
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جَلَلـتَ فلمَّـا دَقَّ فـي عَينِـك الـورَى
نَهَضـتَ إلـى أُمِّ القُـرى أيِّـدَ القرى
جَلبــتَ لهــا قُـبَّ البُطـونِ وإنّمـا
تَقــودُ لهــا بـالقودِ أُمَّ حبـوكرا
وَسـُقتَ إليهـا كُـلَّ أَسـوَق لـو بَـدَت
لَــه معفـر ظنَّتـهُ بالرَّمـلِ جُـؤذرا
يَـبيتُ عَلـى أَعلـى المصـادِ كأنَّمـا
يَـؤمُّ وكـونَ الفتـخ يَلتَمِـسُ القِـرى
يَفـوقُ الريـاحَ العاصـفاتِ إذا مشى
وَيسـبقُ رَجـعَ الطَّـرفِ شـدّاً إذا جرى
جِيـــادٌ عَليهــا للــوَجيه ولاحِــقٍ
دَلائلُ صــِدقٍ واضــحاتٌ لمــن يَــرى
فَفيهـــا ســـُلوٌّ للمُحِــبِّ وَشــاهِدٌ
علـى حِكمـةِ اللَّـه المـدبِّر للـورى
هـي الـرَّوضُ حُسـناً غَيرَ أنكَ إن تَبِر
لهـا مِخـبراً تَسـمج لِعينيـكَ مَنظرا
عليهـا كمـاةٌ مـن لَـؤيِّ بـن غَـالِبٍ
يَجــرُّونَ أذيــالَ الحديـد تَبخـترا
رَمَيــتَ أبـا سـفيان مِنهـا بِجحفَـل
إذا قيـسَ عَـدّاً بـالثّرى كَانَ أكثراً
يــــدبّره رأيُ النَّـــبي وَصـــارمٌ
بِكِفِّـكَ أَهـدى فـي الرّؤوس منَ الكرى
فَطـارَ إلـى أعلـى السـَّماءِ تَصاعداً
فَلمَّـــا رأى أن لا نَجــاةَ تَحــدّرا
وَحـــاذرَ غربـــي مشــرفيٍّ مــذكَّرٍ
هَــزَزتَ فَـألقى المشـرفيَّ المـذكَّرا
وَأعطـى يَـداً لَـم يُعطِهـا عَـن مَحبَّةٍ
وقَــول هُــدىً مــا قـالهُ مُتخيـرا
فَكنـتَ بـذاك العفـو أولى وبالعُلى
أحَــقّ وبالإحســان أحــرى وأجـدَرا
لأَفصـحتَ يـا مُخفـي العَـداوَةِ ناطِقا
بتَعظيــمِ مَــن عــاديتَهُ مُتســتِّرا
وَحَســبُك أَن تُــدعى ذَليلاً مُنافِقــاً
وتُبطــن ضــدّاً للّـذي ظلـت مُظهـرا
وجُســتَ خِلال المروَتيــنِ فلـم تـدَع
حَطيمــاً وَلَـم تَـترُك ببكـةَ مَشـعرا
طَلعـتَ عَلـى الـبيتِ العـتيقِ بعارضٍ
يَمـجُّ نجيعـاً مِـن ظبى الهِندِ أحمَرا
فَـألقى إليكَ السلمَ من بعدِ ما عَصى
جُلنــدى وأعيـى تُبَّعـاً ثُـمّ قَيصـرا
وَأظهــرتَ نُـورَ اللَّـه بَيـنَ قَبـائلٍ
مِنَ الناسِ لم يَبرح بِها الشِّركُ نَيِّرا
وَكســَّرتَ أصــناماً طَعنــتَ حُماتهـا
بسـُمرِ الوَشـيجِ اللَّـدنِ حَـتى تَكسَّرا
رَقيــتَ بأســمى غـارب أحـدقت بـه
مَلائِكُ يَتلــونَ الكتــاب المســطَّرا
بغـاربِ خَيـرِ المرسـلينَ وأشـرف ال
أنــام وأَزكـى ناعِـلٍ وطـئ الثَّـرى
فَســـَبَّحَ جبريـــلٌ وَقَـــدّسَ هَيبــةً
وَهَلَّــلَ إســرافيلُ رُعبــاً وكبّــرا
فَيـا رُتبـةً لَو شئتَ أن تلمسَ السُّها
بهـا لَـم يَكـن مَـا رُمتَـه مُتعـذِّرا
ويَــا قــدَميهِ أيّ قُــدسٍ وطَئتمــا
وأيّ مقــامٍ قُمتُمــا فيــهِ أنـورا
بحيـثُ أَفـاءت سـِدرَةَ العـرش ظلَّهـا
بضــوجَيه فَاعتــدّت بــذلك مَفخـرا
وَحَيــثُ الــوَميضُ الشعشـانيُّ فـائضٌ
مِـنَ المصـدرِ الأَعلـى تَبـاركَ مَصدَرا
فليـــسَ ســـُواعٌ بَعــدَها بمعَظَّــمٍ
وَلا اللاتُ مَســجُوداً لَهــا ومُعَفَّــرا
وَلا ابــن نُفَيــل بَعـدَ ذاكَ وَمقيـسٌ
بــأوَّل مَــن وَســّدته عَفـرَ الثَّـرى
صــدَمتَ قُريشــاً والرِمَــاحُ شـَواجِرٌ
فقطَّعــتَ مِـن أرحامِهـا مـا تشـَجَّرا
فَلـولا أنَـاةٌ فـي ابـنِ عمِّـك جَعجَعَت
بِعَضـبِك أجـرى مِـن دَمِ القومِ أَبحرا
وَلكــنَّ ســِرّ اللَّــه شــُطِّرَ فيكمـا
فَكنــتَ لِتســطو ثـمَّ كـانَ لِيَغفِـرا
وردتَ حُنينــاً والمنايــا شــواخِصٌ
فَــذلّلت مِـن أركانِهـا مـا تـوَعَّرا
فَكـم مِـن دم أضـحى بسـيفِكَ قَـاطِراً
بِهــا مـن كمـيٍّ قَـد تَرَكـتَ مُقطَّـرا
وكــم فــاجِرٍ فَجَّـرتَ يَنبـوع قَلبـهِ
وَكـم كـافرٍ فـي التُّرب أضحى مُكفَّرا
وَكَـم مِـن رُؤوسٍ فـي الرّماح عَقدتَها
هُنـــاكَ لأجســامٍ مُحلَّلــةِ العُــرا
وَأَعجـبَ إنسـاناً مِـنَ القـوم كـثرةٌ
فَلـم يُغـنِ شـَيئاً ثُـمَّ هَـروَلَ مُدبِرا
وضـاقَت عَليـه الأرضُ مِـن بَعد رحبها
وَلِلنَّــصِّ حُكــمٌ لا يُــدافع بـالمرا
وَليــسَ بنكــرٍ فــي حُنيـنٍ فِـرارُه
فَفـي أحـدٍ قَـد فـرَّ خوفـاً وَخيـبرا
رُوَيــدَكَ إنَّ المجــدَ حُلــوٌ لِطـاعمٍ
غريــبٌ فَـإن مَارَسـته ذُقـتَ مُمقـرا
ومـا كـلُّ مَـن رَامَ المعـالي تحمَّلت
مَنـاكبهُ منهـا الرّكـامَ الكنهـورا
تَنَــحَّ عـن العليـاءِ يَسـحبُ ذيلَهـا
هُمــامٌ تَــردّى بــالعُلى وتَــأَزّرا
فَـتىً لَـم يُعـرِّق فيـه تيـمُ بن مُرّةٍ
وَلا عَبــدَ اللات الخبيثــةَ أعصــرا
ولا كــانَ معــزُولاً غــداةَ بَــرَاءةٍ
ولا عــن صــلاةٍ أمّ فيهــا مُــؤخّرا
ولا كـانَ فـي بَعـثِ ابـن زيدٍ مُؤمَّرا
عليــه فأضــحى لابـنِ زيـدٍ مـؤمّرا
وَلا كَـانَ يَـومَ الغـارِ يَهفـو جنانهُ
حِــذاراً وَلا يَــوم العريـش تسـتَّرا
إمـام هُـدىً بـالقرص آثـر فاقتضـى
لَـهُ القـرصُ ردّ القـرص أبيضَ أزهرا
يزاحمـــهُ جِبريــلُ تَحــتَ عَبــاءةً
لَهـا قيل كل الصيد في جانب الفرا
حَلفــتُ بِمثــواهُ الشــّريفِ وَتُربـةٍ
أحَــالَ ثرَاهـا طيـب ريَّـاهُ عَنـبرا
لأســتنفدنّ العمــرَ فـي مِـدَحي لـهُ
وإن لامَنــي فِيـه العـذولُ فَـأكثرا
عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبوحامد، عز الدين. عالم بالأدب، من أعيان المعتزلة، له شعر جيد واطلاع واسع على التاريخ. ولد في الدواوين السلطانية، وبرع في الإنشاء، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي. توفي ببغداد. قال الصفدي في مقدمة كتابه (نصرة الثائر): (على أنني بعد ابن أبي الحديد كمن جاء بعد اجتحاف سيل، وأصبح بعد قاطف النهار حاطب ليل. فإن هذا الرجل له تصانيف تدل على تمكنه واطلاعه، وسداد مراميه عند مد باعه، وريه من الفنون وقيامه بها واضطلاعه. منها تعليقان على المحصل والمحصول للإمام فخر الدين وتعليقة ثالثة على الأربعين لفخر الدين، ونظم فصيح ثعلب نظما جيدا في يوم وليلة، وهذا الفلك الدائر علقه في ثلاثة عشر يوما مع أشغال ديوانه. .. ووضع على نهج البلاغة شرحا في ستة عشر مجلدا، وناهيك بمن يتصدى لنهج البلاغة ويشرحه، ويأتي على ما يتعلق به من كل علم: أصولا وفقها وعربية وتاريخا وأسماء رجال وغير ذلك. ومن وقف على هذا الشرح، علم أنه قل من يدخل معه ذلك الصرح، أو يسام معه في مثل هذا السرح، وحسبك بمن واخذ الإمام فخر الدين وأورد عليه...... ومولده بالمدائن مستهل ذي الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة. أنوه هنا إلى أن خطأ مطبعيا وقع في ترجمته في إصدارات الموسوعة السابقة وهو (ولد في الدواوين السلطانية) والصواب (ولد في المدائن وانتقل إلى بغداد وخدم في الدواوين السلطانية) ووفاته في إصدارات الموسوعة السابقة سنة (656) نقلا عن الأعلام للزركلي، والصواب سنة (655هـ) كما في الوافي للصفدي والسلوك للمقريزي