
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كقِصـــَّة البَعيـــر وَالجمــال
وَالشــَّيء قَـد يعـرف بِالمثـال
أوقــره مِــن الشــآم ميــرة
فاســـتقبلا ســـرية مغيـــره
لـم يَرهـا مِـن بَعـدِها وَغفلته
عَــن أمرهــا وَشـغله بفكرتـه
فأبصـر البَعيـر مـا لَم يبصره
فَقــالَ للجمــال وَهـوَ ينـذره
إِنـي أَرى الخَيـل إلينـا تقبل
وَإِنَّنــي عَــن النَجــاة مثقـل
فَـألق عَـن ظَهـري هَـذا واركـب
وانـج وَإِن عـز النجـاء فاذهب
قـالَ لَـهُ الجمـال إفكـاً تذكر
ضــجرت إِذ أنــتَ ثَقيـل مـوقر
تريــد أَن أطـرح عَنـكَ الحملا
لأجــل هَـذا قَـد سـئِمت الثقلا
قـال لَـه انظـر إِلـى العجـاج
قــال لَــه وجـد فـي اللجـاج
ذاك غُبــار عانــة أو قـافله
أَو خلســة عَـن العَـدو جـافِله
قــالَ وَهــذِه نواصــي الخَيـل
قَــد أقبَلَــت مُسـرِعَة كَالسـيل
قـالَ عَسـى فيهـم لَنـا معـارف
أَو عَرَبـــي أَو فَــتى محــالف
قـال لَـه البَعيـر خـل الهوسا
لا يَــدفع الخَطــب لعـلَ وَعَسـى
قــال لَــه أخـذي دون راحتـك
مِــن ثقلـه فخـل عَـن وَقاحتـك
قـالَ لـه البَعيـر وَهـوَ يَضـحَك
هَـذا الرَقيـع فـي كيادي يهلك
وَأدركتــه الخَيـل فـي مَكـانه
وَشـَد فـي الأَوثـق مِـن أَشـطانه
وَهَكـــذا خَليقـــة الصـــَّياد
لا يَقبَـــل الصــحيح للكيــاد
فَلَـــو أَردت لأقمـــت شــاهِدا
ألفـا كَمـا يَرضى بِه وَلا واحِداً
لَكنـــه يَقتلنــي فَمــا لــي
أدلــه عَلــى كُنــوز المــال
قـال لَـه الشـَّيخ وَقَـد تَحَيـرا
وَاِرتـاعَ مِـن مَقالِهِ لَما اِفتَرى
دَلَلتَنــي فَمــا أُبـالي الآنـا
أقمـت أم لَـم تقـم البُرهانـا
فَلا تكايـــدني فَمــا أُبــالي
صــَدقت أَم كَـذَبت فـي المَقـال
مثلـــي لا يَغـــتر بِالمحــال
فــــالاغترار أقبــــح الخلال
فَإِنَّمــا أَنــت ظَليــم نــازح
مَـــع الوحــوش ســائر ورائح
مِن أَين تَدري علم ما في منزلي
مِـن الكُنـوز فـي الزَّمان الأَول
لَـو كُنتَ تَدري الغَيب أَو علمتا
ســعدت بــالعلم وَمـا شـَقيتا
جَهلــت أَمـرَ نفسـك المسـكينة
حَتّــى غَــدَت موثوقــة رَهينـه
وَتـدعي العلـم بِمـا فـي داري
لا يَعلــم الغيـوب إِلا البـاري
قــال لَــه جَهلــك بِالأَســرار
أرداكَ فــي مَواقــع البــوار
أعرفهـــا معرفـــة صـــحيحة
وَالحـر لا يكـذب فـي النصـيحة
فَوافـق المَعـروف مِـن صـفاتِها
مـا ذكـر الظليـم مِـن سماتِها
ثُــم كنــاه مُســرِعاً وَنســبه
وَقَـــص كُــل أمــرِه وَمكســبه
تَهـــوراً فَوافـــق الســعادة
قــال صــدقت وَبغـى الزيـادة
قــال لَــه الآن تَـرى إِنسـاناً
مُعارِضـــاً يُنشــدنا قعــدانا
يَقــود مِــن أَولادِهــا فَصـيلاً
تَحســـبه مِـــن ضــَعفِه عَليلا
يتبــع فحلاً داعِريــاً أَعــورا
وَإِنَّهــا مِنـهُ قَريبـاً لَـو دَرى
وَكــان قَـد أَبصـَر قَبـل ذَلِكـا
تِلــكَ الجمـال شـرداً رواتكـا
تــذكر حــال رَبِهــا وَسـقبها
وَأمــه تَشــكو غَــرام قَلبِهـا
فــانطلق الشــيخ بِــهِ قَليلا
ثَــم رَأى الناشــد وَالفَصـيلا
فــــأطلق الظَّليــــم إِذ رآه
مُصــَدقاً للحيــن مــا حَكــاه
وَجـــد فـــي رَواحــه فَجــاء
لحرصــــــه أَولاده عَشـــــاء
فَلــم يُكلمهــم وَبــات يَحفـر
فَخــرب الـدار كَـذاكَ المـدبر
وَلامــهُ النــاس وَقـالوا جَنـا
فــي أَي شــَيء طمــع المعنـى
وَلَـم يَـزَل فـي حَفرِهـا يَجتَهـد
فَلَــم يَجـد شـَيئاً وَكَيـفَ يَجـد
وَهَكَـــذا تريــد أَن تَخــدَعني
بِقَولــك الحُلــو وَإِن تَصـرَعني
قــالَ لَـه الشـيخ وَمـا تُريـد
مِــن قَتــل مثلـي إنـهُ بعيـد
مـا لـي فـي رحلـي مَع الأَصحاب
وَمــا مَعـي شـَيء سـِوى ثِيـابي
وَهــيَ كَمــا تبصــرها أَسـمال
يَقبــح فـي أَمثالهـا القِتـال
إِنــكَ إِن كَفَفــت عَــن أَذاتـي
أَعطيتـك المَفـروض مِـن ذَكـاتي
وَقُلــت للرفقــة هَــذا طـالب
وَحقــه مِــن الزكــاة وَاجــب
وَهــيَ لمــا أَقــولهُ مصــدقه
نلـتُ كَـثيراً طَيبـاً مِـن صـدقه
وَكـانَ خَيـراً لَـكَ فـي الدارين
مِمـا تَـرى فـي مَوتـتي وَحينـي
فَاِنخــدع الفاتــك بالمحــال
وَقـالَ هَـل تصـدق فـي المَقـال
أحلـف علـى مـا قُلت مِنهُ فحلف
وَانصـرف الشيخ الشديد وَانحرف
حَتَّــى إِذا مـا لَحِقـا بـالركب
قـالَ اربطـوه جَيـداً يـا صَحبي
فَـــإِنَّهُ لـــص خَــبيث حــارب
للمســـلمين نـــاهب وَســالب
فَرَبــط الفاتـك رَبطـاً مُحكَمـاً
وَعــادَ فيــهِ خَصــمهُ محكمــا
قـالَ لَـه الناسـك وَهـوَ يَضـحك
بغيــت وَالبَغــي مشـوم مهلـك
وَقَعــت بعــد ضـَربك الأَمثـالا
وَذكــرك الظليــم وَالجَمــالا
قـال لَـه الفاتـك كَيـفَ أفتـك
بِمَـن أرانـي فـي يَـديهِ أَهلـك
مِـن أَمـن القَضـاء فَهـوَ مُشـرك
إِن القَضــاء لِلعبــاد أَملــك
لا تَفرَحـــن فَالحَــديث ســائر
إِنِّــي مَخــدوع وَأنــتَ غــادِر
وَالغَــدر بِالعَهـد قَبيـح جـدا
شـَر الـوَرى من لَيسَ يَرعى عَهدا
إِنــكَ قَــد مَلَكتَنــي فَأَســجح
وَامـح حَـديث غَـدرك المسـتقبح
إِنـــي أَســير لا أَرى نَصــيراً
وَذو العلا لا يقتـــل الأَســيرا
شــر خِلال المَـرء قَتـل الأَسـرى
أَول مَقتـــول يُقـــال صــَبرا
حجــرٌ وَحجــرٌ صــاحب النَّــبي
وَكــان فـي الأَحـوال مَـع علـي
وَقَــد بَلَغــت مــا أَردت مِنـي
فـامنن فَهَـذا الوَقت وَقت المن
قــال لَـه تـب مخلصـاً فَتابـا
فَجمـــع الرفــاق وَالأَصــحابا
وَقَــص مــا كـان مِـن الحَـديث
وَقـــالَ إِن الغَــدر للخــبيث
وَالآن قَــد تــاب مِـن الفَسـاد
وَصـارَ فـي الـدين مِـن العِباد
فَجَمعــوا شــَيئاً مِـن الزكـاة
وَبـــادَروا إَلَيــهِ بِالهبــات
وَأطلقــــوه فَغَـــدا يَقـــول
خَــدعت عَــن رايـك يـا جَهـول
مَـن نـالَ مـا يُريـده فَقَد غَلَب
قَد اِتَفَقنا وَاِختَلَفنا في السَّبب
أبو يعلى نظام الدين البغدادي ابن الهبَّارية: شاعرٌ هجّاء من شعراء quotخريدة القصرquot ويقال في كنيته أبو العلاءترجم له ابن خلكان قال:ابن الهبارية الشريف أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن عيسى بن محمد بن عبد الله ابن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي المعروف بابن الهبارية الملقب نظام الدين البغدادي الشاعر المشهور؛ كان شاعرا مجيدا حسن المقاصد، لكنه كان خبيث اللسان كثير الهجاء والوقوع في الناس لايكاد يسلم من لسانه أحد. وذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال: من شعراء نظام الملك، غلب على شعره الهجاء والهزل والسخف، وسبك في قالب ابن حجاج وسلك أسلوبه وفاقه في الخلاعة، والنظيف من شعره في غاية الحسن. حكي عنه أنّه هجا بالأجرة النّظام، فأمر بقتله، فشفع فيه جمال الإسلام محمّد بن ثابت الخُجَنْدِيّ، وكان من كِبار العلماء، فقبِل شفاعته، فقام يُنشد نظام الملك، يومَ عفوِه عنه، قصيدةً، قال في مطلعها:بعزّةِ أمرِك دارَ الفلَكْ حَنانَيْك، فالخَلْقُ والأمرُ لكْفقال النّظام: كذبت، ذاك هو الله عزّ وجلّ، وتمّم إنشادها.ثم أقام مدّة بأصفهان. وخرج الى كرْمان، وأقام بها الى آخر عمره. مات بعد مدّة طويلة.وذُكر أنّه توفّي في سنة أربع وخمس مئة.وترجم له الإمام الذهبي في التاريخ فقال بعدما سماه: والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب. (1)قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر.وله معرفة بالأنساب، وصنف كتاب الصادح والباغم والحازم والعازم، نظمه لسيف الدولة صدقة بن منصور، وضمنه حكماً وأمثالاً، ونظم كليلة ودمنة. وله كتاب مجانين العقلاء، وغير ذلك. وله كتاب ذكر الذكر وفضل الشعر. وقد بالغ في الهجو حتى هجا أباه وأمه. وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أولها: (حي على خير العمل=على الغزال والغزل)قال الأرجاني: سألت ابن الهبارية عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.وقال أبو المكارم يعيش بن الفضل الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جمادى الآخرة سنةتسع وخمسمائة. ا.هـقال الزركلي: من كتبه (الصادح والباغم-ط) أراجيز في ألفي بيت على أسلوب كليلة ودمنة، و(نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة - ط)، و(فلك المعاني)، و(ديوان شعر) أربعة أجزاء..