
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ حَكِيمٌ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، إِذْ كانَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ هُوَ النَّبِيَّ، وَيُقالُ إِنَّهُ عادَ مِنْ الشّامِ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ يُرِيدُ أَنْ يُسْلِمَ، فَلَمّا عَلِمَ بِمَقْتَلِ أَهْلِ بَدْرٍ وَفِيهِمْ أَخْوالُهُ امْتَنَعَ وَرَجَعَ إِلَى الطّائِفِ وَماتَ فِيها، وَقَدْ كانَ مُطَّلِعاً عَلَى كُتُبِ أَهْلِ الكِتابِ وَمُتَأَثِّراً بِها فِي شِعْرِهِ، وَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الخَمْرَ وَعِبادَةَ الأَوْثانِ وَآمَنَ بِالبَعْثِ، تُوُفِّيَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ (وَاسمُ أبي الصّلتِ عَبْدُ اللهِ) بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُقْدَةَ بْنِ عَنْزَةَ بْنِ قِسِيِّ (وَقَسِيٌّ هُوَ ثَقِيفُ) بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصْفَةَ بْنِ قَيْسِ عَيْلانَ. وَيُكْنَى بِأَبِي عُثْمانَ.
وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ، وَهِيَ مِنْ أَكْبَرِ بُطُونِ هَوازِنَ، وَمِنْ ثَقِيفٍ بَنُو جَهْمٍ وَبَنُو عَوْفٍ وَيُعْرَفُونَ بِالأَحْلافِ، كانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي الطَّائِفِ، وَأَشْهَرُ وَقَعاتِهِمْ فِي الجاهِلِيَّةِ كانَتْ مَعَ قَبِيلَةِ خَثْعَم وَقَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَلَمْ يَظْهَرْ الكَثِيرُ مِنْ الشُّعَراءِ فِي قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ وَكانَ أَشْهَرُ شُعَرائِها أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَلامٍ أَنَّ بِالطائِفِ شُعَراءَ، وَلَيْسَ بِالكَثِيرِ، وَإِنَّما يَكْثُرُ الشِّعْرُ بِالحُرُوبِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الأَحْياءِ نَحْوَ حَرْبِ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، أَوْ قَوْمٍ يُغِيْرُونَ وَيَغارُ عَلَيْهِمْ. أمّا ثقيف فإنّها من القبائل التي عُرفت بالزراعة والتِّجارة.
وَقَدْ نَشَأَ أُمَيَّةُ فِي أُسْرَةٍ ذاتِ مَكانَةٍ وَشَرَفٍ فِي قَبِيلَتِهِ، وَكانَ أَبُوهُ أَبُو الصَّلْتِ مِنْ الشُّعَراءِ المَشْهُورِينَ فِي ثَقِيفٍ كَما ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَلَهُ قَصِيدَةٌ فِي مَدْحِ سَيْفِ بِنِ ذِي يَزِن مَطْلَعِها:
لنْ يَطْـلُبَ الوِتْرَ أَمْثَالُ ابْنِ ذِي يَزَنٍ لَجَّجَ في الْبَحْـرِ لِلْأَعْداءِ أَحْوَالا
أَمّا أُمُّهُ فَهِيَ رُقْيَةُ بِنْتُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنافٍ، وَلأُمَيَّةَ أَرْبَعَةُ أَبْناءٍ هُمْ: عَمْرُو، وَرَبِيعَةُ، وَوَهْبٌ، وَالقاسِمُ، وَكانَ رَبِيعَةُ وَالقاسِمُ شاعِرَينِ، وَلَهُ ابْنَتانِ وَرَدَتا فِي إِحْدَى أَخْبارِهِ.
نَشَأَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي الطّائِفِ، وَكانَتْ الطّائفُ مَدِينَةً زِراعِيَّةً اشْتُهِرَتْ بِالنَّشاطِ الزِّراعِيِّ وَالتِّجارِيِّ، فكانَ أَبْناءُ ثَقِيفٍ يَذْهَبُونَ لِلتِّجارَةِ إِلَى بِلادِ فارِس وَبِلادِ الرُّومِ، وَعَمَلِ أُمَيَّةُ بِالتِّجارَةِ فِي بِدايَةِ حَياتِهِ، مِمّا هَيَّأَ لَهُ الاطِّلاعَ عَلَى الأَفْكارِ وَالمُعْتَقداتِ فِي ذلِكَ الوَقْتِ، وَيُذْكَرُ أَنَّ أُميَّةَ رَحَلَ إِلَى الشّامِ وَقَرَأَ كُتُبَ أَهْلِ الكِتابِ وَتأَثَّرَ بِها، وَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ أُميَّةَ فِي الجاهِلِيَّةِ كانَ قَدْ نَظَرَ الكُتُبَ وَقَرَأَها وَلَبِسَ المُسُوحَ تَعَبُّداً وَكانَ مِمَّنْ ذَكَرَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَالحَنِيفِيَّةَ وَحَرَّمَ الخَمْرَ وَتَجَنَّبَ الأَوْثانَ وَصامَ وَالْتَمَسَ الدِّينَ طَمَعاً فِي النُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ كانَ قَدْ قَرَأَ فِي الكُتُبِ أَنَّ نَبِيّاً يُبْعَثُ فِي الحِجازِ مِنْ العَرَبِ وَكانَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ هُوَ فَلَمّا بُعِثَ النَّبِيُّ حَسَدَهُ وَكانَ يُحَرِّضُ قُرَيْشاً بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَيَرْثِي مَنْ قُتِلَ فِيها فَمِنْ ذلِكَ قَصِيدَتُهُ الحائِيَّةَ الَّتِي يُقال إنّ النَّبِيُّ نَهَى عَنْ رِوايَتِها الَّتِي يَقُولُ فِيها:
(ماذا بِبَدْرٍ وَالعَقَنْقَلِ مِنْ مَرازِبَةٍ جَحاجِحْ)
لِأَنَّ رُؤُوسَ مَنْ قُتِلَ بِها عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنا رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَهُما ابْنا خالِهِ لِأَنَّ أُمَّةَ رُقْيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ شَمْسٍ.
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أُمَيَّةَ كَثِيرٌ مِنْ الأخْبارِ الَّتِي تُشِيرُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّ نَبِيّاً سَيَظْهَرُ بَيْنَ العَرَبِ، وَأَنَّهُ كانَ يُؤَمِّلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ، فقَدْ أَشارَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ) إِلَى أَنَّ أُمَيَّةَ كانَ يُخْبِّرُ أَنَّ نَبِيّاً يَخْرُجُ، قَدْ أَظَلَّ زَمانُهُ، وَكانَ يُؤَمِّلُ أَنْ يَكُونَ ذلِكَ النَّبِيَّ، فَلَمّا بَلَغَهُ خُرُوجُ النَبِيِّ كَفَرَ بِهِ حَسَداً.
وَمِمّا يُشِيرُ إِلَى ذلِكَ ما ذَكَرَهُ ابْنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِنْ أَنَّ أُمَيَّةَ مَرَّ بِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَخِي عَدَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَكانَ قَدْ طَلَبَ الدِّينَ فِي الجاهِلِيَّةِ هُوَ وَوَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، فَقالَ لَهُ أُمَيَّةُ يا باغِيَ الخَيْرِ هَلْ وَجَدْتَ قالَ لا، قالَ وَلَمْ أُوَتْ مِنْ طَلَبٍ، قالَ أَبَى عُلَماءُ أَهْلُ الكِتابِ إِلّا أَنَّهُ مِنّا أَوْ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ.
وَقَدْ وَرَدَتْ عَنْهُ بَعْضُ القِصَصِ الَّتِي تُشابِهُ ما حَصَلَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكانَتْ مِنْ عَلاماتِ نُبُوَّتِهِ كَحادِثَةِ شَقِّ الصَّدْرِ، فَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ فِي (الإِصابَةِ) أَنَّ أُخْتَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ قالَتْ إِنِّي لَفِي بَيْتٍ فِيهِ أُمَيَّةُ نائِمٌ إِذْ أَقْبَلَ طائِرانِ أَبْيَضانِ فَسَقَطا عَلَى السَّقْفِ فَفَرَّجَ السَّقْفُ فَسَقَطَ أَحَدُهُما عَلَيْهِ فَشَقَّ بَطْنَهُ وَثَبَتَ الآخَرُ مَكانَهُ، فَقالَ الأَعْلَى لِلأَسْفَلِ أَوَعَى قالَ وَعى، قالَ أَقْبَلَ قالَ أَبَى وَيُقالُ قالَ زَكَا، قالَ خَسا فَرَدَّ عَلَيْهِ قَلْبَهُ وَطارَ وَالْتَأَمَ السَّقْفُ، قالَتْ فَلَمّا اسْتَيْقَظَ قُلْتُ لَهُ يا أَخِي أَحْسَسْتَ شَيْئاً، قالَ لا وَإِنِّي لَأَجِدُ تَوْصِيباً فَما ذاكَ فَأَخْبَرْتُهُ، قالَ يا أُخَيَّةُ أَنا رَجُلٌ أَرادَ اللهُ بِي خَيْراً فَلَمْ أَقْبَلْهُ.
وَقَدْ وَرَدَ لَهُ خَبَرٌ طَوِيلٌ عَنْ سَفَرِهِ إِلَى الشّامِ هُوَ أَبُو سُفْيانَ وَلِقائِهُ بِالرُّهْبانِ الَّذِينَ وَصَفُوا لَهُ صِفَةَ النَّبِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ فِي العَرَبِ وَأَنَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ.
وَقَدْ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلكِنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ، إِمّا حَسَداً لِأَنَّهُ كانَ يَأْمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيَّ، وَإِمّا بِسَبَبِ وَقْعَةِ بَدْرٍ الَّتِي كانَ مِنْ قَتْلاها أَبْناءُ خالِهِ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ هِشامٍ فِي السِّيرَةِ أَنَّ أُمَيَّةَ كانَ آمَنَ بِالنَّبِيِّ فَقَدمَ الحِجازَ لِيَأْخُذَ مالَهُ مِنْ الطّائِفِ وَيُهاجِرَ فَلَمّا نَزَلَ بَدْراً قِيلَ لَهُ إِلَى أَيْنَ يا أَبا عُثْمان فَقالَ أُرِيدُ أَنْ أَتْبَعَ مُحَمَّداً فَقِيلَ لَهُ هَلْ تَدْرِي ما فِي هذا القَلِيبِ قالَ لا قالَ فِيهِ شَيْبَةُ وَرَبِيعَةُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ فَجَدَعَ أَنْفَ ناقَتِهِ وَشَقَّ ثَوْبَهُ وَبَكَى وَذَهَبَ إِلَى الطَّائِفِ فَماتَ بِها.
ذَكَرَ البَغْدادِيُّ فِي (خِزانَةِ الأَدَبِ) أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ ماتَ فِي السَّنَةِ التّاسِعَةِ لِلهِجْرَةِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحابُ الأَخْبارِ أَنَّهُ ماتَ كافِراً وَصَحَّ أَنَّهُ عاشَ حَتَّى رَثَى أَهْلَ بَدْرٍ، وَوَرَدَ فِي (الأغاني) أَنَّ أُمَيَّةَ لَمّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي ماتَ فِيهِ جَعَلَ يَقُولُ: قَدْ دَنا أَجَلِي، وَهذِهِ المَرْضَةُ آخِرُ مُدَّتِي، وَأَنا أَعْلَمُ عِلْماً يَقِيناً أَنَّ الحَنِيفَةَ حَقٌّ، وَلكِنَّ الشَّكَّ يُداخِلُنِي فِي مُحَمَّدٍ. وَلَمّا دَنَتْ وَفاتُهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَلِيلاً، وَأَفاقَ وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكُما لَبَّيْكُما هأَنَذا لَدَيْكُما لا مالِي يَفْدِينِي، وَلا عَشِيرَتِي تَحْمِينِي، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذلِكَ ساعَةً أَفاقَ وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكُما لَبَّيْكُما هأَنَذا لَدَيْكُما لا بَريء فَأَعْتَذِرُ، وَلا قَوِيٌّ فَأَنْتَصِرُ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قُضِيَ نَحْبُهُ، ثُمَّ أَفاقَ وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكُما لَبَّيْكُما هأَنَذا لَدَيْكُما، مَحْفُوفٌ بِالنِّعْمِ،
إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمّاً وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى القَوْمِ وَقالَ: قَدْ جاءَ وَقْتِي، فَكُونُوا فِي أُهْبَتِي، وَحَدَّثَهُمْ قَلِيلاً حَتَّى أَيِسَ القَوْمُ مِنْ مَوْتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
كُــلُّ عَــيْــشٍ وَإِنْ تَـطَــاوَلَ دَهْـراً صَــــائِرٌ مَــــرَّةً إِلَى أَنْ يَـــزُولَا
لَيْتَـنِـي كُنْتُ قَبْلَ ما قَدْ بَدَا لِي فِي قِلَالِ الْجِبَالِ أَرْعَى الْوُعُولَا
فَاجْـعَلِ الْمَوْتَ نُصْبَ عَيْنَيْكَ وَاحْذَرْ غَـوْلَةَ الدَّهْـرِ إِنَّ لِلدَّهْـرِ غُـولا
ثم قَضَى نَحْبَهُ، ولم يُؤمِنْ بالنّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
كانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ سَماعَ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ عَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قالَ رَدِفْتُ رَسُولَ اللهِ فَقالَ هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلتِ شَيْءٌ قُلْتُ نَعَمْ قالَ هِيهِ فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتاً فَقالَ هِيهِ ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتاً فَقالَ هِيهِ حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِئَةَ بَيْتٍ فَقالَ كادَ لِيُسْلِمَ وَفِي رِوايَةٍ لِيُسْلِمَ فِي شِعْرِهِ وَفِي رِوايَةٍ آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ.
كانَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ مِمَّنْ اطَّلَعَ عَلَى كُتُبِ أهلِ الكتابِ، وَكانَ عَلَى معرفةٍ بأَخْبارِ الأُمَمِ السّابِقَةِ وَقِصَصِهِمْ، وَهذا ما انْعَكَسَ فِي شِعْرِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ) أَنَّهُ كانَ يَحْكِي فِي شِعْرِهِ قِصَصَ الأَنْبِياءِ، وَيَأْتِي بِأَلْفاظٍ كَثِيرَةٍ لا تَعْرِفُها العَرَبُ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عِدَّةَ أَمْثِلَةٍ عَلَى ذلِكَ مِنْ شِعْرِهِ.
يُعَدُّ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَشْعَرَ شُعَراءَ قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ، فَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ أَبا عُبَيْدَةَ قال: اتَّفَقْتِ العَرَبُ عَلَى أَنْ أَشْعَرَ أَهْلِ المُدُنِ أَهْلُ يَثْرِبَ ثُمَّ عَبْدُ القَيْسِ ثُمَّ ثَقِيف، وَأَنَّ أَشْعَرَ ثَقِيفٍ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلتِ. بَلْ إِنَّ هُناكَ مَنْ عَدَّهُ أَشْعَرَ النَّاسِ كَالكُمَيْتِ حيثُ قالَ: أُمَيَّةُ أَشْعَرُ النَّاسِ، قالَ كَما قُلْنا وَلَمْ نَقُلْ كَما قالَ.
لِأُمَيَّةَ العَدِيدُ مِنْ الأَبْياتِ الذّائِعَةِ المَشْهُورَةِ وَأغْلَِبُها فِي الحِكْمَةِ وَالتَّأَمُّلِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فِي (العقدِ الفَرِيدِ) أَنَّ أَحْكَمَ بَيْتٍ قالَتْهُ العَرَبُ فِي وَصْفِ المَوْتِ، بَيْتُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلتِ حَيْثُ يَقُولُ:
يُــوشِـــكُ مَـنْ فَـرَّ مِـنْ مَـنِــيَّتــِهِ فــي بَــعْــضِ غِـرَّاتِهِ يُـوافِــقُهــا
مَنْ لَمْ يَمُـتْ عَبْـطَـةً يَمُـتْ هَرَمـاً المَــوْتُ كَــأْسٌ وَالْمَـرْءُ ذائِقُهـا
(حديث عن الرّسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ).
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(ابن سلّام/ طبقات فحول الشعراء).
(لُوِيس شيخُو/ شُعَراءُ النَّصْرانِيَّة)
(البغدادي/ خزانة الأدب)
(مَطاع صفدِي وَإيليا حاوِي/ مَوْسُوعَةُ الشِّعْرِ العَرَبِيِّ)