
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ثَنــاؤُكَ مِــنْ رَوْضِ الخَمــائِلِ أَعْطَـرُ
وَوَجْهُــكَ مِــنْ شــَمْسِ الأَصـائِلِ أَنْـوَرُ
وَســـَعْيُكَ مَقْبُـــولٌ وَســَعْدُكَ مُقْبِــلٌ
وَكُـــلُّ مَــرامٍ رُمْــتَ فَهْــوَ مُيَســَّرُ
وَجَــاءَكَ مَـا تَخْتَـارُ مِـنْ كـلِّ رِفْعَـةٍ
كأنَّــكَ فــي أَمْــرِ المعـالِي مُخَيَّـرُ
وَقَــدْرُكُ أَعْلَــى أَنْ تُهَنَّــى بِمَنْصــِبٍ
وَأنــتَ مــنَ الــدُّنيا أَجَـلُّ وَأَكْبَـرُ
فيــا لَــكَ شَمْســاً تَمْلأُ الأرضَ رَحْمَـةً
وَيَمْلأُهَــا شــَوْقاً لــهُ حِيــنَ يُـذْكَرُ
لقــدْ مُلِئَتْ حُبَّــاً وَرُعْبــاً قلوبُنـا
بــهِ فَهْــوَ بــالأَمْرَينِ فيهـا مُصـَوَّرُ
وَقــد أَذْعَنَـتْ منـهُ الجـوارحُ طاعـةً
لــهُ إنَّ ســُلطانَ الجــوارِحِ ســُنْقُرُ
يَـرُوعُ العِـدا مِثْـلَ البَغايـا إماتَةً
إذَا راعَهـا مِـنْ رُمْحِـهِ اللَّـدْنِ مَنْسِرُ
فيـا أَيُّهـا الشـمسُ الـذي في صفاتِهِ
عُقُــولُ الــوَرَى مِــنْ دَهْشـَةٍ تَتَحَيَّـرُ
تَعَلَّـمَ منـكَ النـاسُ مـا مُـدِحُوا بـه
كَأَنَّـــكَ فِيهـــم لِلْفَضــائِلِ عُنْصــُرُ
وَأنـــتَ هُمـــامٌ قَـــدَّمَتْهُ ثَلاثَـــةٌ
لهــا المُنْتَهَـى قَـوْلٌ وَفِعْـلٌ ومَنْظَـرُ
مِــنَ التُّــرْكِ فــي أَخْلاقِــهِ بَدَوِيَّـةٌ
لهــا يَعْتَــزِي زَيْـدٌ وَعَمْـرٌو وَعَنْتَـرُ
وَكَــمْ فِتْنَـةٍ بَيْـنَ العَشـيرِ أَزالَهـا
وكــانَ بهــا للنــاسِ بَعْـثٌ وَمَحْشـَرُ
فَأَخمَــدَ مَــا بَيْـنَ الخَلِيـلِ بِرَأْيِـهِ
ونـــابُلُسَ النــارَ الــتي تَتَســَعَّرُ
وَقَــد زَبَـرَتْ زَبْـراً وقَبْضـاً وحارِثـاً
كِنانــةُ مِثْــلَ الكَـرْمِ إبَّـانَ يُزْبَـرُ
وَقـد أخرَبَـت مـا ليـسَ يَعْمُـرُ عـامِرٌ
وقــد قَتَلَـتْ مـا ليـسَ يَقْبُـرُ مَقْبَـرُ
وَلـوْلاهُ لـم تُخْمَـدْ مِـنَ القَـوْمِ فِتْنَةٌ
ولـم يَنْعَقِـد فيهـا عَلَى الصُّلحِ مشوَرُ
إذا مَــا أرادَ اللَّـهُ إِنْفَـاذَ أَمْـرِهِ
يُنطِّــــقُ ذا رَأْيٍ بــــه وَيُبَصــــِّرُ
فــإنْ فَــوَّضَ الســُّلْطانُ أَمْــرَ بِلادِهِ
إليــه فمــا خَلْـقٌ بِـهِ منـه أَجْـدَرُ
وَأَمْــسِ رَأْى حــالَ المَحَلَّــةِ حـائِلاً
وأَعْمالهــا وَالجَــوْر يَنْهَـى ويَـأمرُ
فقـالَ لأَهْـلِ الـرَّأْيِ مَـنْ يُرْتَضـَى لها
فقـالوا لـهُ اللَّيْثُ الهُمامُ الغَضَنْفَرُ
فمـا غيـرَ شـمسِ الدِّينِ يَحْمِي دِيارَها
ســُطاهُ كمـا يَحْمِـي العَرِينَـةَ قَسـْوَرُ
خـــبيرٌ بـــأَحوالِ الأَنــامِ كَــأَنَّهُ
بمــا فــي نُفُـوسِ العـالَمِينَ يُخَيَّـرُ
وَلا سـتْرَ مـا بيْـنَ الرَّعايـا وبينَـهُ
ولكنّــهُ حلْمــاً عَلَـى النـاسِ يَسـْتُرُ
فلمــا رَأَتْ أَهــلُ المَحَلَّــةِ قَــدْرَهُ
يُعَــزَّزُ مــا بيــنَ الــوَرَى ويُـوَقَّرُ
تَنَـاجَوْا وقـالوا قـامَ فينـا خَلِيفَةٌ
وَلكـنْ لـهُ مِـنْ صـَبْوَةِ الظَّـرْفِ مِنْبَـرُ
هَلُمُّــوا لــهُ فَهْـوَ الرَّشـِيدُ بِرَأْيِـهِ
وبيــنَ يَــدَيْهِ جُــودُ كَفَّيْــهِ جَعْفَـرُ
فَقُلْــتُ لَهُــمْ هــذا رســولُ سـِيادَةٍ
وصـــارِمُهُ للنـــاسِ هــادٍ وَمُنْــذِرُ
فَقُــلْ لِلرَّعايــا لا تخــافوا ظُلامَـةً
وَلا تَحْزَنُـوا مـنْ حُكـمِ جَـوْرٍ وأبْشِرُوا
فقــدْ جــاءكمْ والٍ بــروقُ ســُيوفِهِ
إذا لَمَعَـتْ لـم يبْـقَ فـي الأرض مُنْكَرُ
فَــتىً حَســُنَتْ أَخبــارُهُ واختيــارُهُ
وطـــابَ مَغِيـــبٌ مِــنْ عُلاهُ وَمَحْضــَرُ
عَجِبْـتُ لـهُ يُرضـِي الرَّعايـا اتِّضـاعُهُ
وَيَعْظُــمُ مـا بَيْـنَ الرَّعايـا وَيَكْبُـرُ
وَيَرْمِــي العِــدا مِـنْ كَفِّـهِ بِصـَواعِقٍ
وَأَنْمُلُهـــا أنهـــارُ جُــودٍ تَحَــدَّرُ
وَيَجْمَــعُ شـرَّ المـاءِ والنـارِ سـيْفُهُ
وَفـي العُـودِ سِرُّ النارِ والعُودُ أَخْضَرُ
ويُجْــرِي عَلَـى وَفْـقٍ المُـرَادِ أُمُـورَهُ
فَيَبْســُطُ فيهــا مــا يشـاء وَيَقْـدُرُ
وَتَنْفَعِــلُ الأَشــياءُ مِـنْ غَيْـرِ فِكْـرَةٍ
لــهُ وقـدِ اعْتاصـَتْ عَلَـى مَـنْ يُفَكِّـرُ
وَيَسـتَعظِمُ الظلـمَ الحقيـرَ فلـو بَدا
كمِثْـلِ القَـذا في العَيْنِ أَوْ هُوَ أَحْقَرُ
فَطَهَّــرَ وَجْــهَ الأَرضِ مِــنْ كـلِّ فاسـِدٍ
ومــا خِلْتُــهُ مِــنْ قَبْلِــهِ يَتَطَهَّــرُ
ومَهَّــــدَهُ للســـَّالِكِينَ مِـــنَ الأَذَى
فليــسَ بـه الأعمـى إذا سـارَ يَعْثُـرُ
فَشــَرِّق وغَــرِّب فـي البِلادِ فكَـمْ لَـهُ
بهــا عــابِرٌ يُثْنِــي عليـه ويَعْبُـرُ
ومــا كــلُّ والٍ مِثلُــهُ فيـه يَقْظَـةٌ
ولا قَلْبُـــهُ بـــاللَّهِ قَلْــبٌ مُنَــوَّرُ
أنــامَ الرَّعايـا فـي أمـانٍ وطَرْفُـهُ
لمــا فيــه إِصــْلاحُ الرَّعِيَّـةِ يَسـْهَرُ
فلا الخــوْفُ مِــنْ خَـوْفٍ أَلـمَّ بأَرْضـِهِ
وَلا الشــرُّ فيهــا بـالخَواطِرِ يَخْطُـرُ
أتـى الناسَ مثلَ الغيثِ في أَرْضِ جُودِهِ
يُــرَوِّضُ مــا يَــأْتي عليــه ويُزْهِـرُ
وكــانتْ وُلاةُ الحَــرْبِ فيهـا كعاصـفٍ
مِــنَ الرِّيـحِ مـا مَـرَّتْ عليـه تُـدَمِّرُ
وكــلُّ امْــرئٍ ولَّيْتَــهَ فــي رَعِيَّــةٍ
بمــا فيــه مِــنْ خَيْـرٍ وشـَرٍّ يُـؤَثِّرُ
فَمَــنْ حَســُنَتْ آثــارُهُ فَهْــوَ مُقْبِـلٌ
ومَــنْ قَبُحَــتْ آثــارُهُ فَهْــوَ مُـدْبِرُ
وكَــمْ سـَعِدَتْ بالطـالِعِ السـَّعْدِ أُمَّـةٌ
وكَـمْ شـَقِيَتْ بالطَّـالعِ النَّحْـسِ مَعْشـَرُ
فمــا بَلَــغَ القُصـَّادُ غايَـةَ سـُؤلِهِم
لقـد خـابَ مـن يَرْجـو سـواهُ وَيَحْـذَرُ
ومَــنْ حَظُّــهُ مِـنْ حُسـْنِ مَـدْحِيَ وَافِـرٌ
وحَظِّــيَ مِــنْ إِحْســَانِهِ بِــيَ أَوْفَــرُ
أَمَـوْلايَ عُـذْراً فـي القَرِيـضِ وكـلُّ مَنْ
شـَكا العَجْـزَ عَـنْ إدراكِ وصـْفِكَ يُعْذَرُ
لَــكَ الهِمَــمُ العُليـا وَكـلُّ مُحَـاوِلٍ
مَــداها وَكَـمْ بِالمَـدْحِ مِثْلِـي مُقَصـِّرُ
تباشــَرَتِ الأعمــال لَمَّــا رَأَيتهــا
بِمَــرْآكَ وَالــوجْهُ الجميــلُ مُبَشــِّرُ
عَــذَرْتُ الــوَرَى لَمَّـا رَأَوْكَ فَهَلَّلُـوا
لِمَطْلَــعِ شـَمْسِ الفَضـْلِ مِنـكَ وَكَبَّـرُوا
دَعَــوْكَ بهـا كِسـْرَى وكـم لـكَ نـائِبٌ
يُقِـرُّ لَـهُ فـي العَـدْلِ كِسـْرَى وَقَيْصـَرُ
عَمَـرت بهـا مـا ليـسَ يَخْـرَبُ بَعـدَهَا
وقـد أخـربَ الماضـونَ مـا ليسَ يَعْمُرُ
تفـاءَلْتُ لَمَّـا قيـلَ أَقْبَـلَ مَـنْ سـَخا
وكــلُّ امْــرِئٍ غَــادٍ لِملقـاهُ مُبْكِـرُ
فَيَمَّمْتُــــهُ مُسْتَبْشــــِراً بِقُـــدُومِهِ
وطــائرُ حَظِّــي منـه بالسـَّعْدِ يُزْجَـرُ
وحَقَّـــقَ طَرْفِـــي أَنَّ مَـــرْآكَ جَنَّــةٌ
وبِشـــْرُكَ رِضـــْوَانٌ وَكَفُّـــكَ كَــوْثَرُ
ولو لمْ تكنْ شمساً لَما سِرتَ في الضُّحَى
تَســـُرُّ عُيُــونَ النــاظِرِينَ وَتَبهَــرُ
وأَقْبَلْـتَ تُحْيِـي الأرضَ مِـنْ بَعْدِ مَوْتِها
وَفـي الجُـودِ ما يُحيي المَواتَ وَيَنشُرُ
فــأَخْرَجْتَ مَرْعاهــا وَأَجْرَيْـتَ ماءَهـا
غَــداةَ بِحــارُ الأرضِ أَشــْعثُ أَغْبَــرُ
ولــوْلاكَ مـا رَاعَـتْ بُحُـوراً تُراعُهـا
ولا كـانَ مِـنْ جِسـْرٍ عَلَـى المَاءِ يُجْسَرُ
فهـا هِـيَ تَحْكِـي جَنَّـةَ الخُلْـدِ نُزْهَـةً
ومِـــنْ تَحْتِهــا أنهارُهــا تَتَفَجَّــرُ
وأُعْطِيـتَ سـُلطاناً عَلَـى المَاء عالياً
بــه يَزْخَـرُ البَحْـرُ الخِضـَمُّ و يُسـْجَرُ
فَخُــذْ آيَتَــيْ موســى وعيسـى بِقُـوَّةٍ
وكــلُّ النصــارَى واليهـودِ تَحَسـَّرُوا
فيـا صـالحاً فـي قِسْمَةِ الماءِ بينهم
ولا ناقَــة فــي أَرْضــِهِمْ لَـكَ تُعْقَـرُ
فَفِـي بَلَـدٍ مِـنْ حُكْمِـكَ المـاء راكِـدٌ
وَفـــي بَلَــدٍ مِــنْ حُكْمِــهِ يتحَــدَّرُ
فهـــذا لـــه وقْــتٌ وَحَــدٌّ مُعَيَّــنٌ
وَهـــذا لـــه حَــدٌّ وَوَقْــتٌ مُقَــدَّرُ
هَنِيئاً لإِبْنُـــوطِيرَ أنـــك زُرْتَهـــا
وشــَرَّفَها مِــنْ وَقْــعِ خَيْلِــكَ عَنْبَـرُ
دَعَــتْ لَــكَ ســُكَّانٌ بهــا وَمســاكِنٌ
ولـــم يَـــدْعُ إِلَّا عـــامِرٌ وَمُعَمِّــرُ
وصــلَّوا بهــا للَّـهِ شـُكْراً وصـَدَّقُوا
وَحُــقَّ عليهــم أن يُصـَلُّوا وَيَنْحَـرُوا
فكــلُّ مَكــانٍ منــكَ بالعـدْلِ مُخْصـِبٌ
وبالحمــدِ وَالــذِّكْرِ الجميـلِ مُعَطَّـرُ
أتَيْتُـكَ بالمَـدْحِ الـذي جـاء مُظْهِـراً
إلَـى النـاسِ مِـنْ حُبِّيكَ ما أنا مُضْمِرُ
فخُــذْهُ ثَنــاءً يُخْجِـلُ الزَّهْـرَ نَظْمُـهُ
وَهَــلْ تُنْظَـمُ الأزهـار نَظمـي وتُنْثَـرُ
مِـنَ الـرَّأْيِ أن يُهْـدَى لِمِثْلِـكَ مِثْلُـهُ
جَهِلْـتُ وهَـلْ يُهْـدَى إلـى البَحرِ جَوْهَرُ
فُتِنْــتُ بِشـِعْرِي وهْـوَ كالسـِّحْرِ فِتْنَـةً
وَقُلْـتُ كَـذَا كـانَ امْـرُؤُ القَيْسِ يَشْعُرُ
وَمـا لِـي أُزَكِّـي النَّفْـسَ فيما أَقولُهُ
وَأَتبَعُهـــا فيمـــا يُــذَمُّ وَيُشــْكَرُ
وَهـا إنَّ شـَمْسَ الـدِّينِ لِلْفَضـْلِ بـاهِرٌ
وليــسَ بِخَــافٍ عنــه لِلْفَضـْلِ مَخْبَـرُ
إلــى اللَّـه أَشـكو إنَّ صـَفْوَ مَـوَدَّتِي
عَلَـــى كَـــدَرِ الأيَّـــامِ لا تَتَكَــدَّرُ
وإنْ أَظْهَـرَ الأَصـْحَابُ مـا ليـسَ عِنْدَهُم
فـإنّي بمـا عِنْـدِي مِـنَ الـوُدِّ مُظهِـرُ
وإن غُرِســَت فــي أرضِ قَلْبِــي مَحَبَّـةٌ
فليــسَ بِبُغْــضٍ آخِــرَ الـدَّهْرِ تُثْمِـرُ
وَيَمْلِكُنِـي خُلْـقٌ عَلَـى السـُّخْطِ والرِّضا
جَمِيــلٌ كمِثْـلِ البُـرْدِ يُطْـوَى ويُنْشـَرُ
وقَلْــبٌ كمِثْـلِ البحـرِ يَعْلُـو عُبـابُه
ويَزْخَـــرُ مِـــنْ غَيْـــظٍ ولا يَتَغَيَّــرُ
إذا ســُئِلَ الإِبْرِيــزُ جــاشَ لُعــابُهُ
ويَصــْفُو بمــا يَطفـو عليـه ويَظْهَـرُ
ومـا خُلُقِـي مَـدْحُ اللَّئِيـمِ وَإنْ عَلَـتْ
بــــهِ رُتَـــبٌ لا أَنَّنـــي مُتَكَبِّـــرُ
وَلا أَبْتَغِــي الـدُّنيا ولا عَرَضـاً بهـا
بَمَــدْحِي فَــإِنِّي بِالقَنَاعَــةِ مُكْثِــرُ
لِيَعْلَــمَ أَغْنَــى العــالَمِينَ بِــأَنَّهُ
إلَــى كَلِمــي مِنِّــي لِـدُنْياهُ أَفْقَـرُ
وَأَبْســُطُ وَجْهِــي حيــنَ يَقْطُـبُ وَجهـهُ
فيَحْســَبُ أنِّــي موســِرٌ وهْــوَ مُعْسـِرُ
أَأنظُـمُ هـذا الـدُّرَّ فـي جِيـدِ جَاهِـلٍ
وأَظلِمُــــهُ أنِّــــي إذن لَمُبَــــذِّرُ
وعِنْـــدِي كَلامٌ واجِـــبٌ أَنْ أقُـــولَهُ
فلا تَســْأَمُوا مَمَّــا أَقـولُ وتَسـْخَرُوا
وَلَـمْ تَرَنِـي لِلمـالِ بِالمَـدْحِ مُـؤْثِراً
ولكِنّنـــي لِلــوُدِّ بالمَــدْحِ مُــؤْثِرُ
فيـا مَصـْدَرَ الفضلِ الذي الفضلُ دأبُهُ
فمــا اشـْتُقَّ إِلَّا منـه لِلفَضـلِ مَصـْدَرُ
بَــرِئْتُ مِــنَ المُســْتَخْدَمينَ فخَيْرُهـم
لصـــاحِبهِ أَعْــدَى وَأَدْهَــى وأَنْكَــرُ
هَــدَرْتُهُمْ مِثْــلَ الرُّمــاةِ لِكِــذْبِهِمْ
وَعنــدِيَ أنَّ المــرء بالكـذْبِ يُهْـدَرُ
فلا تُــدْنِ منهـم واحِـداً منـكَ سـاعةً
ولـو فـاحَ مِـنْ بُرْدَيْـهِ مِسـْكٌ وَعَنْبَـرُ
وَقــد قيـلَ كتـابُ النَّصـارَى مَناسـِرٌ
فمــا مِثْــلُ كتَّــابِ المَحَلَّـةِ مَنْسـَرُ
فَبَــرِّدْ فــؤادِي بانْتِقَامِــكَ منهــمُ
فقــد كــادَ قلــبي منهــمُ يَتَفَطَّـرُ
مُنِعْـتُ بهِـمْ حَظِّـي شـُهُوراً وَلـم أَصـِلْ
إلــى حَظِّهِــمْ حـتى مَضـَتْ لِـي أَشـْهُرُ
وحَســـْبُكَ أنِّـــي منهـــمُ مُتَضـــَوِّرٌ
وكــلُّ امْــرِئٍ منهــم كــذا يَتَضـَوَّرُ
فَــوا عَجَبـاً مِـن واقِـفٍ منهـمُ علـى
شـــَفا جُــرفٍ هــارٍ مَعِــي يَتَهَــوَّرُ
يقولــون لـو شـاءَ الأميـرُ أَزالَهُـمْ
فقلـــتُ زَوالُ القَـــوْمِ لا يُتَصـــَوَّرُ
فقــد قَهَــرَ الســُّلْطَانُ كـلَّ معانِـدٍ
ومــا أَحَـدٌ لِلقِبـطِ فـي الأرضِ يَقْهَـرُ
وَمَــا فيهِــمُ لا بـارَكَ اللَّـهُ فيهـمُ
أَخُـــو قَلَـــمٍ إِلَّا يَخُـــونُ ويَغْــدِرُ
إنِ اسْتُضـْعِفُوا فـي الأرضِ كـانَ أَقَلّهُم
عَلَـى كـلِّ سـُوءٍ يُعْجِـزُ النـاسَ أَقْـدَرُ
كــأَنَّهُمُ البُرْغُــوثُ ضــَعْفاً وجُــرْأَةً
وإنْ يَشــْبَعِ البُرْغُــوثُ لــولا يُعَـذّرُ
رِياســـتُهُم أن يُصــْفَعُوا ويُجَرَّســوا
ودِينُهُـــم أنْ يَصـــلُبُوا ويُســَمِّرُوا
ومـا أَحَـدٌ منهـم علـى الصـَّرْفِ صابِرٌ
ولا أَحَــدٌ منهــم علـى الـذُّلِّ أَصـْبَرُ
ومُــذْ كَــرِهَ السـُّلطَانُ خِـدْمَتَهُم لَـهُ
تَمَنَّـى النَّصـَارَى أنهـم لـم يُنَصـَّرُوا
إذ كــانَ ســُلْطانُ البســيطةِ منهـمُ
يَغــارُ علــى الإِسـْلامِ فـاللَّهُ أَغيَـرُ
وَبـالرَّغمِ منهـم أَنْ يَـرَوا لَكَ كاتِباً
ومــا أَحَــدٌ فــي فَنِّـهِ منـهُ أَمهَـرُ
ويُعجِبُهُــم مَــن جَــدُّ جَــدَّيْهِ بُطْـرُسٌ
وَيحزنُهُــمْ مَــنْ جَــدُّ جَــدَّيْهِ جَحْـدَرُ
بِــأَنَّ النَّصــَارَى يَرْغَبُــونَ لِبَعْضـِهِم
وَمِــن غِيرِهِــم كُــلٌّ يُــراعُ وَيُزعَـرُ
عَــدَاوَتُهُم لِلمَلـكِ مـا ليـسَ تَنْقَضـِي
وَذَنْـبُ أَخِـي الإسـلامِ مـا ليـسَ يُغْفَـرُ
ومنهـــمْ أُنــاسٌ يُظْهِــرُونَ مَــوَدَّتِي
وبُغْضــُهُمُ لِـي مِـنْ قِفـا نَبْـكِ أَشـْهَرُ
وَكَــمْ عَمَّـرَ الـوالِي بلاداً وَأَخْرَبُـوا
وَكَـمْ آنَـسَ الـوالِي قُلوبـاً ونَفَّـرُوا
وقـــالوا بأَيَّــامِي مَســاقٌ مُحَــرّرٌ
وليــسَ لهــمْ فَلْــسٌ مَســاقٌ مُحَــرَّرُ
وَكَـــم زُورِ قَــولٍ قُلْتُــمُ أَيُّ حُجَّــةٍ
وَكَـــمْ حُجَـــجٍ لِلخـــائِنِينَ تُــزَوَّرُ
وَإنْ تَنْصــُروني قُمْـتُ فيهـم مُجاهِـداً
فـــإنَّهم للَّـــهِ أَعْصـــَى وأَكْفَـــرُ
وإِلَّا فـــــإنِّي للأَمِيــــرِ مُــــذَكِّرٌ
بمـــا فَعَلُـــوهُ والأميـــرُ مُنَظّــرُ
وكَــمْ مُشـْتَكٍ مِثْلِـي شـَكا لِـيَ منهـمُ
كمـا يَشـْتَكِي فـي الليلِ أَعْمَى وأَعْوَرُ
وكُنــتُ وَمـا لِـي عنـدهم مِـن طِلابَـةٍ
أُزَوَّدُ مِــــنْ أَمْــــوالِهمْ وأُســـَفَّرُ
ومـــا ضـــَرَّني إِلَّا مَعــارِفُ منهــمُ
ذُنـــوبُ وِدادِي عنـــدهمْ لا تُكَفَّـــرُ
وَلــولا حَيــائي أَنْ أُعانِــدَ مُمْسـِكاً
لِحَقِّــي أَتَــانِي الحَــقُّ وَهْـوَ مُعَبِّـرُ
فـإن شـَمَّرُوا عِـن سـاقِ ظُلمِـي فإنّني
لِـــذَمِّهِمُ عَــن ســاقِ جَــدِّي مُشــَمِّرُ
وإن حَمَلـوا قَلـبي وسـاروا فمَنطِقِـي
يُحَمَّـــلُ فـــي آثـــارِهم وَيُســـَيَّرُ
وإن يَســبِقُوا لِلبَـابِ دونـي فـإنّهم
بمـا صـَنَعُوا بالنّـاسِ أَحـرَى وأَجـدَرُ
فــإِن أَشــْكُ مـا بِـي للأَميـرِ فـإنّه
لَيَعْلَــمُ مِنــهُ مــا أُســِرُّ وأَجْهَــرُ
فَــإِن أَشــْكَتِ الأيّـامُ تُلـقِ قِيادَهـا
إليــه وتَجــفُ مَــن جَفَــاهُ وتَهجُـرُ
وتُمْلِــي عَلَـى أَعـدائِهِ مـا يَسـُوؤُهُم
وتُــوحِي إلَــى أَســماعِهِ مـا يُحَبَّـرُ
محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري شرف الدين أبو عبد الله.شاعر حسن الديباجة، مليح المعاني، نسبته إلى بوصير من أعمال بني سويف بمصر، أمّه منها.وأصله من المغرب من قلعة حماد من قبيل يعرفون ببني حبنون.ومولده في بهشيم من أعمال البهنساويةووفاته بالإسكندرية له (ديوان شعر -ط)، وأشهر شعره البردة مطلعها:أمن تذكّر جيران بذي سلمشرحها وعارضها الكثيرون، والهمزية ومطلعها:كيف ترقى رقيك الأنبياء وعارض (بانت سعاد) بقصيدة مطلعها إلى متى أنت باللذات مشغول