
تلــونه فــي الفعـل حربـاء تنضـب
فعــادوا لكيمـا يسـتعيدون مجـدهم
وهيهــات أن تلقـى القسـاور أرنـب
فأضـحوا لعمـر اللـه أضحوكة الورى
وصــدرك رحــب بــل وحلمــك أرحـب
فحلمــك لــولا أنــك اليـوم قـادر
لظنــوه عجــزاً بالتجــاوز يحجــب
ولكـــن أخلاقـــاً ســموت ببعضــها
تعــز علــى كــل الأنــام وتصــعب
فرفــرف فـي الإحسـاء عـدلك شـاملا
وفـي الخـط بـات الأمـن وهـو مطنـب
ومـن قبل لم تنقم على الترك غدرهم
وقـد أوشـكوا أن يستباحوا وينكبوا
فــواليتهم إذا خــانهم أصـدقاؤهم
ومــالوا إلــى أعـدائهم وتقربـوا
ومـا كنـت في استرجاعك الإرث باغياً
ومـا كنـت فـي غيـر العدالـة ترغب
وغــرت علـى الإسـلام والحـق وغيـره
علــى كــل صــعب دونهــا تتغلــب
علاك إلــى عليــا الكــواكب أقـرب
ومجــدك مــن شــم الشـوامخ أصـعب
ومــازلت بالنصــر العزيـز مؤيـداً
وشخصــك فــي نفـس الرعايـا محبـب
ولكـــن أعــداء الســلام تــألبوا
ومــا اتعظـوا والجهـل جهـل مركـب
يحيكــون فـي طـي الخفـاءِ دسائسـاً
تــدب لهــا فـي وسـط حـائل عنكـب
فمــن حــانق والحقـد ملـء إهـابه
ومــن خــائف فــي شــأنه يــترقب
لهـم مـن بنـي الأعـداء والله حافظ
ســموم حوتهــا بالدســائس عقــرب
هـم القـوم خابوا فيالحروب وشردوا
وفـــي شــمر للإنتقــام تجلببــوا
إذا ما نشرت الأمن في الناس أقلقوا
وإن جئت تبغي السلم بالحلم أحربوا
ولكــن فرنــد الســيف خيـر محكـم
بــه الحـق يعلـو والحقيقـة تخطـب
فشــمرت فــي عــزم ورفــق ورحمـة
كأنـــك فيهـــم والــد أو مــؤدب
مشــيت إلــى وكـر الدسـائس حـائل
لأِنَّ اجتثــاث الأصــل أولــى واوجـب
فمـن شـاء حربـاً فهـو قاتـل نفسـه
ومــن شـاء سـلماً نـال مـا يتطلـب
فــأعتقت أرواحــاً لــديهم رخيصـة
ولـــولاك كــادت للجهالــة تــذهب
دخلـــت دخـــول الفـــاحين مهللا
تطمنهـــم مـــن خـــوفهم وتطبــب
ملكـت فميـا عـاقبتهم بـل وصـلتهم
بـوقت يكـاد النصـر بـالحزم يلعـب
ومــا ســمعت أذانـي قبلـك فاتحـاً
يفيــض علـى الأعـداء خيـراً ويسـكب
أبحــت لهــم جـوداً ولـم تسـتبحهم
فأصــبحت منهوبــاً وأعــداك تنهـب
ولــو ئشـت قـابلت الفعـال بمثلـه
ونــال جــزاء الفعـل عـات ومـذنب
هنالــك قـامت فـي الحجـاز دعايـة
تبــث بسـتر الجنـس والـدين تحجـب
يقــوم بهــا بيـن الحطيـم وزمـزم
زعيــم إلــى بيــت النبـوة ينسـب
وقــد وقــف الإســلام أحــرج موقـف
وكــــل عــــدو ضــــده متـــألب
ولكنهــــا للأشــــعبيين فرصــــة
ولــو فكـروا فـي أمرهـم لتهيبـوا
وأغرتهـــم أحلامُ ملـــكٍ قوامهـــا
وعــودٌ علـى ظهـر القراطيـس تكتـب
دعــوا لأفاعيــل الشــقاق فطبلـوا
وللعــرب فيمــا يزعمــون تعصـبوا
فمــا هــي إلا برهــة ثـم أصـبحوا
تقــاذفهم أيــدي الوعــود وتكـذب
لقــد وجــدوا أن الشــراب مصــحف
ســرابا وإن الملــك حلــم مــذهب
وكــانوا بــأموال الأجــانب رتعـاً
فأســقط فــي أيـديهم حيـن سـيبوا
فظلـوا ملوكـاً فـي المظاهر والسمى
إذا الجنـد يفنـى والخزينـة تنضـب
لقــد صــدّق الشسـخ المعمـم حلمـه
فلاقـى الـذي لاقـت مـن السـيل مأرب
وأصـبح فـي الـبيت الحـرام بعسـفه
يصــول عــل الحجـاج يسـبى ويسـلب
فضــجت لــه أم القــرى ومقامهــا
وضـاقت بأهليهـا مـن الظلـم يـثرب
وربـــك بالمرصــاد يمهــل عبــده
يعـــاقبه فـــي فعلـــه ويـــؤدب
قـد اغـتر ذاك الشـيخ من ضعف شعبه
وأســـمائه اللاتــي بهــا يتلقــب
وحلمــك عــن أخطــائه وهـو معتـد
يـــوتر مـــن أعصـــابه ويصـــلب
تلاقيـــه فـــي تشــكيره متبســماً
ويشــرق منــك الــوجه حيـن يقطّـب
فعــنًّ لــه تفســير أضــغاث حلمـه
بنجـــد وفيهـــا جنـــده يتــدرب
ومـن غـره ليـن الثعـابين فاعتـدى
عليهــا فبالســم الزعــاف سـيعطب
فأرسـل عبـد اللـه بـالجيش غازيـاً
يحـف بـه مـن قـاذفي النـار مـوكب
ليفتــح أســوار الريــاض وبعـدها
إلـى البحـر تغريـه الأمـاني فيطرب
ومـا كـان أن يلقـى بتربـة أهلهـا
وقـد كـبروا عنـد اللقـا وتـأهبوا
فــداخله الرعــب المخيــف وجنـده
تولـوا علـى أدبـارهم لـم يعقبـوا
فمـا اهـتز حلـم أنـت شـامخ طـوده
بــوقت بـه ذو الحلـم لا شـك يغضـب
ســكوت أراب النـاس حـتى تسـاءلوا
وراحــوا يظنـون الظنـون فأسـهبوا
أيشـــمخ مغلـــوب ويهــدأ غــالب
ويصـــفح مظلـــوم ويــترك مــذنب
دعـــوتهم لمــا تمــادوا لمجمــع
ليظهــر مــن عــن رشــده يتنكــب
فجــاؤوا ريــاء يعرضــون شـروطهم
علـــى أنهــا للمســتحيلات أقــرب
وحلمـــك عمَّـــن لا يـــراه مذلــة
وعفـــوك قبـــل الاقتــدار مكــذب
وحتـام هـذا الحلـم والبغـي ظـاهر
وفيــم الــتراخي والعــدى تتصـلب
ألــم يمنعونـا عـن شـعائر ديننـا
كمــا صـد عنهـا القرمطـي المخـرب
هنالـك أضـحى السـيل قد بلغ الزبى
لقــوم بــأرواح العــداء تشـربوا
ومالــك فيهــم مـأرب قبـل بغيهـم
فعــادوك حـتى كـدت بالصـفح تـذهب
ومـا كـدت تعطـي الإذن قوماً تأهبوا
لحربهــم حــتى اسـتجابوا ورحبـوا
فراحـوا كـأن السـيل مسـرى جموعهم
وقــد شــمروا للملحمـات وأجلبـوا
كـأن ارتفـاع النقـع فـوق رؤوسـهم
ســحاب أحــم طبــق الجــو هيــدب
كـــأنهم إن هللــوا ثــم كــبروا
رعـــود إذا حنـــت تصــم وترعــب
صــــداها دوي للبنـــادق مرجـــف
وخيــل علــى تلـك السـهول تدبـدب
وفـرت جنـودُ ابـنِ الحسـين أمـامهم
ســراعاً وهـل مـن دون بطشـك مهـرب
وبالطـائف المشـهور طـافت جمـوعهم
وكـــان منيعــاً لا ينــال ويصــعب
ولكنــه الرعــب المهيــب كأنمــا
قلـــوبهم مـــن هـــوله تتكهــرب
ولــم يبــق للشـيخ المتـوج مهـرب
سـوى البحـر إذ أواه في اليم مركب
وراح قــد اســتوعى ملايينـه الـتي
جباهـا وأضـحت فـي الصـفائح تـوعب
وألقــى علـى تلـك البطـائح نظـرة
يفيـــض عليـــا قلبــه المتلهــب
وأبصــرت مــا جــرت عليـه فعـاله
ولا شــك أن الظلــم للــذل يعقــب
وجــاءت جنـود اللـه للـبيت خشـعاً
تطــوف بــه تــدعو الإلــه وتطلـب
ملكـــت فأنقـــذت البلاد وأهلهــا
وكـــانت بنــار الإضــطراب تلهــب
فهـــذاك مقتـــول وهــذاك قاتــل
وهـــذاك منهـــوب وذلـــك ينهــب
وفــي كــل قطــر بـل وكـل قبيلـة
إغــارات يـذكيها العمـى والتعصـب
فمــا هــي إلا برهــة ثــم أصـبحت
بعـــدلك والأمــن العميــم مطنــب
وكـــل شــقاق عــاد وهــو تــألف
إلــى اللــه فــي إعـزازه يُتَقـرب
فيـا أيهـا الملـك الـذي اتجهت له
ضــمائرنا تبــدي مناهــا وتعــرب
محــط المنــى للمســلمين جميعهـم
وحـامي الحمـى تحنـو عليـه وتحـدب
وأبصـارهم ترنـو إلـى قبلـة الهدى
تصـــعدها أنـــى غـــدت وتصـــوب
فــأنت إذا شــرقت بــالأمر شـرقوا
وأنــت إذا غربــت بـالنهى غربـوا
ملكــت قلـوب النـاس قبـل جسـومهم
وســـيان فيهـــم مبعـــد ومقــرب
فـدم سـالماً للـدين والعـرب معقلا
إلـى مجـدك العليـاء تعـزى وتنسـب
خالد بن محمد بن فرج، من أسرة آل طرّاد، من المناديل، من الدواسر.شاعر أديب مؤرخ، كان أسلافه في (نزوى) من وادي الدواسر، واستقر أبوه في الزبارة (من قطر) وخربت فانتقل إلى مسقط ثم إلى الكويت، وبها ولد خالد وتعلم وسافر إلى بومبي، في الهند، كاتباً عند أحد تجارها العرب، وأنشأ فيها مطبعة، ثم عاد إلى الكويت، وأراد السكنى في البحرين، فمنعه الإنكليز من دخولها، فنظم قصيدة مطلعها:إن شئت بالبحرين تصبح تاجراً فاجعل بأول ما تبيع ضمائراوسكنها بعد ذلك وجُعل من أعضاء مجلسها البلدي، ودرس في مدرسة الهداية بها، ومدح حاكم البحرين بقصائد، ثم عاد إلى الكويت (1927) واتصل بعبد العزيز آل سعود، ومدحه، وعُيّن مديراً لبلدية الأحساء، فالقطيف فالدمام، وأنشأ في هذه (المطبعة السعودية) وزار من أجلها دمشق وبيروت مرات، وأصيب بمرض الصدر، فسكن دمشق قبل وفاته بسنتين، وتوفي ببيروت، ولم يبلغ الستين.له كتاب (الخبر والعيان) في تاريخ نجد وما حولها في العصر الحديث، و(مذكرات) في تاريخ آل سعود، و(أحسن القصص- ط) في سيرة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وهو ملحمة شعرية، بأسلوب عصري لطيف، جعل كل صفحة شعرية منها تقابلها صفحة نثرية، و(ديوان خالد الفرج- ط) وفيه من لطائفه أبيات قالها لما أعلن المستشرق الإنكليزي (فلبي) إسلامه، ومن كتبه (ملحق لديوانه- ط)، و(ديوان النبط- ط) جزآن، وهو مجموعة من الشعر العامي في نجد، علق عليه بتفسير ألفاظه وتراجم بعض قائليه، و(علاج الأمية- ط) رسالة عالج فيها تبسيط الحروف العربية في الكتابة، و(رجال الخليج- خ) تراجم. وكان جميل الخط إذا تأنق.