
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كَتَــبَ المَشـِيبُ بـأَبْيَضٍ فـي أَسـْوَد
بغْضــاءَ مـا بَينـي وبيـنَ الخُـرَّدِ
خَجِلَـتْ عُيُـونُ الحُـورِ حِيـنَ وصَفْتُها
وصـْفَ المَشـيبِ وقُلْـنَ لِـي لا تَبْعَـدِ
ولِــذاكَ أَظْهَـرَتِ انْكِسـَارَ جُفُونهـا
دَعْــــدٌ وآذَنَ خَــــدُّها بِتَـــوَرُّدِ
يـا جِـدَّةَ الشـَّيْبِ الَّتِـي ما غادَرَت
لِنُفُوســـِنا مِـــنْ لَــذَّةٍ بمجــدَّدِ
ذَهَـب الشـَّبابُ وسـَوْفَ أذْهَـبُ مِثْلَما
ذَهَـبَ الشـبابُ ومـا امـرؤٌ بِمُخَلَّـدِ
إنَّ الفَنَـــاءَ لكــلِّ حَــيٍّ غايَــةٌ
مَحْتُومَــةٌ إنْ لَـمْ يَكُـنْ فكـأَنْ قَـدِ
وارَحْمَتــــا لِمُصــــَوِّرٍ مَتَطَـــوِّر
فــي كــلِّ طَــوْرٍ صـورَةَ المُتَـردِّدِ
قَـذَفَتْ بـه أَيْـدِي النَّـوَى مِنْ حالِقٍ
سـامِي المَحَـلِّ إلـى الحَضيضِ الأوهَدِ
مُســـْتَوْحِشٍ فِــي أُنْســِهِ مُتعاهِــدٍ
بحنِينِــــهِ شـــَوْقَاً لأَوَّلِ مَعْهَـــدٍ
مَنَعَتْــهُ أَســبابٌ لَــدَيْهِ رجُــوعَهُ
فاشــتاقَ للأَوْطــان شــَوْقَ مُقَيَّــدِ
يـا لَيْتَـهُ لَـوْ دامَ نَسـْياً مـا لَهُ
مِــنْ ذاكِــرٍ أوْ أنــهُ لـم يُولَـدِ
حَمَـلَ الهَـوَى جَهْلاً بأَثْقَـالِ الهَـوَى
مُســْتَنْجِداً بعزيمــةٍ لــم تُنْجِــدِ
مــا إنْ يَـزالُ بمـا تَكَلَّـفَ حَمْلَـهُ
فــي خُطَّتَــي خَسـْفٍ يَـرُوحُ وَيَغْتَـدِي
غَرضـــاً لأَمْــرٍ لا تَطيــشُ ســِهامُهُ
ومُعَرَّضــــاً لِمُعَنِّــــفٍ ومُفَنِّــــدِ
وَخَلِيفَـــةٍ فـــي الأرضِ إِلَّا أنَّـــه
مُتَوَعِّــدٌ فيهــا وعيــدَ الهُدْهُــدِ
وَجَـبَ السـُّجُودُ لـهُ فلمـا أنْ عصـى
قـالت خطيئَتُـهُ لـهُ اركـعْ واسـْجُدِ
وَنَبَــتْ بـه الأوطـان فهْـوَ بِغُرْبَـةٍ
مــا بيــنَ أعــداءٍ يَسـيرُ وحُسـَّدِ
أنفاســه تُحصـَى عليـه وعلـم مـا
يفضـى إليـه غـدا لـه حُكـمُ الغدِ
أبَــداً تَــرَاهُ واجِـداً أَوْ عادِمـاً
فــي حَيْــرَةٍ لَقْطَاتُهـا لـم تُنْشـَدِ
يُمســِي ويُصـْبِحُ مُتْهِمـاً أَوْ مُنْجِـداً
لِمعــادِهِ مــعَ مُتْهِــمٍ أَوْ مُنْجِــدِ
يَرْمِــي بــه سـَهْلاً وَوَعْـراً زاجِـراً
بَطْــنُ المِسـَنِّ بـه كَظَهْـرِ المِبْـرَدِ
مُتَخَوِّفــاً منــه المصــيرَ لِمَنْـزِلٍ
مُســْتَوْبِل المَرْعَـى وبيـل المَـوْرِدِ
مـا إنْ رأى الجـاني بـه أَعْمـالَه
إِلَّا تَمَنَّـــى أنَّـــه لَـــم يولَــدِ
حَســْبي لَــهُ حُــبُّ النــبيِّ وآلِـهِ
عِنْــدَ الإِلــهِ وســيلَةً لَـمْ تُـرْدَدِ
فــإذا أجَبْــتَ ســؤالَهَ فِـي آلِـهِ
ســَل تُعْـطَ واسـْتَمْدِد فَلاحـاً تُمْـدَدِ
وأْمَـنْ إذا قـامَ النـبيُّ مَقَامَهُ ال
مَحْمُـودَ فـي الأمـرِ المُقيمِ المُقْعِدِ
وتَـزَوَّدِ التَّقْـوَى فـإن لـم تسـتطعْ
فمِــنَ الصـلاة علـى النـبيِّ تَـزَوَّدِ
صــلّى عليــه اللَّـهُ إن صـلاةَ مَـنْ
صــلّى عليــه ذَخيــرةٌ لـم تَنْفَـدِ
واسـمَعْ مَـدائحَ آلِ بيـتِ المصـطفى
مِنـى ودونَـكَ جَمْعُهـا فـي المُفـرَدِ
صـِنوُ النـبيِّ أَخُـو النـبيِّ وزِيـرُهُ
وَوَليُّــهُ فِــي كــلِّ خَطْــبٍ مُؤْيِــدِ
جَــدُّ الإِمــامِ الشـَّاذِليِّ المُنْتَمـي
شــَرَفاً إليــهِ لِســَيِّدِ عَــنْ سـَيِّدِ
أســـماؤُهم عِشـــْرُونَ دُونَ ثَلاثَــةٍ
جــاءتْ علــى نَسـَقٍ كـأحْرُفٍ أَبْجَـدِ
لِعلِــيّ الحَســَنُ انْتَمَــى لِمُحمَّــدٍ
عيســى وســِرُّ مُحَمَّــدٍ فــي أَحْمَـدِ
وَاخْتــارَ بَطَّــالٌ لِــورْدٍ يُوشــَعاً
وبِيُوســـُفٍ وافَــى قُصــَيٌّ يَقْتَــدِي
وبِحــاتمٍ فُتِحَــتْ ســِيادَةُ هُرْمُــزٍ
وغَــدا تَمِيــمٌ لِلْمَكَــارِمِ يَهْتَـدِي
وبِعَبْــدِ جَبَّــارِ السـمواتِ انْتَضـَى
لِلْفَضــْلِ عبــد اللَّــهِ أيَّ مُهَنَّــدِ
وأتَــى عَلــيٌّ فــي العُلا يَتْلُـوهم
فــاختِمْ بـه سـُوَرَ العُلا والسـُّؤْدُدِ
أعْنِـي أَبـا الحَسَنِ الإِمامَ المُجْتَبَى
مِــنْ هَاشــِمٍ والشــَّاذِليَّ المَوْلِـدِ
إنَّ الإِمـــامَ الشـــَّاذِليَّ طَرِيقُــهُ
فِـي الفَضـْلِ واضـحَةٌ لِعَيْنِ المُهْتَدِي
فانْقُــلْ ولـوْ قَـدَماً عَلَـى آثـارِهِ
فــإذَا فَعَلْـتَ فَـذاكَ آخَـذُ بالْيَـدِ
واســْلُكْ طَرِيــقَ مُحَمَّــدِيِّ شــَرِيعَةٍ
وَحَقِيقــــةٍ ومُحَمَّـــديِّ المَحْتِـــدِ
مِـنْ كـلِّ ناحِيَـةٍ سـَنَاهُ يَلـوحُ مِـن
مِصـــْبَاحِ نـــورِ نُبُــوَّةٍ مُتَوَقِّــدِ
فَتْـــحٌ أتــى طُوفــانُهُ بِمَعَــارِفٍ
تَنُّورُهـــا جُـــودِيُّ كـــلِّ مُوَحِّــدِ
قـد نـالَ غَايَـةَ ما يَرُومُ المُنْتَهِي
مِـنْ رَبِّـهِ وَلـهُ اجتهـادُ المُبْتَـدِي
مُتَمَكِّــنٌ فــي كــلِّ مَشــْهَدِ دَهْشـَةٍ
أَوْ وَقْفَــةٍ مـا فَوْقَهَـا مِـنْ مَشـْهَدِ
مَــنْ لا مَقَــامَ لَــهُ فـإنَّ كمـالَهُ
لِلنَّـــاسِ يُرْجِعُــهُ رُجُــوعَ مُقَلِّــدِ
قُـلْ لِلْمُحَـاوِلِ فـي الـدُّنُوِّ مَقَـامَهُ
مـا العَبْـدُ عنـدَ اللَّـهِ كالمُتَعَبِّدِ
وَالفضــلُ ليــسَ يَنــالُهُ مُتَوَســِّلٌ
بِتَــــوَرُّعٍ حَــــرِجٍ وَلا بِتَزَهُّــــدِ
إنْ قَـالَ ذاكَ هُـوَ الـدَّوَاءُ فَقُلْ لهُ
كُحْــلُ الصــَّحِيحِ خِلافَ كُحْـلِ الأرْمَـدِ
يَمْشـي المُصـَرِّفُ حيـثُ شـَاءَ وغيْـرُهُ
يمشــِي بحُكْـمِ الحَجْـرِ حُكْـمَ مُصـَفَّدِ
مَــنْ كــانَ منـكَ بمنْظَـرٍ وَبِمَسـْمَعٍ
أيُحَــالُ منــه عَلَـى حـدِيثٍ مُسـْنَدِ
لِكِلَيْهِمَـا الحُسـْنَى وَإنْ لم يَسْتَوُوا
فـي رُتْبَـةٍ فَقَد اسْتَوَوْا في الموْعِدِ
كــلٌّ لِمــا شــاء الإِلــهُ مُيَســَّر
والنَّـــاسُ بَيْــنَ مُقَــرَّب وَمُشــَرَّدِ
وإذَا تَحَقَّقَــتِ العنايَــةُ فاسـْتَرِحْ
وإذَا تَخَلَّفَــتِ العنايــةُ فاجْهَــدِ
أَفْـدِي عَلِيّـاً فـي الوجـودِ وَكلُّنَـا
بِوُجــودِهِ مِــنْ كــلِّ سـوءٍ نَفْتَـدِي
قُطْــبُ الزَّمــانِ وغَــوْثُهُ وإمـامُهُ
عَيْـنُ الوجُـودِ لسـانُ سـِرِّ المُوجِـدِ
ســادَ الرِّجـالَ فَقَصـَّرَتْ عَـنْ شـَأْوِهِ
هِمَـــمُ المُــؤَوِّبِ لِلْعُلا وَالمُســْئِدِ
فَتَلَــقَّ مــا يُلْقِـي إليـكَ فَنُطْقُـهُ
نُطْــقٌ بِــرُوحِ القُــدْسِ أَيُّ مُؤَيِّــدِ
إمَّــا مَــرَرْتَ علـى مكـانِ ضـَرِيحِهِ
وَشـَمِمْتَ رِيـحَ النَّـدِّ مِـنْ تُرْبِ النَّدِ
وَرأيــتَ أرْضــاً فِـي الفَلا مُخْضـَرَّةً
مُخْضــَلَّةً منهــا بِقــاعُ الفَدفَــدِ
والــوحشُ آمِنَــةٌ لَــدَيهِ كَأَنَّهــا
حُشــِرَتْ إلــى حَــرمٍ بـأَوَّلِ مَسـْجِدِ
وَوَجـدْتَ تَعْظِيمـاً بِقَلْبِـكَ لَـوْ سـَرَى
فــي جَلْمَـدٍ سـَجَدَ الـوَرَى لِلجَلمَـدِ
فَقُلِ السَّلامُ عليكَ يا بَحْرَ النَّدَى ال
طـامِي ويـا بَحْـرَ العلـومِ المُزْبِدِ
يــا وارثـاً بـالفَرْضِ عِلْـمَ نَبِيِّـهِ
شــَرَفاً وبالتَّعْصــِيبِ غيــرَ مُفَنَّـدِ
الْيَــوْمَ أَحْمَــدُ مِــنْ عَلِــيٍّ وارِثٌ
حَظَّــي عَلِــيٍّ مِــنْ وِراثَــةِ أَحْمَـدِ
يُعـزَى الإِمـامُ إلَـى الإِمامِ وَيَقْتَدِي
للمُقْتَــدى بِهُـدَاهُ فضـلُ المُقْتَـدِي
وَالمَــرءُ فــي مِيراثِــهِ أتْبَـاعُهُ
فاقْــدِرْ إِذَنْ فضــلَ النـبيِّ مُحَمَّـدِ
خيـرِ الـوَرَى صـلَّى عليـه اللَّه ما
صــَدَعَ الأَســَى قَلْبَـاً بِسـَجْعِ مُغَـرِّدِ
وسـَرَى السـُّرُورُ إلَى القلوبِ فَهَزَّها
مَسـْرَى النَّسـيمِ إلَى القَضيبِ الأمْلَدِ
شــَوْقاً لِمُرْســِيَةٍ رَســَتْ آساســَها
بعَلِـي أَبـي العَبَّـاسِ فَـوْقَ الفَرْقَدِ
اليَــوْمَ قَــامَ فَتَــى عَلِـيٍّ بَعْـدَهُ
كَيمَــا يُبَلِّــغَ مُرْشـِداً عَـنْ مُرْشـِدِ
فكــأَنَّ يُوشــَعَ بعـدَ موسـى قـائمٌ
بِطَرِيقِــهِ المُثْلَــى قِيــامَ مُؤَكِّـدِ
فليقصـــِدِ المُسْتَمْســِكُونَ بِحَبْلِــهِ
دارَ البقـاءِ مِـنَ الطَّرِيـقِ الأَقْصـَدِ
فـإذَا عزمْـتَ علـى اتِّبـاعِ سـَبِيلِهِ
فَاسـْمَعْ كلامَ أَخِـي النَّصـيحَةِ ترْشـُدِ
فنِظَــامُ أعْمَــالِ التُّقَـى آدَابُهـا
فاصـْحَب بهـا أهْـلَ التُّقَى والسُّؤْدَدِ
وَتَجَنَّـبِ التَّأْوِيـلَ فـي أقْـوالِ مَـنْ
صـاحَبْتَ مِـنْ أهْـلِ السـعادَةِ تَسـْعَدِ
قــدْ فــرَّقَ التأوِيـلُ بَيْـنَ مُقَـرَّبٍ
يَــــوْمَ الســـُّجُودِ لآدَمٍ ومُبَعَّـــدِ
وَحَــذارِ أنْ يَثِـقَ المُرِيـدُ بِنَفْسـِهِ
وَاحْـزِمْ فمـا الإِصـْلاحُ شـَأْنُ المُفْسِدِ
فالوَصــْفُ يَبْقَـى حُكْمُـهُ مَـع فَقْـدِهِ
وَالمَــرْءُ مَــرْدُودٌ إذَا لَـمْ يُفْقَـدِ
إنَّ الضــَّنِينَ بِنَفسـِهِ فِـي الأرضِ لا
يَلْــوِي عَلَــى أَحَـدٍ وليـسَ بمُصـعِدِ
ويظُــنُّ إنْ رَكَــدَتْ ســفينَتُهُ عَلَـى
أمْوَاجِهــا ورِياحِهــا لَــمْ تَرْكُـدِ
فاصـْحَبْ أَبـا العَبَّـاسِ أحمـدَ آخِذاً
يَــدَ عـارِفٍ بِهَـوَى النُّفُـوسِ مُنَجِّـدِ
فـإذَا سـَقَطْتَ عَلَـى الخَبير بِدَائها
فَاصـــْبِرْ لِمُـــرِّ دَوَائِهِ وَتَجَلَّـــدِ
وإذَا بَلَغْـتَ بِمَجْمَـعِ البَحْرَيْـنِ مِـنْ
عِلْمَيْـهِ فـانْقَعْ غُلَّـةَ القَلْبِ الصَّدِي
فَمَــتى رَأى مُوســى الإِرادَةَ عِنـدَهُ
خِضـرُ الحقيقـةِ نَـالَ أَقصى المَقصدِ
وإذَا الفَتَــى خُرِقَـتْ سـَفِينَةُ جِـدِّهِ
لَنَجَاتِهَـا وجَـدَ الأَسـَى غيـرَ الـدَّدِ
وتَبَـــدَّلَتْ أَبَــوا الغُلامِ بِقَتْلِــهِ
بــأبرَّ مِنــهُ لِوَالِــدَيْهِ وأَرْشــَدِ
وَأُقِيــمَ مُنْتَقَــضُ الجِـدارِ وَتَحْتَـهُ
كَنْـزُ الوُصُولِ إِلى البقاءِ السَّرْمَدِي
فلْيَهـنِ جَمْعـاً فـي الفِـراقِ ووُصْلةً
مِــنْ قــاطِعٍ وترَقِّيــاً مِـنْ مُخْلِـدِ
مُغْـرىً بِقَتْـلِ النَّفْـسِ عَمْداً وهْوَ لا
يُعْطَـى إلى القَوَدِ القِيادَ ولا الْيَدِ
للَّـــهِ مَقْتُـــولٌ بِغَيــرِ جِنايَــةٍ
كَلِــفٌ بِحُــبِّ القاتِــلِ المُتَعَمِّــدِ
مــا زالَ يَعْطِفُهـا عَلَـى مَكْرُوهِهـا
حتَّــى زَكَـتْ وَصـَفَتْ صـفَاءَ العَسـْجَدِ
وأُجِيـــبَ داعِيهــا لِــرَدِّ مُشــَرَّدٍ
مِــنْ أمْرِهــا طَوْعَـاً وَجمْـعِ مُبَـدَّدِ
لَـمْ تَتْـرُكِ التَّقْـوَى لهـا مِنْ عادَةٍ
أُلِفَــتْ ولا لِمَريضــها مِــنْ عُــوَّدِ
فَلْيَهْــنِ أَحْمَــدَ كيميــاءُ سـَعَادَةٍ
صـــَحَّتْ فلا نــارٌ عليــه تَغْتَــدِي
جَعَلَتْـهُ لَـمْ يَـرَ لِلْحَقيقـةِ طالبـاً
إِلَّا يَمُــدُّ إليــهِ راحَــةَ مُجْتَــدِي
كــلٌّ يَــرُوحُ بِشــُرْبِ راحِ عُلُــومِهِ
طَرَبــاً كَغُصــْنِ البانَـةِ المُتـأَوِّدِ
ضـَمنَ الوقـارَ لها اعْتدالُ مِزاجِها
فَشـــَرَابُها لا يَنْبَغِـــي لِمُعَرْبِــدِ
فَضــَحَتْ مَعارِفُهــا مَعـارِفَ غَيرِهـا
والزَّيْــفُ مَفْضــُوحٌ بِنَقْــدِ الجَيِّـدِ
كَشـَفَتْ لـهُ الأَسـْماعُ عَـنْ أَسـرارِها
فــإذَا الوُجُـودُ لِمقْلَتَيـهِ بِمَرْصـَدِ
وأَرَتْــهُ أســبابَ القضـاء مُبِينَـةً
للمســـتَقيمِ بِعِلْمِهــا وَالمُلْحِــدِ
تَـأبَى علُومُـكَ يـا فَتَـى غَيْرَ التي
هــيَ فَتْـحُ غَيْـبٍ فَتْحُـهُ لَـمْ يُسـدَدِ
قُــل لِلَّــذينَ تَكلَّفـوا زِيَّ التُّقـى
وَتَخيَّــروا لِلــدَّرسِ أَلــفَ مُجَلَّــدِ
لا تَحْســَبُوا كُحْـلَ العُيُـونِ بِحِيلـةٍ
إنَّ المَهَــا لَــمْ تَكْتَحِـلْ بالإِثْمِـدِ
مـا النَّحْـلُ ذَلَّلَـتِ الهِدَايَةِ سُبْلَها
مِثْــلَ الحَمِيــرِ تَقُودُهـا لِلْمَـوْرِدِ
مَـنْ أَمْلَـتِ التَّقْـوَى عليـهِ وأَنْفَقَتْ
يَــدُهُ مِــنَ الأَكـوانِ لا مِـنْ مِـزْوَدِ
وأَبِيـكَ مـا جَمَـعَ المَعـالِيَ وادِعاً
جَمْـعَ الأُلـوفِ مِنَ الحِسابِ عَلَى اليَدِ
إلَّا أبــو العبَّــاسِ أَوْحَــدُ عَصـْرِهِ
أكْــرِمْ بـه فِـي عَصـرِهِ مِـنْ أَوْحَـدِ
أفْنَتْـهُ فِـي التَّوْحِيـدِ هِمَّـةُ ماجِـدٍ
شــَذَّتْ مَقَاصــِدُها عَــنِ المُتَشــَدِّدِ
ســاحَتْ رجـالٌ فـي القِفَـارِ وإنّـه
لَيَســِحُ فــي مَلَكُــوتِ طَـرْفٍ مُسـْهَدِ
ولــهُ ســرائرُ فــي العُلا خَطَّـارَةٌ
خَطَّارُهــا ورِكابُهــا لــم تُشــْدَدِ
فالمسـتقيم أخـو الكَرَامَـةِ عنـدَهُ
لا كــلُّ مَــنْ رَكِـبَ الأُسـودَ بأسـْوَدِ
وَأجَـــلُّ حـــالِ مُعامــلٍ تَبَعِيَّــة
أُخِــذَتْ إلـى أَدَبِ المُرِيـدِ بِمِقْـوَدِ
فـأَتى مِـنَ الطُّـرقِ القَرِيبِ مَنَالُها
وأتـى سـِواهُ مِـنَ الطَّرِيـقِ الأَبْعَـدِ
ســَيْفٌ مِــنَ الأَنْصــَارِ مــاضٍ حَـدُّهُ
فاضـرِبْ بـهِ فـي النَّائِبَـاتِ وهَـدِّدِ
أُثْنِــي عليــه بِبَــاطِنٍ وبِظــاهِرٍ
لا ســـِرَّ منـــه بِمُغْمَــدٍ ومُجَــرَّدِ
مِـنْ مَعْشـَرٍ نَصـَرُوا النبيَّ وسابَقوا
مَعَــهُ الرِّيَــاحَ بِكـلِّ نَهْـدٍ أَجْـرَدِ
وَثَنَـوْا أَعِنَّتَهُـمْ وقد تَرَكُوا العِدا
بـــالطَّعْنِ بَيْــنَ مُجَــدَّلٍ ومُقَــدَّدِ
مِــنْ كــلِّ ذِمْـرٍ كالصـَّبَاحِ جَبِينُـه
ذَرِبٌ بِخَـــوْضِ المُعْضـــِلاتِ مُعَـــوَّدِ
وبِكَــــلِّ أَســـْمَرَ أَزْرَقٍ فُـــولاذُهُ
وبِكُــلِّ أَبيــضَ كــالنَّجِيعِ مُــوَرَّدِ
شــَهِدَ النَّهَــارُ لِفَاضــِلٍ بمُســَدَّدِ
مِـــنْ رأيِـــه ولِطــاعِنٍ بمُســَدِّدِ
وتَمَخَّضــَتْ ظُلَــمَ اللَّيَــالِي منهـمُ
عَـــنْ رُكَّـــعٍ لا يَســْأَمُونَ وســُجَّدِ
خــافَ العَــدُوُّ مَغِيبَهُـم لِشـُهُودِهِم
والمـوتُ يَكْمُـنُ فِي الحُسامِ المُغْمَدِ
السَّاتِروا العَوْرَاتِ مِنْ قَتْلَى العِدا
يَـوْمَ الحَفيظَـةِ بالقَنـا المُتَقَصـِّدِ
والطَّــاعِنُوا النَّجلاءَ يُــدْخِلُ كَفَّـهُ
فـي إثْرِهـا الآسـي مكـانَ المِـرْوَدِ
ســَلْ مِـنْ سـَلِيلِهمُ سـُلوكَ سـَبيلِهِمْ
يُرْشــِدْكَ أحمــدُ للطَّرِيــقِ الأحمـدِ
مُســْتَمْطِراً بَرَكــاتِهِ مِــنْ رَاحَــةٍ
أنْـدَى مِـنَ الغَيـثِ السـَّكُوبِ وأَجْوَدِ
فَمَــوَاهِبُ الرَّحْمــنِ بيــن مُصــَوَّبٍ
منهـــا لِراجِــي رحمَــةٍ ومُصــَعَّدِ
يــا مَـنْ أَمُـتُّ لـهُ بِحِفـظِ ذِمـامِهِ
وبِحُســْنِ ظنِّـي فيـهِ لِـي مُسـْتَعْبِدِي
مَــوْلايَ دُونَــكَ مـا شـَرَحْتُ بِـوَزْنِهِ
وَرَوِيِّــهِ قَلْــبَ الكئيــبِ الأكْمَــدِ
فاقبَـل شـِهابَ الـدِّينِ عُـذْرَ خَرِيدَةٍ
عَــذْرَاءَ تُـزْرِي بالعَـذَارَى النُّهَّـدِ
مَعْســُولَةٍ ألفاظُهــا مِــنْ كامِــلٍ
أَبــرِد حَشــىً مِـنْ رِيقِهـا بِمُبَـرَّدِ
طَلَعَــتْ مَجَــرَّةُ فضــلها بِكَــواكِبٍ
دُرِّيَّــــةٍ مَحْفُوفَــــةٍ بالأَســــْعدِ
رَامَ اسـْتِرَاقَ السـَّمْعِ منهـا مـارِدٌ
لَمَّـا أتَتْـكَ فَلَـمْ يَجِـدْ مِـنْ مَقْعَـدِ
مِــنْ مَنْهَــلٍ عَــذْبٍ صـَفا سلْسـَالُهُ
لا مِـنْ صـَرىً يَشـْوِي الوُجُـوهَ مُصـَرَّدِ
بَعَثَــتْ إليـكَ بهـا بـواعِثُ خـاطِرٍ
مُتَحَبِّــــبٍ لِجَنــــابِكُمْ مُتَـــوَدِّدِ
صــادَفْتُ دُرّاً مِــنْ صـِفاتِكَ مُثْمَنـاً
فـــأَعَرْتُهُ منِّـــي صــفَاتِ مُنَضــِّدِ
جــاءتْ تُســَائِلُكَ الأمــانَ لِخـائفٍ
مِـــنْ رِبْقَـــةٍ بِــذُنُوبِهِ مُتَوَعِّــدِ
فاضـْمَنْ لهـا دَرْكَ المعـادِ ضمانَها
بــالفَوْزِ عنــكَ لِســَامِعٍ وَلِمُنْشـِدِ
فــإذا ضــَمِنْتَ لـهُ فليـسَ بِخـائِفٍ
مِــنْ مُبْــرِقٍ يَوْمـاً ولا مِـنْ مُرْعِـدِ
جــاهُ النــبيِّ لِكُــلِّ عـاصٍ واسـِعٌ
والفضـلُ أَجـدرُ بـاقتراحِ المُجتَدِي
محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري شرف الدين أبو عبد الله.شاعر حسن الديباجة، مليح المعاني، نسبته إلى بوصير من أعمال بني سويف بمصر، أمّه منها.وأصله من المغرب من قلعة حماد من قبيل يعرفون ببني حبنون.ومولده في بهشيم من أعمال البهنساويةووفاته بالإسكندرية له (ديوان شعر -ط)، وأشهر شعره البردة مطلعها:أمن تذكّر جيران بذي سلمشرحها وعارضها الكثيرون، والهمزية ومطلعها:كيف ترقى رقيك الأنبياء وعارض (بانت سعاد) بقصيدة مطلعها إلى متى أنت باللذات مشغول