
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ألاَ إنَّ نجــدَ المجــدِ أبيــضُ مَلحـوبُ
وَلكنَّـــهُ جَـــمُّ المَهالِـــكِ مَرهــوبُ
هُــوَ العسـلُ المَـاذيُّ يَشـتارُه امـرؤٌ
بَغــاهُ وأطــرافُ الرمــاحِ يَعاســيبُ
ذُقِ الموتَ إن شِئتَ العُلى وَاطعَمِ الردى
فَنيــلُ الأَمَــاني بالمنيَّــةِ مَكســوبُ
خُـضِ الحتـفَ تَـأمن خِطـةَ الخسـفِ إِنَّما
يبـوخُ ضـرامُ الخطـب والخطـبُ مشـبوبُ
ألَـم تخـبرِ الأخبـارَ فـي فتـحِ خَيـبرٍ
فَفيهــا لِـذي اللـبِّ الملـبِّ أَعـاجيبُ
وَفَــوزُ علــيٍّ بــالعُلى فوزُهــا بِـهِ
فكـــلٌّ إلــى كــلٍّ مُضــافٌ ومَنســوبُ
حُصــونٌ حَصــان الفــرج حَيـثُ تـبرّجت
وَمَــا كــلّ ممتــطّ الجـزَارة مَركـوبُ
ينــــاط عليهــــا لِلنُّجـــومِ قَلائدٌ
ويَســـفلُ عَنهــا لِلغمــامِ أهاضــيبُ
وتنهــلُّ للجربــاء فيهـا وَلـم تصـِب
رذاذاً علــى شــمّ الجبــالِ أسـاكيبُ
وكَــم كســَّرت جَيشــاً لِكِسـرى وقصـّرت
يَـدَي قيصـرٍ تِلـك القِنـانُ الشـَّناخيبُ
وكَــم مِـن عَميـدٍ بَـات وهـوَ عَميـدُها
ومــن حَـرِب أضـحى بِهـا وهـوَ محـروبُ
وَأَرعـــن مـــوَّارٍ ألـــمَّ بمورِهـــا
فَلــم يغـنِ فيهـا جَـرُّ مجـرٍ وتكـتيبُ
وَلا حَــامَ خوفـاً لِلعـدى ذلـكَ الحِمـى
وَلا لاب شــَوقاً لِلــرَّدى ذلــك اللّـوبُ
فَللخَطــبِ عَنهــا وَالصــروف صــَوارفٌ
كَمــا كَــانَ عَنهـا للنَّـواكبِ تنكيـبُ
تَقاصــرُ عنهــا الحادِثــاتُ فَللـرّدى
طَــــرائقُ إلا نَحوهــــا وأســـاليبُ
فَلمّـــا أرادَ اللَّــه فــضَّ خِتامِهــا
وكــلُّ عزيــزٍ غَــالَبَ اللَّــه مَغلـوبُ
رَماهـــا بِجيـــش يَملأ الأرضَ فَـــوقَه
رِواقٌ مِــنَ النَّصــرِ الإلهــيّ مَضــروبُ
يُســـدّدهُ هــديٌ مِــنَ اللَّــه وَاضــِحٌ
ويُرشــِدُه نــورٌ مِــنَ اللَّــه مَحجـوبُ
مَغــاني الــرَّدى فيـهِ فأصـيَدُ أشـوَسٌ
وَأجـــردُ ذيَّـــالٌ ومقَّـــاءُ ســُرحوبُ
وقَضـــّاءُ زُعــف كَالحبــابِ قَتيرُهــا
وأســـمرُ عســـَّالٌ وأبيـــضُ مَخشــوبُ
نَهــارُ ســُيوفٍ فـي دُجـى لَيـل عـثير
فَـــأبيضُ وضـــَّاحٌ وأســـودُ غِربيــبُ
علـــيٌّ أميـــرُ المــؤمنينَ زعيمــهُ
وَقــائدُه نَســرُ المفــازةِ والــذِّيبُ
فَصـــبّ عَليهــا مِنــه ســَوطَ بَليــةٍ
عَلــى كــلِّ مَصــبوبِ الإسـاءة مَصـبوبُ
فغادَرهـــا بَعــد الأنيــسِ وللصــَّدى
بأرجائهــا ترجيــعُ لحــنٍ وتَطريــبُ
يَنــوحُ عَليهــا نــوحَ هَـارونَ يُوشـعٌ
ويَــذرِي عَليهــا دَمـعَ يُوسـف يَعقـوبُ
بِهــا مِــن زَمَـاجيرِ الرّجـالِ صـَواعِقٌ
ومِـــن صــَوبِ آذيِّ الــدِّماء شــآبيبُ
فكَــم خَــرَّ مِنهــا لِلبــوارقِ مـبرقٌ
وكـم ذلَّ فيهـا للقنـا السـّلب مَسلوبُ
وكَـم أصـحبَ الصـَّعبُ الحـرونُ بأَرضـها
وكَـم بـاتَ فِيهـا صـاحبٌ وهـوَ مَصـحوبُ
وَكَــم عاصــِبٍ بالعصــبِ هـامته ضـُحى
ولــم يُمـسِ إِلا وهـو بالعصـبِ مَعصـوبُ
لَقــد كــانَ فيهــا عِــبرةٌ لمجــرّب
وإن شــابَ ضــرّاً بالمنــافعِ تجريـبُ
ومــا أنــسَ لا أنـسَ اللّـذين تقـدَّما
وفرَّهُمــا والفــرُّ قــد عَلمــا حُـوبُ
ولِلرايــةِ العُظمـى وَقـد ذَهبـا بِهـا
مَلابـــــس ذُلّ فَوقَهــــا وجَلابيــــبُ
يَشـــلُّهما مِـــن آلِ مُوســى شــَمَردَلٌ
طَويــــلُ نِجـــادٍ أجيـــدُ يَعبـــوبُ
يَمـــجّ مَنونـــاً ســـَيفُهُ وســـِنانُهُ
ويَلهَـــبُ نــاراً غِمــدُهُ والأنــابِيبُ
أحَضـــرُهُما أم حَضــرُ أَخــرَجَ خاضــِبٍ
وَذانِ هُمــا أم نــاعِمُ الخـدِّ مَخضـُوبُ
عَــــذَرتُكما إنَّ الحِمـــامَ لمبغَـــضٌ
وإِنَّ بَقــاءَ النَّفــسِ للنَّفــسِ محبُـوبُ
ليكــرهُ طَعـمُ المـوتِ والمـوتُ طـالبٌ
فَكيــفَ يَلـذُّ المـوتُ والمـوتُ مطلـوبُ
دَعــا قَصـبَ العَليَـاءِ يَملِكُهـا امـرؤٌ
بغيــرِ أفَاعيــلِ الــدناءةِ مقضــُوبُ
يَـرى أنَّ طُـولَ الحَـرب والبُـؤسِ راحَـةٌ
وأَنّ دَوامَ الســِّلم والخَفــضِ تَعــذيبُ
فلِلَّـــهِ عينـــا مَــن رآهُ مُبــارِزاً
وَللحَـــربِ كــأسٌ بالمنيّــةِ مَقطــوبُ
جَـــوادٌ عَلا ظَهــر الجــوادِ وأَخشــَبٌ
تَزَلــزَل مِنـهُ فـي النـزالِ الأخاشـِيبُ
وأبيَـــضُ مَشـــطُوبُ الفرنــد مُقَلَّــدٌ
بــه أبيَــضٌ ماضـي العَزيمـةِ مَشـطُوبُ
أجــدَّكَ هَــل تَحيــا بمَوتِــكَ إنَّنــي
أرى المـوتَ خَطبـاً وهـو عنـدك مَخطوبُ
دِمـاءُ أَعاديـكَ المـدامُ وغَابـةُ الـر
رِمــــاحِ ظِلالٌ والنِّصـــالُ أكـــاويبُ
تَجلّــى لــكَ الجبَّــارُ فــي مَلَكُـوتهِ
ولِلحَتـــفِ تَصــعيدٌ إليــكَ وتَصــويبُ
وللشـــَّمسِ عَيـــنٌ عــن عُلاكَ كَليلــةٌ
وَللــدَّهرِ قَلــبٌ خــافِقٌ منـكَ مرعـوبُ
فَعــايَنَ مــا لــولا العَيَـانُ وَعلمُـه
لَمـا ارتـاب شـكّاً أَنـهُ فيـكَ مَكـذوبُ
وَشــَاهَدَ مَــرأىً جَــلّ عَــن أَن يَحـدَّهُ
مِـنَ القَـومِ نَظـمٌ فـي الصَحائفِ مَكتوبُ
وأَصــلتَ فِيهـا مرحـبُ القـوم مِقضـباً
جــرازاً بِــه حَبــلُ الأمـانيِّ مَقضـوبُ
وقَــد غَصــَّتِ الأرضُ الفضــاءُ بخيلــه
وضــُرِّجَ مِنهــا بِالــدماءِ الظَّنـابيبُ
يَعــاقيبُ رَكــضٍ فـي الرّبُـودِ سـَوابحٌ
يُماثِلُهــا لــولا الوُكـونُ اليعَـاقيبُ
فَأشـــرَبهُ كـــأسَ المنيّـــة أحــوَسٌ
مِــنَ الــدّم طعِّيــمٌ وللــدّم شــرّيبُ
إذا رامــه المقــدارُ أو رام عكسـَهُ
فَلِلقُــربِ تَبعيــدٌ ولِلبُعــدِ تقريــبُ
فَلـم أرَ دَهـراً يَقتُـلُ الـدّهرَ قَبلَهـا
ولا حتــفَ عَضـبٍ وهـوَ بـالحتفِ مَعضـُوبُ
حَنانيــكَ فَــازَ العُـربُ مِنـكَ بسـؤدَدٍ
تَقاصـَرَ عنـهُ الفُـرسُ والـرُّومُ والنوبُ
فمـا مـاسَ مُوسـى فـي رداءٍ منَ العُلى
وَلا آب ذِكـــراً بَعــدَ ذِكــرِك أَيُّــوبُ
أرى لَــكَ مَجــداً ليــسَ يُجلَـب حَمـدُهُ
بمــدحٍ وَكـلّ الحمـدِ بالمـدحِ مجلـوبُ
وَفَضــلاً جَليلاً إن ونــى فَضــلُ فاضــلٍ
تعــــاقبَ إدلاجٌ عَليــــه وتـــأويبُ
لِـــذاتِكَ تَقـــديسٌ لِرَمســـِكَ طُهــرَةٌ
لِوَجهِـــكَ تعظيـــمٌ لمجــدِكَ تَرجيــبُ
تقيلــتَ أفعــالَ الرُّبوبيَّــةِ الــتي
عــذرتُ بهــا مــن شـكّ أنَّـكَ مَربـوبُ
وَقَــد قِيـلَ فـي عيسـى نَظيـركَ مثلَـه
فخســـرٌ لمــن عــادى عُلاك وَتَتــبيبُ
عَلَيـكَ سـَلامُ اللَّـه يـا خَيـرَ مـن مَشى
بــه بَــازلٌ عَــبر المَهـامهِ خُرعُـوبُ
ويــا خيــرَ مـن يُغشـى لـدفعِ ملمّـةٍ
فيـــأمنُ مرعـــوبٌ ويــترفُ قُرضــوبُ
ويَــا ثاويــاً حَصـباءُ مَثـواهُ جـوهَرٌ
وَعيـــدانُه عُـــودٌ وتُربَتُـــه طيــبُ
تكُـــوسُ بـــه غـــرُّ الملائكِ رفعَــةً
ويَكــبرُ قـدراً أن تكـوسَ بـه النّيـبُ
يَجــلُّ ثَــراهُ أن يضــرِّجه الــدّمُ ال
مُــراقُ وَتَغشــاهُ الشـوى والعَراقيـبُ
وَيـا عِلّـة الـدُّنيا وَمَـن بَـدو خَلقها
لـه وَسـَيتلو البـدو في الحشر تَعقيبُ
وَيـا ذا المَعـالي الغُرّ والبَعضُ مُحسَب
دَليــلٌ علـى كُـلٍّ فمـا الكُـلُّ محسـُوبُ
ظَنَنــتُ مَــديحي فــي ســِواكَ هِجـاءه
وَخِلــتُ مَــديحي أنــه فيــكَ تَشـبيبُ
وقــال لـهُ الرَّحمـنُ مـا قـالَ يوسـُفٌ
عَــداكَ بِمــا قــدَّمتَ لــومٌ وتـثريبُ
عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبوحامد، عز الدين. عالم بالأدب، من أعيان المعتزلة، له شعر جيد واطلاع واسع على التاريخ. ولد في الدواوين السلطانية، وبرع في الإنشاء، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي. توفي ببغداد. قال الصفدي في مقدمة كتابه (نصرة الثائر): (على أنني بعد ابن أبي الحديد كمن جاء بعد اجتحاف سيل، وأصبح بعد قاطف النهار حاطب ليل. فإن هذا الرجل له تصانيف تدل على تمكنه واطلاعه، وسداد مراميه عند مد باعه، وريه من الفنون وقيامه بها واضطلاعه. منها تعليقان على المحصل والمحصول للإمام فخر الدين وتعليقة ثالثة على الأربعين لفخر الدين، ونظم فصيح ثعلب نظما جيدا في يوم وليلة، وهذا الفلك الدائر علقه في ثلاثة عشر يوما مع أشغال ديوانه. .. ووضع على نهج البلاغة شرحا في ستة عشر مجلدا، وناهيك بمن يتصدى لنهج البلاغة ويشرحه، ويأتي على ما يتعلق به من كل علم: أصولا وفقها وعربية وتاريخا وأسماء رجال وغير ذلك. ومن وقف على هذا الشرح، علم أنه قل من يدخل معه ذلك الصرح، أو يسام معه في مثل هذا السرح، وحسبك بمن واخذ الإمام فخر الدين وأورد عليه...... ومولده بالمدائن مستهل ذي الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة. أنوه هنا إلى أن خطأ مطبعيا وقع في ترجمته في إصدارات الموسوعة السابقة وهو (ولد في الدواوين السلطانية) والصواب (ولد في المدائن وانتقل إلى بغداد وخدم في الدواوين السلطانية) ووفاته في إصدارات الموسوعة السابقة سنة (656) نقلا عن الأعلام للزركلي، والصواب سنة (655هـ) كما في الوافي للصفدي والسلوك للمقريزي