
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أشــجى الرفـاقَ تـأوّهي وتـوَجّعي
وتمنّعـي عـن شـُربها فـي المقوعِ
وأنـا الـذي بالأمسِ إن هيَ شُعشعَت
كـم زُفّ لـي قـدَحي وغَيـر مُشَعشـعِ
احنــو عليـهِ باسـماً طربـاً ولا
عجــبٌ ولا حــرجٌ حنــوَّ المرضــِعِ
وأضــُمُّهُ شــَوقاً قُبيــلَ ترَشــّفي
منـهُ إلـى كبـدي وقلـبي المولعِ
وأقــولُ للاحــي بــه ذَرنـى ولا
تنهَـق فمـا أنـا من ذواتِ الأربعِ
يـادنُّ لا تنضـُب ويـا نَـدمانُ خُـذ
وعلـيّ يـا سـاقي ويـا قدَحُ أصرعِ
ولكـمَ شـدَوتُ يـوحيهِ ولكـم وكـم
أطرَبـتُ مـن خـلّ أديـبٍ لـو ذعـي
العَســـكريّاتُ الرقــاقُ شــَواهدٌ
سـلها تُجِبـكَ عـن الهزارِ المبدعِ
واليـومَ قـد آليتُ لا أحسو الطلا
رغـمَ الصـدى إلّا وأنـتِ معـي معي
ليلــى أأشــرَبُها وكاسـُكِ فـارغٌ
إنـــي إذاً صــبٌّ وحقِّــكِ مُــدّعي
أعلـــى زفيــرِ جهنّــمٍ وجهنّــمٌ
بزفيرِهــا وشـهيقَها فـي أضـلُعي
أم وَحشـتي يـا للعنـاء وحيرتـي
وأنـا المشـردُ فـي عـراءٍ بَلقَـعِ
أم حرقَــتي وهواجســي ووساوسـي
وتــذمّري وتمَلملــي فـي مضـجعي
مــن لـي بإنسـانٍ يواسـيني إذا
مـا هـاجتِ الـذكرى ويَمسَحُ أدمعي
وطنـي وكيـفَ يعيـشُ مثلـي بُلبُـلٌ
مــا بيــنَ ثُعبـانٍ يفُـجُّ وضـِفدعِ
فــي أسـرةٍ نَقَمَـت علـيَّ لرأفـتي
بفقيرهـــا وصــَراحتي وترَفّعــي
جار الزامانُ فيا أساوِدَها الدغي
وطغى القضاءُ فيا ضفادِعها اشبَعي
مـا كـان مورِديَ الحميمُ لو أنّني
مَيــتُ المشـاعرِ لا أحِـسُّ ولا أعـي
غبــنٌ يشــفُّ الــروحَ أن تتفَتَّـحَ
الأورادُ بيـن الوحـلِ والمسـتنقَعِ
وطنــي ولــي حـقٌّ عليـكَ أضـعتَهُ
وحفِظــتَ حــقَّ الـداعر المتسـَكّعِ
فلـو أنّ لـي طبلاً ومِزمـاراً لمـا
أقصـَيتَني أو أنّ لـي فـي المخدعِ
هــذي عقوبــةُ مَـوطني وجنـايَتي
هــيَ أنّنــي لتيوسـِهِ لـم أركَـعِ
فَقَبَعــتُ فـي داري كصـَقرٍ شـاكياً
ولـو أنّنـا فـي غيـرهِ لـم نَقبَعِ
فلسـَوفَ أمكـثُ فيه ما شاءَ القضا
ولســَوفَ أرحَـلُ عنـه غيـرَ مـودعِ
فـاطوي شـباكَكِ يا هلوكُ فما أنا
بالخــائنِ المتلَــوّنِ المتصــَنّعِ
خُلِـقَ الأثيـمُ مُبَرقَعـاً فثـوى بـه
وأنـا خُلِقـتُ وعِشـتُ غيـرَ مُبَرقـعِ
وَطنـي شـكَوتُ لـك الصدى فملأت لي
كاسـي وغيـرَ الصـاب لـم أتجَـرَّعِ
وَوَأدتُ فـي فجـرِ الشـباب مـآربي
وبكيتُهــا يـا ليتَـهُ لـم يطلـعِ
لهفـي علـى قلبي الجريح ولَوعَتي
مـاذا جنـى يـا لَيتَنـي لم أزرَعِ
ألقـردُ أضـحى لاعبـاً فـي ملعَـبي
وغـدا ابـنُ آوى راتعاً في مَرتَعي
اللَـهُ أكـبرُ كيـفَ يُحفَـظُ حـقُّ مَن
ركِـبَ الخنـا ويُـداسُ حـقّ الألمعي
بـل كيـفَ يُمسـي ذلك الباغي وقد
ثَبَتَــت إدانَتُــهُ ويُصــبحُ مُـدّعي
أمـنَ العدالـة ربّ أن أشـقى وأن
أشــكو جراحــي مُكرَهـاً للمِبضـَعِ
وطنــي وللـدارِ الجديـدةِ جـارةٌ
لــولا هواهــا عشـتُ غيـرَ مُضـَيّعِ
لـم تَبلُـغِ العشـرينَ ذات وسـامَةٍ
ورشــــاقةٍ وتــــدَلّلٍ وتمَنّـــعِ
والحـــبّ قهّــارٌ ولــولا قيــدهُ
لسـَمِعتَ فـي الفَيحاءِ ما لم تَسمَعِ
مــن عَنــدليبٍ إذ رمَيـتَ أصـَبتَهُ
فهــوى ومَـن للعَنـدليبِ الموجَـعِ
فلعـــلّ ليلاهُ تريـــشُ جنـــاحَهُ
مــا كـان أشـوَقهُ لتلـكَ الأربُـعِ
بكرومِهــا وظِبائِهــا وجنانهــا
بزُهورِهــا وعبيرَهــا المتَضــَوّعِ
شـوقي لهـا أوّاهُ مـن شـوقي لها
شـوقي لليلـى والليـالي الأربـعِ
وطنـي ومـا يـوم الرحيـل بشاحطٍ
عـــن شـــاعرٍ مُتَوجّــع مُتَقَطّــعِ
قلــقٍ آذابَ الهــمُّ حبَّــةَ قَلبـهِ
فتَرَقرَقَــت فـي مقلَـةٍ لـم تهجَـعِ
نــاجي رؤاهُ فيــا بلابــلُ ردّدي
وبكـى مُنـاهُ فيـا حمـائِمُ رجّعـي
يَســتعرضُ الماضــي بطـرفٍ دامـعٍ
وبخــافقٍ فــي الـذكرياتِ مـوزّع
مـا خـرّ قـطّ لغيـرِ ليلـى ساجداً
ولغيـر سـلطانِ الهـوى لـم يَخضَعِ
لــم يَشـدُ إلّا باسـعِها وجمالِهـا
وبغيــر وحـيِ ضـميره لـم يَصـدَعِ
كـم باتَ ينشدُ في الدياجي طيفَها
ويبثّــهُ الأشــواقَ حتّـى المطلَـعِ
مُتــدلّهٍ يَبكــي ويَلثُــمُ رَسـمَها
ويَضـــُمُّهُ لفـــؤادهِ المتقَطّـــع
وعلـى شـذا منـديلها كـم سـَكرةٍ
لفـــؤادهِ المتلَهِّــفِ المتطَلّــعِ
فمــتى يُحـلّ إسـارها ليحـلَّ فـي
تلـك الريـاضِ مـع الطيورِ السّجعِ
فهد بن صالح بن محمد العسكر. شاعر ، من أهل الكويت، من أسرة عربية محافظة، مولده ودراسته ووفاته بها، كان جده محمد، من أهل الرياض واستوطن بالكويت، ووالده صالح نشأ في الكويت وصار إماماً لمسجدها، ثم موظفاً في الجمرك وتوفي بها 15 اغسطس (1947م) واشتهر فهد بالشعر، ورماه الناس بالإلحاد فاعتزلهم إلا بعض خلصانه، وكف بصره في أعوامه الأخيرة، فزاد من عزلته، وأحرق أهله بعد وفاته (ديوانه) وأوراقه، ولم يبق من نظمه إلا ما كان بين أيدي أصدقائه أو في بعض الصحف ، فجمعها صديقه عبد الله زكريا الأنصاري في كتاب (فهد العسكر ، حياته وشعره - ط).