
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لِمــن ظعـنٌ بَيـنَ الغَميـم وَحَـاجر
بَزَغــنَ شُموسـاً فـي ظلام الـديَّاجِر
شــبيهات بيضـات النعـام يقلُّهـا
مـن العيس أشباه النعام النوافِر
ومـن دونِ ذاكَ الخـدرِ ظَبيـةُ قايضِ
تُريــق دِمـاء المشـبلات الخـوادِر
تَنــوءُ بأعبــاءِ الحلــيِّ وإِنّهـا
لتَضـعف عَـن لَمـحِ العُيونِ النَّواظِر
إذا اعتَجَرت قاني الشُّفوفِ فَيا لَها
تبارِيـحُ وَجـدٍ فـي قُلـوبِ المغافِرِ
تَميـلُ كَمـا مَـالَ النَّزِيـفُ وتَنثني
تَثنــيَ مَنصــورِ الكتيبَــةِ ظـافِر
لهـا مَحـضُ وُدّي فـي الهوى وَتَحنُّني
وخــالصُ إضــماري وصـفوُ سـَرائِري
فَيــا رَبِّ بَغِّضـها إلـى كـل عَاشـِقٍ
ســوَايَ وقبِّحهــا إلـى كـل نَـاظِرِ
وبَغِّـض إليها النَّاسَ غَيري كَما أرى
قَبيحــاً سـواها كـلَّ بَـادٍ وَحاضـر
فيـا جَنَّـة فِيهـا العَذابُ وَلم أخَف
حُلُـولَ عـذابٍ فـي الجنانِ النَّواضِر
يعـاقَبُ فـي حُسـبانِها غَيـرُ مُشـركٍ
ويُحـرمُ مـن نعمائِهـا غَيـرُ كـافِر
علمتــك لا قـرب الـدِّيار بنـافعي
لــديكَ ولا بُعـدُ الـديارِ بِضـائِري
ومَـا قُـربُ أوطـانٍ بها مُتَباعِدُ ال
مَــوَدَّةِ إلا مثــلُ قُــربِ المقـابِرِ
حلَفــت بــربِّ القعضـبيَّة والقنـا
المثقَّـفِ والـبيضِ الرّقاقِ البواتِر
وبالســَّابحَاتِ الســَّابِقات كأنهـا
مـن النَّاشـراتِ الفارِقـاتِ الأَعاصِر
وعُـــوجٍ مُرنَّــاتٍ وصــفرٍ صــوائب
وفُلــكٍ بــآذيِّ العُبــابِ مَــواخِر
لَقــد فَــازَ عَبــدٌ للوَصــيِّ ولاؤه
وَلـو شـَابَه بِالموبقـاتِ الكَبـائِر
وَخــابَ مُعــادِيه ولَـو حَلَّقـت بِـه
قَــوادِمُ فَتخـاءِ الجنـاحَينِ كاسـِر
هُـوَ النَّبأ المكنونُ والجوهَر الذي
تَجسـَّدَ مِـن نُـورٍ مِـنَ القـدس زاهِر
وذُو المعجـزَاتِ الواضـِحاتِ أقلُّهـا
الظهـورُ علـى مُسـتودعات السَّرائِر
ووَارِثُ علــمِ المُصــطفى وشــَقيقُه
أخـاً ونَظيـراً فـي العلي والأواصِر
ألا إنَّمــا الإســلامُ لَــولا حُسـَامهُ
كعفطــةِ عَنــزٍ أو قلامــةِ حَــافِر
ألا إنَّمــا التَوحيـدُ لـولا عُلـومُه
كعُرضـــةِ ضــِلّيلٍ وَنهبــة كــافِر
ألا إنَّمــا الأَقــدارُ طـوع يَمينِـهِ
فَبــوركَ مــن وتـرٍ مُطـاع وقـادِر
فَلــو ركَـضَ الصـُّمّ الجلامِـدَ واطِئاً
لفجَّرَهــا بالمترَعــاتِ الزَّواخِــر
ولَـو رَامَ كَسـفَ الشـَّمسِ كوّرَ نورَها
وعَطَّــلَ مِــن أفلاكهــا كــلَّ دَائِر
هُـوَ الآيـةُ العُظمى ومُستنبِطُ الهدى
وَحيـرةُ أربـابِ النُّهـى والبَصـَائِر
رَمـى اللَّـه منـهُ يـوم بَدرٍ خُصومَه
بِــذي فُــذذٍ فـي آلِ بـدرٍ مُبـادِر
وَقـد جاشـَتِ الأرضُ العريضةُ بالقَنا
فَلــم يُلـفَ إلا ضـامرٌ فـوقَ ضـَامِر
فَلــو نَتَجَـت أمُّ السـَّماء صـَواعِقاً
لمـا شـَجَّ منهـا سـارِحٌ رأسَ حاسـِر
فَكـانَ وكَـانُوا كالقُطاميّ نَاهَضَ ال
بُغَــاثَ فَصـرَّى شـِلوَهُ فـي الأَظـافِر
سـرى نَحـوهم رِسـلاً فسـَارَت قُلوبُهم
مِـنَ الخَوفِ وخداً نحوَه في الحناجِر
كــانَّ ضـُبَاتِ المشـرَفيَّة مـن كـرى
فَمــا يَبتَغــي إلا مَقـرَّ المَحـاجِر
فَلا تَحســَبَنَّ الرَّعــدَ رِجـس غَمامَـةٍ
ولكنَّــه مِـن بَعـض تِلـكَ الزمـاجِر
ولا تحســبنَّ البَــرقَ نَـاراً فـإنه
وَمِيـضٌ أتـى مِـن ذِي الفِقار بفاقِر
وَلا تَحســبنَّ المـزنَ تَهمـي فإنَّهـا
أنــامِلهُ تَهمــي بــأوطفَ هــامِر
تَعــالَيتَ عَـن مَـدحٍ فـأبلَغُ خـاطب
بِمـدحِكَ بَيـنَ النـاسِ أَقصـرُ قاصـِر
صــِفاتُكَ أســماءٌ وَذاتُــكَ جَــوهَرٌ
بَريـء المَعـالِي مِن صِفاتِ الجَواهِر
يجـلُّ عَـنِ الأعـراضِ والأيـنِ والمتى
ويَكــبرُ عَــن تَشـبيههِ بالعَنَاصـِر
إذا طَـافَ قَومٌ في المَشاعِرِ والصَّفا
فَقــبرُكَ رُكنــي طَائِفـاً وَمشـاعِري
وإن ذَخِــرَ الأقــوامُ نُسـكَ عِبـادة
فحبُّــكَ أَوفــى عُــدَّتي وذَخــائِري
وإن صـَامَ نـاسٌ فـي الهواجِرِ حِسبَةً
فَمـدحُكَ أَسـنى مِـن صـِيامِ الهَواجِر
وأعلَــمُ أنَّــي إِن أطَعـتُ غِوايَـتي
فحبُّـكَ أُنسـي فـي بُطُـونِ الحَفـائِر
وإن أكُ فيمــا جِئتــهُ شـرَّ مـذنبٍ
فَربُّـكَ يـا خَيـرَ الـوَرى خَيرُ غافِر
فَـواللَّه لا أقلَعـتُ عـن لهو صَبوَتي
ولا ســمعَ اللاحُـونَ يَومـاً معـاذِري
إِذا كُنت للنِّيرانِ في الحَشر قاسماً
أطعـت الهَـوى والغـيَّ غيـرَ مُحاذِر
نَصـَرتكَ فـي الـدُّنيا بِما أَستَطيعه
فَكُـن شـَافِعي يَـومَ المعادِ ونَاصِري
فَلَيـتَ تُرابـاً حـال دُونَـكَ لم يَحل
وَســاتِرَ وَجــهٍ مِنـكَ لَيـسَ بِسـاتِر
لتنظـرَ مـا لاقـى الحسينُ وَما جَنَت
عَلَيـه العِـدَى مِن مُفظِعاتِ الجَرائِر
مِـنِ ابنِ زيادٍ وابنِ هندٍ وإمرة اب
نِ سـعدٍ وأبنـاء الإمـاءِ العَـواهِر
رَمَــوهُ بِيَحمُــومٍ أديــمٍ غُطــامطٍ
تُعيـدُ الحَصـى رَفغاً بِوقع الحَوافِر
لهــامٌ فلا فَــرع النُّجـومِ بِمسـبَلٍ
عَلَيــهِ ولا وَجــهُ الصـَّباحِ بِسـافِر
فَيــا لَـكَ مَقتـولاً تَهـدَّمت العلـى
وثلَّـت بِـهِ أركـانُ عـرشِ المَفـاخِر
ويـا حَسـرَتا إذ لَم أكُن في أوائِل
مـنَ النَّاسِ يتلى فضلُهُم في الأواخِر
فَأنصـرَ قَومـاً إن يكـن فاتَ نَصرُهم
لَـدى الرَّوع خطَّاري فَما فَاتَ خَاطِري
عَجِبـتُ لأطـوَادِ الأخاشـِيبِ لَـم تمـد
ولا أَصـبَحتَ غـوراً مِيـاهُ الكـوَافِر
وَلِلشـَّمس لـم تُكسَف وللبَدرِ لم يَحل
وللشـُّهبِ لـم تَقـذف بأشـأمِ طـائِر
أمـا كـانَ في رزء ابن فاطم مقتض
هُبـــوط رواسٍ أو كُســوف زواهِــر
ولكنمــا غَــدرُ النُّفــوس ســَجيَّةٌ
لَهــا وَعزيــزٌ صـَاحبٌ غيـر غـادِر
بني الوحي هل أَبقى الكتابُ لناظِمٍ
مَقالَــةَ مَــدحٍ فيكــمُ أو لنـاثِر
إذا كـانَ مَـولى الشـَّاعِرين وَرَبُّهم
لَكـم بانيـاً مَجـداً فَما قَدرُ شاعِر
فَأُقســِمُ لَـولا أنَّكُـم سـُبلُ الهُـدى
لضـلَّ الـوَرى عَـن لاحبِ النَّهجِ ظاهِر
ولَو لَم تَكُونوا في البَسيطَةِ زلزلت
وأُخــربَ مـن أرجائِهـا كـل عـامِر
ســـأمنَحُكُم منــي مَــودة وامــقٍ
يَغـضُّ قلـى عـن غيركـم طَـرف هاجِر
عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبوحامد، عز الدين. عالم بالأدب، من أعيان المعتزلة، له شعر جيد واطلاع واسع على التاريخ. ولد في الدواوين السلطانية، وبرع في الإنشاء، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي. توفي ببغداد. قال الصفدي في مقدمة كتابه (نصرة الثائر): (على أنني بعد ابن أبي الحديد كمن جاء بعد اجتحاف سيل، وأصبح بعد قاطف النهار حاطب ليل. فإن هذا الرجل له تصانيف تدل على تمكنه واطلاعه، وسداد مراميه عند مد باعه، وريه من الفنون وقيامه بها واضطلاعه. منها تعليقان على المحصل والمحصول للإمام فخر الدين وتعليقة ثالثة على الأربعين لفخر الدين، ونظم فصيح ثعلب نظما جيدا في يوم وليلة، وهذا الفلك الدائر علقه في ثلاثة عشر يوما مع أشغال ديوانه. .. ووضع على نهج البلاغة شرحا في ستة عشر مجلدا، وناهيك بمن يتصدى لنهج البلاغة ويشرحه، ويأتي على ما يتعلق به من كل علم: أصولا وفقها وعربية وتاريخا وأسماء رجال وغير ذلك. ومن وقف على هذا الشرح، علم أنه قل من يدخل معه ذلك الصرح، أو يسام معه في مثل هذا السرح، وحسبك بمن واخذ الإمام فخر الدين وأورد عليه...... ومولده بالمدائن مستهل ذي الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة. أنوه هنا إلى أن خطأ مطبعيا وقع في ترجمته في إصدارات الموسوعة السابقة وهو (ولد في الدواوين السلطانية) والصواب (ولد في المدائن وانتقل إلى بغداد وخدم في الدواوين السلطانية) ووفاته في إصدارات الموسوعة السابقة سنة (656) نقلا عن الأعلام للزركلي، والصواب سنة (655هـ) كما في الوافي للصفدي والسلوك للمقريزي