
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صـَهَرتُ فـي قـدحِ الصـهباءِ أحزانـي
وصـُغتُ مـن ذَوبهـا شـِعري وألحـاني
وبــتُّ فـي غَلَـسِ الظلمـاءِ أُرسـِلُها
مـن غـورِ روحـي ومن أعماقِ وجداني
يـا ليـلُ ضاقت بشكوايَ الصدورُ وما
ضـــاقَت بغــلٍّ وأحقــادٍ وأضــغان
فجئتُ أشـكو إليـكَ المرجفيـنَ وهـم
لا درَّ درُّهُــــمُ أســـبابُ خـــذلاني
يـا ليـلُ والـروح عَطشى وهيَ هائِمةٌ
هَــل فـي المجـرّةِ مـن ريٍّ لعطشـانِ
يـا ليـلُ والنفـسُ غَرثى وهيَ حائرةٌ
فهَــل بنَجمِــكَ مــن زادٍ لغَرثــانِ
يـا ليـلُ والعيـنُ سهرى وهيَ دامعةٌ
فهَــل بجُنحِــكَ مــن راثٍ لســَهرانِ
يـا ليـلُ حَسـبي وصـدري ملـؤهُ ضرمٌ
تلـكَ البقيَّـةُ فافتَـح صَدركَ الحاني
فكَـم بـهِ لمَسـَت روحـي العزاءَ وقد
أودَعَتـــهُ ســرّ آلامــي وأشــجاني
يـا ليـلُ أينَ الكرى بل أينَ طيفهُم
فكَـم بـوادي الكرى يا ليلُ واساني
وكـم هَفَـت وَصـَبَت نفسـي إلـى حُلُـمٍ
مُجنّــحٍ راقــصٍ فـي النـورِ نَشـوانِ
حُلـــمٌ يــرفُّ علــى لالاءِ مَبســِمها
ليلاً ويَصــدرُ صــُبحاً غيــرَ صـَديانِ
يـا سـاقيَ الخمـرِ لا شُلَّت يداكَ أدِر
بنـتَ النخيـلِ فـإنّ الصـحوَ أضناني
وانضـَح بهـا كبداً نَهبَ الجوى واثر
بــاللَه غــافيَ إحساسـي وإيمـاني
فكـم علـى ضـوئِها الفضـيّ مـن صُوَرٍ
شــتّى تجلّــت لعينــي ذات ألـوان
وَرُحــتُ اسـتَعرضُ الماضـي فـاطرَبني
بهــا ومـن ثـمّ أشـجاني وأبكـاني
حتّــى ســَكَبت علـى ذِكـراهُ أغنيـةً
مـن وَحـيِ بُؤسـي ومن إلهامِ خِرماني
يـا ساقيَ الخَمرِ زِدني فالرؤى هَتَفَت
بـي وهـيَ سـكرى وما اغمَضتُ أجفاني
تراقـصَ الحَبَـبُ المِمـراحُ فـي قدَحي
فـأينَ أيـنَ الكـرى مـن جفنِ سكرانِ
يـا جيـرةَ البانِ حيّا الغَيثُ رَوضَكمُ
وجــادَ واديكـمُ يـا جيـرةَ البـان
واللَــهِ مــا هبَطَــت ليلايَ دارَكـمُ
إلّا وحلّــت بهـا مـا بيـنَ إخـواني
فمَـن بأحضـانِ ذاكَ الـروضِ شـاهَدها
مُواســياً غيــرُ أقرانــي وخلّانــي
ومَـن علـى وردهِ المعطـارِ نادمَهـا
علــى الطّلا غيـرُ سـُمّاري ونُـدماني
بــاللَهِ هــل فُســِّرَت أحلامُ روضـِكُم
وهنّـــا لانســـامِ آذارٍ ونيســـانِ
وهـل شـجا قلبَهـا نـوحُ الحمامِ بهِ
فاسـتَعبَرَت وَرَثَـت لـي بعـدَ فقداني
وَهَــل أنيــنُ ســواقيهِ وأدمُعُهــا
فـي الـروضِ ذكّرَها بالوامقِ العاني
وهَــل فراشــاتهُ طــافَت بوجنَتِهـا
وغـازلَت وهـيَ نشـوى وردَها القاني
يـا أهـلَ ليلايَ مُـذ شطّ المزارُ بكم
لا الحـيُّ حيّـي ولا الجيـرانُ جيراني
كلّا ولا الـروح روحـي مُـذ هفَت وصَبَت
لســاكني الحـيّ مـن غيـدٍ ومُـردان
نَزَحتُــمُ وضــبابُ الشــكّ خيّـمَ فـي
آفـاقِ نَفسـي وكـم بـالكُفرِ أغراني
لــولا بقيَّــةُ إيمــانٍ تــرُفُّ منـى
قلـبي علـى ضـوئها في ليل أحزاني
يا ساكِني القَصرِ دام السعدُ مُبتَسِماً
لكُـم ودُمتُـم ودامَ النحـسُ للشـاني
إن يجحَـدِ القـومُ والأوطـانُ فَضـلَكُمُ
لا القـومُ قـومي ولا الأوطانُ أوطاني
لـي بيـنَ غزلانِكـم ظـبيٌ كَلِفـتُ بـه
ظــبيٌ تَرَعــرَعَ فــي جنّـاتِ رضـوانِ
واللَــهُ أبـدعَ فـي تصـويرهِ وكفـى
أُعيــدهُ بكــمُ مــن كــلِّ شــَيطانِ
مـا أن وَقَفـتُ عليهـا مُهجـتي ودَمي
حتّــى قَصــَرتُ أناشــيدي وأوزانـي
فيـا إلـه الهـوى رفقـاً بعابِـدِها
فـالقلب ما نال من معبوده الثاني
والفكـرُ يـا أهـلَ ليلايَ استقَلَّ بها
والـروحُ يـا مذبـحَ العُشّاقِ قُرباني
حُـبٌّ برىـءٌ نمـا فـي خـافِقي وَسـَما
وهَــل يُعَمَّــرُ حُــبٌّ غيــرُ روحـاني
فهد بن صالح بن محمد العسكر. شاعر ، من أهل الكويت، من أسرة عربية محافظة، مولده ودراسته ووفاته بها، كان جده محمد، من أهل الرياض واستوطن بالكويت، ووالده صالح نشأ في الكويت وصار إماماً لمسجدها، ثم موظفاً في الجمرك وتوفي بها 15 اغسطس (1947م) واشتهر فهد بالشعر، ورماه الناس بالإلحاد فاعتزلهم إلا بعض خلصانه، وكف بصره في أعوامه الأخيرة، فزاد من عزلته، وأحرق أهله بعد وفاته (ديوانه) وأوراقه، ولم يبق من نظمه إلا ما كان بين أيدي أصدقائه أو في بعض الصحف ، فجمعها صديقه عبد الله زكريا الأنصاري في كتاب (فهد العسكر ، حياته وشعره - ط).