
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـو منـزلُ النجـوَى بخـالي الأعصرِ
فمــتى تجــاوزْهُ الركـائبُ تُعقَـرِ
أشــتاقُ دارَهُــمُ وليــس يشـوقنى
إلا مجـــاورةُ الغـــزال الأحــورِ
وأفضــِّل الطيــفَ المُلــمَّ لأنهــم
هَجــروا وأن طُيــوفَهم لـم تَهجُـرِ
أرضــَى بوعــدٍ منهُـمُ لـم يُنتظَـرُ
ومــن الخيـال بـزَورةٍ لـم تَعبُـرِ
لا مـــاؤهم للمشــتكى ظمــاً ولا
نيرانُهـــم للقـــابس المتنــوّرِ
أثـرَوْا ولـم يقضـُوا ديونَ غريمهم
واللُّـؤمُ كـلُّ اللُّـوْم مطـلُ الموسِرِ
هــل ترعــون بأنَّــةٍ مــن مـدنفٍ
أو تســمحون لمطلــبٍ مــن مُقـترِ
أو تــتركون مــن الـدموع بقيَّـةً
يلقـى بهـا يـومَ التفـرُّق مَحْجِـرى
مـا اجتـاز بعضـكُمُ بأسرابِ المها
إلا اعــترفن عليــه مقلـةَ جُـؤذُرِ
يـا مـن تبلَّـد بيـن آثـار الحِمَى
يقفــو مَعالِمهــا بعينَــىْ مُنِكـرِ
أُنشـدْ قضـيبَ البـان بيـن مُروطهِم
واطلـب كـثيبَ الرمـل تحت المئزرِ
وإذا أردتَ البــدرَ فـابعث نظـرةً
لمطــالع بيــن اللِّــوى فمُحَجَّــرِ
أتــردُّ يــا روضَ العقيــق ظُلامـةً
رُفِعــتْ إليــك مـن القِلاصِ الضـُّمَّرِ
إيــاك أن تطــأَ اللَّعـاع بمَنسـمِ
منهـا وأن ترعَـى الجحيـمَ بمَشـفَرِ
لـولا النجـاءُ من الرواقِص بالفلا
لــم يُفجَــع النجــدىُّ بـالمتغوّرِ
فصــَمِمْنَ حــتى لاوعــت أســماعُها
تَصــهالَ رعــدٍ فــي حَبِــىٍّ ممطِـرِ
وعمِيـــن حــتى لا رأت أبصــارُها
بَرقــا كناصــيةِ الحِصـان الأشـقرِ
إن كنـتَ تنظـرُ ما أرى فانظر إلى
بــانٍ علــى أكتــادِ نَخـلٍ مـوقَرِ
وكأنمــا رفعــوا قبــابَهُمُ علـى
شــجرٍ بربَّــات الهــوادج مثمِــر
أممتِّعـــى وحــشَ الفلا بجمــالهم
مـا ذنْـب طـرف الهـائم المستهترِ
خلَّفتُــمُ خِــلَّ الصــفاء وراءكــم
كـــالميْتِ إلا أنّــه لــم يُقــبرِ
بمـــدامع لمَّــا تَغِــضْ ومَكاســرٍ
لــم تَنجــبر وجـرائحٍ لـم تُسـبَرِ
وإذا العــواذلُ أطفــأت صـبوَاتِه
شــبَّت لظاهــا زفــرةُ المتــذكِّرِ
اِحــذرْ عــذارك والعــذارُ مغلِّـس
فـإذا بـدا صـبحُ المشـيبِ فأقصـرِ
وَضــَحٌ تَجَنَّبَـهُ الغـوانى خِيفـةَ ال
عَــدوَى فـإن يقـرُبْ إليهـا تنِفُـرِ
مـا كنـت أحسـبُ أنَّ سـيفَ ذؤابـتى
ينبــو بترديــد الصـّقال الأزهـرِ
صـدأُ النُّصـول مـن الشعور أدلُّ من
لــونِ الجلاء علـى كريـم الجـوهرِ
أأسـير فـي الليل البهيم فأهتدى
وأَضـــِلُّ فــي إدلاجِ ليــلٍ مقمــرِ
ومــدحتَ لـي صـِبْغَ المشـيبِ بـأنه
كــافورةٌ ونســيتَ صــِبْغَ العنـبرِ
وإذا الثنـاءُ علـى الوزير قَرَنته
بهمـــا أقــراَّ للــذكىِّ الأعطــرِ
فلـذى السـعادات ابـنِ جعفرَ شيمةٌ
مــن قَرقــفٍ صــِرفٍ ومِســك أذفـرِ
فــي الأرض ســبعةُ أبحـرٍ ويمينُـه
وشــِمالُه تجــرى بعشــرةِ أبحــرِ
وهمــا ســحائبُ مــاؤهنّ لُجينُــه
وبروقُهــن مــن النضــار ألأحمـرِ
قسـمت أنـاملُه المواهبَ في الورى
فكــأنهم زَجَــروا قـداحَ الميسـرِ
وإذا عِشــارُ المــال عُـذنَ بكفّـهِ
فلقــد عقَلــن نفوســَهنَّ بمَنحَــرِ
ومعـــذَّلٍ أعيَـــا علــى عُــذَّاله
فـي الجـود قَـصُّ جنـاحِ ريـحٍ صرصرِ
وهـو السـخىُّ وإنمـا حسـدوا اسمَهُ
فــدعَوْه فيمــا بينهــم بمبــذِّرِ
طلبـوا الـذي أجـرِى إليه فخُيِّبوا
ومـن العنـاء طِلابُ مـا لـم يُقـدَرِ
والأكرمــون حَكَــوه فــي أفعـاله
فعُـــزُوا إلـــى كـــرمٍ مـــزوَّرِ
مـا زال يبحـث عـن سـرائر وفـده
حـتى أجـاب إلـى اسـلؤال المضمَرِ
يغــزو إليـه المقُتِـرونَ لعلمهـم
أنَّ النــوالَ لــديه غيــرُ مخَفَّـرِ
فــي كــلّ يــومٍ يُلجِمـون لغـارةٍ
فســِنُوه غيــر محرَّمــاتِ الأشــهرِ
مستنشــق عِطــرَ الثنــاء بسـمعه
مــا كــلّ طيِّبــة تُشــَمُّ بمنَخِــرِ
مـــتيقِّظٌ فمـــتى تُصــِبه نَفثــةٌ
للشـكر فـي عُقَـدِ المطـامعِ يُسـحَرِ
يسـعَى ويكـدحُ ثـم يُتلـفُ مـا حوى
عـــاداتُ أروعَ للأنـــام مســـخَّرِ
بــالله نُقســمُ أنـه لا خيـرَ فـي
حســبٍ ولا نســبٍ لمــن لـم يُشـكَرِ
لـو كـان مجهـولَ المغـارس أخبرت
عنــه شــمائُله بطِيــب العُنصــُرِ
قــد زان مَخبَــره بأجمــلِ مَنظـرٍ
وأعــان مَنظــرَه بأحســن مخَــبرِ
مـا مَـن تتـوّج أو تمنطـقَ عسـجداً
كمطــــوَّق بالمكرمـــاتِ مســـوَّرِ
تحكــى أنــابيبُ اليــراع بكفّـه
فعـلَ الرمـاح تخـاطرت فـي سـَمهرِ
وكأنهــا الخطبــاءُ فـوقَ بنـانهِ
لكـــن بلاغُتهـــا كلامُ المنـــبرِ
لا تَبعـــدنْ هِمـــمٌ لــه أُودِعــت
عنـد الكـواكب لادّعاهـا المشـترى
وعــزائمٌ يَلحُمْــن مثلـومَ الظُّبـا
ويُقِمــنَ أصــلابَ القنـا المتـأطِّرِ
إطراقــهُ يُخشــىَ ويُرهَــبُ صــَمتُه
والســيفُ محــذورٌ وإن لـم يُشـهَرِ
لـولاك مـا انتبـه الـثرىَ بمَناسمٍ
خُلطــتْ بطــونُ صــعيده بــالأظهرِ
وســواهمٍ لبنــات نعــشٍ لحظُهــا
وخِفافُهــا تفلــى بنــاتِ الأَوْبـرِ
فأتتــك أمثــالَ السـَّعالَىِ زُوّجـتْ
أشـــباحَ رُكبــانٍ كجِنَّــةِ عَبقَــرِ
غصبَوا النجومَ على السُّرَى وتعلَّموا
خــوضَ الظلام ومـن المطـىِّ الـزُّوَّرِ
لا ينظـــرون وِصــابَهم وشــحوبَهم
إلا بمِـــرآة الصـــباح المُســفرِ
لــم يلبســوا الأدراع إلا رِيبــةً
لا خيفــةً مــن أبيــضٍ أو أســمرِ
إن لـم يُنيخـوا فـي ذَراك فـإننى
لكفيـــلُ كـــلِّ مهنّىــءٍ ومبشــِّرِ
جــدِّدْ بنــوروز الأعــاجم رتبــةً
ســَمْتَ المجــرة أو فويـقَ الأنسـُرِ
واسـَرحْ سـَوامَك فـي ريـاضِ سـعادةٍ
وعميـــمِ عُشــْبٍ بــالعلاء منــوِّرِ
فــإذا ورَدت فمــاء أعـذبِ مَـوْرِد
وإذا صــدَرتَ فــرَوْح أفسـحِ مَصـدَرِ
أهــديتُ مــن كلِمِـى إليـك تحيَّـةً
غــراءَ تســترعى حنيــنَ المِزهَـرِ
ولــو ادخـرتُ المـالَ أو أبقيتُـه
يومــا أثبــتُ بــأبيضٍ وبأصــفرِ
علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي أبو منصور.شاعر مجيد، من الكتاب، كان يقال لأبيه ( صرّبعر ) لبخله، وانتقل إليه اللقب حتى قال له نظام الملك: أنت ( صرَّدرَّ ) لا ( صرّبعر ) فلزمته.مدح القائم العباسي ووزيره ابن المسلمة.قال الذهبي: لم يكن في المتأخرين أرق طبعاً منه، مع جزالة وبلاغة.تقنطر به فرسه فهلك، بقرب خراسان.له( ديوان شعر - ط ).