
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قــد خُـصَّ بالفَضـْلِ قَطْلِيجـا وأَيْـدمُرُ
وطــابَ منــه ومنـكَ الأَصـْلُ والثَّمَـرُ
بَحْـرَانِ لـو جـادَ بحـرٌ مِثْـلَ جُودِهما
بِيعَـتْ بـأَرْخَصَ مِـنْ أَصـْدَافِها الـدُّرَرُ
للَّــهِ دَرُّكَ عِــزَّ الــدِّينِ لَيْـثَ وَغـىً
لَـهُ مِـنَ البِيـضِ نـابٌ والقَنـا ظفُـرُ
أَلْقَـى الإلـهُ عَلَـى الـدُّنيا مَهَـابَتَهُ
فـالبِيضُ تَرْعـدُ خوفـاً منـه والسـُّمُرُ
أرَيْتَنــا فضـلَ شـمسِ الـدِّينِ مُنْتَقِلاً
إليــك منــه وصـَحَّ الخُـبرُ والخَبَـرُ
إنْ تُحْـيِ آثـارَهُ مِـنْ بَعْـدِ مـا دَرَسَتْ
فإنَّــكَ النِّيـلُ تُحْيـي الأرضَ والمَطَـرُ
وإنْ تَكُـنْ أنْـتَ خيـرَ الـوارثينَ لَـهُ
فمــا يُنَازِعــكَ فــي ميراثِـهِ بَشـَرُ
وإنْ تَكُـنْ فـي العُلا والفَضـْلِ تَخْلُفُـهُ
فالشــَّمسُ يَخْلُفُهَـا إنْ غـابَتِ القَمَـرُ
أَخجَلـتَ بـالحِلْمِ سـاداتِ الزَّمانِ فَلَمْ
يَعْفُـوا كَعَفْـوِكَ عَـنْ ذَنْـبٍ إذا قَدَرُوا
وَلَـمْ تَـزَلْ تَسـْتُرُ العَيْبَ الذِي كَشَفُوا
ولـم تَـزَلْ تَجْبُـرُ العَظْمَ الذِي كَسَرُوا
لـــوْ أَنَّ أَلْســِنَةَ الأَيّــامِ ناطِقَــةٌ
أَثْنَــتْ عَلَـى فَضـْلِكَ الآصـالُ والبُكَـرُ
شـَرَعْتَ للنَّـاسِ طُرقـاً مـا بهـا عُجَـزٌ
يَخَـــافُ ســالِكُها فيهــا ولا بُجَــرُ
لـو يَسـْتَقِيمُ عليهـا السـالكون بها
كمـا أمـرتَ مشـَتْ مَشـْيَ المهَا الحُمرُ
أَكْــرِمْ بأَيْــدمُرَ الشَّمْسـِيِّ مِـنْ بَطَـلٍ
بِـذِكْرِهِ فـي الـوَغَى الأَبْطَـالُ تَفْتَخِـرُ
تَخــافُ منــه وتَرْجُــوهُ كمـا فَعَلَـتْ
فــي قَلْـبِ سـامِعِها الآيـاتُ والسـُّوَرُ
مَعْنَـى الوجـودِ الذي قامَ الوجودُ به
وهـلْ بِغَيْـرِ المَعـاني قـامَتِ الصـُّوَرُ
بَنــانُهُ مِــنْ نَـدَاهُ الغَيْـثُ مُنْسـَكِبٌ
وســَيْفُهُ مِــنْ سـُطاهُ النـارُ تَسـْتَعِرُ
نَهَتْــهُ عَــنْ لَـذَّةِ الـدُّنْيا نَزَاهَتُـهُ
وَشــَرَّدَ النَّـوْمَ مِـنْ أجفـانِهِ السـَّهَرُ
وليـــسَ يُضـــْجِرُهُ قَـــوْلٌ وَلا عَمَــلٌ
وَكيــفَ يُــدْرِكُ مَـنْ لا يَتْعَـبُ الضـَّجَرُ
يُمْســِي وَيُصــْبِحُ فـي تَـدْبِيرِ مَمْلَكَـةٍ
أعْيـا الخلائقَ فيهـا بعـضُ مـا يَـزِرُ
يَكْفِيـهِ حَمْـلُ الأَمانـاتِ الـتي عُرِضـَتْ
علــى الجِبـالٍ فكـادَتْ منـه تَنْفَطِـرُ
خـــافَ الإلـــهَ فخـــافَتْهُ رَعِيَّتُــهُ
والمَـرْءُ يُجْـزَى بمـا يـأتي وما يَذَرُ
واخْتَــارَهُ مَلــكُ الــدُّنيا لِيَخْبُـرَهُ
فــي مُلْكِــهِ وهْــوَ مُخْتـارٌ ومُخْتَبَـرُ
فَطَهَّــرَ الأرضَ مِـنْ أَهْـلِ الفسـادِ فلا
عَيْــنٌ لَهُــمْ بَقِيَــتْ فيهـا ولا أثَـرُ
ودَبَّــر المُلْــكَ تَـدْبيراً يُقَصـِّرُ عَـنْ
إدْرَاكِ أَيْســـَرِهِ الأَفْهَــامُ والفِكَــرُ
وحيــنَ طـارت إلـى الأعـداء سـُمْعَتُهُ
مـاتَ الفرَنْـجُ بِـدَاءِ الخَـوْفِ والتَّتَرُ
فمـــا يُبــالي بأَعْــداءٍ قُلــوبُهُمُ
فيهــا تَمَكَّـنَ منـهُ الخـوفُ والـذُّعُرُ
وكـــل أرضٍ ذَكّرْنــاهُ بهــا غَنِيَــتْ
عَـنْ أنْ يُجَـرِّدَ فيهـا الصـارِمُ الذَّكَرُ
فلَــوْ تُجَــرَّدُ مِــنْ مِصــْرٍ عَزائِمُــهُ
إلـى العِـدَا بَطَـلَ البَيْكـارُ والسَّفَرُ
فـي كـلِّ يَـوْمٍ تَـرَى القَتْلَـى بِصَارِمهِ
كأَنَّمــا نُحِــرَتْ فــي مَوســِمٍ جُــزُرُ
كَـــأَنَّ صــارِمَهُ فــي كــلِّ مُعْتَــرَكٍ
نَـذِيرُ مَـوْتٍ خَلَـتْ مِـنْ قَبْلِـهِ النُّـذُرُ
شــُكْراً لَــهُ مِــنْ وَلِـيٍّ فـي وِلايَتِـهِ
مَعْنَـــى كرامَتِــه للنــاسِ مُشــْتَهِرُ
عَـــمَّ الرَّعِيَّــةَ والأَجْنَــادَ مَعْدَلَــةً
فمــا شــكا نَفَـراً مِـنْ عَـدْلِهِ نَفَـرُ
وســـَرَّ أَســْمَاعَهُمْ منــهُ وأعْيُنَهُــمْ
وَجْـــهٌ جَميــلٌ وذِكْــرٌ طَيِّــبٌ عَطِــرُ
تَــأَرَّجَتْ عَــنْ نَظِيـرِ المِسـْكِ نظْرَتُـهُ
كمــا تَــأَرَّجَ عَــنْ أكمـامِهِ الزَّهَـرُ
مِـنْ مَعْشـَرٍ فـي العُلا أَوْفَـوْا عُهُودَهمُ
وليـسَ مِـنْ مَعْشـَرٍ خـانُوا ولا غَـدَرُوا
تُـــرْكٌ تَزَيَّنَــتِ الــدُّنيا بِــذِكْرِهِمُ
فَهُمْ لها الحَلْيُ إنْ غابُوا وإنْ حَضَرُوا
حَكَــتْ ظــواهرهُمْ حُســْناً بــواطِنهُمْ
فَهُـمْ سـواءٌ أَسـَرُّوا القَوْلَ أَوْ جَهَرُوا
بِيـضُ الوجـوهِ يَجُـنُّ اللَّيْلُ إنْ رَكِبُوا
إلـى الـوغَى ويُضِيءُ الصُّبْحُ إنْ سَفَرُوا
تَســـْعَى لأَبْــوَابِهِمْ قُصــَّادُ مــالِهم
وجــاهِهِمْ زُمَــراً فــي إثْرِهـا زُمَـرُ
تَسـَابَقُوا فـي العُلا سَبْقَ الجِيادِ لهُمْ
مِـنَ الثنـاءُ الحُجـولُ البِيضُ والغُرَرُ
وَكــلُّ شــيءٍ ســَمِعْنا مِـنْ منـاقِبِهِمْ
فمِــنْ مَنــاقِبِ عِــزِّ الـدِّينِ مُخْتَصـَرُ
مَــوْلىً تَلَــذُّ لنــا أخْبـارُ سـُؤْدُدِهِ
كــأنَّ أخْبــارهُ مِــنْ حُســْنِها سـَمَرُ
يـا حُسـْنَ مـا يَجْمَعُ الدُّنيا ويُنْفِقُها
كـالبَحْرِ يَحْسـُنُ منـه الـوِرْدُ والصَّدَرُ
لكــلِّ شــَرْطٍ جَــزَاءٌ مِــنْ مَكــارِمِهِ
وكُـــلُّ مُبْتَــدَإٍ منهــا لــه خَبَــرُ
فمــا نَظَمْــتُ مـدِيحاً فيـهِ مُبْتَكـراً
إِلَّا أَتـــانِيَ جُـــودٌ منــه مُبْتَكــرُ
صــَدَقْتُ فــي مَـدْحِهِ فـازْدَادَ رَوْنَقُـهُ
فمــا عَلَــى وجْهِـهِ مِـنْ رِيبَـةٍ قَتَـرُ
أغْنَــتْ عَطايـاهُ فَقْـرَ النـاسِ كلِّهِـمِ
فســَلْهُمُ عَنْـهُ إنْ قَلُّـوا وَإنْ كَثُـرُوا
لِـذَاكَ أثْنَـوْا عليـه بالـذِي عَلِمُـوا
خيـراً فيا حُسْنَ ما أَثْنَوا وَما شَكَرُوا
قـالوا وجَـدْنَاهُ مِثْـلَ الكَرْمِ في كَرَمٍ
يَفِيــءُ منـه علينـا الظِّـلُّ والثَّمَـرُ
ومــا يَــزالُ يُعِيـنُ الطـائِعِينَ إذَا
تَطَوَّعُـــوا بِجَمِيــلٍ أَوْ إذا نَــذَرُوا
وَمَـنْ أَعَـانَ أُولِـي الطاعـاتِ شَارَكَهُمْ
فـي أَجْـرِ مـا حَصَرُوا منه وما تَجَرُوا
فمـا أتَـى النـاسُ مِـنْ فَرْضٍ وَمِنْ سُنَنٍ
ففِـــي صــَحِيفَتِهِ الغَــرَّاءِ مُســْتَطَرُ
فَحَــجَّ وهْــوَ مُقِيــمٌ والحِجَــازُ بـه
قَـوْمٌ يُقِيمُـونَ لا حَجُّـوا ولا اعْتَمَـرُوا
وجَاهَــدَتْ فــي سـبيلِ اللَّـهِ طائفـةٌ
وخَيْلُهــا منــه والهِنْدِيَّــةُ البُتُـرُ
وَأَطْعَــمَ الصـَّائِمِينَ الجـائِعِينَ وَمِـنْ
فَــرْطِ الخَصاصـَةِ فـي أكْبَـادِهِم سـُعُرُ
وَلَــمْ تَفُتْــهُ مِــنَ الأَوْرَادِ ناشــِئَةٌ
فــي لَيْلَــةٍ قـامَ يُحْيِيهـا وَلا سـَحَرُ
يَطْـوِي النَّهَـارَ صـِياماً وهْـوَ مُضـْطَرِمٌ
وَاللَّيْـلَ يَطْـوِي قِيامـاً وهْـوَ مُعْتَكِـرُ
ومـــالُهُ فــي زَكــاةٍ كلُّــهُ نُصــُبٌ
لا الخُمْـسُ فيـه لَـهُ ذِكْـرٌ ولا العُشـرُ
أعمـــالُهُ كلُّهـــا للَّـــهِ خالِصــَةٌ
ونُصــْحُهُ لــم يُخــالِطْ صــَفْوَهُ كَـدَرُ
كـم عـادَ بَغْـيٌ عَلَـى قومٍ عليه بَغَوْا
وحــاقَ مَكْــرٌ بــأَقْوَامٍ بـه مَكَـرُوا
لَـمْ يَخْـفَ عَـنْ عِلْمِـهِ في الأرضِ خافِيَةٌ
كــأَنَّهُ لِلْوُجُــودِ الســَّمْعُ والبَصــَرُ
فلا يَظُـــنّ مُرِيـــبٌ مِـــنْ جهــالَتِهِ
بــأَنَّ فــي الأرضِ شـيءٌ عنـه يَسـْتَتِرُ
عَصـــَتْ عليــه أُنــاسٌ لا خَلاقَ لَهُــمْ
الشــُّؤْمُ شــِيمَتُهُمْ واللُّـؤْمُ والـدَّبَرُ
تَلَثَّمُــوا ثــمَّ قــالوا إننـا عَـرَبٌ
فقلـــتُ لا عَـــرَبٌ أنتــمْ وَلا حَضــَرُ
ولا عُهُـــودَ لكُــمْ تُرْعَــى ولا ذِمَــمٌ
ولا بُيُــــوتُكُم شــــَعْرٌ وَلا وَبَــــرُ
وأَيُّ بَرِّيَّــــةٍ فيهــــا بُيُــــوتُكُم
وَهـلْ هِـيَ الشَّعْرُ قولوا لي أَمِ المَدَرُ
وَليــسَ يُنْجِـي امْـرَأً رامُـوا أَذِيَّتُـهُ
منهـــمْ فِـــرارٌ فَقُـــلْ كَلَّا ولا وَزَرُ
يَشـْكُو جميـع بنِـي الـدُّنيا أَذِيَّتَهُـمْ
فهــمْ بِطُرْقِهِــمُ الأحجــارُ والحُفَــرُ
يَــرَوْنَ كــلَّ قَبيــحٍ مِنْهُــمُ حَســَناً
وَلَـمْ يُبـالُوا أَلامَ النـاسُ أَمْ عَذَرُوا
مِـنْ لُـؤْمِ أحْسَابِهِمْ إنْ شاتَمُوا رَبحوا
وَمِــنْ حَقَـارَتِهِمْ إنْ قـاتَلوا خَسـِروا
لَمَّــا عَلِمْــتَ بـأنَّ الرِّفْـقَ أَبْطَرَهـمْ
والمُفْســِدُون إذا أَكْرَمْتَهُــمْ بَطِـرُوا
زَجَرْتَهُــــمْ بعقوبــــاتٍ مُنَوَّعَــــةٍ
وفــي العقوبــاتِ لِلطـاغينَ مُزْدَجَـرُ
كـــأَنّهم أَقْســَمُوا بــاللَّهِ أنَّهــمُ
لا يَتْركـــونَ الأذى إِلَّا إذَا قُهِـــرُوا
فَمَعْشــَرٌ رَكِبُــوا الأَوْتـادَ فـانقطعَتْ
أَمْعــاؤُهم فَتَمَنَّــوْا أَنَّهــمْ نُحِـرُوا
ومَعْشـــَرٌ قُطِعَــتْ أَوْصــالُهمْ قِطَعــاً
فمـــا يُلَفِّقُهـــا خَيْـــطٌ ولا إبَــرُ
ومَعْشــَرٌ بالظُّبــا طــارتْ رؤُوســُهُمُ
عَــنِ الجُســومِ فَقُلْنَــا إنهـا أُكَـرُ
وَمَعْشــَرٌ وُســِّطُوا مثْـلَ الـدِّلاءِ وَلـمْ
تُرْبَــطْ حِبَــالٌ بهـا يَوْمـاً ولا بَكَـرُ
وَمَعْشــَرٌ سـُمِّروا فـوْقَ الجِيـادِ وقـدْ
شــَدَّتْ جُســومَهُمُ الألــواحُ وَالدُّســُرُ
وآخَــرُونَ فَــدَوْا بالمــالِ أنفُسـَهُمْ
وقـالتِ النـاسُ خَيْـرٌ مِـنْ عَمـىً عَـوَرُ
مَوْتــاتُ سـَوْءٍ تَلَقَّوْهـا بمـا صـَنَعُوا
وَمِـــنْ وَراءِ تَلَقِّيهِــمْ لهــا ســَقَرُ
وَقــد تَــأَدَّبَتِ المُســْتَخْدمون بهــم
وَالغـافلون إذَا مـا ذُكِّـرُوا ذَكَـرُوا
فَعَــفَّ كـلُّ ابـنِ أُنْثَـى عَـنْ خِيـانتهِ
فَلَــمْ يَخُــنْ نفســَهُ أُنْثَـى وَلا ذكـرُ
إنْ كـانَ قـد صـَلَحَتْ مِنْ بعْدِ ما فَسَدَتْ
أَحــوالُهمْ بِــكَ إنَّ الكَســْرَ يَنْجَبِـرُ
لَـوْلاكَ مـا عَـدَلُوا مِـنْ بَعْـدِ جَـوْرِهُمُ
عَلَـى الرَّعايـا ولا عَفُّوا وَلا انْحَصَرُوا
ولا شـــَكَرْتُهُم مِـــنْ بَعْـــدِ ذَمِّهِــمُ
كـأنهم آمَنُـوا مِـنْ بَعْـدِ مـا كَفَرُوا
وكُنْــتُ وصــَّيْتُهُمْ أنْ يَحْــذَروكَ كمـا
وصــَّى الحكيــمُ بَنِيـهِ وَهْـوَ مُحْتَضـرُ
وقلــتُ لا تَقْرَبــوا مـالاً حَـوَتْ يَـدُهُ
فالفَـخُّ يَهْـرُبُ منـه الطـائر الحَـذِرُ
وحــاذِرُوا معــه أنْ تَرْكَبُـوا غَـرَراً
فليــسَ يُحْمَــدُ مَـنْ مركُـوْبُهُ الغَـرَرُ
ولا تَصــَدَّوْا لمــا لـم يـرض خـاطرُهُ
إنَّ التَّصــدِّي لمــا لـم يرضـه خطَـرُ
فبـان نصـحي لهُـمْ إذ مـاتَ نـاظِرُهمْ
وَقــد بَـدَت لِلـوَرَى فِـي مَـوتِهِ عِبَـرُ
مُقَــــدَّماتٌ أماتــــاهُ وأقْبَــــرَهُ
مَشـــاعِلِيَّانِ مــا أَدَّوْا وَلا نَصــَرُوا
وجَرَّسـُوهُ عَلَـى النَّعْـشِ الـذي حَمَلُـوا
مِـنَ الفِـراشِ إلَى القَبْرِ الذي حَفَرُوا
يـا سـوءَ مـا قَـرَؤُوا مِـنْ كلِّ مُخْزِيَةٍ
عَلَــى جَنَــازَتِهِ جَهْـرَاً ومـا هَجَـرُوا
وَكَبَّـــرُوا بَعْــدَ تَصــْغِيرٍ جَرَائمَــهُ
وقَبَّحُـوا مـا طَـوَوْا منها وما نَشَرُوا
وكـــانَ جَمَّـــعَ أمْـــوالاً وَعَــدَّدَها
وظَنَّهَـــا لِصـــُروفِ الــدَّهْرِ تُــدَّخَرُ
فـــآذَنَتْ بِـــزَوالٍ عنـــه مُســْرِعَةً
كمــا يَـزُولُ بِحَلْـقِ العانَـةِ الشـَّعَرُ
وراحَ مِـنْ خِدْمَـةٍ صـِفْرَ اليَـدَيْنِ فقُـل
لِلْعــامِلينَ عليهـا بَعْـدَه اعْتَبِـروا
مـا عُـذْرُ مـاشٍ مَشـَى بالظُّلْمِ في طُرْقٍ
رَأى المُشــاةَ عليهـا بَعْـدَهُ عَبَـرُوا
إذا تَفَكَّــرْتَ فـي المُسـْتَخْدمينَ بَـدَا
منهـم لِعَيْنَيْـكَ مـا لـم يُبْدِهِ النَّظَرُ
ظَنُّــوهُمُ عَمَــرُوا الــدُّنيا بِبَـذْلِهمُ
وَإنمـا خَرَّبُـوا الـدُّنيا ومـا عَمَرُوا
فطهِّـــرِ الأرضَ منهــم إنَّهــمْ خَبَــثٌ
لـوْ يَغْسـِلُونَهُمُ بـالبحرِ مـا طهُـرُوا
نِيــرانُ شــَرٍّ كَفانَــا اللَّـهُ شـَرَّهُمُ
لا يَرْحَمُــونَ وَلا يُبقُــون إنْ ظَفِــرُوا
فاحْــذَرْ كِبــارَ بَنيهِـمْ إنهـمْ قُـرُمٌ
وَاحْــذَرْ صــِغَارَ بَنيهـمْ إنَّهـم شـَرَرُ
فالفيــلَ تَقْتُلُــه الأَفْعَـى بِأَصـْغَرِها
فيهـا ولـم تخشـَهُ مـنْ سـِنِّها الصِّغَرُ
واضـرِبهُم بَقَنـاً مثـلِ الحديـدِ بهـمْ
فليـسَ مـن غَيـرِ ضـَرْبٍ يَنْفَـعُ الزُّبُـرُ
ولا تَثِــقْ بِوَفــاءٍ مِــنْ أَخِــي حُمُـقٍ
فــالحُمْقُ دَاءٌ عَيــاءٌ بُــرْؤُه عَســِرُ
مِـنْ كـلِّ مِـنْ قَـدْرُهُ فـي نَفْسـِهِ أَبَداً
مُعَظَّــمٌ وَهــوَ عنــد النـاسِ مُحْتَقَـرُ
يَصــُدُّ عنــكَ إذَا اســتَغْنَى بِجـانبِهِ
وَلا يَــــزُورُكَ إِلَّا حِيــــنَ يَفْتَقِـــرُ
كــأنَّه الــدَّلوُ يعلـو حيـنَ تَمْلَـؤُهُ
مــاءً وَيُفْــرِغُ مــا فيــهِ فَيَنْحَـدِرُ
وَالـدَّهْرُ يَرْفَـعُ أَطْرَافـاً كمـا رَفَعَـتْ
أَذْنَابَهــا لِقَضــَاءِ الحاجَـةِ البَقَـرُ
حَســْبُ المَحَلَّــةِ لَمَّـا زال َ ناظِرُهـا
أن زَالَ مُـذْ زَالَ عنها البُؤْسُ والضَّرَرُ
وَأنَّ أَعْمالَهــا لَمَّــا حَللْــتَ بهــا
تَغـارُ مِـنْ طِيبِهـا الجَنَّـاتُ والنُّهُـرُ
وأَهْلَهَــا فــي أَمـانٍ مِـنْ مَسـاكِنِها
مِــنْ فَـوْقِهِمْ غُـرَفٌ مِـنْ تَحتِهِـمْ سـُرُرُ
مَلأتَ فِيهــا بُيُـوتَ المَـالِ مِـنْ ذَهَـبٍ
وَفِضــَّةٍ صــُبَراً يَــا حَبَّــذَا الصـُّبَرُ
وَالمـالُ يُجْنَى كما يُجْنَى الثمارُ بها
حتّـى كـأنَّ بَنِـي الـدُّنيا لهـا شـَجَرُ
وتــابَعَتْ بعضــَها الغَلَّاتِ فــي سـَفَرٍ
بعضــاً إلَـى شـُوَنٍ ضـاقَتْ بهاالخُـدُرُ
وَســِيقَتِ الخَيْــلُ لِلأَبْــوَابِ مُســْرَجَةً
لَـمْ تُحْـص عَـدَّاً وَتُحْصـَى الأَنْجُمُ الزُّهُرُ
وَالهُجْــنُ تَحْســِبُها ســُحْباً مُفَوَّفَــةً
فـي الحَـقِّ منهـا فضـاء الجَوِّ مُنْحَصِرُ
وكــلُّ مُقْتَــرَحٍ مــا دارَ فــي خَلَـدٍ
يـأْتِي إليـكَ بـه فـي وقتـهِ القَـدَرُ
وَمــا هَمَمْــتَ بِــأَمْرٍ غيــر مَطْلَبِـهِ
إِلّا تَيَســـَّرَ مِــنْ أســبابهِ العَســِرُ
والعـاملونَ عَلَـى الأمـوال ما عَلِمُوا
مِـنْ أيِّمـا جهـة يـأْتي ومـا شـَعَرُوا
ومـا أُرَى بَيـتَ مـالِ المسـلمينَ دَرَى
مِـنْ أَيْـنَ تـأتي لـهُ الأكياسُ وَالبِدَرُ
هــذا ومــا أحَــدٌ كلَّفْتَــهُ شــَطَطاً
بمَـا فَعَلْـتَ كـأنَّ النـاسَ قـد سُحِروا
بـل زَادَهـم فيـكَ حُبّـاً ما فَعَلْتَ بهِم
مِــنَ الجَمِيــلِ وَذَنْـبُ الحُـبِّ مُغْتَفَـرُ
فـإنْ شـَكَوْا بِغْضـَةً مِمَّـنْ مَضـَى سـَلَفَتْ
فمــا لِقَلْـبٍ عَلَـى البَغْضـَاءِ مُصـْطَبَرُ
فالصـَّبْرُ مِـنْ يَـدِ مَـنْ أَحْبَبْتَـهُ عَسـَلٌ
وَالشـَّهْدُ مِـنْ يَـدِ مَـنْ أَبْغَضـْتَهُ صـَبرُ
لقــدْ جُبِلْــتَ بمَكْــروهٍ عَلَــى أَحَـدٍ
حُكْمـــاً يُخَـــالِفُهُ نَـــصٌّ وَلا خَــبرُ
رُزِقْـــتَ ذُرِّيَّـــةً ضـــاهَتْكَ طَيِّبَـــةً
مِـنْ طِينَـةٍ غـارَ منها العَنْبَرُ العَطِرُ
فليَنهِـكَ اليومَ منها الفضلُ حين غَدا
ديــنُ الإلــهِ بِسـَيْفِ الـدِّينِ مُنْتَصـِرُ
عَلَـــى صـــفاتِكَ دَلَّتْنــا نَجَــابَتُهُ
وَبـانَ مِـنْ أَيْـنَ مـاءُ الـوَرْدِ يُعْتَصَرُ
مِيزانُـهُ فـي التُّقَـى مِيـزَانُ مَعْدَلَـةٍ
وَحِكْمَـــةٍ لا صــَغىً فيهــا وَلا صــِغرُ
مَشــَى صــِرَاطاً ســَوِيَّاً مِـنْ دِيَـانَتِهِ
فمــا يَــزالُ بِــأمْرِ اللَّـهِ يَـأْتَمِرُ
تُرْضــِيكَ فـي اللَّـهِ أَعْمـالٌ وَتُغْضـِبُهُ
وَمَــا بَــدا لِـيَ أَمْـرٌ مِنْكُمَـا نُكـرُ
قالت ليَ النّاسُ ماذَا الخُلْفُ قلتُ لهمْ
كمــا تَخَــالَفَ موسـى قَبْـلُ والخَضـِرُ
أمــا عَصــَى أَمْــرَ عِنْــدَ ســَفْكِ دَمٍ
مــا فــي شـَرِيعَةِ موسـى أنَّـه هَـدَرُ
وقــد تعــاطى ابــنُ عَفَّـانٍ لأُسـرَتِهِ
ومــا تعــاطَى أبــو بَكْـرٍ ولا عُمَـرُ
ولَـنْ يضـِيرَ أُولـي التَّقْـوَى اختلافُهُم
وهـم علـى فِطْـرَةِ الإسـلامِ قـد فُطِرُوا
مُشــَمِّرٌ فــي مَراعِــي اللَّـهِ مجتَهِـدٌ
وبالعَفــافِ وَتَقْــوَى اللَّــهِ مُـؤتَزِرُ
زانَ اللَّيــاليَ وَالأَيّــامَ إذْ بَقِيَــتْ
كأنّهــا غُــرَرٌ فــي إثْرِهــا طُــرَرُ
وَقَعــتُ بَيــنَ يَــدَيْهِ مِــنْ مَهـابَتِهِ
وقــالتِ النــاسُ مَيْــتٌ مَســَّهُ كِبَـرُ
وَقَصـــَّرَتْ كلمـــاتي عَــنْ مَــدَائِحهِ
وقــد أتيــتُ مِـنَ الحـالَيْنِ أعتَـذِرُ
فاقبَـل بِفَضـْلِكَ مَـدْحاً قـد أَتَـاكَ به
شــيخٌ ضــَعِيفٌ إلــى تَقْصــِيرِهِ قِصـَرُ
فمـا عَلَـى القَـوْسِ مِـنْ عَيْبٍ تُعَابُ به
إنِ انْحَنَـتْ وَاسـتقامَ السـَّهْمُ والوتَرُ
وَالْبَــسْ ثَنَــاءً أَجَـادَتْ نَسـْجَهُ فِكَـرٌ
يَغَـارُ فـي الحُسْنِ منه الوشْيُ والحِبَرُ
مِــنْ شــاعرٍ صـادِقٍ مـا شـانهُ كَـذبٌ
فيمـــا يقـــولُ وَلا عِــيٌّ وَلا حَصــَرُ
يَهِيــمُ فــي كــلِّ وَادٍ مـنْ مـدائِحِهِ
عَلَــى معــانٍ أَضـَلَّتْ حُسـْنَها الفِكَـرُ
لا يَنْظِـمُ الشـِّعْرَ إِلَّا فـي المَديحِ وَما
غيــرُ المديــحِ لُــهُ سـُؤْلٌ وَلا وَطَـرُ
مـا شـاقَهُ لِغَـزالٍ فـي الظّبـا غَـزَلٌ
وَلا لِغانِيَـــةٍ فـــي طَرفِهــا حَــوَرُ
مَــديحُهُ فيــكَ حــرٌّ لَيــسَ يَملِكُــهُ
مـــنَ الجَــوائِزِ أثَمَــانٌ وَلا أُجــرُ
إنَّ الأَديـــبَ إذا أهْـــدَى كَرَائِمَــهُ
فَقَصــْدُهُ شــَرَفُ الأنســابِ لا المَهــرُ
تبّـاً لِقَـوْمٍ قـدِ اسْتَغْنَوا بِما نَظَموا
مِـنِ امْتِـدَاحِ بَني الدُّنْيا وَما نَثَرُوا
فَلَــوْ قَفَــوْتُ بأَخْـذِ المـالِ إثرَهـم
لَعَــوَّقَتْني القَــوافِي فيـكَ والفِقَـرُ
خَيْـرٌ مِـنَ المـال عِنْـدِي مَدْحُ ذِي كَرَمٍ
ذِكْـرِي بِمَـدْحِي لـهُ فـي الأرضِ يَنْتَشـِرُ
فالصـُّفْرُ مِـنْ ذَهَـبٍ عِنْـدِي وإنْ صـفِرَتْ
يَــدِي وَإنْ غَنِيَــتْ ســِيَّان والصــُّفُرُ
بَقِيـتَ مـا شـِئْتَ فيمـا شـِئْتَ مِنْ رُتَبٍ
عَلِيَّــةٍ عُمُــرُ الـدُّنيا بِهـا عَمِـرُوا
وَبَلَّغَتْـــكَ اللّيــالِي مــا تُــؤَمِّلُهُ
وَلا تَعَـــدَّتْ إلَــى أَيَّامِــكَ الغِيَــرُ
وَقــد دَعَــتْ لــكَ منِّـي كُـلُّ جَارِحَـةٍ
وبالإِجابَـــةِ فَضــْلُ اللَّــهِ يُنْتَظَــرُ
محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري شرف الدين أبو عبد الله.شاعر حسن الديباجة، مليح المعاني، نسبته إلى بوصير من أعمال بني سويف بمصر، أمّه منها.وأصله من المغرب من قلعة حماد من قبيل يعرفون ببني حبنون.ومولده في بهشيم من أعمال البهنساويةووفاته بالإسكندرية له (ديوان شعر -ط)، وأشهر شعره البردة مطلعها:أمن تذكّر جيران بذي سلمشرحها وعارضها الكثيرون، والهمزية ومطلعها:كيف ترقى رقيك الأنبياء وعارض (بانت سعاد) بقصيدة مطلعها إلى متى أنت باللذات مشغول