
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
غــادة حطّــم الفــؤاد بكاهــا
ليـت شـعري مـا بالها ما دهاها
قـد حباهـا اللَـه الجمـال ولكن
لـم يصـنه يـا ليتـه مـا حباها
وقفـــت حــول ذلــك الشــاطيء
الرملـــي ليلا تبثّــه شــكواها
واسـتحال الإعـوال فيهـا أنينـا
حيــن جفّـت مـن فرطـه مقلتاهـا
تلطـــم الصــدر تــارة وتشــق
الجيـب أخـرى حـتى إذا أعياهـا
ســامرت أنجــم السـماء ونـاجت
بســكون الــدجى الهلال أخاهــا
ملأ اليــأس قلبهــا يـا لحزنـي
والآســى شــفّ روحهــا وبراهــا
وتنــادي والنــاس لاهـون عنهـا
يــا إلهــي هلا أجبــت نــداها
لا قريـــب حنـــا عليهـــا ولا
خــل شــفيق بحزنهــا واســاها
فتـــح الليــل صــدره لثريــا
وبكــى المــوج رحمــة لصـباها
أدهاهـا مـن الهـوى مـا دهـاني
فقلاهـــا حبيبهـــا واجتواهــا
أم رماهــا كمـا رمـاني زمـاني
بعــواديه ليتــه مــا رماهــا
فحــداني إلــى الفتــاة شـعور
لاقــت الـروح منـه مـا أضـناها
فحثثــت الخطــى إليهــا بجنـح
الليــل والنــاس نــوّم لأراهـا
فــإذا بـي أمـام عـذراء تحكـي
الـورس مـن فـرط حزنها وجنتاها
فــدعتني إلــى الــدنوّ إليهـا
بعـــد لأي واغرورقــت عيناهــا
حيــث شــاهدت هيكلا مــن عظـام
حطّمتــه الأقــدار مــا أقسـاها
نظـــرة قطّعــت نيــاط فــؤادي
إن تسـلني يـا صـاح عـن عقباها
جرّعتهــا الأيّــام صـابا مريـرا
وســـقتني فكيـــف لا أرعاهـــا
ونســى قلــبي الحزيــن أســاه
بعـد مـا شـاطر الفتـاة أسـاها
كفكفــت دمعهــا وكفكفـت دمعـي
وســألت العــذراء عمـا دهاهـا
فشـــكت ظلــم أمهــا وأبيهــا
قاتــل اللَــه أمهــا وأباهــا
حمّلاهــــا ويلاه عــــبئا ثقيلا
رزحـــت تحتـــه فلــم حمّلاهــا
أرغماهــا علــى الـزواج بشـيخ
ذي ثـراء مـن أجـل ذا أرغماهـا
حــدّدا موعــد الزفــاف فجـاءت
تنــدب الحـظ حيـن خـاب رجاهـا
وجـه ذاك الشـيخ المجعـد ألقـى
الرعـب فـي قلبهـا وأطفا سناها
أمــن العــدل أن تــزفّ ثريّــا
لعجـــوز فــأين أيــن فتاهــا
فمــن الظلـم أن تشـاطره العـي
ش وقــد كــان مصــدرا لشـقاها
ومـن الظلـم أن تسـاق إلـى مـن
صــــوته لا تطيقـــه أذناهـــا
ومــن الغبــن أن تلامــس خــدّاً
ذا غضــــون كخــــده خـــدّاها
ومـن الغبـن أن يـداعب فـي كـفّ
نحيـــــل ككفّــــه نهــــداها
ومــن الغبــن أن تقبــل ثغـرا
خاويــا مثــل ثغــره شــفتاها
ومـن الغبـن أن تـرفّ علـى فودي
عجــــوز كحامــــد خصـــلتاها
ومــن الغبــن أن يطــوّق جيـدا
معرقــا مثــل جيــده سـاعداها
هـل رأيتـم ورقـاء هـامت بنسـر
وســــمعتم بـــوكره نجواهـــا
أو رأيتــم غزالــة عشــقت يـا
قــوم ذئبــا وطــوّقته يــداها
هيّــا الشــيخ يـا إلهـي نعشـا
مــن حنايــا ضــلوعه لصــباها
ثــم راح العجـوز ينسـج أكفـان
ثريـــا مـــن لحيــة أرخاهــا
ومــن أحضــانه أعــدّ لهـا قـب
راً وهــذا مـا اختـاره أبواهـا
ربّ رحمـــاك بالفتــاة ورفقــا
فكفاهــا مــا حمّلاهــا كفاهــا
أنهـك الـذلّ جسـمها وهـي في مق
تبــل العمـر لـم تحقّـق مناهـا
خســرت خالــدا رفيــق صــباها
وعلــى نبــذ خالــد أكرهاهــا
عاهـدته علـى الـزواج فلـم تهو
ســـواه ومـــا أحـــبّ ســواها
هـي لولاه لم يلذّ بها العيش وما
عـــــاش خالـــــد لولاهـــــا
خالـد ذلـك الفـتى الطيـب القل
ب النبيــل الشــعور لا ينسـاها
كيـف ينسـى تلك الفتاة التي كم
أعربــت عــن إخلاصــها ووفاهـا
كيـف ينسـى تلك الفتاة التي لم
يــر فــي هــذه الـدنيا إلّاهـا
كيــف ينسـى تلـك الـتي ودّعتـه
ببكاهـــا وأودعتـــه حشـــاها
كيـف ينسـى تلك التي يذرف الدم
ع إذا مــا مــرّت بــه ذكراهـا
كيف ينسى تلك التي كم وكم ضاهى
بإخلاصـــها العظيـــم وبـــاهى
كيـف ينسـى تلـك الـتي تـترامى
بيــن أحضــانه وتشــكو هواهـا
كيـف ينسـى تلك التي كم وكم بل
كــم وروّى غليلــه مــن لماهـا
هـــيَ بـــالأمس غـــادةٌ ذات دلّ
يملأ النفـــس غبطـــة مرآهـــا
هــي بـالأمس وردةٌ تنعـش الأرواح
بـــل يســكر القلــوب شــذاها
هـي بـالأمس دميـة تبعـث الإيمان
بـــالقلب جـــلّ مـــن ســوّاها
وهــي اليــوم هيكـل مـن عظـام
قاتــل اللَــه أمّهــا وآباهــا
طلـع الفجـر وافترقنـا ولـم أد
ر أتســـطيع حملهـــا قــدماها
أرغمتنــي علــى التخلـف عنهـا
إي وربّـــي وخلّفتنـــي وراهــا
بــأبي غــادة تســير الهوينـا
حــول ذاك الشـاطي تجـرّ رداهـا
وبــأمّي عــذراء حطّمـت الأوصـاب
فـــي ميعــة الشــباب قواهــا
وبروحــي هيفـاء تهـتزّ لا تيهـا
ولكـن مـن فـرط مـا قـد عراهـا
تتخطّــى الصــخور حـتى إذا مـا
خـار عـزم الفتـاة ألقـت عصاها
وقفـت حـول ذلك الصخر كالتمثال
فـــاهتزّ هـــزّة مـــن بكاهــا
ظمئت روحهــا ولــم تــر كأسـا
غيــر كـاس الـردى تبـلّ صـداها
ســكنت روحهــا إلـى خـاطر مـرّ
بهـــا رغـــم أنّـــه أدماهــا
ثــمّ صـاحت لبّيـك والبحـر سـاجٍ
ليــت شـعري مـن الـذي ناداهـا
أدعاهــا الــردى فلبّــت نـداه
أم دعتـه يـا ليتـه مـا دعاهـا
رفعــت وجههــا ونــادت إلهــي
قـد دعتـك العذراء فاقبل دعاها
رأت العيــش فــي جـوارك أمنـا
فاجعـل الخلـد يـا إلهـي قراها
حســت الكــاس وهـي صـاب مريـر
لا تلمهــا فكــم محــبّ حســاها
إيـه يا مذبح الهوى ها هي الرو
ح فخــذها مــن بــائس أهـداها
ووداعـا يـا سـؤل قلـبي وداعـا
مـن فتـاة لـم تـرو منـك ظماها
مـن فتـاة فـدتك بـالروح فاحفظ
عهــدها وانتظــر فسـوف تراهـا
أرسـلت نظرة إلى البحر لم يعرف
ســوى البحــر ويحــه مغزاهــا
أعقبتهـــا بصــرخة ردّد الأفــق
وقـــد خيّــم الســكون صــداها
نكثَـــت شــعرها فــراح نســيم
الفجـر يلهـو بـه ويلثـم فاهـا
حملتـــه إلــى رفيــق صــباها
قبلاً لـــو ســـمعت موســـيقاها
حجبــت وجههــا بكلتــا يـديها
لا عــن المــوت حينمـا وافاهـا
بـل عـن الشـمس أختهـا إذ أطلّت
لـو رأت وجههـا هـوت مـن سماها
فتــح البحــر والشــوطيء بـاك
لثريّـــا أحضـــانه فاحتواهــا
يــا ثريـا قضـوا عليـك فواهـا
يــا ثريــا علـى شـبابك واهـا
أعــف يــا ربّ عـن ثريّـا فهـذا
مــا جنـوه لا مـا جنتـه يـداها
قتلوهـــــــــــا أب وأمّ وزوج
آه لـــو مــات هــؤلاء فــداها
ربّ رحمــاك بــالحبيب إذا مــا
عــاد والشــوق شــفّه للقاهــا
كــــم فتــــاة ربّ اســــعدها
الحســن وهـذي جمالهـا أشـقاها
فهد بن صالح بن محمد العسكر. شاعر ، من أهل الكويت، من أسرة عربية محافظة، مولده ودراسته ووفاته بها، كان جده محمد، من أهل الرياض واستوطن بالكويت، ووالده صالح نشأ في الكويت وصار إماماً لمسجدها، ثم موظفاً في الجمرك وتوفي بها 15 اغسطس (1947م) واشتهر فهد بالشعر، ورماه الناس بالإلحاد فاعتزلهم إلا بعض خلصانه، وكف بصره في أعوامه الأخيرة، فزاد من عزلته، وأحرق أهله بعد وفاته (ديوانه) وأوراقه، ولم يبق من نظمه إلا ما كان بين أيدي أصدقائه أو في بعض الصحف ، فجمعها صديقه عبد الله زكريا الأنصاري في كتاب (فهد العسكر ، حياته وشعره - ط).