
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إذا نـثرَ النـاسُ الهِرَقْليَّةَ الصُّفْرا
نـثرتُ علـى عليائك الحمدَ والشُّكرا
وصـغتُ مـن الـذهن المصـفَّى بدائعا
أقـرِّط أسـماعَ الـرُّواةِ بهـا شـَذْرا
فلا تحسـبَنَّ الـدُّرَّ فـي البحـرِ وحدَه
فقـد تُخـرِج الأفـواهُ من لفظها دُرَّا
ومـن كـان جسـمَ المكرمـات وروحَها
تحلَّــى ثنــاءً لا لُجينـا ولا تِـبرا
يُحيَّــا برَيحــان المحامــدِ سـمعُه
ويكفيــهِ أن كـانت منـاقبه عِطـرا
ولســت بــراضٍ غيــرَ وصـفك تحفـةً
ولا قاضــيا إلا بمِــدحتك النَّــذرا
بلغـتَ عميـدَ الدولـة الغايةَ التي
ركـائبُ أنبـاءِ المنـى دونَها حَسرَى
ومـا زلـتَ تُغلـى المجدَ حتى جعلتَهُ
عليــك حبيســا لا يبـاعُ ولا يُشـرى
وكــم طــالبٍ فيــه نصـيبا وإنـه
ليَقبِــضُ كفَّيْــه إذا عَـرف السـِّعرا
تطيعــك فـي المعـروف نفـسٌ حيِيَّـة
إذا سـُئلتْ جـدواك تسـتقبحُ العُذرا
أظنُّــك فـي الـدنيا تُريـد زهـادةً
فلســتَ بمســتبقٍ لعاقبــةٍ ذُخــرا
وقـد كـانت النَّعمـاءُ جادت بنفسها
فأنشـأتَها فـي عصرك النشأةَ الأخرى
مـواهبُ يُعطيـن الغنـىَّ علـى الغِنَى
مَزيـدا ويـتركن الفقيـرَ كمن أثرى
يــوافين ســراًّ والسـحابُ برعـدها
تبـوح بمـا تـوليه إن أرسلتْ قَطرا
فـدّى لـك صـيفىُّ الغمامة في الندى
يَظُــنّ سـؤالَ السـائلين بـه مكـرا
إذا حــامت الآمــالُ حــول حِياضـه
سـمعنَ بهـا مـن كـلِّ ناحيـةٍ زَجـرا
ألســتَ مـن القـوم الـذين نـداهُمُ
حبــائُلهم والراغبـون بهـا أسـرى
يـبيتون فـي المشتى خِماصاً وعندهم
مـن الـزاد فضـلاتٌ تُصـان لمن يُقرى
خشـَوا أن يضـِلَّ الضيفُ عنهم فرفَّعوا
مـن النار في الظلماء ألويةً حُمرا
أفـادوا الذي شاءوا وأفنَوه عاجلا
فقـد جمعـتْ أيديهم العُسرَ واليُسرا
تواليــك حبــاَّتُ القلــوب كأنمـا
خُلقـتَ سـرورا فـي الضمائِر أو سِرّا
فـإن كـانت العينـان داعيةَ الهوى
فقد أبصرتْ من شخصك الشمسَ والبدرا
وإن كــان للنفــس الطـروبِ تـتيُّمٌ
فأجــدرُ أن تَهـوَى خلائقَـك الزُّهـرا
فقــد جنَـح الأعـداءُ للسـّلم رغبـةً
إليـك وأىّ النـاس لا يعشـق البِـرّا
فأمــا سـَقام الحاسـدين فمـا لـه
شــفاءٌ وقــد كـادتهُمُ نِعَـمٌ تَتْـرَى
تســـوت يـــداك بســطةً وســماحةً
فلم تفخر اليمنى بفضل على اليسرى
ومعـــترَكٍ للقــوم مزَّقــتَ جمَعــه
بحــدِّ لسـانٍ يُحسـن الكـرّ والفـرّا
وفحشــاء أدّتهــا إليــك جهالــةٌ
جعلـتَ رتـاجَ الحلم من دونها سِترا
ســما بـك فـوق العـزّ قلـبٌ مشـيَّعٌ
إذا ركـب الأهـوالَ لـم يستشر فكرا
وهمّـــةُ وثَّـــابٍ علــى كــلّ ذِروةٍ
يَنـال علـى أكّـدها النَّهـىَ والأمرا
ألا ربَّ ســاعٍ فــي مَـداك كَبـتْ بـه
مطايـاه أو قـالت لـه رِجلُـه عَثْرا
وملتمِــسٍ فــي عــدِّ فضــلك غايـةً
ومن يَشبُر الخضراءَ أو ينزِف البحرا
خـذوا عـن غُبـار الأعوجيَّـات جانبا
وإلا فقــد ضـيعتمُ خَلفهـا الحُضـرا
وخلُّـوا لهـذا البـازلِ القَرِم شَولَه
فـإنكُمُ لـم تَحذِقوا الهَدْر والخَطْرا
فـتىً سالَبَ ألأعداء حِرصا على العلا
فـأجلَوا لـه عنهـا وما عَقَد الأُزْرا
وهـل يُعجـب الـروضُ المنـوّرُ أعينا
رعَـتْ فـي محيّـاه الطلاقـةَ والبِشرا
كــأنَّ الحيـاءَ انهـلَّ فـي وجَنـاته
فكـانَ لهـا مـاءً وكـانت لـه غُدْرا
تحــدّثه الغيــبَ الخفــىَّ طنــونهُ
فتحسـبُها قـد أودِعـتْ صـُحُفا تُقـرَا
وقالوا هو الغيث الذي يغمرُ الربىَ
فقلـت لهـم مـا زدتمـوني به خُبرا
فقـالوا هـو الليـثُ المعفِّـر قِرنَهُ
فقلــت بحــقّ اللـه أيُّهمـا أجـرا
حلفــت بهـا تَهـوِى علـى ثَفِناتهـا
مــن الأيـن مرخـاةً أزمَّتُهـا صـُعرا
تجــرِّر أذيــالَ الريـاح وراءَ هـا
إذا كتبـتْ سـطرا محـتْ قبلَـه سطرا
تَنَــزَّهُ عـن حَمـل الأوانـسِ كالـدُّمى
وتحمِـل في كِيرانها الشُّعثَ والغُبْرا
إلـى حيـث لا تُجـزَى بحسـن صـنيعها
إذا مـا قضَوا نُسكا جزَوها به نَحرا
وبـالبيت محفوفـا بمـن طـاف حوله
إطافــةَ سـِمطىْ لؤلـؤ قلّـدا نحـرا
تُفــاضُ سـجوفُ الرَّقـم فـي جبنـاته
علـى ماثـلٍ تَعـرَى السيوفُ ولا يعرى
حمـىً لا يخـاف الطيـرُ فـي شـجراتهِ
قنيصـا ولا تخشـى الظبـاءُ به ذُعرا
وبــالحجرِ الملثـومِ سـمعا وطاعـة
ونعلـم أنْ مـا يملك النفع والضرا
لأنـت إذا صـَكُّوا القِداح على العلا
أحظُّهــمُ ســهما وأســرعُهم قَمــرا
وأعلاهُـــمُ كعبــا وأحلاهُــمُ جَنــىً
وأوفــاهُمُ عهــدا وأرفعُهـم ذِكـرا
كفـاك نجـاحُ السـعى فـي كـلّ مطلب
هممـت بـه أن تـزج الأدم والعفـرا
بعـزم كمـا أطلقـن أنشـوطة الحبى
وجِـدٍّ كمـا نفَّـرتَ عـن مَربـإ صـَقرا
رأيتــك طــودا للخليفــة شـامخا
وسـيفا علـى شـانيه يختصر العمرا
إِذا عرَضــتْ حَوجــاءُ كنـتَ قضـاءَها
وإن طرَقـتْ غَمّـاءُ سـَدّ بـك الثغـرا
دعــاك لأمــرٍ ليــس يُحكِــم فتلَـه
ســواك وهجِيِّـراك أن تُـبرمَ الأمـرا
فأرســلتَها مــن بابــلٍ وكأنمــا
تُقلِقـلُ مـن تحـت السروج قَطاً كُدْرا
صـدمَت بهـا الأجبـالَ والقُـرُّ كالـحٌ
تجلّلهــا ثلجــا وتُنعلهــا صـخرا
تَــذكَّرُ مَرعــىً بــالعراقِ ومـورِدا
وهـل ينفع المشتاقَ ترديدُه الذكرا
إذا رَبــأتْ فــي قُنَّـةٍ خِلـت أنهـا
خُدارِيّــةُ العِقبــانِ طالبـةً وَكـرا
فزاحمـن فيهـا الشُّهب حتى طمعن أن
يحلَّيــن منهــنّ القلائدَ والعُــذْرا
بكــلِّ منيــفٍ يقصـُر الطيـرُ دونـه
ولا تجـد النكبـاءُ مـن فـوقه مَجرى
وطـــودٍ بحــولىّ الجليــدِ معمَّــمٍ
كمـا زار لونُ الشيب في هامةٍ شَعرا
كأنــا كشــطنا عنـه جِلـدةَ بـازلٍ
كسـا شـحمُه جنبيه والمتنَ والظهرا
أقـامت بـه ألأنواءُ تُهدى لك القِرى
ولـم تقتنـع بالمـاء فاحتلبت دَرَّا
فرشـنَ بِكـافورِ السـماء لـك الربىَ
فشــابهنَه لونــا وخـالفنَه قِشـرا
اذا خلَصـت منهـا الجيـادُ رأيتهـا
ومــا خــالطت لونـا محجَّلـةً غُـرّا
وقاسـمها بُعـدُ المـدى فـي جسومها
فـأفنى بهـا شطرا وابقى لها شطرا
ولمـا دَحَـت قُـود الهضـاب وراءَهـا
ورنّحهـا طـولُ القيـادِ لهـا سـُكرا
رمـتْ صحصـحانَ الـرَّى منهـا بـأعين
تــردّد فــي أعطـافه نظـرا شـَزرا
هنــاك دعـا داعٍ مـن اللـه مسـمِعٌ
فلبَّــاك مــن ضـمَّتْ معالمُهـا طُـرَّا
يحيُّــون ميمــونَ النقيبـةِ ماجـدا
ويَلقـون بـالتعظيم أعظمَهـم قـدرا
ولا قيــتَ ربَّ التــاج يرفـعُ حُجْبَـهَ
ويطـردُ مـا ناجيته التيهَ والكِبرا
وحـــاورتَه حــتى شــغفتَ فــؤادَه
ألا ربّمـا كـان البيـانُ هو السحرا
رأى فيـك مـا يهـواه مجدا وسؤددا
فمــا كنـت إلا فـي مجالسـه صـدرا
وحســبُك فخــرا أن تجَهـزّتَ غاديـا
فقضـَّيتَ أوطـار النبـوّة مـن كِسـرى
مليــكٌ حمَـى الرحمـنُ بيضـةَ مُلكـه
فما في الورى من يستطيع لها كَسرا
كتــائُبه فــي كــلّ شــرق ومغـرب
مدرَّعـــةٌ فتحـــا مؤيّــدةٌ نصــرا
كَفــاه نظــامُ الملـك أكـبرَ همّـة
وأتعـبَ فـي آرائه السـرَّ والجهـرا
همـامٌ إذا مـا هـزَّ في الخطب رأيَهُ
فلا عجـبٌ أن يُخجـل الـبيضَ والسُّمرا
إذا هــو أمضـَى نعمـةً قـد تعنَّسـت
تخيَّــر أُخــرى مـن مـواهبه بِكـرا
ومـن رأيـه الميمـونِ عقـدُ حبـالهِ
بحبلــك حـتى قـد شـددتَ بـه أَزْرا
لئن كنـتَ أنـت المشـترِى في سمائه
علـوًّا لقـد قارنتَ في أفقهِ الشِّعْرَى
فأصــبحتُما كالفرقــدَيْن تناســُباً
فـأكرِمْ بـذا حَمْواً وأكرم بذا صِهرا
وقضــــــَّيتَ ثـــــم عطفتَهـــــا
تَبارَى كما ينسابُ في الشَّعَر المِدرى
وأُبـت كمـا آبَ الربيـعُ إلى الثرى
يَخيــط علــى أعطــافهِ حُلَلا خُضـرا
ففــي كــلّ يــوم مـا أغـبَّ مبشـِّر
يـؤدّى إلـى بغدادَ من قربك البُشرى
ولمـا اطمـأنَّت فـي جَلَـوْلاءَ عـالجتْ
بذاك النسيم الرطِب أكبادَها الحرَّى
فأقســمتَ لا تنفــكّ تحــت لُبودِهـا
إلى أن توافى حَلبةَ القصْرِ والقصرا
وعُجــتَ بهـا تطـوِى منـازلَ أربعـا
إلـى منـزلٍ يـا بعـدَ ذلك من مَسرَى
وللــه فينــا نِعمــةٌ إثـرَ نعمـةٍ
وعَـوْدك محروسـا هو النعمة الكبرى
فلا كـان يـومٌ لسـتَ فـي صـدره ضُحىً
ولا كـان ليـلٌ لسـتَ فـي عَجْزه فجرا
علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي أبو منصور.شاعر مجيد، من الكتاب، كان يقال لأبيه ( صرّبعر ) لبخله، وانتقل إليه اللقب حتى قال له نظام الملك: أنت ( صرَّدرَّ ) لا ( صرّبعر ) فلزمته.مدح القائم العباسي ووزيره ابن المسلمة.قال الذهبي: لم يكن في المتأخرين أرق طبعاً منه، مع جزالة وبلاغة.تقنطر به فرسه فهلك، بقرب خراسان.له( ديوان شعر - ط ).