
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَا مِـــنْ لِقَلْــبٍ لَا يَمُــلُّ فَيَــذْهَلُ
أَفِــقْ فَـالتَّعَزِّي عَـنْ بُثَيْنَـةَ أَجْمَـلُ
ســـَلَا كُــلُّ ذِي وُدٍّ عَلِمْــتُ مَكَــانَهُ
وَأَنْــتَ بِهَــا حَتَّـى الْمَمَـاتِ مُوَكَّـلُ
فَمَـا هَكَـذَا أَحْبَبْـتَ مَـنْ كَانَ قَبْلُهَا
وَلَا هَكَــذَا فِيمَـا مَضـَى كُنْـتَ تَفْعَـلُ
أَعِـنْ ظُعُـنِ الْحَـيِّ الْأُلَـى كُنْـتَ تَسْأَلُ
بِلَيْــلٍ فَــرَدُّوا عِيرَهُــمْ وَتَحَمَّلُـوا
فَأَمْسـُوا وَهُـمْ أَهْلُ الدِّيَارِ وَأَصْبَحُوا
وَمِـنْ أَهْلِهَـا الْغِرْبَانُ بِالدَّارِ تَحْجِلُ
عَلَـى حِيـنَ وَلَّـى الْأَمْـرُ عَنَّا وَأَسْمَحَتْ
عَصـَا الْبَيْـنِ وَانْبَتَّ الرَّجَاءُ الْمُؤَمَّلُ
وَقَـدْ أَبْقَـتِ الْأَيَّـامُ مِنِّي عَلَى الْعِدَى
حُســَاماً إِذَا مَــسَّ الضـَّرِيبَةَ يَفْصـِلُ
وَلَسـتُ كَمَـن إِن سـيمَ ضـَيماً أَطـاعَهُ
وَلا كَــاِمرِئٍ إِن عَضـَّهُ الـدَهرُ يَنكُـلُ
لَعُمْـرِي لَقَـدْ أَبْـدَى لِيَ الْبَيْنُ صَفْحَةُ
وَبَيَّـنَ لِـي مَـا شـِئْتَ لَـوْ كُنْتُ أَعْقِلُ
وَآخِــرُ عَهْــدِي مِــنْ بُثَيْنَـةَ نَظْـرَةٌ
عَلَـى مَوْقِـفٍ كَـادَتْ مِـنَ الْبَيْنِ تَقْتُلُ
فَلِلَّــهِ عَيْنَـا مَـنْ رَأَى مِثْـلُ حَاجَـةٍ
كَتَمْتُكِهَــا وَالنَّفْــسُ مِنْهَـا تَمَلْمَـلُ
وَإِنِّــي لَأَســْتَبْكِي إِذَا ذُكِـرَ الْهَـوَى
إِلَيْــكِ وَإِنِّــي مَــنْ هَــوَاكِ لَأَوْجِـلُ
نَظَــرْتُ بِبِشــْرٍ نَظْـرَةً ظَلْـتُ أَمْتَـرِي
بِهَـا عَبْـرَةً وَالْعَيْـنُ بِالـدَّمْعِ تُكْحَلُ
إِذَا مَــا كَـرَرْتُ الطَّـرْفَ نَحْـوَكِ رَدَّهُ
مِـنَ الْبُعْـدِ فَيَّـاضٌ مِـنَ الدَّمْعِ يَهْمِلُ
فَيَـا قَلْـبُ دَعْ ذِكْـرَى بُثَيْنَـةَ إِنَّهَـا
وَإِنْ كُنْــتَ تَهْوَاهَــا تَضــَنَّ وَتَبْخَـلُ
قَنَـاةٌ مِـنَ الْمُـرَّانِ مَـا فَوْقَ حَقْوِهَا
وَمَــا تَحْتَــهُ مِنْهَــا نَقـاً يَتَهَيَّـلُ
وَقَــدْ أَيْأَسـَتْ مِـنْ نَيْلِهَـا وَتَجَهَّمَـتْ
وَلَلْيَـأْسُ إِنْ لَـمْ يُقْـدَرِ النَّيْلُ أَمْثَلُ
وَإِلَّا فَســَلْهَا نَــائِلاً قَبْــلَ بَيْنِهَـا
وَأَبْخِــلْ بِهَـا مَسـْؤُولَةً حِيـنَ تُسـْأَلُ
وَكَيْــفَ تُرَجِّـي وَصـْلَهَا بَعْـدَ بُعْـدِهَا
وَقَـدْ جُـذَّ حَبْـلُ الْوَصـْلِ مِمَّـنْ تُؤَمِّـلُ
وَإِنَّ الَّتِـي أَحْبَبْـتَ قَـدْ حِيـلَ دُونَهَا
فَكُــنْ حَازِمــاً وَالْحَـازِمُ الْمُتَحَـوِّلُ
فَفِي الْيَأْسِ مَا يُسْلِي وَفِي النَّاسِ خُلَّةٌ
وَفِــي الْأَرْضِ عَمَّـنْ لَا يُؤَاتِيـكَ مَعْـزِلُ
بَــدَا كَلَــفٌ مِنِّــي بِهَـا فَتَثَـاقَلَتْ
وَمَـا لَا يُـرَى مِـنْ غَائِبِ الْوَجْدِ أَفْضَلُ
هَبِينِـــي بَــرِيئاً نِلْتِــهِ بِظُلَامَــةٍ
عَفَاهَــا لَكُــمْ أَوْ مُــذْنِباً يَتَنَصـَّلُ
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.