
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَمِــنْ مَنْــزِلٍ قَفْــرٍ تَعَفَّـتْ رُسـُومَهُ
شــَمَالٌ تُغَــادِيهِ وَنَكْبَــاءُ حَرْجَــفُ
فَأَصــْبَحَ قَفْــراً بَعْـدَمَا كَـانَ آهِلاً
وَجُمْــلُ الْمُنَــى تَشـْتُو بِـهِ وَتُصـَيِّفُ
ظَلَلْــتُ وَمُســْتَنٌّ مِـنَ الـدَّمْعِ هَامِـلٌ
مِـنَ الْعَيْـنِ لَمَّـا عُجْتُ بِالدَّارِ يَنْزِفُ
أَمُنْصــِفَتِي جُمْــلٌ فَتَعْــدِلَ بَيْنَنَــا
إِذَا حَكَمَـتْ وَالْحَـاكِمُ الْعَـدْلُ يُنْصـِفُ
تَعَلَّقْتُهَــا وَالْجِســْمُ مِنِّــي مُصــَحَّحٌ
فَمَــا زَالَ يَنْمِـي حُـبُّ جُمْـلٍ وَأَضـْعُفُ
إِلَـى الْيَـوْمِ حَتَّـى سـَلَّ جِسْمِي وَشَفَّنِي
وَأَنْكَـرْتُ مِـنْ نَفْسـِي الَّذِي كُنْتُ أَعْرِفُ
قَنَـاةٌ مِـنَ الْمُـرَّانِ مَـا فَوْقَ حَقُوِهَا
وَمَــا تَحْتَــهُ مِنْهَــا نَقـاً يَتَقَصـَّفُ
لَهَــا مُقْلَتَــا رِيـمٍ وَجِيـدُ جِدَايَـةٍ
وَكَشـــْحٌ كَطَــيِّ الســَّابِرِيَّةِ أَهْيَــفُ
وَلَسـْتُ بِنَـاسٍ أَهْلَهَـا حِيـنَ أَقْبَلُـوا
وَجَـالُوا عَلَيْنَـا بِالسـُّيُوفِ وَطَوَّفُـوا
وَقَـالُوا جَمِيـلٌ بَاتَ فِي الْحَيِّ عِنْدَهَا
وَقَـدْ جَـرَّدُوا أَسـْيَافَهُمْ ثُـمَّ وَقَّفُـوا
وَفِـي الْبَيْـتِ لَيْثُ الْغَابِ لَوْلَا مَخَافَةٌ
عَلَــى نَفْــسِ جُمْـلٍ وَالْإِلَـهِ لَأُرْعِفُـوا
هَمَمْــتُ وَقَـدْ كَـادَتْ مِـرَاراً تَطَلَّعَـتْ
إِلَـى حَرْبِهِـمْ نَفْسـِي وَفِي الْكَفِّ مُرْهَفُ
وَمَـا سـَرَّنِي غَيْـرُ الَّـذِي كَـانَ مِنْهُمُ
وَمِنِّـي وَقَـدْ جَـاؤُوا إِلَـيَّ وَأَوْجَفُـوا
فَكَـمْ مُرْتَـجٍ أَمْـراً أُتِيـحَ لَهُ الرَّدَى
وَمِــنْ خَـائِفٍ لَـمْ يَنْتَقِصـْهُ التَّخَـوُّفُ
أَإِنْ هَتَفَــتْ وَرْقَــاءُ ظِلْــتَ سـَفَاهَةً
تبْكِــي عَلَــى جُمْـلٍ لِوَرْقَـاءَ تَهْتِـفُ
فَلَـوْ كَـانَ لِي بِالصَّرْمِ يَا صَاحِ طَاقَةٌ
صــَرَمْتُ وَلَكِنِّــي عَـنِ الصـَّرْمِ أَضـْعَفُ
لَهَـا فِـي سـَوَادِ الْقَلْبِ بِالْحُبِّ مَنْعَةٌ
هِيَ الْمَوْتُ أَوْ كَادَتْ عَلَى الْمَوْتِ تُشْرِفُ
وَمَـا ذَكَرَتْـكِ النَّفْـسُ يَـا بُثْـنَ مَرَّةً
مِـنَ الـدَّهْرِ إِلَّا كَـادَتِ النَّفْـسُ تُتْلَفُ
وَإِلَا اعْتَرَتْنِــي زَفْــرَةٌ وَاســْتِكَانَةٌ
وَجَـادَ لَهَـا سـَجْلٌ مِـنَ الـدَّمْعِ يَذْرِفُ
وَمَـا اسـْتَطْرَفَتْ نَفْسـِي حَـدِيثاً لِخِلَّةٍ
أُســـِرُّ بِـــهِ إِلَّا حَـــدِيثُكِ أَطْــرَفُ
وَبَيْـنَ الصـَّفَا وَالْمَرْوَتَيْـنِ ذَكَرْتُكُـمْ
بِمُخْتَلِــفٍ وَالنَّــاسُ ســَاعٍ وَمُوْجِــفُ
وَعِنْــدَ طَــوَافِي قَــدْ ذَكَرْتُـكِ مَـرَّةً
هِيَ الْمَوْتُ بَلْ كَادَتْ عَلَى الْمَوْتِ تَضْعَفُ
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.