
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بـدت كالشـمسَ يحضـُنها الغروب
فتــاةٌ راع نَضــْرتها الشـُحوب
منزّهــة عــن الفحشــاء خَـوْد
مــن الخَفِــرات آنســة عَـروب
نَــوار تسـتجِدّ بهـا المعـالي
وتَبلــى دون عفتهــا العيـوب
صـفا مـاء الشـباب بوجنتيهـا
فحــامت حـول رَوْنقـه القلـوب
ولكـــنّ الشـــوائب أدركتْــه
فعــاد وصــفْوُه كَــدِر مَشــوب
ذوي منهـا الجمـال الغَضّ وجداً
وكــاد يَجِــف نـاعمه الرطيـب
أصـابت مـن شـبيبتها الليالي
ولـم يُـدرك ذؤابتهـا المشـيب
وقـد خلَـب العقـول لهـا جبين
تلــوح علــى أسـرّته النُكـوب
ألا أن الجمـــــــال إذا علاه
نقــاب الحــزن منظـره عجيـب
حليلــة طيّــب الأعـراق زالـت
بـه عنهـا وعنـه بهـا الكروب
رعـى ورعـت فلـم تـر قـطّ منه
ولـم يـر قـط منهـا مـا يَريب
تَوَثَّــق حبــل وُدّهمــا حضـوراً
ولــم يَنْكــث تـوثّقه المغيـب
فغاضـب زوجَهـا الخلطـاءُ يوماً
بـــأمر للخلاف بـــه نُشـــوب
فأقســم بـالطلاق لهـم يمينـاً
وتلـــك ألِيَّــةٌ خطــأ وحــوب
وطلّقهــا علــى جهــل ثلاثــاً
كــذلك يجهـل الرجـل الغَضـوب
وأفـــتى بـــالطلاق طلاق بَــتٍّ
ذوو فتيـــاً تعصــّبهم عصــيب
فبـانت عنـه لـم تأت الدنايا
ولـم يَعْلَـقْ بها الذام المَعيب
فظلّــت وهــي باكيــة تنـادي
بصــوت منــه ترتجـف القلـوب
لمـاذا يـا نجيـب صـَرَمت حبلي
وهـل أذنبـت عنـدك يـا نجيـب
ومـا لـك قـد جفَـوت جفاء قالٍ
وصــرت إذا دعوتُّــك لا تجيــب
أبِـن ذنـبي إلـيَّ فـدتك نفسـي
فــإني عنــه بعــدئذ أتــوب
أمــا عاهـدتني بـاللّه أن لا
يفـــرّق بيننـــا إلاّ شـــَعوب
لئن فــارقتني وصــددت عنــي
فقلــبي لا يفــارقه الــوَجيب
ومــا أدمـاء ترتـع حـول رَوض
ويرتــع خلفهــا رشــأٌ ربيـب
فمـا لفتـت إليـه الجِيـد حتى
تَخَطّفــــه بـــآزمتَيْه ذيـــب
فراحــت مــن تحرُّقهــا عليـه
بــداء مــا لهـا فيـه طـبيب
تشــُمّ الأرض تطلُـب منـه ريحـاً
وتَنْحَـب والبُغـام هـو النحيـب
وتَمْـزَع فـي الفلاة لغيـر وجـهٍ
وآونــــةً لمَصـــْرَعه تـــؤوب
بـأجزع مـن فـؤادي يوم قالوا
برغــم منــك فارقـك الحـبيب
فـــأطرق رأســَه خجلاً وأغضــى
وقــال ودمــع عينيــه سـَكوب
نجيبــة أقصــري عنّــي فـإني
كفـاني مـن لظى الندم اللهيب
ومـا واللّـه هجـرك بإختيـاري
ولكــن هكــذا جــرت الخطـوب
فليـس يـزول حبّـك مـن فـؤادي
وليـس العيـشُ دونـك لـي يَطيب
ولا أســلو هـواك وكيـف أسـلو
هــوىً كـالروح فـيّ لـه دبيـب
سـلي عنـيّ الكـواكب وهي تسري
بجنـح الليـل تطلُـع أو تغيـب
فكــم غالبتهـا بهـواك سـُهداً
ونجــم القطــب مُطّلــع رقيـب
خـذي مـن نـور رنْتَجْـنٍ شـعاعا
بــه للعيــن تنكشـف الغيـوب
وألْقِيــه بصــدريَ وأنظرينــي
تـرىْ قلـبي الجريـح بـه ندوب
ومـا المكبـول ألقـيَ فـي خِضَمّ
بــه الأمـواج تصـعد أو تَصـوب
فــراح يغُطّــه التيــار غطّـاً
إلـى أن تـمّ فيـه لـه الرسوب
بأهلَـكَ يـا ابنـة الأمجاد منّي
إذا أنـا لـم يعُد بكِ لي نصيب
ألا قــل فــي الطلاق لمُـوقِعِيه
بمـا فـي الشـرع ليس له وجوب
غَلَــوتم فــي ديـانتكم غُلُـوّاً
يَضـيق ببعضـه الشـرع الرحيـب
أراد اللّــه تَيْســيراً وأنتـم
مــن التعســير عنـدكم ضـُروب
وقــد حلّــت بــامتكم كُــروب
لكــم فيهــنّ لا لَهـم الـذنوب
وهَــي حبـل الـزواج ورقّ حـتى
يكــاد إذا نفخــتَ بـه يـذوب
كخيـط مـن لعـاب الشـمس أدلت
بــه فـي الجـوّ هـاجرةٌ حَلـوب
يمزّقــه مــن الأفــواه نفــثٌ
ويقطعــه مـن النَسـَم الهُبـوب
فدى ابنَ القَيم الفقهاءُ كم قد
دعـاهم للصـواب فلـم يُجيبـوا
ففــي أعلامــه للنــاس رُشــد
ومُزْدَجَــر لمــن هــو مسـتريب
نحـا فيمـا أتـاه طريـق علـم
نحاهــا شـيخه الحـبر الأريـب
وبيّــن حكـم ديـن اللّـه لكـن
مـن الغـالين لـم تعه القلوب
لعـلّ اللّـه يُحـدث بعـدُ أمـراً
لنـا فيَخيـبَ منهـم مـنَ يخيـب
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.