
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـرت تقـول ألا يـا ربّ خـذ روحـي
كـي أسـتريح بمـوتي مـن تباريحي
مَهزولـةَ الجسـم مـن فقر ومن نَكَد
مصــفَرّة الـوجه مـن هـمّ وتتريـح
بــاتت بغيـر عشـاءٍ وهـي طاويـة
وأصــبح وهــي غَرثَـى دون تصـبيح
ضـَنْكُ المعيشـة أضـوى جسمها فبدت
شـروى خيـال بطـرق العيـن ملموح
وأذبلَتْهــا همـوم النفـس ناصـبةً
فصـــَوَّحت وجنتيهـــا أيَ تصــويح
وَيْلُمِّهــا عيشــةً نكــداءَ يابسـةً
لـم تُبـق مـن جسـمها غير الألاويح
فـــي طرفهــا نظــر وانٍ تُــرَده
لَمْـحَ المريـض إذا ما جاد بالروح
تَلَفّعـــت بــدَريس منــن تخرُّقــه
تخــال طُرَّتَــه بعــضَ التقازيــح
فكـم تـرى العين خرقاً غير مرتقع
فـي جـانبيه وفتقـاً غيـر مَنصـوح
تمشـي انخـزالاً بعبء الفقر مُثقَلَةً
كظـالع فـي الطريـق الوَعْر مَكسوح
خـارت قواهـا فمـارت فـي تخزّلها
يكــاد يُســقِطها هـبّ مـن الريـح
لمـا دَنـوت إليهـا كـي أسـائلها
والقلــب فــي خَطَـران كالأراجيـح
تـــأوّهت آهــة حمــراء داميــةً
تشــفّ عــن كبِــد بـالهمَ مَجـروح
وأجهشـت ثـم أرخـت مـن محاجرهـا
عِنـان دمـع علـى الخـدَّين منضـوح
وأعرضـت وهـي لـم تنبِـس سوى نظر
يُغنـي الألِبّـاءَ عـن نطـق وتصـريح
فرُحـت مـن عجـبي منهـا ومن جزَعي
أبكـي لهـا بيـن ترجيـع وتسـبيح
مـن ليـس يُبْكيـه من أبناء جِلدته
فكـاؤهم فهـو مـن جنـس التماسيح
ولا يقــوم بعبـء المجـد مُضـطَلِعاً
مـن لا يقـوم إلـى إِنهـاض مَفـدوح
ومـا السـعادة في الدنيا بحاصلة
إلا بإســـــعاد أطلاح مَرازيــــح
إن المـــروءة شــيءٌ لا تنَاوشــُهُ
إلا ســـواعد أجـــواد مســـاميح
أرى كنــوز المعــالي مالأقْفُلِهـا
غيـر السـماح لعمـري مـن مفاتيح
والعيـش غَيْهَـب آمـال وليـس لنـا
سـوى التعـاون فيـه مـن مصـابيح
قـامت قيامـة أهل الغرب فانبعثت
هزاهــزٌ بينهــم عمّـت بنـي نـوح
واســتفحلت فتنـة عميـاء جائحـة
تَمخّضــت عـن دم فـي الأرض مسـفوح
وقــامت الحـرب بـالَلأْواء شـاملةً
كـل البسـيطة حـتى الأبحـرِ الفِيح
والأرض قـد أصـبحت من مكر ساكنها
محَمَّـرةَ اللُـوح أو مغـبرًّةَ السـُوح
ضـاقت على الناس وانسدّت مسالكها
فعــاد كــل طريــق غيـر مفتـوح
والحـرب أغنـت أناسـاً غنيةً عَجَباً
وآخريـــن رمتهـــم بالمجاليــح
ومعشـراً أسـكنَتْهم في الذُرا غُرَفاً
ومعشــراً بطــن ملحــود ومضـروح
أمـا الـتي أوجَعـت قلبي بمنظرها
وأوْهنَتْـــه بتبضـــيع وتقريـــح
فغـادة عضـّت الحـرب الضـروس بها
عضــاً بنــابٍ حديـدٍ غيـر مرضـوح
أمسـت تكابـد مـن فقـر ألَـمّ بها
آلام عيــش بشــيع الطعـم مـذروح
ترنو إلى الناس بالشكوى فتحسبها
ظمــآن يشــكو لآلٍ حُرقــة اللُـوح
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.