
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَلِيلَــيَّ عُوجَــا الْيَــوْمَ حَتَّـى تُسـَلِّمَا
عَلَــى عَذْبَــةِ الْأَنْيَــابِ طَيِّبَـةِ النَّشـْرِ
فَإِنَّكُمَـــا إِنْ عُجْتُمَـــا لِـــيَ ســَاعَةً
شــَكَرْتُكُمَا حَتَّــى أُغَيَّــبَ فِــي قَبْــرِي
أَلِمَّــا بِهَــا ثُـمَّ اشـْفَعَا لِـيْ وَسـَلِّمَا
عَلَيْهَـا سـَقَاهَا اللَّـهُ مِـنْ سَائِغِ الْقَطْرِ
وَبُوحَــا بِــذِكْرِي عِنْـدَ بُثْنَـةَ وَانْظُـرَا
أَتَرْتَــاحُ يَوْمــاً أَمْ تَهَـشَّ إِلَـى ذِكْـرِي
فَـإِنْ لَـمْ تَكُـنْ تَقْطَـعْ قُوَى الْوُدِّ بَيْنَنَا
وَلَـمْ تَنْـسَ مَـا أَسـْلَفْتُ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ
فَســَوفَ يُــرى مِنهــا اِشـتِياقٌ وَلَوْعَـةٌ
بِبَيْــنٍ وَغَــرْبٌ مِــنْ مَــدَامِعِهَا يَجْـرِي
وَإِنْ تَـكُ قَـدْ حَـالَتْ عَـنِ الْعَهْـدِ بَعْدَنَا
وَأَصــْغَتْ إِلَـى قَـوْلِ الْمُـؤَنِّبِ وَالْمُـزْرِي
فَســَوْفَ يُــرَى مِنْهَـا صـُدُودٌ وَلَـمْ تَكُـنْ
بِنَفْســِيَ مِــنْ أَهْـلِ الْخِيَانَـةِ وَالْغَـدْرِ
أَعُــوذُ بِــكَ اللَّهُـمَّ أَنْ تَشـْحَطَ النَّـوَى
بِبَثْنَــةَ فِــي أَدْنَـى حَيَـاتِي وَلَا حَشـْرِي
وَجَــاوِرْ إِذَا مَــا مُـتُّ بَيْنِـي وَبَيْنَهَـا
فَيَــا حَبَّـذَا مَـوْتِي إِذَا جَـاوَرَتْ قَبْـرِي
عَــدِمْتُكَ مِــنْ حُــبٍّ أَمَــا مِنْـكَ رَاحَـةٌ
وَمَــا بِــكَ عَنِّــي مِـنْ تَـوَانٍ وَلَا فَتْـرِ
أَلَا أَيُّهَــا الْحُــبُّ الْمُبَــرِّحُ هَـلْ تَـرَى
أَخَــا كَلَــفٍ يُغْــرِى بِحُـبٍّ كَمَـا أُغْـرِي
أَجِــدَّكَ لَا تَبْلِــي وَقَْــد بَلِــيَ الْهَـوَى
وَلَا يَنْتَهِـــي حُبِّـــي بُثَيْنَــةَ لِلزَّجْــرِ
هِــيَ الْبَــدْرُ حُسـْناً وَالنِّسـَاءُ كَـوَاكِبٌ
وَشــَتَّانَ مَــا بَيْـنَ الْكَـوَاكِبِ وَالْبَـدْرِ
لَقَـدْ فُضـِّلَتْ حُسـْناً عَلَـى النَّـاسِ مِثْلَمَا
عَلَــى أَلْـفِ شـَهْرٍ فُضـِّلَتْ لَيْلَـةُ الْقَـدْرِ
عَلَيْهَــا ســَلَامُ اللَّــهِ مِـنْ ذِي صـَبَابَةٍ
وَصـــَبٍّ مُعَنّـــىً بِالْوَســَاوِسِ وَالْفِكْــرِ
وَإِنَّكُمَـــا إِنْ لَـــمْ تَعُوجَــا فَــإِنَّنِي
سَأَصـْرِفُ وَجْـدِي فَأْذَنَـا الْيَـوْمَ بِـالْهَجْرِ
أَيَبْكِــي حَمَـامُ الْأَيْـكِ مِـنْ فَقْـدِ إِلْفِـهِ
وَأَصـْبِرُ مَـا لِـي عَـنْ بُثَيْنَـةَ مِـنْ صـَبْرِ
وَمَــا لِـيَ لَا أَبْكِـي وَفِـي الْأَيْـكِ نَـائِحٌ
وَقَـدْ فَـارَقَتْنِي شـَخْتَةُ الْكَشـْحِ وَالْخَصـْرِ
يَقُولُـــونَ مَســـْحُورٌ يُجَـــنُّ بِــذِكْرِهَا
وَأُقْســِمُ مَــا بِـي مِـنْ جُنُـونٍ وَلَا سـِحْرِ
وَأُقْســـِمُ لَا أَنْســـَاكِ مَــا ذَرَّ شــَارِقٌ
وَمَـــا هَـــبَّ آلٌ فِــي مُلَمَّعَــةٍ قَفْــرِ
وَمَــا لَاحَ نَجْــمٌ فِــي الســَّمَاءِ مُعَلَّـقٌ
وَمَــا أَوْرَقَ الْأَغْصـَانُ مِـنْ فَنَـنِ السـَّدْرِ
لَقَــدْ شــُغِفَتْ نَفْســِي بُثَيْــنَ بِـذِكْرِكُمْ
كَمَـا شـُغِفَ الْمَخْمُـورُ يَـا بَثْـنَ بِالْخَمْرِ
ذَكَــرْتُ مَقَــامِي لَيْلَـةَ الْبَـانِ قَابِضـاً
عَلَــى كَــفِّ حَـوْرَاءِ الْمَـدَامِعِ كَالْبَـدْرِ
فَكِــدْتُ وَلَــمْ أَمْلِــكْ إِلَيْهَــا صـَبَابَةً
أَهِيـمُ وَفَـاضَ الـدَّمْعُ مِنِّـي عَلَـى نَحْـرِي
فَيَــا لَيْــتَ شـِعْرِي هَـلْ أَبِيتَـنَّ لَيْلَـةً
كَلَيْلَتِنَــا حَتَّــى نَــرَى سـَاطِعَ الْفَجْـرِ
تَجُـــودُ عَلَيْنَـــا بِالْحَــدِيثِ وَتَــارَةً
تَجُــودُ عَلَيْنَــا بِالرُّضـَابِ مِـنَ الثَّغْـرِ
فَيَــا لَيْــتَ رَبِّـي قَـدْ قَضـَى ذَاكَ مَـرَّةً
فَيَعْلَــمَ رَبِّــي عِنْــدَ ذَلِـكَ مَـا شـُكْرِي
وَلَــوْ ســَأَلَتْ مِنِّــي حَيَــاتِي بَـذَلْتُهَا
وَجَــدْتُ بِهَـا إِنْ كَـانَ ذَلِـكَ مِـنْ أَمْـرِي
مَضــَى لِــي زَمَــانٌ لَــوْ أُخَيَّـرُ بَيْنَـهُ
وَبَيْــنَ حَيَــاتِي خَالِــداً آخِـرَ الـدَّهْرِ
لَقُلْـــتُ ذَرُونِـــي ســـَاعَةً وَبُثَيْنَـــةً
عَلَـى غَفْلَـةِ الْوَاشـِينَ ثُمَّ اقْطَعُوا عُمْرِي
مُفَلَّجَـــةُ الْأَنْيَـــابِ لَــوْ أَنَّ رِيقَهَــا
يُدَاوَى بِهِ الْمَوْتَى لَقَامُوا بِهِ مِنَ الْقَبْرِ
إِذَا مَـا نَظَمْـتُ الشـِّعْرَ فِـي غَيْرِ ذِكْرِهَا
أَبِــي وَأَبِيهَــا أَنْ يُطَــاوِعَنِي شــِعْرِي
فَلَا أُنْعِمَــتْ بَعْــدِي وَلَا عِشــْتُ بَعْــدَهَا
وَدَامَـتْ لَنَـا الدُّنْيَا إِلَى مُلْتَقَى الْحَشْرِ
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.