
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
شـَهِدْتُ بِـأَنِّي لَـمْ تَغَيَّـرْ مَـوَدَّتِي
وَإِنِّـي بِكُـمْ حَتَّـى الْمَمَـاتِ ضَنِينُ
وَأَنَّ فُـؤَادِي لَا يَلِيـنُ إِلَـى هَـوىً
سـِوَاكِ وَإِنْ قَـالُوا بَلَـى سـَيَلِينُ
فَقَـدْ لَانَ أَيَّامَ الصِّبَا ثُمَّ لَمْ يَكَدْ
مِـنَ الـدَّهْرِ شـَيْءٌ بَعْـدَهُنَّ يَلِيـنُ
وَلَمَّــا عَلَـوْنَ اللَّابَتَيْـنِ تَشـَوَّفَتْ
قُلُـوبٌ إِلَـى وَادِي الْقُـرَى وَعُيُونُ
كَـأَنَّ دُمُـوعَ الْعَيْـنِ يَـوْمَ تَحَمَّلَتْ
بُثَيْنَـةُ يَسـْقِيهَا الرِّشـَاشَ مَعِيـنُ
ظَعَـائِنُ مَـا فِـي قُرْبِهُنَّ لِذِي هَوىً
مِــنَ النَّــاسِ إِلَّا شـِقْوَةٌ وَفُنُـونُ
وَوَاكَلْنَــهُ وَالْهَــمَّ ثُـمَّ تَرَكْنَـهُ
وَفِـي الْقَلْـبِ مِـنْ وَجْدٍ بِهِنَّ حَنِينُ
وَرُحْـنَ وَقَـدْ أَوْدَعْـنَ قَلْبِي أَمَانَةً
لِبٌثْنَـةَ سـِرٌّ فِـي الْفُـؤَادِ كَمِيـنُ
كَسـِرِّ النَّدَى لَمْ يَعْلَمِ النَّاسُ أَنَّهُ
ثَـوَى فِـي قَـرَارِ الْأَرْضِ وَهْوَ دَفِينُ
إِذَا جَــاوَزَ الْإِثْنَيْـنِ سـِرٌّ فَـإِنَّهُ
بِنَــثٍّ وَإِفْشــَاءِ الْحَـدِيثِ قَمِيـنُ
تُشـَيِّبُ رَوْعَـاتُ الْفِـرَاقِ مَفَـارِقِي
وَأَنْشـَزْنَ نَفْسـِي فَـوْقَ حَيْـثُ تَكُونُ
فَوَاحَسـْرَتَا إِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا
وَيَـا حَيْـنَ نَفْسـِي كَيْفَ فِيكِ تَحِينُ
وَإِنِّـي لَأَسـْتَغْثِي وَمَـا بِـيَ نَعْسـَةٌ
لَعَـلَّ لِقَـاءً فِـي الْمَنَـامِ يَكُـونُ
فَـإِنْ دَامَ هَذَا الصَّرْمُ مِنْكِ فَإِنَّنِي
لَأَغْبَرِهَــا فِـي الْجَـانِبَيْنِ رَهِيـنُ
لَكَيْمَا يَقُولُ النَّاسُ مَاتَ وَلَمْ يَمِنْ
عَلَيْــكِ وَلَـمْ تَنْبَـتَّ مِنْـكِ قُـرُونُ
يَقُولُـونَ مَـا أَبْلَاكَ وَالْمَالُ عَامِرٌ
عَلَيْـكَ وَضـَاحِي الْجِلْـدِ مِنْكَ كَنِينُ
فَقُلْـتُ لَهُـمْ لَا تَعْذِلُونِيَ وَانْظُرُوا
إِلَـى النَّازِعِ الْمَقْصُورِ كَيْفَ يَكُونُ
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.