
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قُلــت وَمَــن جـابر قـالَ رَجُـل
مِــن مــازن قصــته لا تجهــل
كـــانَ شـــُجاعاً بَطَلاً شــَديداً
وَلَــم يَكُـن فـي رَأيِـهِ سـَديداً
غَــزا وَصــنويه فلاقـى ميسـرا
مِـن الرمـال وَالنجـوم أَكثَـرا
قـالوا لَـهُ يـا جابر الهَزيمة
فَحَســـبُنا نُفوســـنا غَنيمــه
قــالَ قَبيـح أَن تَقـول العَـرب
إِنـي مِـن المَـوت حـذاراً أهرب
وَشــَد بِالسـيف عَلـى الكَـتيبه
وَلَــم تَكُـن مِـن بَأسـِهِ عَجيبـه
وَلَـم يَـزَل يَضـربهم حَتَّـى قتـل
وَفَــر صــنواه وَخَــر منجــدل
فَـالحَزم وَالتـدبير روح العَزم
لا خَيــرَ فـي عَـزم بِغَيـر حَـزم
ثُـمَّ اِنحَـدَرت خيفـة مِـن مَوضِعي
وَغصـت فـي العَيـن لِفـرط جزعي
فَلَــم يَبــن منــي إِلا رَأســي
وَصـحت صـَوتاً غَيـر صـَوت الناس
بِضــــَجة هائلــــة عَظيمـــة
خـافوا لَهـا وأزمعوا الهَزيمة
ثُــمَّ أَتــوا يَتبعـون الصـوتا
وَقَـد رَأَيـت إِذ رَأَيـت المَوتـا
وَقـالَت العَنقاء مَن ذا الصائح
قُلــت رَســول وَأَميــن ناصــح
مِن ملك الجن العَظيم ذي الصور
وَإنــه وَقَــومه عَلــى الأَثَــر
أَرســـَلَني إَلَيكُـــم نَـــذيرا
مِــن بأسـِهِ واختـارَني سـَفيرا
فــي صـورة الإنـس فَهَـل أَمـان
تَـــأَخروا لِيَخلـــو المَكــان
فَاسـتأخروا ثُـم خَرَجـت زالفـاً
فَقُلـت لسـت مِـن أَذاكُـم خائِفاً
لان خَلفــي مِــن جيــوش الجـن
مـا يَـدفع الأَعـداء جَمعـاً عَني
قَـد سـَمِعوا مـا ذكـر العَنقاء
وَقـــادَهُ لـــذكرِهِ الشـــقاء
مِــن عَيبِـهِ إِخواننـا الأَنامـا
وَالســادة الأَفاضــل الكِرامـا
وَطَعنــه فيهــم بِمــا تخرصـا
عَلَيهـــم إِذ ذَمهـــم تنقصــا
وَإِنــه يَطلــب مــن يســائله
عَـن شـَرَف الانـس وَمَـن يُجـادله
وَهــا أَنــا وَكيلهُـم فَقُولـوا
فَــــإِنَّني بِنَصـــرِهم كَفيـــل
وَلَيــسَ لــي ميــل وَلا مَقصـود
فــي ذاكَ إِلا الحَـق وَالتسـديد
وَملــك الجــن قَريــب يســمَع
وَهــوَ لِمَــن يَجـور سـم منقـع
وَلَســـت إنســـياً فتنســبوني
إِلــى العِنــاد أَو تكــذبوني
فَـــأَيكم ينشـــط لِلمنــاظره
فَـاِجتمعوا للـرأي وَالمُشـاوَرَه
فَقــالَت الســِّباع هَــذا جَـدَل
وَنَحــنُ عَنــهُ أَجمَعــون ننكـل
فمثلنـــا للحــرب وَالمــراس
أَهـل الجِـدال غَيـر أَهل الباس
لَيــسَ الجِـدال يَنبَغـي بِنجـده
وَلا الصــواب وَالهُــدى بشــده
فَـــذاكَ بِالجنــان وَاللســان
وَالعلـم بالرجحـان وَالنقصـان
فَقــالَت العَنقــاء أَن الفيلا
ملـــك يـــرى منظــره جَميلا
إِن العَظيــم يَــدفَع العَظيمـا
كَمـا الجَسـيم يَحمـل الجَسـيما
فَقـالَت الـوحش الجدال وَالنظَر
لَيـسَ بِمقـدار الجسـوم وَالصور
لكنـــه بـــالعلم وَالبَيــان
وحـــدة الفُـــؤاد وَاللســان
لَــو كـانَ حملا أَو دفـاع ثقـل
لَكــانَ كُــل فيـهِ منـا يبلـى
قـالوا الخُيول الجرد وَالأَنعام
فإنهـــــا فــــي ذاكَ لا تُلام
لأنَّهـــا مظلومـــة بِحملِهـــا
أَثقـــالَهُم بكرههــا وَذلهــا
قــالوا فَنَحـنُ كَالعَبيـد لَهُـم
وَنَحـــنُ فــي نصــرِهم نتهــم
فــإِن مَـن عاشـر قَومـاً يَومـا
ينصـــرهم وَلا يَخـــاف لَومــا
عــار عَلَينــا وَقَبيــح ذكــر
أَن نَجعـل الكُفـر مَكـان الشكر
صـــحبة يَـــوم نســب قَريــب
وَذمـــة يَحفَظهـــا اللـــبيب
لا يحقــر الصــحبة إِلا جاهــل
أَو مــائق عَـن الرشـاد غافـل
هَيهــات نَلقـاهُم بِحَـرب أَبَـدا
أَن نَبتَغــي فَعــادهم تعمــدا
فعنـدَها قـالَ النعـام للجمـل
خــل العلا فَإِنَّمــا أَنـت طلـل
قَـد ضـاعَ فـي جسمك هَذا عقلكا
لا كـانَ فـي جنس الطّيور مثلكا
فَإِنَّمــا جســمك شــخص ماثــل
صــفر مـن العقـل خلـي عاطـل
قَــد صـدق القـائل فـي الكَلام
لَيــسَ النهــى بِعظـم العظـام
لا خَيــر فــي جَسـامة الأَجسـام
بَـل هُـوَ فـي العُقـول وَالافهام
قــال وَلــم تســبني وَتقــذف
شــر الرجــال صـاحب لا ينصـف
قــالَ عَلــى ذمــك دونَ الإِنـس
فَقـالَ غمـر الـرأي غَيـر نكـس
تَزعــــم أَن حَقَهـــم أَكيـــد
عَلَيكُــــم وَإِنكُــــم عَبيـــد
وَإِنَكــم فــي خَيرِهــم وَبرهـم
يلزمكـم فـي الدين نشر شكرهم
وَهَــذِهِ لا شــَك منكــم غَفلــه
فـانظر بِعَيـن عاقـل يـا أَبله
لَـــم يكرمـــوكم وَيقربــوكم
محبــة منهــم بِهــا خصــوكم
وَإِنَّمـــا دَعـــوكم لنفعهـــم
نُفوســهُم بكــم للـؤم طبعهـم
لَــولاكم لَـم تنتظـم أَحـوالهُم
وَلَــم تَكُــن ممكنـة أَشـغالهم
قَـد قسـموكم فـي الأُمـور قسمه
وَرَتبـــوكم رتبـــاً للخدمــة
فَالخَيـــل للحــرب وَلِلجمــال
وَالإِبـــل للحمــل وَللترحــال
وَهَكَـــذا الحميــر وَالبِغــال
وَالحَــرث للــثيران وَالأَعمـال
وِللغـذاء كُلمـا اشـتَد القـرم
جَميعكـم لا سـيما جنـس الغَنَـم
فَــأَي إِنعــام لَهُــم عَلَيكُــم
وَأَي إِحســـان لَهُـــم إليكــم
وَإِنَّمــا الفضـل لِمَـن لا يُفضـل
عَلَيـــكَ إِلا لَــكَ يــا مُغَفــل
أَمـا الَّـذي يَقصـد نَفـعَ نَفسـِه
بــبر مَــن فــي أَمـرِهِ وَحُبـه
فَمــا لَــهُ حمــد وَلا مَعــروف
لأَن أَفعـــال الـــوَرى صــُنوف
فَواحــد يُعطيــك جـوداً وَكَـرَم
فَــذاكَ مَـن يكفـره فَقَـد ظلـم
وَواحـــد يُعطيـــك للثـــواب
كمثـــل مــن ســلم للجــواب
وَواحـــد يُعطيــك للمصــانعه
أَو حاجــة لَــهُ إِلَيـك واقعـه
فَــذاكَ مثــل تــاجر معامــل
لطلــب الربـح وَنيـل النـائل
فَلَيـسَ فـي جَميعهـم مَـن يحمـد
إِلا الَّـذي للخيـر محضـا يعمـد
نَعــم وَلِلنــاس عَلَيكُـم غلظـه
تخــبر عَــن لـؤم طبـاع فَظـه
تَكليفهــم فَــوقَ الَّـذي يُطـاق
وَضـــَربكُم وَالســب وَالإِرهــاق
وَأَكلهـم لحـومكم مِـن بعـد ما
ربــوكم لا يرقبــون الــذمما
بِذَبـح أَطفـال لَكُـم لا يَرحَمـوا
فَــأَين حُســن عَهـدِهم وَالكَـرَم
وَإِنَّمــا مثلكــم فــي شـكرهم
مَـع الَّـذي تَلقـونه مِـن شـرهم
كَمثـــل الحِمــار وَالضــرغام
فيمـا مَضـى مِـن سـالف الأَيّـام
أبو يعلى نظام الدين البغدادي ابن الهبَّارية: شاعرٌ هجّاء من شعراء quotخريدة القصرquot ويقال في كنيته أبو العلاءترجم له ابن خلكان قال:ابن الهبارية الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن عيسى بن محمد بن عبد الله ابن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي المعروف بابن الهبارية الملقب نظام الدين البغدادي الشاعر المشهور؛ كان شاعرا مجيدا حسن المقاصد، لكنه كان خبيث اللسان كثير الهجاء والوقوع في الناس لايكاد يسلم من لسانه أحد. وذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال: من شعراء نظام الملك، غلب على شعره الهجاء والهزل والسخف، وسبك في قالب ابن حجاج وسلك أسلوبه وفاقه في الخلاعة، والنظيف من شعره في غاية الحسن. حكي عنه أنّه هجا بالأجرة النّظام، فأمر بقتله، فشفع فيه جمال الإسلام محمّد بن ثابت الخُجَنْدِيّ، وكان من كِبار العلماء، فقبِل شفاعته، فقام يُنشد نظام الملك، يومَ عفوِه عنه، قصيدةً، قال في مطلعها:بعزّةِ أمرِك دارَ الفلَكْ حَنانَيْك، فالخَلْقُ والأمرُ لكْفقال النّظام: كذبت، ذاك هو الله عزّ وجلّ، وتمّم إنشادها.ثم أقام مدّة بأصفهان. وخرج الى كرْمان، وأقام بها الى آخر عمره. مات بعد مدّة طويلة.وذُكر أنّه توفّي في سنة أربع وخمس مئة.وترجم له الإمام الذهبي في التاريخ فقال بعدما سماه: والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب. (1)قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر.وله معرفة بالأنساب، وصنف كتاب الصادح والباغم والحازم والعازم، نظمه لسيف الدولة صدقة بن منصور، وضمنه حكماً وأمثالاً، ونظم كليلة ودمنة. وله كتاب مجانين العقلاء، وغير ذلك. وله كتاب ذكر الذكر وفضل الشعر. وقد بالغ في الهجو حتى هجا أباه وأمه. وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أولها: (حي على خير العمل=على الغزال والغزل)قال الأرجاني: سألت ابن الهبارية عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.وقال أبو المكارم يعيش بن الفضل الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جمادى الآخرة سنةتسع وخمسمائة. ا.هـقال الزركلي: من كتبه (الصادح والباغم-ط) أراجيز في ألفي بيت على أسلوب كليلة ودمنة، و(نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة - ط)، و(فلك المعاني)، و(ديوان شعر) أربعة أجزاء..