
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قــالت ســَمعت أَن حُـراً ضـاعا
فــي بَلــدة حَـل بِهـا وَجاعـا
فَظَــل أَيامــاً حَليــف مســجد
لَـم يَـرَ فـي جيرانِـهِ مِن مسعد
حَتَّــى إِذا كــادَ يَمـوت جوعـا
وَهَجـــر القَــرار وَالهُجوعــا
قــالَت لَــهُ وَعنفتــه نَفســه
عَجـز الفَـتى عَـن الحَياة نَحسه
اطلـب حطامـاً يحفـظ الحياتـا
إِنَّ الشـقي فـاعلمن مَـن ماتـا
اخــرج فَســَل فذلــة السـؤال
خَيــر مِــن المَـوت بِكُـل حـال
قـالَ لَهـا بَـل الحَمـام أَحلـى
مِــن الســُؤال مَـورِداً وَأغلـى
فَــإِن قَيــس بـن زُهيـر طَلَبـا
وَهـوَ كَـبير السـن لَمـا سـَغبا
فَــرده القَــوم وَمــا أَعطـوه
قوتــاً وَفَــروا مِنـهُ إِذ رَأوه
فَقــالَ نَفــس رَضــيت بِالــذل
وَخَضــــَعت طالِبَــــة لِلأَكـــل
جَــديرة بِــأَن تَمــوت جوعــا
فَلَـم يَـذُق مِـن مَطعَـم أسـبوعا
وَمـاتَ جوعـاً وَرثتـه النائِحـة
وَذَكـرت مـا كـانَ مِنـهُ شـارِحه
لكننـــي ســـَأَبتَغي وَأطلـــب
وَطـافَ فـي الطرق وَكانَ المَغرب
فَجـــاءَ بـــاب رَجــل بقــال
لُــه ثَــراء ظــاهر ذو مــال
فَقــالَ للقــوم عمــوا مَسـاء
مــن طَلَـب القـوت فَمـا أَسـاء
ضــَيف غَريــب مــا لَـهُ عَشـاء
قَــد حشــيت بِجــوعه الأَحشـاء
وَصــاحب الـدار عَلـى الطعـام
وَكـــانَ ذاكَ لَيلــة الصــيام
فَأَخَــــذَت زَوجتـــه رَغيفـــا
وَبـــادَرَت لِتُطعــم الضــعيفا
فَغضــب الــزوج عَلَيهـا وَوَثـب
بِالسوط وَاِشتاطَ وَقالَ في الغَضَب
جَــزاؤكَ الطلاق عَـن ذا الفعـل
فَلَسـت لـي مِـن بَعـد ذا باهـل
فـأنكر المسـكين بـاب الـدار
وَعــادَ فــي ذُل وَفـي انكِسـار
يَقــول لــم طلقــت الظعينـه
بِســـَببي وَبــاتَت المســكينه
وَبــاتَ فـي مَسـجده وَقَـد عَـزم
عَلـى الـردى جوعاً وَلِلعَيش حسم
فَـــاِجتَمع الجيــران للصــلاة
وَذَكَـــروا مَصـــارف الزكــاة
وَقــالَ كُــل إِن عِنــدي حَقــا
للَّــه حَســبي منـع ذاكَ فسـقا
قـالَ الإِمـام إِنَّ هَـذا الـرجُلا
أَحَــق بِــالحَق فَخلـوا العللا
فَجَمَعــوا مِــن الزكـاة أَلفـا
فَجــاءهُ الشــَّيخ بِهــا وَخَفـا
فَبــاتَ بَعـد البُـؤس وَالضـرَّاء
ذا ثَـروة فـي الخَصـب وَالرخاء
حَتَّـى إِذا الحَـول عَلَيـهِ حـالا
تَضــاعف المــال لَـهُ أَمـوالا
وَبــاكر السـوق وَعـادَ تـاجِرا
وَلَـم يَكُـن بَيـنَ التجار خاسِرا
وَصــارَ فــي مَشــايخ التجـار
مُقَــدما فـي الباعـة الكِبـار
قــالَ لَـهُ شـَيخ مِـن الجِيـران
هَـل لَـكَ فـي خـود مِن النسوان
صــــبية فائِقـــة الجَمـــال
كَالبَــدر وَالقَضــيب وَالغَـزال
حَتّــى إِذا مــا أهـديت إلَيـهِ
وَنَفَضــَت مِــن حُســنِها عَلَيــه
وَجَلَســا يَومــاً عَلـى الطعـام
وَاِسـتَظهَرا فـي الشـُرب للمدام
جـاءَ إِلـى البـاب فَقيـر يَسأَل
قـالَت لَـهُ الزوجـة ما لا يجمل
اللَّــهُ يُعطيــكَ فَلَيــسَ عِنـدي
لِكُــل مَــن يَسـأل غَيـر الـرَد
فَغَضــب الــزَّوج عَلَيهـا وَوثـب
يوسـعها مِـن قَولِهـا ضَرباً وَسَب
وَنـاول المسكين ما فَوقَ الطبَق
جَميعــه مِـن العِـراق وَالمَـرَق
وَقــالَ مـا عُـذرك يـا رَقيعـه
فــي هَـذِهِ المَقالـة الشـَّنيعه
قـالَت لَـهُ إِنـي أَنلـت سـائِلا
مـا لَم يَكُن إِذا اِعتَبَرت طائِلا
وَكــانَ لـي بَعـل سـِواك فَغضـب
وَعـادَ حبـل الوَصـل مِنهُ مُنقَضب
قــالَ لَهــا وَعــرفَ الحَـديثا
لا تَـذكُري لـي السفله الخَبيثا
قـالَت لَقَـد مـاتَ وَأَنـتَ سـالم
وَإِنَّـــهُ مِــن وَقتِــهِ لَنــادم
فَســَجَدَ الــزوج وَقــالَ شـُكراً
لَيـسَ يَجُـر النكـر إِلا النكـرا
هَــل تَعرِفيــن ذَلِـكَ الفَقيـرا
لمــا أَتــاكُم بائِسـاً ضـَريرا
إِنـي أَنـا ذاك الفَقير البائس
وَلَيــسَ مِـن لُطـف الإِلـه يـائس
الحَمــدُ للَّــه الَّـذي أَعطـاني
مَكـــانه وَبـــالغنى حَبــاني
وَدارَهُ وَعُرســـــه ومـــــاله
فَخــافَ لَمــا ســَمع المَقـاله
فَجـاءَني الـديك وَقالَ ما الَّذي
تَشـكو وَمـاذا تَشـتَهي وَتَغتَـدي
قُلــت لَــهُ إِنــي عَليـل ضـمن
ملقــى بِلا ريــش أَســير زَمَـن
قـالَ وَمَـن ذا نـالَ منكَ قُل لي
وَاصـدق إِذا حَـدثتَني فـي الكُل
فَحيــنَ أَوضــَحت جَميــع أَمـري
نَحــا إِلــيَّ جاهِــداً بـالنقر
يَضــرِبُني ضــَرب مغيــظ محنـق
إِن الشـقاء نـازِل عَلـى الشقي
وَقــالَ شــلت يَـده لـم تَرَكـك
تَبـاً لَـهُ مـا بـالهُ ما أَهلكك
فَالقَتـل عِنـدي بَعض ما تستَوجب
تركــك يــا فاسـق لا يَستصـوب
وَالآن قَــد جئت إِلــى حريمــي
أَخـرج إِلـى العَـذاب وَالجَحيـم
وَجـر رجلـي بَعـدَ مـا أَوجَعَنـي
ضــَرباً وَمَكـروه الأَذى أسـمَعني
فَقمــت لا أَعــرف أَيــن أَذهـب
حَيــران فــي مَقاصـِدي مذبـذب
ثُـم لَقيـت فـي طَريقـي ثَعلَبـا
فَحــدت عَــن طَريقــه لأهربــا
فَمَـن لـي مِـن خَلفـي اِبـن آوى
وَأكلــــب ضـــارية تعـــاوى
فَقُلـتُ مَـن لـي بِالخَلاص وَالهَرَب
ثُـم دَعَـوت اللَّـه كَشـاف الكرب
فَهــوَ لَطيــف بِــالوَرى مُجيـب
عِنـدَ القُنـوط الفَـرج القَريـب
فَقَصــَدت أَخــذي وَشــدت كلهـا
وَلطــف رَبــي وَحــده يغلهــا
حَتَّــى إِذا يَئســت مِـن حَيـاتي
وَلَــم يَبـن لـي سـَبب النجـاة
فَاِختَصــَمت فـي أَيُّهـا يَصـيدني
وَقَــد أَتَــت وَكُلهــا تريـدني
فَاِنسـبتُ لَمـا شـُغلوا في أجمه
حُلَفاؤُهـــا مطبقــة مُرتَكمــه
وَظلــت فيهـا مُـدة حَتّـى نبـت
ريـش جَناحي بَعدَ ما كانَ انسلت
فَــذاكَ مِــن كُـل عَجيـب أَعجَـب
وَلَيـسَ فـي الأَيـام مـا يستَغرب
فَهــات حــدثني عَــن أَموركـا
وَاظهـر المَكنـون مِـن تاموركا
فَقـالَ لـي سـرحت أَبغي الرعيا
وَلَـــم أَكُــن بِمَطلَــب لأَعيــا
فَاِضـطرني الليـل إِلـى نـاووس
فبـت ضـَيف البـوم ذي النحـوس
فَقـــدم الطعــام وَالشــرابا
وَأظهــر الإكــرام وَالإعجابــا
وَقــصَّ مـا لاقـى مِـن العَظـائم
وَقـــالَ حــدثني غَيــر آثــم
حَتّــى إِذا نـامَ وَقَـد أَسـكَرتهُ
قَتلــت فرخيــه وَمــا شـَكرته
وَمــا علمــت أنَّــهُ يريــدني
بِـــذَلك القَــول وَلا يَكيــدني
وَنمـت سـُكراً وَالعَجـوز قـائله
لا تَرقُـدن قُلت اسكتي يا جاهله
قـالَت قَبيـح نَـوم رَب المَوضـع
وَضــيفه مُســتَيقظ لَــم يهجَـع
وَغَلــب الســكر فنمــت فـوثب
إِلـى فِراخـي فَلَقوا مِنهُ العطب
قـالَ لَـهُ الطاووس بئس ما صَنَع
وَإِن مــا حَكيتــه مِـن البَـدع
وَلَيــسَ ذا مِـن عـادة الكِـرام
الغَــدر بَعـدَ الـود وَالطعـام
وَمـا عَرَفنـا مثلـه فـي جنسنا
عُقولنـا أَولـى بِنـا مِـن حسنا
لَعلــه صــاحب يَومــاً صـاحِباً
علمــه الفســوق وَالمعايبــا
فَصــحبة الأَشــرار داء يعــدي
مثــل الســجايا عَـن أَب وَجـد
فَســـمه وَانســبه إِن عَرفتــه
لعلـــه يَعـــرف إِن وَصـــفته
فَقــالَ ســمى نَفســه صــَبيحا
وَقــالَ يُــدعى وَالـدي مَليحـا
وَكــانَ يُكنــى بِــأَبي قمــاش
مــؤتمن الطيـر عَلـى الأَعشـاش
وَمَنزلــي جَزيــرة الصــقالبه
مَشــهورة فـي بَلَـد المَغـارِبَه
فَكُنــــتُ رَب نعمـــة وَمـــال
وَثَــروة جـار عَلَيهـا الـوَالي
لأَن حُســـادي إِلَيهـــا دَبــوا
وَالمــال عنـدَ الفُقَـراء ذَنـب
فَاِجتَهَـدوا جَميعهُـم فـي قَلعِها
فَبَلغـوا مـا طَلَبـوا مِن نَزعِها
وَكــانَ حُســادي بِهــا صـنفين
كِلاهُمــا مُجتَهــد فــي حينــي
وَبَعضـــهُم أَفســـَده الإكــرام
وَبِالجَميــــل تُفســـد اللئام
لأَننــــي قَـــدمتهُم لِجَهلـــي
لِشـــَهوَةٍ وَشــُبهَةٍ بَــدَت لــي
آثرتهُــم عَلــى جَميـع الطيـر
حَتَّــى إِذا خَصصــتهم بِــالخَير
بَغـوا وَظَنـوا ذاكَ بَعـض حَقهـم
وَإِنّــهُ فَــرض لَهــم بِرزقهــم
لأَحمــد لـي فيـهِ عَليهـم يَجـب
إِذ هُـــو رزق للأنــام يغلــب
كَــذاكَ مَــن يَصـطَنع الجهـالا
وَيُـــؤثر الأَرذال وَالأنـــذالا
وَبَعضـــهُم أَقصـــيته بِــالظن
وَكَـــثرَة الإِفســاد بِــالتجني
لأَن طَبعــي كــانَ يَنبـو عَنهُـم
ســــَجية وَيَشــــمَئز مِنهُـــم
وَلَــم أَكُــن أحبهُــم بِـالطبع
فَلَـــم أَزَل أَخصــهم بِــالمَنع
وَمِنهُــــم أفاضــــل كِـــرام
لَهُـــم عُقـــول وَلَهُـــم أَحلام
فَــاحفَظتهم جَفــوَتي فَغَضــِبوا
إِن الجَفــاء لِلتعــادي ســَبب
لا ســِيما وَقَــد رَأوا تَقريـبي
مــن لَيــسَ بِـالحر وَلا الأَديـب
فَــإِنَّهُ لَــن يُفســد الأَحـوالا
وَيــوحش الأَحــرار وَالرِّجــالا
شـَيء كَتَفضـيل الـدنيء الناقص
وَالــبر للشــهوة لا الخَصـائص
وَإِن مـــن يَمنـــعُ الغَريبــا
وَيَحفــظُ البعيــدَ والقَريبــا
يَســتَوجب التعنيــف وَالملامـة
وَفعلــه مثــل أَبــي نعــامه
أبو يعلى نظام الدين البغدادي ابن الهبَّارية: شاعرٌ هجّاء من شعراء quotخريدة القصرquot ويقال في كنيته أبو العلاءترجم له ابن خلكان قال:ابن الهبارية الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن عيسى بن محمد بن عبد الله ابن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي المعروف بابن الهبارية الملقب نظام الدين البغدادي الشاعر المشهور؛ كان شاعرا مجيدا حسن المقاصد، لكنه كان خبيث اللسان كثير الهجاء والوقوع في الناس لايكاد يسلم من لسانه أحد. وذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال: من شعراء نظام الملك، غلب على شعره الهجاء والهزل والسخف، وسبك في قالب ابن حجاج وسلك أسلوبه وفاقه في الخلاعة، والنظيف من شعره في غاية الحسن. حكي عنه أنّه هجا بالأجرة النّظام، فأمر بقتله، فشفع فيه جمال الإسلام محمّد بن ثابت الخُجَنْدِيّ، وكان من كِبار العلماء، فقبِل شفاعته، فقام يُنشد نظام الملك، يومَ عفوِه عنه، قصيدةً، قال في مطلعها:بعزّةِ أمرِك دارَ الفلَكْ حَنانَيْك، فالخَلْقُ والأمرُ لكْفقال النّظام: كذبت، ذاك هو الله عزّ وجلّ، وتمّم إنشادها.ثم أقام مدّة بأصفهان. وخرج الى كرْمان، وأقام بها الى آخر عمره. مات بعد مدّة طويلة.وذُكر أنّه توفّي في سنة أربع وخمس مئة.وترجم له الإمام الذهبي في التاريخ فقال بعدما سماه: والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب. (1)قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر.وله معرفة بالأنساب، وصنف كتاب الصادح والباغم والحازم والعازم، نظمه لسيف الدولة صدقة بن منصور، وضمنه حكماً وأمثالاً، ونظم كليلة ودمنة. وله كتاب مجانين العقلاء، وغير ذلك. وله كتاب ذكر الذكر وفضل الشعر. وقد بالغ في الهجو حتى هجا أباه وأمه. وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أولها: (حي على خير العمل=على الغزال والغزل)قال الأرجاني: سألت ابن الهبارية عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.وقال أبو المكارم يعيش بن الفضل الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جمادى الآخرة سنةتسع وخمسمائة. ا.هـقال الزركلي: من كتبه (الصادح والباغم-ط) أراجيز في ألفي بيت على أسلوب كليلة ودمنة، و(نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة - ط)، و(فلك المعاني)، و(ديوان شعر) أربعة أجزاء..