
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جِـوَارُكَ مـنْ جَـوْرِ الزَّمَـانِ يُجِيـرُ
وَبِشــْرُكَ لِلرَّاجِــي نَــداكَ بَشـِيرُ
فَضـَلْتَ بَنِـي الـدُّنيا فَفَضـلُكَ أَوَّلُ
وَأَوَّلُ فضـــلِ الأَوَّلِيـــنَ أخِيـــرُ
وَأنـتَ هُمَـامٌ دَبَّـرَ المُلْـكَ رَأْيُـهُ
خَبِيــرٌ بِــأحْوَالِ الزَّمَـانِ بَصـِيرُ
إذَا المَلِـكُ المَنْصـُورُ حَاوَلَ نَصْرَهَ
كَفَـى المَلِـكَ المَنْصـُورَ منك نَصِيرُ
فلا تُنســِهِ الأَيَّــامُ ذِكْــرَكَ إنَّـهُ
بــه فَــرِحٌ بيـنَ الملـوكِ فخُـورُ
إذا مَــرَّ فـي أَرْضٍ بِجَيْـشٍ عَرَمْـرَم
تكــادُ لــهُ أُمُّ النُّجُــومِ تَمُـورُ
وَتَحْسـِبُهُ قـد سـارَ يَرْمِـي بُرُوجَهَا
بِخَيْــلٍ عليهــا كـالبروجِ يُغيـرُ
وَمــا قَلْبُهـا مِمَّـا يَقَـرُّ خُفُـوقُهُ
وَلا طَرْفُهــا حــتى يعــودَ قَرِيـرُ
ســواءٌ عليــه خَيْلُــهُ وَرِكــابُهُ
وَســَرْجٌ إذا جــابَ الفَلاةَ وَكُــورُ
لقـد جَهِلَـتْ دَاوِيَّـةُ الكُفْـرِ بَأسَهُ
وَغَرَّهُـــم بالمســـلمينَ غَـــرورُ
فلا بُورِكُـوا مِـنْ إِخْـوَةٍ إنَّ أُمَّهُـمْ
وَإنْ كَثُـرَتْ منهـا البَنُـونَ نَـزُورُ
فَـإنْ غَلُظَـتْ مِنْهُـمْ رِقَـابٌ لِبُعْـدِهِ
فَمـا انْحَـطَّ عَنْهـا لِلْمَذَلَّـةِ نِيـرُ
أَلَـمْ تَعْلَمُوا أنَّا نُواصِلُ إنْ جَفَوا
وَأنَّـا علـى بعـد المـزار نَـزُورُ
يَظُنُّــونَ خَيْـلَ المُسـلمينَ يَصـُدُّها
عَـنِ العَـدْوِ فـي أرضِ العَدُوِّ دُحُورُ
أمـا زُلْزِلَـتْ بالعاديـاتِ وَجاءها
مِــنَ التُّــرْكِ جَـمٌّ لا يُعَـدُّ غَفِيـرُ
أتَـوْا بِطِمـرَّاتٍ مِـنَ الجُـرْدِ سُيِّرَتْ
وَرَجْـلٍ لهُـمْ مِثْـلُ الجَـرادِ طُمُـورُ
فَلَمْ يَرْقُبوا مِنْ صَرْحٍ هامانَ مَرْقَباً
بهــامَتِهِ بَــرْدُ الســَّحابِ بَكُـورُ
وصــُبَّ عليهـم عـارضٌ مِـنْ حِجَـارةٍ
ونَبْــلٍ وكُــلٌّ بالعَــذابِ مَطِيــرُ
وسـامُوهُ خَسـْفاً مِـنْ ثُقُـوبٍ كأنَّها
أثـافٍ لهـا تلْـكَ البُـرُوجُ قُـدُورٌ
فَـذاَقُوا بـه مُرَّ الحِصَارِ فأصْبَحُوا
لهـم ذلـك الحِصـْنُ الحَصـِينُ حَصِيرُ
يَصـِيحونَ أعلى السُّورِ خوْفاً كصافِنٍ
نَفَـى عنـه نَـوْمَ المُقْلَتَيْـنِ صَفِيرُ
ومـاذا يَـرُدُّ السـُّورُ عنهم وخلفَهُ
مِـنَ الخَيْـلِ سـُورٌ والصـَّوارِمِ سُورُ
فلمــا أحَسـُّوا بَـأْسَ أغْلَـبَ هِمَّـةً
غَــدُوٌّ إليهــم بــالرَّدَى وبَكُـورُ
دعَـوْهُ وشـمْلُ النَّصـْرِ منهـم مُمَزَّقٌ
أمانــاً وجلْبـابُ الحيـاةِ بَقِيـرُ
أعــارَهُمُ افْرَنْسـِيسُ تِلْـكَ وَسـِيلَةً
رأى مُســـْتَعيراً غِبَّهــا وســَعيرُ
فَـدَى نفسـَهُ بالمالِ والآلِ وَانثَنَى
تَطِيـرُ بـه مِـنْ حيـثُ جـاءَ طُيُـورُ
فلا تَـذْكُرُوا مـا كانَ بالأمْسِ منهمُ
فــذاكَ لأَحْقــادِ الســُّيُوفِ مُثِيـرُ
فلـو شـاءَ سُلْطَانُ البَسِيطَةِ ساقَهُمْ
لِمِصــْرٍ وتَحْــتَ الفارِسـَيْنِ بَعِيـرُ
تُبَشــّرُ مِصــْر دائمــاً بِقُـدُومِهِمْ
إذا فَصــَلَتْ منهــم لِغــزَّة عِيـرُ
تَســُرُّهُمْ عنــد القُفــولِ بِضـاعَة
وَتَحْفَــظُ منهــمْ إِخْــوَةً وَتَمِيــرُ
ولـو شـاءَ مَدَّ النِّيلَ سَيْلُ دمائِهِمْ
وَزَفَّـــتْ نُحُــورٌ مــاءَهُ وســُحُورُ
بِعِيدٍ كَعِيدِ النَّحْرِ يا حُسْنَ ما يُرَى
بــه مِـنْ عُلـوجٍ كـالعُجُولِ جَـزُورُ
وَلكنَّــه مِــنْ حِلمِــهِ وَاقتِـدَارِهِ
عَفُـوٌّ عَـنِ الـذَّنْبِ العظيـم غفـورُ
وَلَـمْ يُبْقِهِـمْ إِلَّا خَمِيـراً لِمِثْلِهـا
مَلِيــكٌ يَجُـبُّ الـرَّأْيَ وَهْـوَ خَبِيـرُ
يَرَى الرَّأْيَ مُزَّ الرَّاحِ يهْوَى عَتيقهُ
وَيَكْـرَهُ منـه الحُلْـوُ وَهْـوَ عَصـِيرُ
فَوَلَّـوْا وَسـوءُ الظَّنِّ يَلْوِي وُجُوهَهُمْ
فَتَحْســِبُها صـُوراً ومـا هِـيَ صـُورُ
وقـد شـَغَرَتْ مِنهـمْ حُصـونٌ أَواهِـلٌ
ومـا راعهـا مِـنْ قبـل ذاك شُغُورُ
فللَّــهِ ســلطانُ البســيطَةِ إنَّـهُ
مَليـكٌ يَسـِيرُ النَّصـْرُ حيـثُ يسـيرُ
ويُغْمِـدُ فـي هـامِ الملـوكِ حُسامَهُ
ويَرْهَـبُ مـنْ هـامِ المُلـوكِ غَفيـرُ
ويَجْمَــعُ مِــنْ أَشــْلائِهِمْ مُتَفَرِّقـاً
بِصــارِمهِ جَمْــعَ الهَشــِيم حَظيـرُ
فَـأَخْلِقْ بـأنْ يَبْقَـى وَيَبْقَى لِمُلْكِهِ
ثَنـــاءٌ حَكــاهُ عَنْبَــرٌ وعَــبيرُ
وتـأتيه خَيْـلُ اللَّـهِ من كَلِّ وِجْهَةٍ
يُؤَيَّــدُ منهــا بــالنفيرِ نفيـرُ
وَيَحْمِـلَ كَـلَّ المُلْـكِ عنـه وإصـْرَهُ
حَــرِيٌّ بِتَــدْبيرِ الأُمــورِ جَــدِيرُ
أَخُـو عَزَمـاتٍ فالبَعِيـدُ منَ العُلا
لَــدَيْهِ قرِيــبٌ والعســيرُ يَسـيرُ
تَكــادُ إذا مـا أُبْرِمَـت عَزَمـاتُهُ
لهـا الأرضُ تُطْـوَى وَالجِبـالُ تَسيرُ
دَعَـانِي إلَـى مَغْنَاهُ داعٍ وَليسَ لِي
جَنــانٌ عَلَـى ذاكَ الجَنـابِ جَسـورُ
فقلـتُ لـه دَعْنِـي وَسـَيْرِي لِماجِـدٍ
لَـهُ اللَّـهُ فـي كُـلِّ الأُمـورِ يُجِيرُ
إذا جِئْتُـهُ وَحْـدِي يقُـومُ بِنُصـْرَتي
قبــائلُ مِــنْ إقبــالِهِ وعَشــيرُ
فَـتىً أَبْـدَتِ الـدُّنيا عواقِبَها لَهُ
وَأَفْضـَتْ بمـا فيهـا لَـدَيْهِ صـُدُورُ
فَغَفْلَتُـهُ مِـنْ شـدَّةِ الحَـزْمِ يَقْظَـةٌ
وَغَيْبَتُـــهُ عَمَّــا يُريــدُ حُضــورُ
ومــا كــلُّ فضـلٍ فيـه إِلَّا سـَجِيَّةٌ
يُشــاركُ فيهــا ظــاهرٌ وضــميرُ
فليــس لـه عنـدَ النَّـزالِ مُحَـرِّضٌ
وليــس لـه عنـد النَّـوالِ سـفيرُ
هُـوَ السـَّيْفُ فاحـذرْ صَفْحَةً لِغِرَارِهِ
فَبَيْنَهُمــــا لِلَّامِســـِينَ غُـــرورُ
مَهيــبٌ وَهــوبٌ لِلْمُحــاوِلِ جُـودَهُ
جَــوادٌ ولِلَّيــثِ الهَصــُورِ هَصـُورُ
إشــاراتُهُ فيمــا يَـرومُ صـَوارمٌ
وســاعاتُهُ عمــا يَســَعْنَ دُهُــورُ
إذا هَجـرَ النـاسُ الهجيرَ لكَرْبِهِمْ
يَلَــذُّ لــهُ أَنَّ الزَّمــانَ هَجيــرُ
وَهـلْ يَتَّقِـي حَرَّ الزَّمانِ ابنُ غادَةٍ
جَليــلٌ عَلَـى حَـرِّ الزَّمـانِ صـَبُورُ
يُحـاذِرُهُ المَـوْتُ الزُّؤَامُ إذا سطا
ولكنـــه مِـــنْ أنْ يُلامَ حَـــذُورُ
وتَسـْتَهْوِنُ الأهوالَ في المَجْدِ نَفْسُهُ
وَتَســْتَحْقِرُ المَوْهُـوبَ وهْـوَ خَطيـرُ
مَكَـارِمُهُ لَـمْ تُبْـقِ فَقْـراً ورَأْيُـهُ
إلـى بعضـِه أغنَـى الملـوكِ فقيرُ
كَفَتْــهُ ســُطاهُ أَنْ يُجَهِّـزَ عَسـْكَراً
وآراؤُهُ أَنْ يُسْتَشــــارَ وَزِيــــرُ
فــواطَنَ أَطْـرافَ البَسـِيطَةِ ذِكْـرُهُ
وصــِينَتْ حُصــُونٌ باســمِهِ وثُغُـورُ
مُحَيَّــاهُ طَلْــقٌ باســِمٌ رَوْضُ كَفِّـهِ
أرِيـضٌ وَمـاءُ البِشـْرِ منـه نمِيـرُ
حَكَـى البحـرَ وصْفاً مِنْ طهارَةِ كَفِّهِ
فقيــل لـهُ مِـنْ أَجْـلِ ذاك طَهُـورُ
وَمــا هُــوَ إِلَّا كِيميــاءُ سـعادةٍ
وَوَصــْفِي لتلـكَ الكِيميـاء شـُذُورُ
بهـا قـامَ شـِعْرِي لِلْخَلاصِ فما أَرَى
لِشـِعْرِي امْتِحـانَ الناقِـدِينَ نَصيرُ
وَرُبَّ أَدِيـــبٍ ذِي لِســانٍ كَمِبْــرَدٍ
بَـدَا مِـنْ فَـمٍ كالكِيرِ أَوْ هُوَ كِيرُ
أَرادَ امْتحانـاً لِـي فَزَيَّـفَ لَفْظَـهُ
نَتــانٌ بَــدَا مِـنْ نَظْمِـهِ وخَرِيـرُ
إذَا مـا رَآنـي عَـافَنِي وَاسْتَقَلَّنِي
كــأنِّيَ فـي قَعْـرِ الزُّجَاجَـةِ سـُورُ
وَيُعْجِبُـــهُ أَنّــي نَحِيــفٌ وأَنّــه
ســَمِينٌ يَســُرُّ النــاظِرينَ طَرِيـرُ
وَلَـمْ يَـدرِ أَنَّ الـدُّرَّ يَصـْغُرُ جِرْمُهُ
وَمقــدارُهُ عنــد الملـوكِ خطيـرُ
فقــامَ بِنَصـْرِي دونَـهُ ذَو نَباهَـةٍ
حَلِيــمٌ إذا خَــفَّ الحَلِيـمُ وَقُـورُ
وَلا جَـوْرَ فـي أحْكَـامِهِ غَيْـرَ أَنـه
عَلَـى الخـائِنِينَ الجَـائرِينَ يَجُورُ
فلا تنْظُــرِ العُمَّـالُ لِلْمـالِ إنَّـهُ
عَلَـى بَيْـتِ مـالِ المُسـْلِمينَ غَيُورُ
وأنَّ عَــذابَ المُجْرِمِيــنَ بِعَــدْلِهِ
طويــلٌ وعُمْــر الخـائِنِينَ قَصـِيرُ
لـه قَلَـمٌ بالبـأْس يَجْرِي وَبالنَّدَى
فَفِـــي جــانِبَيْهِ جَنَّــةٌ وَســَعِيرُ
تُحَلِّـي الطَّـرُوسَ العـاطِلات سطورُها
كمــا تَتحلَّــى بــالعُقُودِ نُحُـورُ
أُجَلّـي لِحَـاظِي فـي خمـائِلِ حُسـْنِهِ
فَمِـنْ حَيْـرَةٍ لَـمْ تَـدْرِ كيـفَ تَحُورُ
عَلا بعضُهُ في القَدْرِ بعضاً كما علا
مَـعَ الحُسـْنِ زَهْرٌ في الرِّياضِ نَضِيرُ
حَكَــى حَسـَناتٍ فـي صـحائِفِ مُـؤْمِنٍ
يُســـَرُّ كَبِيـــريٌّ بهــا وَصــَغِيرُ
فكـانتْ شـُكُولاً منـه زانَـتْ حروفُهُ
حِسـاباً قَلَـتْ منـه الصـِّحاحَ كُسورُ
فقلـتُ وَقـد راعَـتْ بِفَصـْلِ خِطَـابِهِ
وراقَــتْ عُيُـونَ النـاظِرِينَ سـُطُورُ
لَئِن جـاءَهُم كَـالغيثِ مِنـهُ مُبَشِّراً
فَقَـد جـاءَهُم كَـالموتِ مِنـهُ نَذيرُ
فوَيْــلٌ لِقَــوْمٍ مِـنْ يَـراعٍ كـأنّه
خِلالٌ يَــرُوعُ الأُســْدَ منــه صـَرِيرُ
وَلِــمْ لا وَآسـادُ العرِيـنِ لِـداتُهُ
يَكُــونُ لــه مثـلُ الأسـودِ زَئيـرُ
يَغُـضُّ لَـدَيْهِ مُقْلَتَيْـهِ ابـنُ مُقْلَـةٍ
كمـا غـضَّ مَـنْ فِـي مُقْلَتَيْـهِ بُثُورُ
وَأَنَّـى لُـهُ لـو نـالَهُ مِـنْ تُرابِهِ
ليَكْحَـــلَ منـــه مُقْلَتَيْــهِ ذَرُورُ
وَقـد كَـفَّ عـنْ كوفِيَّـةٍ كَـفَّ عـاجِزٍ
وفيــــه نَظِيـــمٌ دُرُّهُ ونَثِيـــرُ
وَوَدَّ العَــذارَى لـوْ يُعَجِّـلُ نِحْلـةً
إليهـنَّ مِـنْ تلـكَ الحُـروفِ مُهُـورُ
رَأَى ما يَرُوقُ الطَّرْفَ بلْ ما يَرُوعُهُ
فَخَـارَ وَذُو القَلْـبِ الضـعيفِ يَخُورُ
بَنـى مـا بَنَـى كِسـْرَى وعادٌ وَتُبَّعٌ
وليـــسَ ســواءً مُــؤْمِنٌ وَكَفُــورُ
ودَلَّ علــى تَقْــوَى الإلـهِ أَساسـُهُ
كمـا دَلَّ بـالوادي المُقَـدَّسِ طُـورُ
حِجازِيَّـةُ السـُّحْبِ الثِّقـالِ يَسُوقُها
عَلَــى عَجَــلٍ سـَوْقاً صـَباً وَدَبُـورُ
ومنهــا نُجـومٌ فـي بُـروجِ مَجَـرَّةٍ
عَلَــى الأرضِ تَبْـدُو تـارَةً وتَغُـورُ
تَضـِيقُ بها السُّبلُ الفِجَاجُ فلا يُرَى
بهــا للرِّيـاحِ العاصـفاتِ مَسـيرُ
فكَــمْ صـَخْرَةٍ عاديَّـةٍ قَـذَفَتْ بهـا
إليـــه ســـُهُولٌ جَمَّــةٌ وَوُعُــورُ
وَمـنْ عُمُـدٍ فـي هِمَّـةِ الـدَّهرِ قُوَّةٌ
وَفــي بــاعِهِ مِـنْ طُـولِهنَّ قُصـُورُ
أَشـارَ لهـا فانْقـادَ سَهْلاً عَسِيرُها
إليــه وَمــا أَمْـرٌ عليـه عسـيرُ
أَتَتْـهُ بِها أَنْدَى الرِّياحِ وَدونَ مَا
أَتَتْـهُ بهـا أَنْـدَى الرِّيـاحِ ثَبِيرُ
ومـا كـانَ لَـولا ما لَهُ مِنْ كَرَامَةٍ
لِيَأْتِينَـــا بــالمُعْجِزاتِ أَميــرُ
لِمـا فيـه مِـنْ تَقْوَى وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ
بِحُـــرِّ مَبَـــانِيهِ الثَّلاثُ تُشــِيرُ
فَمِئْذَنَـةٌ في الجوِّ تُشْرِقَ في الدُّجَى
عليهــا هُــدىً لِلْعَـالمينَ وَنُـورُ
وَمِـنْ حَيْثُمَـا وَجَّهْـتَ وَجْهَـكَ نَحْوَها
تَلَقَّتْــكَ مِنهــا نَضــْرَةٌ وســُرُورُ
يَمُـدُّ إليهـا الحاسدُ الطَّرْفَ حَسْرَةً
فَيَرْجِـعُ عنهـا الطَّـرْفُ وهْـوَ حَسيرُ
فكَـمْ حَسـَدَتْها فـي العُلُـوِّ كواكبٌ
وغـارَتْ عليهـا فـي الكمالِ بُدُورُ
إذا قـامَ يَـدْعُو اللَّه فيها مُؤَذِّنٌ
فمــا هُــوَ إِلَّا للنُّجــومِ ســَمِيرُ
فللنَّــاسِ مِــنْ تـذكارِهِ وأذانِـهِ
فَطُـورٌ عَلَـى رَجْـعِ الصـَّدَى وَسـَحُورُ
وقُبَّــةُ مارســتانَ ليــسَ لِعِلَّــةٍ
عليــه وإن طـالَ الزَّمـانَ مُـرُورُ
صــَحِيحُ هَــواءٍ للنُّفــوسِ بِنَشـْرِهِ
مَعــادٌ وَلِلعَظْــمِ الرَّمِيـمِ نُشـُورُ
يَهُــبُّ فَيَهْــدِي كــلَّ رُوحٍ بِجِسـْمِهِ
كــأنَّ صــَباهُ حِيــنَ يَنْفُـخُ صـُورُ
فَلَــو تَعْلَـمُ الأجسـامُ أن تُرابَـهُ
مِهــادُ حَيــاةٍ لِلْجُســومِ وَثيــرُ
لَســَارَتْ بِمَرْضــاها إليـهِ أسـِرَّة
وصــارتْ بموْتاهــا إليـهِ قُبُـورُ
ومـا عـادَ يُبلِـي بعـدَ ذلك مَيِّتاً
ضــَرِيحٌ وَلا يَشـْكُو المَرِيـضَ سـَرِيرُ
بِجَنَّتِـــهِ وُرْقٌ تُراســـِلُ مـــاءَهُ
يَشــُوقُ هَــدِيلٌ منهمــا وَهَــدِيرُ
وَقد وَصَفَتْ لِي الناس منها عَجائِباً
كــأَوْجُهِ غِيــدٍ مــا لَهُـنَّ سـُفُورُ
محاسـِنها اسْتَدْعَتْ نَسِيبِي ومَا دَعَا
نَســِيبِي غــزالٌ قبـلَ ذاك غرِيـرُ
وبـاتَ بهـا قَلْـبي يُمَثِّـلُ حُسـْنَها
لِعَيْنِــي وَنَـوْمِي بالسـُّهادِ غَزِيـرُ
وَلا وَصــْفَ إِلَّا أنْ يَكُــونَ لِواصــِفٍ
وُرُودٌ عَلَـــى مَوْصـــُوفِهِ وصــُدُورُ
بَـدَتْ فَهْـيَ عنـدَ الصـَّالِحِيَّةِ جِلَّـقٌ
وفــي تلْــكَ جَنَّـاتٌ وتلـكَ قُبُـورُ
وَلَــو فَتَحَـت أَبْوابَهـا لَتَبَـادَرَتْ
مِــنَ الـدُّرِّ وِلـدانٌ إلَيْـهِ وحُـورُ
ومَدْرَســـَةٌ وَدَّ الخَورْنَـــقُ أَنّــه
لَــدَيْهَا حَظِيــرٌ والسـَّدِيرُ غَـدِيرُ
مَدِينَــةُ عِلـمٍ وَالمَـدَارِسُ حَوْلَهـا
قُــرىً أَوْ نُجُــومٌ بَــدْرُهُنَّ مُنِيـرُ
تَبَـدَّتْ فـأَخْفَى الظَّاهِرِيَّـةَ نُورُهـا
وليــسَ بِظُهْــرٍ للنُّجُــومِ ظُهــورُ
بِنـاءٌ كَـأنَّ النَّحـلَ هَنـدَسَ شـَكلَهُ
وَلانَــت لَـهُ كَالشـَّمعِ مِنـهُ صـُخورُ
بَناهـا حَكِيـمٌ لَيْـسَ فـي عَزَمـاتِهِ
فتُــورٌ وَلا فيمــا بنــاه فُتُـورُ
بَناهـا شـَدِيدُ البَـأْسِ أَوْحَدُ عَصْرِهِ
خَلَــتْ حِقَــبٌ مِــنْ مِثْلِـهِ وعُصـُورُ
فمــا صـَنَعَتْ عـادٌ مَصـانِعَ مِثلَـهُ
وَلا طــاوَلَتْهُ فـي البِنـاءِ قُصـُورُ
ثَمَانِيَـةٌ فـي الجَـوِّ يَحْمِـلُ عَرْشَها
وبعـضٌ لبعـضٍ فـي البنـاءِ ظَهيـرُ
يَـرَى مَـنْ يَراهـا أَنَّ رافِعَ سَمْكهَا
عَلَـى فِعْـلِ ما أعْيا المُلوكَ قَدِيرُ
وَأَنَّ مَنــاراً قائمــاً بإزائهــا
بَنــانٌ إلـى فضـلِ الأَمِيـرِ تشـيرُ
كَــأَنَّ مَنــارَ اســْكَنْدَرِيَّةَ عنـده
نَـواةٌ بَـدَتْ والبـابُ فيـهِ نَقِيـرُ
بناهـا سـعيدٌ فـي بِقـاعٍ سـعيدَةٍ
بهــا سـَعِدَتْ قَبْـلَ المَـدَارِسِ دُورُ
إذا قـامَ يَـدْعو اللَّهَ فيها مُؤَذِّنٌ
فمــا هُــوَ إِلَّا للنُّجُــومِ ســَمِيرُ
فصـارتْ بُيـوتُ اللَّـهِ آخِـرَ عُمْرِهَا
قُصــُورٌ خَبَــتْ مِـنْ سـادةٍ وخُـدُورُ
ذَكَرْنـا لَـدَيْهَا قُبَّـةَ النَّسـْرِ مَرَّةً
فمــا كـادَ نَسـْرٌ لِلْحَيـاءِ يَطِيـرُ
فـإنْ نُسـِبَتْ لِلنَّسرِ فالطائرُ الَّذي
لَـهُ فـي البُـروجِ الثَّابِتاتِ وُكُورُ
وإِلَّا فَكَـمْ في الأرضِ قد مالَ دونَها
إلــى الأرضِ عِقْبَـانٌ هَـوَتْ ونُسـُورُ
تَـبيَّنتُ فـي مِحرابِها وَهْيَ كالدُّمَى
قُـــدُودَ غَـــوانٍ كُلُّهُــنَّ خُصــُورُ
وقـد حُلِّيَـتْ منهـا صـُدُورٌ بِعَسـْجَدٍ
وَلُفَّــتْ لَهـا تَحْـتَ الحُلِـيِّ شـُعُورُ
بهـا عُمُـدٌ كـاثَرْنَ أيَّـامَ عامِهـا
وَمِـنْ عامِهـا لَـمْ يَمْـضِ بعدُ شُهُورُ
مَبـانٍ أبـانَتْ عَـنْ كمـالِ بِنائِها
وأَعْــرَبَ عَـنْ وَضـْعِ الأَسـاسِ هَتُـورُ
ســـَمَاوِيَّةٌ أَرْجَاؤُهـــا فكأَنَّهــا
عليهـا مـن الوَشـْيِ البَديعِ سُتُورُ
تَــوَهَّمَ طَرْفِـي أَنَّ تَجْزِيـعَ بُسـْطِها
رُقُــومٌ وَتَلْــوِينَ الرُّخـامِ حَريـرُ
وكـم جَاوَزَ الإِبْدَاعُ في الحُسْنِ حَدَّهُ
فَأَوْهَمَنــــا أَنَّ الحَقيقَـــةَ زُورُ
فَللَّــهِ يَــوْمٌ ضــَمَّ فيــه أَئمَّـةً
تَــدَفَّقَ منهــم لِلعلــومِ بُحــورُ
وشـمسُ المَعـالي مِـنْ كِتـابٍ وسُنَّةٍ
عَلَـى النَّـاسِ مِنْ لَفْظِ الكلامِ تُديرُ
وقـد أَعْرَبَـتْ للنّاسِ عَنْ خَيْرِ مَوْلِدٍ
عَــرُوبٌ بـه والفضـلُ فيـه كـثيرُ
فـأَكْرِمْ بِيَـوْمٍ فيـه أَكْـرَمُ مَوْلِـدٍ
لأَكْـــرَمِ مَوْلُــودٍ نَمَتْــهُ حُجُــورُ
يُطـــالِعُهُ للمســـلمينَ مَســـَرَّةٌ
ولكِــنْ بــه للكــافِرينَ ثُبــورُ
قَرَأْنـا بهـا القـرآنَ غيـرَ مُبَدَّلٍ
فغــارَتْ أناجيــلٌ وغــارَ زَبُـورُ
وَثَنَّــتْ بأخبـارِ النـبيِّ رُواتهـا
وكــلّ بأخْبَــارِ النــبيِّ خَبِيــرُ
وثَلَّـثَ يـدعو اللَّـهَ فيهـا مُوَحِّـدٌ
ذَكُــورٌ لِنَعْمَــاءِ الإِلــهِ شــَكُورُ
ومــا تلـكَ للسـلطانِ إِلَّا سـعادَةٌ
يَــدُومُ لــهُ ذِكْــرٌ بهـا وأُجُـورُ
دَعاهـا إليه وافِرُ الرَّأْي والحِجَا
يَزِيـنُ الحِجَـى والـرَّأْيُ منهُ وَقُورُ
فَهَـلْ فـي مُلوكِ الأرضِ أَوْ خُلفائها
لـهُ فـي الّـذِي شـادتْ يَداهُ نَظِيرُ
عَلَى أَنَّهم في جَنْبِ ما شادَ مِنْ عُلاً
ولـو كـانَ كالسـَّبْعِ الطِّباقِ حَصيرُ
محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري شرف الدين أبو عبد الله.شاعر حسن الديباجة، مليح المعاني، نسبته إلى بوصير من أعمال بني سويف بمصر، أمّه منها.وأصله من المغرب من قلعة حماد من قبيل يعرفون ببني حبنون.ومولده في بهشيم من أعمال البهنساويةووفاته بالإسكندرية له (ديوان شعر -ط)، وأشهر شعره البردة مطلعها:أمن تذكّر جيران بذي سلمشرحها وعارضها الكثيرون، والهمزية ومطلعها:كيف ترقى رقيك الأنبياء وعارض (بانت سعاد) بقصيدة مطلعها إلى متى أنت باللذات مشغول