
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هِـــيَ ســـاعاتٌ مَضــَت لَكِنَنَّــي
لَسـتُ أَدري كَيـفَ تَمضي يا حَبيبي
كَيـفَ تَمضـي وَهـيَ خُلـوٌ مِـن جنى
وَردِك الضـاحي وَمرعـاكَ الخَصـيبِ
هِــيَ ســاعاتٌ تَـوارَت بَعـدَ مـا
حَطَّمَـت منـي وَمِـن قَلـبي الكَئيبِ
وَاِنقَضــَت لَكِــن بِروحــي وَفَمـي
أَخــذت مِــن ذا وَهَــذا بِنَصـيبِ
هِــيَ ســاعاتٌ تَــراءَت بَينَهــا
صـُورُ الماضـي بِأَشـتاتِ الضـُروبِ
وَتَــداعت تَحتَهــا مِنـي القُـوى
وَاِفتَقَدتُ العَزمَ مِن جَفني السَكيبِ
مَــرَّت السـاعاتُ أَقصـى مـا أَرى
مِـن زَماني المُرِّ وَالدَهرِ العَجيبِ
وَاِنطَـوَت فـي صـَفحةِ الغَيـبِ سُدىً
قَبـلَ أَن يَهـدأَ فـي قَلبي وَجَيبي
لِــمَ كـانَت لَسـت أَدري غَيـرَ أَن
كُنـتُ فـي وادٍ مِـنَ الحُـبِّ جَـديبِ
وَاِحتَـــوَتني فَـــترةً غامِضـــةً
كُنـتُ فيهـا سـامِعاً غَيـرَ مُجيـبِ
وَعَــــدتني عاديــــاتٌ جَمَّـــةٌ
عَنــكَ يـا مَبعَـثَ دائي وَطَبيـبي
هَــذِهِ الســاعاتُ مــا أَشـأَمها
إِنَّهـا أَشـأَمُ مِـن هَجـرِ الحَـبيبِ
كَيـفَ مَـرَّت بـي وَلِـمْ مَـرَت وَمـا
تَبتَغـي مِـن ثائرِ الدَمعِ الصَبيبِ
أَنــــا لا أَعـــرف إِلا أَنَّنـــي
كُنـتُ فـي وَقـتٍ مِن الدُنيا عَصيبِ
عَمِيــت نَفســيَ فيــهِ وَانــزوَت
كُـلُّ آمـالي مِـنَ الـدَهرِ الكَذوبِ
وَتَهــــاوَت أَنجُمـــي ســـاقِطةً
وَدَنَــت شــَمسُ غَرامــي لِلغُـروبِ
رَحمـةُ اللَـه عَلـى نَجـمِ الهَـوى
كَيــفَ يَهـوي بَيـن صـُبحٍ وَمَغيـبِ
كَيــفَ يَهــوي لا لِعَمــري إِنَّــهُ
لَم يَزَل في ثَوبِهِ الزاهي القشيبِ
إِنَّمـــا مَـــرَت بِـــهِ عاصــِفةٌ
هَـــدأت بَعــدَ هيــاجٍ وَهُبــوبِ
بَــل مَضــَت تارِكــةً أَعمـقَ مـا
تَـتركُ الأَيّـامُ فـي قَلـبِ الغَريبِ
وَبــودِّي لَــو أَرى كَيــف أَتَــت
ثُـمَّ لَـو أَعلـمُ مـاذا تَبتَغي بي
وَيَقينــــي أَنَّهــــا تَجرِبـــةٌ
مِـن يَـدِ الدُنيا وَمِن كَفِّ الخَطوبِ
لِتَـــرى مِقــدارَ مــا أُضــمِرُهُ
مِــن وَفــاءٍ خـالصٍ غَيـرَ مَشـوبِ
إِنَّهــــا تَجربــــةٌ قاســــيةٌ
أَسـبَلَت دَمعـي وَلَـم تُخمِد لَهيبي
هَـــذِهِ الســاعاتُ مَــرَّت فَجــةً
لَــم تَـزَوِّد سـاعةً مِنهـا بطيـبِ
فَرَغَــت مِــن كُــل شــَيءٍ وَخَلَـت
كُلّهــا إِلا مِـنَ الحُـزنِ الـدَؤوبِ
وَبَــــدَت صــــامِتةً مُرعِبــــةً
يَتَغــابى دونَهــا ذِهـنُ الأَديـبِ
لا أَرى فـي الـدَهرِ مـا يُشـبِهُها
ثِقَلاً فـي الظـلِّ أَو سـوءِ الشحوبِ
إِنَّهـــا وَقـــتٌ غشــومٌ جــائرٌ
يَتَجــافى وَصــفُهُ عقـلَ اللَـبيبِ
هُـــوَ إِن شــئتَ فَــراغٌ مُطلَــقٌ
وَهـوَ إِن شـئتَ جَـزاءُ المُسـتَريبِ
هَــذِهِ الســاعاتُ كــانَت نَوَبـاً
وَثَبَــت فــي مُهجَــتي أَيَّ وثـوبِ
وَأَرانــي بَعــدُ فيهــا مُـذنِباً
هـا أَنـا كفَّرتُ فَاِغفر لي ذُنوبي
يـا حبيـبي هَـل مَضـَت سـاعاتُنا
كَيـفَ تَمضـي لِـمَ تَمضـي ياحَبيبي
لِــمَ تَمضــي قبــلَ أَن تَجمَعَنـا
فـي ظِلالِ الحُـبِّ وَالـوكرِ المَهيبِ
آهِ لَــو تَرجِــعُ ســاعاتٌ ثَــوت
فـي ظَلامِ الأَمـسِ وَالأَمـسِ القَريـبِ
محمد عبد الوهاب القاضي.شاعر الحب والكبرياء، والقلق النبيل مقرع المجتمع مناجز الاستعمار، ولد في قرية (الكتياب) إحدى ضواحي (المحمية) عام 1911م.وهو ينتمي إلى أسره الكتياب الجعلية المعروفة بخلاويها ونشاطها الملتزم بتعليم القرآن والعلوم الإسلامية.وهو ذو قرابة بالشاعر التجاني يوسف بشير.تعلم على يد عمه الشيخ محمد الكتيابي، ثم التحق في معهد أم درمان العلمي وذلك عام 1927 حيث أبدع وأجاد.وأسهم بقسط وافر في الحركة الثقافية والأدبية في الثلاثينيات.ثم سافر من السودان إلى مصر، والتحق بكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف ثم تخرج بنتيجة عالية، وهي أول نتيجة يحرزها طالب غير مصري في تاريخ الأزهر الشريف، له (ديوان شعر - ط) رتبه على طريق الموضوعات، فيبدأ بقصائد الحب ثم القصائد الوطنية، ثم مرثيتان، ثم قصائد التأمل الفلسفي.مات سنة 1940.