
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا مَـيُّ نابَ السمعُ عن بَصَري
فـي الليلَةِ السوداءِ من صَفَرِ
ذَهَبَـــت فلا رجعَــت مُخَلَّفــةً
فـي غـورِ روحـي أسـوا الأثَرِ
مـاذا أقـولُ وإن شـكَوتُ فمِن
جـورِ القضـاءِ وقسـوَةِ القدرِ
الصـــدرُ مُنقَبــضٌ ولا عجَــبٌ
والنفـسُ نَهـبُ الهـمِّ والضَجَرِ
وأقــامَ أحزانــي وأقعـدَها
فــي جــانِحَيَّ تَرَنُّـمُ الـوَتَرِ
والكـأسُ فـي يُمنـايَ تَنظرني
شــَزراً فأَشـربُها علـى حَـذَرِ
وأرَقتُهــا كرهـاً علـى جـزعٍ
فـوقَ الرمـالِ وبـتُّ فـي سقرِ
والصـحبُ راحوا حينَما شَرِبوا
يَتَبــادلون طــرائفَ السـمَرِ
نعــمَ النــدامى لا عـدِمتُهُمُ
يتــألَّقونَ كــأنجُمِ الســحَرِ
يـــا مــيُّ والأحلامُ شــاردةٌ
رُحمـــاكِ رُدّيهــا لمفتَقِــرِ
يــا مــيّ والأيّــامُ عابسـةٌ
بــاللَهِ غنّـي وارقُصـي وذَري
يــا مــيُّ والأقـدارُ سـاخِرةٌ
منّـا ولـم نسـخَر ولـم نثُـر
قـومي لنَسـخَرَ مثلَمـا سـخِرَت
مــن كــلِّ مُــدَّخِرٍ ومُحتَكــرِ
مـا لـي أحيّي الشمسَ مُغتَبطاً
عنـدَ الغـروبِ بـأروَعِ السورِ
مـا لـي أودّعُهـا إذا طلَعـت
بمــدامِعي وأعــودُ بالكـدَرِ
مـا لـي أرى الغربانَ طائرةً
والصـقرَ دامي القلبِ لم يطِرِ
مـا لـي أرى جـاري يكَفّرنـي
ويُقَــدِّمُ القُربــانَ للحجَــرِ
مـا لـي أرى العُريانِ يسألُهُ
عـن بيـتِ ليلـى كـلُّ مـؤتزرِ
ما لي أرى المسكين يلهَثُ في
هـوج الريـاح وهاطـل المطر
مـا لـي أرى شـمعونَ يظلمـهُ
ويـبيتُ مرتاحـاً علـى السرر
مـا لـي أرى الـبير منتفِخاً
وقميصــهُ قـد قُـدَّ مـن دُبُـرِ
مـا لـي أرى ساسـون يجرَحُني
ويقـول لابنـةِ عمِّـهِ اعتـذري
مـا لي أرى حز قيل يقتُلُ مَن
يهـواهُ مـن أنـثى ومـن ذكَرِ
قـد طـالَ هجرُكَ يا ربيعُ فيا
لتعاســَةِ الأطيــارِ والزَهَـرِ
دنيـا المهازل والشذوذ غدَت
نـار الليـوثِ وجنّـةَ الحُمُـرِ
مـن لـي بمشـنَقَةٍ أحـزُّ بهـا
بعــضَ الرقـابِ وصـارمٍ ذكـر
فلسـَوف ينفُـخُ يـا لخيبتِهِـم
بالصـور إسـرافيلُ فـانتظري
فمُشــَبّهو ليلــى بوالــدِها
شـتّانَ بيـن الفحـم والـدُرَرِ
سـرَقَ ابـن آوى ديكَنـا سحَراً
ودجاجُنــا منــه علـى خطَـرِ
والفـأرُ يشـرَبُ بيضـَها طَرباً
أبـداً فيـا لتبلبُـلِ الفِكَـر
إن جُعـتَ يـا صـيّادُ ويحَكَ لا
تَتعَـب وخـلّ الطيرَ في الشجَرِ
وتعــالَ حــدّثنا وصـلّ بنـا
وأكُـل كغيـركَ أطيـبَ الثمَـرِ
لا تحســَبي يـا مـيُّ أن يـدي
مغلولــةٌ غُلَّــت يَــدُ الأشـِرِ
فـالحرّ مـن جورِ الزمانِ هنا
وهُنـاكَ بيـن النـابِ والظُفُرِ
حســناءُ هـاكِ وحطّمـي قـدحي
فالكـأسُ قد دارَت على البَقَرِ
لا تعجــبي ممــا صـدعتُ بـهِ
فالنـارُ لا تخلـو مـن الشَررِ
حسـناءُ والأجفـانُ قـد ثَقُلَـت
هـاتي الـدواء وكحّلـي بصَري
فهد بن صالح بن محمد العسكر. شاعر ، من أهل الكويت، من أسرة عربية محافظة، مولده ودراسته ووفاته بها، كان جده محمد، من أهل الرياض واستوطن بالكويت، ووالده صالح نشأ في الكويت وصار إماماً لمسجدها، ثم موظفاً في الجمرك وتوفي بها 15 اغسطس (1947م) واشتهر فهد بالشعر، ورماه الناس بالإلحاد فاعتزلهم إلا بعض خلصانه، وكف بصره في أعوامه الأخيرة، فزاد من عزلته، وأحرق أهله بعد وفاته (ديوانه) وأوراقه، ولم يبق من نظمه إلا ما كان بين أيدي أصدقائه أو في بعض الصحف ، فجمعها صديقه عبد الله زكريا الأنصاري في كتاب (فهد العسكر ، حياته وشعره - ط).