
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قــالَ ســَمعت أن طاووســاً سـَعى
فـي طَلَـب القـوت المشـوم فرعـى
حُبـــاً لِصـــَياد عَلــى شــباكه
فَعــادَ مِــن ذَلِــكَ فـي إِشـراكِهِ
قَـد صـارَ مَأسـوراً يُعاني الشبَكه
فـي حيـرة يَـرى الـردى وَالهلكه
فَقـال لَمـا أن رَأى مـا حَـل بِـه
وَمــا تَشــك نَفســه فــي عطبـه
لَقَـــد هَلَكـــت شــَرها وَحرصــا
كَفـــى بِـــذاك ســـبة وَنقصــا
فَهَــل إِلــى الخَلاص مِــن طَريــق
أَو مِــن شــَريك فـي الأَذى رَفيـق
فَــإِن فــي الوحـدة همـا زائِدا
يــا حَبَـذا لَـو أن لـي مُسـاعِدا
فَجــاءهُ فـي الحـال يَـوم أَطلَـس
فَســـاءهُ وَقـــالَ بئس المــؤنس
مــا نجرنــا متفــق فَكَيــفَ ذا
هَــذا أَشــَد مـا لَقيـت مِـن أَذى
أَعظَـم مـا يَلقـى الفَـتى مِن جُهد
أَن يَبتَلــي مِــن جنســِهِ بِالضـد
جهـــد البَلاء صـــُحبة الأَضــداد
فَإِنَّهـــا كَـــي عَلــى الفُــؤاد
لَــولا نَفــاذ القَــدر المَحتـوم
مــا بـت بِـالحَبس رَفيـق البـوم
صــَبراً عَلــى أَحوالِهـا وَلا ضـحر
وَرُبَّمــا فــازَ الفَـتى إِذا صـَبَر
وَقـــالَ أَهلاً بِـــأَخي وَمَرحبـــا
ادن تَعــالَ هــا هُنــا وقربــا
مِـن أَيـن قـالَ البـوم من ناووس
كُنــت بِــه بِــالأَمس مـع طـاووس
نـــادمني فيــهِ فَكــانَ ضــَيفي
ثُـــم جــزي بــري بِكُــل حيــف
قــالَ وَكَيــفَ جــاءَكَ الطــاووس
ضـــَيفاً حلفـــت أَنَّــهُ مَنحــوس
قــالَ نَعــم جــن الظَلام وَســَقَط
عَلــى جِــدار مَنزِلـي وَقَـد شـَحط
عَــن وَكــرِهِ وَالليــل وَالسـحاب
فَحـــارَ إِذ أَعـــوزه الـــذهاب
فَقُلــت ضــَيف فَاِصــنَعوا طَعامـا
وَروقـــوا الشــراب وَالمــداما
فَهــوَ كَريــم ظــاهر الوَســامَه
للمَجـــد فــي أَعطــافِهِ علامــه
ثُــم دَنَــوت مِنــهُ فَاِســتَخبرته
عَــن حــالِه فَقَــص مــا ذكرتـه
فَقُلــت طــب نَفسـاً فَهَـذا مَنـزل
رَحـــب وَكــنٌ وَالجَميــل أَجمَــل
فَقــالَ إِن الجــوع عِنـدي أَطيَـب
مِــن زادِ يَــومٍ والكَريـم يسـغب
فَقُلـــت خَـــل هَــذِهِ الحَمــاقه
وَوافــق النــاس لأَجــل الفـاقه
ثُــم دَخَلــت الـوَكر وَهـوَ خَلفـي
فــي فاقَــةٍ يَعجَـز عَنهـا وَصـفي
وَقــــدم الطعـــام وَالشـــراب
وَهـــاجَت الأَشـــجان وَالأَلبـــاب
يَقـــول لا آكـــل زاد اليَـــوم
زادَ اللئيـــم طَعمــة اللئيــم
فَقُلـــت مـــا أَخرَنــي وَقــدمك
وَمـــا الَّـــذي لأمنــي وَكرمــك
لَيــسَ بِقَــدر الصــور التفاضـل
كَــم حســن وَهــوَ لَئيــم جاهـل
وَإِنَّمــا الفَضــل بِفعــل وَكَــرَم
وَخَلـــق حُـــر وجـــود مقتســم
فَظهــــرت دَفـــائن الضـــمائر
وَبــاحَ كُــل القَــوم بِالسـرائر
فَقــالَ مـا أَعجَـب مـا مَـرَّ بِكـا
وَشــَر مــا لَقيتــه مِـن دَهركـا
قُلــت لَــهُ وَالسـكر قَـد أَباحـا
حمــى فُــؤادي كُلــه وَاِجتاحــا
أَعجــب مــا لَقيتــه فـي عُمـري
إِنــي كُنــت جالِســاً فـي وكـري
عيشــــة وَزَوجَــــتي وَصـــبيتي
فســنحت أنــثى فَهــاجَت صـَبوَتي
فَطــرت مِـن عِنـد فِراخـي تابِعـا
لَهـا وَقَـد أَمسـيت فيهـا طامِعـا
وَلَــم أَزَل أَتبَعهــا حَتَّــى أَتـت
وَكـراً لَهـا فـي رأس نبـق فعـدت
وَأَخــــبرت بِقصـــتي حَليلهـــا
وَســــَجعت وَرَجعــــت هَـــديلها
وَقُلـــت تَــدعوني فَجئت قَصــدَها
وَزَوجَهــا مِــن غَيظـه قَـد شـَدها
ثُــم أَتــاني فــي بَنــي أَبيـه
فَشـــوهوني أَقبـــح التشـــويه
وَنَتَفــوا ريشــي وَألقـوني وَقَـد
لَقيـت مـا لَـم يَلقـه قَبلـي أحَد
عَلـــى ثُلـــوج وَقَعــت كَــثيره
فـــي لَيلـــة بــارِدة مطيــره
فَكـــدت أَن أَهلــك لَــولا أَنــي
أَحضــَرت قَلــبي وَاستشـرت ذهنـي
فَقُلـــت لابُـــد مِـــن التجَلُــد
لأَنَّـــهُ خَيـــر مِـــن التبَلـــد
فَــالحر للعبــء الثَقيـل يحمـل
وَالصــبر عِنـدَ النائِبـات أَجمَـل
لا يَجــزع الحــر مِــن المَصـائب
كَلا وَلا يَخضــــــع لِلنَـــــوائب
لِكُـــلِّ شـــَيء مـــدة وَتنقَضــي
لا يغلــب الأَيــام إِلا مــن رضـي
مــا أَحســَن الثَبـات وَالتجَلُّـدا
وَأقبـــح الحيـــرة وَالتبَلُّــدا
قَــد يَضــحَك المَــرء وَإِن قَلبـه
بـــاكٍ بســـر غمـــه وكربـــه
ويأكـــل الحــر شــغاف قلبــه
وَلا يَــــبين جَزعَــــةً لِصـــَحبه
وَيــؤثر الضــيف عَلــى عيــاله
وَنَفســــه بِــــزاده وَمــــاله
حَتَّــى يَظــن جــوده عــن مــال
وســـعة فـــي عيشــه والحــال
والحـــر لا يخضـــع للشـــدائِد
قَـــط وَلا يَغتـــاط بِالمَكايـــد
لَيـسَ الفَـتى إِلا الَّـذي إِن طرقـه
خطـــب تَلقـــاه بِصــَبر وَثقــه
وَالمَـــوت لا يَكـــون إِلا مـــره
وَالمَــوت أَحلـى مِـن حَيـاة مـره
وَفــي الخطــوب تَظهـر الجَـواهر
مــا يَغلــب الأَيـام إِلا الصـابر
إذا الرزايـا أقبلـت ولـم تقـف
فثــم أقــدار الرِّجــال تختلِـف
كَــم قَـد لَقيـت لـذة فـي زَمَنـي
فَاِصـــبر الآن لهـــذي المِحَـــن
فَالعُمر مثل الكاس وَالدهر القَذر
وَالصــفو لا بُـد لَـهُ مِـن الكـدر
إِنــي مِــن المَــوت عَلـى يَقيـن
فَاجهــــد الآن لمـــا يَقينـــي
ثُــم دَنــوت ســاعياً لا طــائِرا
إِذ نَتَفـوا ريـش جَنـاحي الوافِرا
حَتَّــى تَعَلقــت بِأَغصــان الشـَّجر
فــي وَرق يكننــي مِــن المَطــر
وَبَـــرد الليـــل وَزاد أَلَمـــي
وَلَـــم أَزَل أَئن مِـــن تَـــأَلمي
فَســــَمِعَت دَجاجــــة أَنينــــي
قـــالَت أَنيـــن دنــف مســكين
فَســَخط الــديك عَلَيهــا وَغَضــب
وَنـــق مِمـــا ذكرتـــه وَصــَخب
قــالَت لَــهُ لا تَنهــر الضـعيفا
وَاِرحَـم لِكـي ترحَـم ذا اللهيفـا
فَاِســعد العِبــاد عِنــدَ اللَّــه
مـن سـاعد النـاس بِفَضـل الجـاه
لا تَغـــترر بِــالخَير وَالســلامه
فَإِنَّمـــا الحَيـــاة كَالمــدامه
فــي دنهــا فيهـا صـَفاء وَقَـذى
وَهَكَــذا فــي الـدَّهر خَفـض وَأَذى
خَفـــضٌ وَبُـــؤس وَغِنـــى وَفَقــر
وَصـــــحة وَمَـــــرَض وَأَســـــر
وَإِنَّمــــا الموفـــق الحَكيـــم
مَــن لَــم يُغَيـر رَأيـه النعيـم
فَيَحســَب الصــحة حَقــاً وَاجِبــاً
لَــهُ عَلـى اللَّـه حِسـاباً كاذِبـا
فَعــــوذ النعمـــة مِـــن زَوال
بِكَـــثرة الإِحســـان وَالإجمـــال
وَاِرحَــم عَســاكَ إن سـَقَطت ترحـم
فَــالمَرء فــي أَيّــامِهِ لا يَسـلَم
وَلا تَكُـــن حاشـــاكَ كَالبقـــال
فَقــالَ قصــي شـَرح تِلـكَ الحـال
أبو يعلى نظام الدين البغدادي ابن الهبَّارية: شاعرٌ هجّاء من شعراء quotخريدة القصرquot ويقال في كنيته أبو العلاءترجم له ابن خلكان قال:ابن الهبارية الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن عيسى بن محمد بن عبد الله ابن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي المعروف بابن الهبارية الملقب نظام الدين البغدادي الشاعر المشهور؛ كان شاعرا مجيدا حسن المقاصد، لكنه كان خبيث اللسان كثير الهجاء والوقوع في الناس لايكاد يسلم من لسانه أحد. وذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال: من شعراء نظام الملك، غلب على شعره الهجاء والهزل والسخف، وسبك في قالب ابن حجاج وسلك أسلوبه وفاقه في الخلاعة، والنظيف من شعره في غاية الحسن. حكي عنه أنّه هجا بالأجرة النّظام، فأمر بقتله، فشفع فيه جمال الإسلام محمّد بن ثابت الخُجَنْدِيّ، وكان من كِبار العلماء، فقبِل شفاعته، فقام يُنشد نظام الملك، يومَ عفوِه عنه، قصيدةً، قال في مطلعها:بعزّةِ أمرِك دارَ الفلَكْ حَنانَيْك، فالخَلْقُ والأمرُ لكْفقال النّظام: كذبت، ذاك هو الله عزّ وجلّ، وتمّم إنشادها.ثم أقام مدّة بأصفهان. وخرج الى كرْمان، وأقام بها الى آخر عمره. مات بعد مدّة طويلة.وذُكر أنّه توفّي في سنة أربع وخمس مئة.وترجم له الإمام الذهبي في التاريخ فقال بعدما سماه: والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب. (1)قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر.وله معرفة بالأنساب، وصنف كتاب الصادح والباغم والحازم والعازم، نظمه لسيف الدولة صدقة بن منصور، وضمنه حكماً وأمثالاً، ونظم كليلة ودمنة. وله كتاب مجانين العقلاء، وغير ذلك. وله كتاب ذكر الذكر وفضل الشعر. وقد بالغ في الهجو حتى هجا أباه وأمه. وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أولها: (حي على خير العمل=على الغزال والغزل)قال الأرجاني: سألت ابن الهبارية عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.وقال أبو المكارم يعيش بن الفضل الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جمادى الآخرة سنةتسع وخمسمائة. ا.هـقال الزركلي: من كتبه (الصادح والباغم-ط) أراجيز في ألفي بيت على أسلوب كليلة ودمنة، و(نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة - ط)، و(فلك المعاني)، و(ديوان شعر) أربعة أجزاء..