
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يَـا رَسـمُ لا رَسـَمتكَ ريـح زَعـزَع
وَسـرَت بليـل فـي عراصـكَ خـروعُ
لـم أُلـفِ صدري من فؤادي بلقعا
إلا وأنــتَ مــنَ الأحبَّــةِ بلقَـعُ
جارى الغمام مدامِعي بكَ فَانثنت
جـون السـحائبِ فهـيَ حَسـرى ظلَّعُ
لا يَمحُـكَ الهتـنُ المُلِثُّ فقد مَحا
صـَبري دُثـوركَ مُـذ مَحتـكَ الأدمعُ
مـا تـمَّ يومُـك وهـو أسعدُ أيمنٌ
حــتى تبـدَّل فهـو أنكـدُ أشـنعُ
شـروَى الزَّمـان يضـيء صُبحٌ مُسفرٌ
فيـــه فَيشـــفعهُ ظلام أســـفعُ
للَّـــه درُّك والضــلالُ يقــودني
بيـدِ الهوى فأنا الحرون فأتبعُ
يقتـادني سـكرُ الصبابةِ والصبا
ويصـيحُ بـي داعي الغرام فأسمعُ
دَهـراً تقـوَّضَ رَاحلاً مـا عيـب من
عُقبـــاهُ إلا أنـــه لا يَرجـــعُ
يَـا أيهـا الـوادي أجلُّكَ وادياً
وأعــزُّ إلا فــي حمــاكَ فأخضـعُ
وأسـوف تُربَـكَ صـاغراً وأذلُّ فـي
تلـكَ الرُّبى وَأنا الجليدُ فأخنعُ
أَسـَفي عَلـى مغنـاكَ إذ هوَ غابةٌ
وعلـى سـبيلك وهـي لحـب مهيـعُ
أَيَّـــام أنجــم قضــعبٍ درّيــة
فـي غيـر أوجـه مطلـع لا تطلـعُ
والبيضُ تُوردُ في الوَريدِ فترتوي
والسـُّمر تشرعُ في الوتين فتشرعُ
والســَّابقاتُ اللاحِقــاتُ كأنَّهـا
العقبان تردى في الشكيم وتمزعُ
والرَّبـع أنـورُ بالنسـيم مُضـمخٌ
والجــوُّ أزهـر بـالعبيرِ مـردَّعُ
ذاكَ الزّمـانُ هـو الزَّمانُ كأنما
قيـظُ الخطـوبِ بـهِ رَبيـعٌ ممـرِعُ
وكأنَّمــا هــوَ رَوضــةٌ ممطـورةٌ
أو مُزنَــة فــي عَــارضٍ لاتقلـعُ
قَـد قُلـتُ للبرقِ الذي شَقَّ الدُّجى
فَكــأنَّ زنجيّــاً هُنــاكَ يجــدَّعُ
يـا بَـرقُ إن جئتَ الغريَّ فقل له
أَتـرَاكَ تَعلـمُ مـن بأرضـِك مودعُ
فيـكَ ابـن عُمرَانَ الكليم وَبعدهُ
عيســى يُقفِّيــهِ وأحمــدُ يَتبـعُ
بَــل فيـكَ جبريـلٌ وميكـالٌ وإس
رافيــل والملأُ المقــدَّس أجمـعُ
بَـل فِيـكَ نُـورُ اللَّـه جَـلَّ جَلالُه
لِـذوي البَصـائر يَستشـفُّ ويَلمـعُ
فيـكَ الإمامُ المرتَضى فيكَ الوَصي
ي المجتـبى فيـك البطينُ الأنزعُ
الضَّارِبُ الهام المقَنَّع في الوَغى
بـالخوفِ للبهـم الكمـاةِ يُقنّـعُ
والســَّمهَرِيَّة تَســتقيمُ وَتَنحنـي
فَكأنهــا بيــنَ الأضـالعِ أضـلعُ
والمترعُ الحوضِ المدَعدعِ حَيثُ لا
وادٍ يفيـــضُ ولا قليــبٌ يــترعُ
ومبــدِّدُ الأبطـال حيـث تـألَّبوا
ومفــرق الأحـزاب حيـث تَجمّعـوا
والحـبر يَصـدع بالمواعظ خاشعاً
حـتى تكـاد لهـا القلـوب تصدَّعُ
حـتى إذا اسـتعر الوغى متلظِّياً
شــرب الــدماء بغلَّـةٍ لا تُنقـعُ
متجلببـاً ثَوبـاً من الدّم قَانِياً
يَعلـوه مـن نَقـع الملاحـم برقعُ
زُهـدُ المسيح وفتكةُ الدَّهرِ الذي
أودى بِــهِ كســرى وَفــوَّزَ تُبَّـعُ
هـذا ضـَميرُ العالم الموجُود عَن
عَــدَمٍ وســرُّ وُجـوده المسـتودعُ
هـذي الأمانَـةُ لا يَقـومُ بحملهـا
خَلقــاءُ هَابطــةٌ وأَطلـسُ أرفَـعُ
تـأبى الجبالُ الشمُّ عن تَقليدها
وتَضــجُّ تَيهــاءٌ وتشــفق برقـعُ
هـذا هُـوَ النُّـورُ الـذي عَذَباته
كـــانَت بِجَبهَـــةِ آدَمٍ تَتَطَلَّــعُ
وَشـِهَابُ موسـى حيـثُ أظلـم ليله
رَفعـــت لـــهُ لألاؤه تتشعشـــعُ
يَـا مـن لـهُ ردت ذكاءُ ولم يَفز
بِنظيرهــا مــن قَبـل إلا يوشـَعُ
يَـا هـازِم الأحـزَابِ لا يثنيهِ عَن
خَــوضِ الحِمــام مدَجــجٌ ومـدَرَّعُ
يـا قَـالعَ البابِ الذي عن هَزَّها
عَجَــزَت أكــفٌّ أربَعــونَ وأربـعُ
لــولا حُـدوثُك قُلـتُ إِنـك جَاعـل
الأَرواح فـي الأشـباح والمتنـزّعُ
لـولا مَماتُـكَ قلـت إنكَ باسطُ ال
أرزاقِ تَقـدِرُ فـي العطـا وتوسِّعُ
مـا العـالَمُ العلـويّ إلا تُربَـةٌ
فيهــا لجثَّتِـكَ الشـريفةِ مضـجعُ
مَـا الـدَّهرُ إلا عَبدُكَ القِنُّ الذي
بنفـوذِ أمـرك فـي البريَّةِ مولعُ
أنـا فـي مَـديحكَ أَلكنٌ لا أَهتَدي
وأنـا الخَطيـب الهبرزيُّ المصقعُ
أأقــولُ فيــكَ ســُمَيدَعٌ كلا وَلا
حاشـا لمثلِـكَ أن يقـال سـُميدعُ
بَـل أنـتَ في يَوم القيامةِ حَاكمٌ
فــي العـالمينَ وشـَافِعٌ وَمُشـَفَّعُ
وَلقـد جَهلـتُ وكنـتُ أحـذَق عالمٍ
أغـرَارُ عَزمِـكَ أم حسـامُك أقطـعُ
وَفقــدتُ معرفَـتي فَلسـتُ بعـارفٍ
هَـل فَضـلُ عِلمِـكَ أم جَنابُكَ أوسَعُ
لــي فيـكَ مُعتقـدٌ سَأكشـفُ سـِرَّهُ
فَليصـغِ أربَـابُ النُّهى وليسمعوا
هـيَ نَفثـةُ المصدُور يطفئ بَردَها
حَـرُّ الصبابَةِ فاعذِلوني أو دَعوا
واللَّـه لـولا حَيدَرٌ ما كانَتِ الد
دُنيــا ولا جَمـعَ البريَّـة مجمـعُ
مـن أجلـه خُلـقَ الزَّمـان وضوّئت
شــُهبٌ كنســنَ وَجــنَّ لَيـلٌ أدرعُ
علـم الغيـوبِ إليـهِ غير مُدَافع
والصــبح أبيـض مُسـفر لا يـدفعُ
وإليـهِ فـي يَوم المعادِ حِسابنا
وهـو الملاذ لنـا غـدا والمفزعُ
هـذا اعتقـادِي قَـد كشفتُ غِطاءه
سَيضــرُّ مُعتقــداً لـهُ أو يَنفـعُ
يـا مَـن لـهُ في أَرض قَلبي مَنزلٌ
نِعـمَ المـراد الرَّحب والمستربَعُ
أَهـوَاكَ حـتى فـي حَشاشـَة مُهجتي
نــارٌ تَشـبُّ علـى هَـواكَ وتلـذعُ
وتَكـادُ نَفسـي أَن تَـذوب صـَبابَةً
خُلقــاً وطبعــاً لا كمـن يَتطبـعُ
ورأيــتُ ديـنَ الإعـتزَال وإِننـي
أهــوَى لأجلــكَ كـلَّ مـن يَتشـيَّعُ
وَلقــد عَلمـتُ بـأنَّهُ لا بُـدَّ مـن
مهـــديِّكم وليـــومهِ أتوَقَّـــعُ
يَحميـهِ مِـن جُنـدِ الإلـه كتـائبٌ
كــاليمِّ أقبــلَ زاخِـراً يَتـدفَّعُ
فيهـا لآل أبـي الحديـد صـَوارم
مَشـــهورَةٌ ورِمــاحُ خَــط شــُرَّعُ
ورجَــال مَــوتٍ مقـدِمونَ كَـأنَّهم
أُسـدُ العَريـنِ الرّبـد لا تتكعكعُ
تلـك المنـى إمَّا أغب عَنها فلي
نفــسٌ تُنــازِعُني وشــَوقٌ ينـزعُ
ولَقــد بَكيــتُ لقتـلِ آل محمـد
بــالطفِّ حــتى كـل عضـو مـدمعُ
عُقـرت بنـات الأعوجيـة هـل درت
مـا يُسـتباح بهـا ومـاذا يصنعُ
وحَريــمُ آل مُحمـد بَيـنَ العـدا
نَهــبٌ تَقاســَمهُ اللئام الرُّضـَّعُ
تلـك الضـغائن كالإماء متى تسق
يعنــف بهــن وبالسـياط تقنّـعُ
مـن فـوق أقطـاب الجمال يشلُّها
لكــع علــى حنـق وعبـدٌ أكـوعُ
مثـل السـبايا بـل أذل يشق من
هـنَّ الخمـار ويسـتباح الـبرقعُ
فمصــفَّدٌ فــي قَيــده لا يُفتـدى
وكريمــة تســبى وقــرط يُنـزعُ
تـاللَّه لا أنسـى الحسـين وشلوه
تحـت السـنابك بـالعراء مـوزعُ
مُتلفعـاً حُمـرَ الثيـاب وفـي غدٍ
بالخضــر مــن فِردوسـه يَتلفَّـعُ
تَطــأ السـنابك صـدره وَجـبينه
والأرض ترجــف خيفــةً وتضعضــعُ
والشـمس ناشـِرة الـذوائب ثاكل
والـدهر مشـقوق الـرداء مقنَّـعُ
لَهفـي عَلى تِلكَ الدِّماء تراقُ في
أيــدي أُمَيَّــةَ عنــوة وَتضــيَّعُ
بـأبي أَبـو العبَّـاسِ أحمـدَ إنَّه
خَيـرُ الـورى مـن أن يُطلَّ ويُمنعُ
فَهـوَ الـوليُّ لِثارِها وهُوَ الحمو
ل لِعبئهــا إذ كـلّ عَـودٌ يَظلـعُ
الــدَّهرُ طَــوعٌ والشـبيبةُ غَضـةٌ
وَالســيفُ عَضـب وَالفـؤاد مشـيّعُ
عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبوحامد، عز الدين. عالم بالأدب، من أعيان المعتزلة، له شعر جيد واطلاع واسع على التاريخ. ولد في الدواوين السلطانية، وبرع في الإنشاء، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي. توفي ببغداد. قال الصفدي في مقدمة كتابه (نصرة الثائر): (على أنني بعد ابن أبي الحديد كمن جاء بعد اجتحاف سيل، وأصبح بعد قاطف النهار حاطب ليل. فإن هذا الرجل له تصانيف تدل على تمكنه واطلاعه، وسداد مراميه عند مد باعه، وريه من الفنون وقيامه بها واضطلاعه. منها تعليقان على المحصل والمحصول للإمام فخر الدين وتعليقة ثالثة على الأربعين لفخر الدين، ونظم فصيح ثعلب نظما جيدا في يوم وليلة، وهذا الفلك الدائر علقه في ثلاثة عشر يوما مع أشغال ديوانه. .. ووضع على نهج البلاغة شرحا في ستة عشر مجلدا، وناهيك بمن يتصدى لنهج البلاغة ويشرحه، ويأتي على ما يتعلق به من كل علم: أصولا وفقها وعربية وتاريخا وأسماء رجال وغير ذلك. ومن وقف على هذا الشرح، علم أنه قل من يدخل معه ذلك الصرح، أو يسام معه في مثل هذا السرح، وحسبك بمن واخذ الإمام فخر الدين وأورد عليه...... ومولده بالمدائن مستهل ذي الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة. أنوه هنا إلى أن خطأ مطبعيا وقع في ترجمته في إصدارات الموسوعة السابقة وهو (ولد في الدواوين السلطانية) والصواب (ولد في المدائن وانتقل إلى بغداد وخدم في الدواوين السلطانية) ووفاته في إصدارات الموسوعة السابقة سنة (656) نقلا عن الأعلام للزركلي، والصواب سنة (655هـ) كما في الوافي للصفدي والسلوك للمقريزي