
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إليـك مـا شـاهدت عينـي من العجب
فـي مسـرح مـاج بيـن الجدّ واللعب
خـافوا بـه أن تقـوم الأسـد واثبةً
حـتى بنَـوا حـاجزاً فيـه من الخشب
وحصـــّنوه مــن الأعلــى بمشــتبك
مــن الحبــال جـديل غيـر منقضـب
بــه الأســود تمطَـى فـي مرابضـها
والنمـر يخطـر بيـن الخوف والغضب
والـذئب يبصـر جـدي المعز مقتربا
منــه فيرجــع عنــه غيـر مقـترب
أمــا الكلاب فجــاءت وهـي كاسـيةٌ
يرقصــن منتصـباً فـي أثـر منتصـب
قــامت علــى أرجـلٍ تمشـي معلّمـةً
مشـي المليحـة فـي ابرادها القشب
تخشــى مؤدّبهــا والصــولجان لـه
فـي الكـفّ فرقعةٌ كالرعد في السحب
ترنـو إليـه بعيـن الخـوف فاعلـةً
مـا كـان يصـدر مـن أمـرٍ ومن طلب
خضــعن للســوط حــتى أن أعقـدها
لـو يـأمر السوط يغدو مرسل الذنب
وكـانت الأسـد تجـري فـي اطاعتهـا
مجـرى الكلاب بحكـم الخـوف والرهب
كأنمـا الليـث لـم يخلـق أخا ظفر
محـدّد النـاب قـذّافاً إلـى العطـب
شــاهدته مشـهداً بـدعاً علمـت بـه
أن الغـرائز لـم تطبـع على الشغب
وأن خبــث البرايـا فـي طبائعهـا
لا بـدّ فيـه سـوى الإطبـاع مـن سبب
وأن ليـث الشـرى مـا صـيغ مفترساً
لكــن أحـالته فرّاسـاً يـد السـغب
وكـم مـن الناس من فد راح مندفعاً
بـدافع الجـوع نحـو القتل والسلب
وإن تربيـــة الإنســـان يرجعـــه
أكسـيرها وهـو مـن تربٍ إلى الذهب
هــذا إذا حســنت أمـا إذا قبحـت
فالمنـدليّ بهـا يمسـي مـن الحطـب
فكـل مـا هـو فـي الإنسـان مكتسـبٌ
فلا تقــل فيــه شــئ غيـر مكتسـب
إنــي أرى أســوأ الآبــاء تربيـة
للإبــن أحـرى بـأن يـدعى أعـقّ أب
والمـرء كـالنبت ينمـو حسـب تبته
وليــس ينبــت نبـع منبـت الغـرب
من عاش في الوسط الزاكي زكا خلقاً
حـتى علا فيالمعـالي أرفـع الرتـب
فـاحرص علـى أدب تحيـا النفوس به
فإنمــا قيمــة الإنســان بــالأدب
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.