
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قــال نَعـم خَرَجـت فـي جَماعـة
تــــاجرة لكلنـــا بِضـــاعة
وَكـــانَ فينــا ناســك تَقــي
طَريقـــه فــي زهــدِهِ مهــدي
حَتَّــى إِذا سـِرنا وَجـد السـير
قــالَ الصـَّلاة فافعلوهـا خَيـر
فَلامَـــهُ أَصـــحابهُ وَقـــالوا
سـر فَالقَضـاء جـائز يـا مـال
فَـالجَمع للركـب المجـد رخصـه
فـانتهز الفُرصـة قَبـل الغصـه
هَــذا طَريــق شاســع مَجهــول
وَالليــث لا تَــأمنه وَالغــول
فَخــالف القَـوم جَميعـاً وَنـزل
إِن الخِلاف لمشــوم لَــم يَــزَل
حَتَّـــى إِذا أحـــرَم بِالصــلاة
أَتــاه مِــن بَيــن يَــديهِ آت
قـــالَ لَــهُ وَقــدم الســلاما
عَلَيــهِ للخدعــة عــم ظَلامــا
مـا أَنـتَ يـا شَيخ وَذا المَكان
وَهــوَ خلاء مــا بِــهِ إِنســان
وَمــا الَّــذي تصـنعه وَتفعلـه
فَـــإنَّني أنكـــره وَأجهلـــه
وَالشــَّيخ فــي صــلاته مَشـغول
وَعقلــــه بنســـكه مَعقـــول
ثُـــمَ قَضـــى صــَلاته وَســلما
وَأَظهــر الغلظــة وَالتجَهمــا
وَقــالَ يــا جاهـل عَـمّ تَسـأَل
ألســت تَــدري أَي شـَيء أفعـل
أَكــافر أَنــتَ فَــأَنتَ تنكــر
عَلـى مَـن ديـن الهدى ما تبصر
قـالَ لَـهُ مـا زدتني علماً فَقُل
ماذا الَّذي تفعله يا ذا الرجل
فَــإِنَّني لَــم أَرَ قَــط غَيرَكـا
يَسـير فـي هَـذا الطَّريق سَيرَكا
قــال أمجنــون ألســت تعـرف
أَم أَنـتَ عَـن نَهج السبيل تصدف
هَـذي صـَلاة النـاس فَـرض واجـب
عَلَيهــم وَلَيــسَ عَنهــا راغـب
وَقـص أمـر الشـرع قصـاً وَشـرح
فَصـاحَ ذاكَ الشخص عَمداً وَانطرح
يَظهــر أَنــي قَـد عَرَفـتُ رَبـي
وَلَــم أَكُــن أعرفــه لِــذَنبي
ليخـــدع الشـــيخ فَلا يَســير
رَحيلــه حَتّــى تَفــوت العيـر
ففطـــن الشــَّيخ لمــا أراده
وَاِغتـــاله بِمكـــره وَكــاده
وَقــالَ مــا أقـدر أَن أَريمـا
وَأظهـــر التوجــع العَظيمــا
هَـذا الفَتى لَم يَعرف الرحمانا
وَلا رَســـول اللَّــه إِلا الآنــا
وَالآن قَـد أسـلم بَـل قَـد آمنا
وَاحســرتاه لَـو وَجَـدت مَأمَنـا
لَــو أَنَّــهُ عـاش لَكـان وَلـدي
وَعـــدة عَظيمــة مِــن عــددي
وَزَوج تلــك الطفلـة الحَسـناء
وَفـــاز بالنعمــة وَالــثراء
فَــإِنَّني شــَيخ كَــثير المـال
فــرد مِــن الأَعمـام وَالأَخـوال
وَلَيــس لــي وَلـد سـِوى بَنيـه
وَالبنـت فـي قَلـب الشَّقيق كيه
وَلَيــس فـي أَرضـي مـن أَهـواه
لَهـــا وَلا ذو شـــَرف أَرضــاه
كُلهـــم لـــي حاســـد عَــدوٌّ
لَيــس لَهُــم مِــن حَسـدي هُـدو
وَحَسـرة أَن يأخـذوا مِـن بَعـدي
مــالي الَّــذي جَمَعتــهُ بِكَـدي
لَـو عـاشَ هَـذا كان نعم الصهر
واشــتد منــي بِقـواه الظَهـر
لكنــه قَــد مـاتَ مِـن خُشـوعه
وَنَفســه تَســيل مِــن دُمــوعه
ففهــم الفاتـك قَصـد الناسـك
فلــج فـي الحيلـة وَالتهالـك
وَلَـم يَفـق مِـن سُكره وَلا انتفع
بِقَــوله وَإِنَّمــا الحَـرب خـدع
فـــأيقن الناســك أَن ســحره
مــا رد عَنــهُ كَيــده وَمكـره
فَقــامَ مِــن مَكــانه يُنــادي
أَصــحابه وَاللَّيـل ذو اسـوداد
قَد مات إِنسان فَعودوا وَاشهدوا
جهـازه كَمـا أمرتـم وَاجهَـدوا
فَخَشـــي الفاتــك أَن يســمعه
رَفيقــه الأَدنــى وَأَن يمنعــه
فَقــامَ مِــن صــرعته مبـادراً
مغالبـــاً بفتكـــه مكــابرا
قــال لَـهُ الناسـك قـف قَليلاً
إِن الجَميـــل يَفعــل الجَميلا
مَقالـة منـي اسـتمعها وافهـم
وارحـم فَمـا يَرحم مَن لَم يرحم
إِنــي شــَيخ لَيــسَ بـي حـراك
يَخشـى وَمـا مِـن عادَتي العراك
وَلَيـس فـي قَتلـي غَيـر العـار
إِذا قَصــَدت قَتلــتي وَالعــار
قـال وَمـا العار الَّذي يَلحقني
إِن كــانَ إثـم فـاحش يرهقنـي
فَقـــال شــَيخ عــاجز ضــَعيف
يَـــأنف أن يقتلــه الشــريف
لا فخــر فــي ذاك وَلا شــَجاعة
بَـل فيـهِ عـار ظـاهر الشناعة
يـا صـاح مـا سـَمعت أَن مالكا
أمهــل عثمــان لأجــل ذلكــا
وَصـــد عَنـــهُ إذ رآه وحــده
مستسـلماً قَـد حـادَ عَنـهُ جُنده
قـــال لَــه محمــد إِذ ولــى
اقتلــه يــا مالـك قـال كَلا
إِنــي أَخـاف أَن تَقـول العـرب
وَالعـار لا يُنجيـكَ منـهُ الهَرَب
النخعــى كــان شـَيخاً عـاجِزاً
وَالفَخــر لَـو قتلتـه مبـارزا
مُرتجـــزاً مُحتميـــاً بِقَــومِه
فمــا انتَهــى مُحَمَّــد للـومِه
فَهَكَـــــذا مَكـــــارِمُ الأَخلاق
وَشـــَرَف النفـــوس وَالأَعــراق
وَهَكَـــذا إِذ بيـــت الشــراة
وَكــانَ مِـن عاداتِهـا البيـات
قـال لَهُم عَمروالقَنا لا تَعجلوا
بقتلهــم وَهُـم نيـام تخجلـوا
وَأيقظــوهم بحــوامي الخَيــل
وَأنـذروهم وَاحـذَروا مِـن مَيـل
فَــإن قتــل غافــل أَو نـائم
عــار وَبئسَ القَتــل للأكــارم
قـالَ لَـهُ الشـاطر أَن الغَلبـه
أَن يُـدرك الإِنسـان ما قَد طَلَبَه
وَالقَصـد أَن أَظفـر كَيـفَ كانـا
وَالشـّهم مَـن يَنتَهـز الامكانـا
وَلَســت للأمثــال منـكَ اسـتمع
وَلا بهــذي الترهــات انخــدع
تُريــد أَن تَخــدَعَني لتســلما
وَأنثنــي أعــض كَفــي نَــدَما
وَالعاقـل الكـافي مـن الرِّجال
لا يَنثَنـــي بزخــرف المقــال
وَإِنَّمـــا يخــدَع كُــل عــاجز
غمــرٍ ضــَعيف عــوده للغـامز
أَمــا ســمعت قصــةَ الظليــم
وَفتكـــه بالنــاجش المليــم
فَقــال لا قــال رَأَيـت ناجِشـا
كَــأَنَّهُ مثــل الفنيـق جائِشـا
قَـد لطـف الحيلـة حَتّى اِصطادَهُ
وَشـــَده فــي حَبلِــه وَقــاده
قـالَ لَـهُ الظليـم لِـم أَخذتني
وَمـا الَّـذي مِـن أَجلِـه قَصَدتَني
قــالَ لَــهُ شـَيخ معيـل عـائل
وَلــي بَنــات حــالَهن حــائل
تسـعة أَطفـال صـِغار فَبَكى الظ
ظليــم مِمــا قــالَهُ وَضــَحِكا
قــالَ لَـهُ الصـياد هَـذا عَجَـب
مســـتظرف بَــل ســفه وَلَعــب
فـي لَمحـة الطـرف بُكـاء وَضحك
وَناجــذ بــاد وَدَمــع منسـفك
قـالَ الظليـم مـا عَرَفـت سَببه
غَيـر عَجيـب في الأُمور المعجبه
هِـيَ الَّـتي قَـد خفيـت أَسبابها
وَاشـتبهت عَلـى النهى أَبوابها
وَإِن مــا رَأيتــه مِــن فعلـي
مســتغرباً عَــن ســَبب وَأَصــل
قـالَ لَهُ الشَّيخ وَما ذاكَ السَّبب
أبنـهُ لـي إن البيـان مُسـتَحب
قــالَ بُكــاي لفراخــي إنَّهـم
قَـد خيبـت فـيَّ الليـالي ظنَهُم
خَرَجـتُ كَـي أَرعـى لَهُـم وَأرجعا
فَقَـد وَقَعـت الآن هَـذا المَوقِعا
وَإِنَّهُـــم يَنتَظِـــرونَ رَجعَــتي
يـا وَيلَهُـم لَـو يَعلمون صرعتي
فـــذكر الشــَّيخ بِهــم أَولاده
وَلينــــت قـــولته فُـــؤاده
لَـو لَم يَكُن حُكم القَضاء أوثقه
لحلــه مِــن وَقتِــهِ وَأطلقــه
لَكنــه أَبــدى لَــهُ التجلـدا
إِن الشـــقي لَشـــقي أَبـــدا
وَقــالَ هَــذا ســَبب البُكــاء
لَيــس بِــه عَلــي مــن خفـاء
فَلــم ضـحكت قـالَ منـكَ ضـحكي
فَــأمر أمثالــك جـداً مضـحكي
خَرَجــت تَبغـي الـرزق للعيـال
وَالــرزق فـي بيتـك كَالجِبـال
قــالَ وَمــا ذَلِــكَ قـالَ كنـز
فـي دارِكُـم حَيـث تشـد العنـز
دَفينــــة قَديمـــة عاديـــة
مِــن كُــل نَقــد جملـة سـنيه
فَفــرح الشــَّيخ بِــذاكَ وَنشـط
وَهــم أَن يطلقــه وَقَــد غَلـط
وَمـا لمـن غـل القَضـاء مُطلـق
وَمـا لمـن حَـل القَضـاء موثـق
فَقــالَ إِن أطلقتـه لَمـا ذكـر
مِن غَير أن أعمل في ذاك النظَر
أطلقــت نَقــداً عــاجِلاً بِكَفـي
لِمَوعــــد لعلـــه ذو خلـــف
وَلامَنـي النـاس وَقـالوا جاهـل
فَعــاذري فيمــا فعلـت عـاذل
فعلـــم الظليــم أن حيلتــه
مــا وافقــت غرتــه وَغيلتـه
فَقــالَ مــا أصـنع قَـد وَقَعـت
وَكــدت لَكِنــي مــا انتفَعــت
لابُــد مِــن فكـر وَلُطـف حيلـه
يَكـون لـي إِلـى المُنـى وَسيله
إِنِّـــي فـــي قبضــته أســير
وَلَيــس لــي مِـن جـورهِ مجيـر
إِلا الإِلــه القــادر الغَفــور
بِلُطفِـــه ينجـــبر الكَســـير
أَقــلُّ مِمــا أَنـا فيـهِ لا أَرى
ســَأَفتَرِي بَيِّنَــةً لِمــا جَــرى
وَأَرتجـي مِـن خـالِقي رَبِّ الوَرى
نقلـي مِن الأَسر إِلى دارِ القِرى
فَقــالَ حَتَّــى يَســمَع الصـَّياد
لنفســـه وَفَهمُـــه المُـــرادُ
شـــَيخ حَكيــم عاقــل أَريــب
بِقـــول أَمثـــالي يَســـتَريب
لا تَسـمَع الـدَّعوى بِغَيـر شـاهد
لا سـيما مـا كـانَ مِـن مُعانـد
لَــو أَنَّنـي أَورَدت ألـف بينـه
لصــدق مــا أذكــره معينــه
مـــا زادهُ ذَلِـــكَ إِلا صـــَدا
عَمـــا ذكـــرت أَبَـــداً وَردا
أبو يعلى نظام الدين البغدادي ابن الهبَّارية: شاعرٌ هجّاء من شعراء quotخريدة القصرquot ويقال في كنيته أبو العلاءترجم له ابن خلكان قال:ابن الهبارية الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن عيسى بن محمد بن عبد الله ابن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي المعروف بابن الهبارية الملقب نظام الدين البغدادي الشاعر المشهور؛ كان شاعرا مجيدا حسن المقاصد، لكنه كان خبيث اللسان كثير الهجاء والوقوع في الناس لايكاد يسلم من لسانه أحد. وذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال: من شعراء نظام الملك، غلب على شعره الهجاء والهزل والسخف، وسبك في قالب ابن حجاج وسلك أسلوبه وفاقه في الخلاعة، والنظيف من شعره في غاية الحسن. حكي عنه أنّه هجا بالأجرة النّظام، فأمر بقتله، فشفع فيه جمال الإسلام محمّد بن ثابت الخُجَنْدِيّ، وكان من كِبار العلماء، فقبِل شفاعته، فقام يُنشد نظام الملك، يومَ عفوِه عنه، قصيدةً، قال في مطلعها:بعزّةِ أمرِك دارَ الفلَكْ حَنانَيْك، فالخَلْقُ والأمرُ لكْفقال النّظام: كذبت، ذاك هو الله عزّ وجلّ، وتمّم إنشادها.ثم أقام مدّة بأصفهان. وخرج الى كرْمان، وأقام بها الى آخر عمره. مات بعد مدّة طويلة.وذُكر أنّه توفّي في سنة أربع وخمس مئة.وترجم له الإمام الذهبي في التاريخ فقال بعدما سماه: والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب. (1)قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر.وله معرفة بالأنساب، وصنف كتاب الصادح والباغم والحازم والعازم، نظمه لسيف الدولة صدقة بن منصور، وضمنه حكماً وأمثالاً، ونظم كليلة ودمنة. وله كتاب مجانين العقلاء، وغير ذلك. وله كتاب ذكر الذكر وفضل الشعر. وقد بالغ في الهجو حتى هجا أباه وأمه. وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أولها: (حي على خير العمل=على الغزال والغزل)قال الأرجاني: سألت ابن الهبارية عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.وقال أبو المكارم يعيش بن الفضل الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جمادى الآخرة سنةتسع وخمسمائة. ا.هـقال الزركلي: من كتبه (الصادح والباغم-ط) أراجيز في ألفي بيت على أسلوب كليلة ودمنة، و(نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة - ط)، و(فلك المعاني)، و(ديوان شعر) أربعة أجزاء..