
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نسـيمُ الصـّبا راعَ الصـّبابةَ وفْدُهُ
فمـا للجَـوَى طَـيّ الجوانـحِ وقْـدُهُ
عليـلٌ سـَرَى يشـفِي الغليـلَ بوافِدٍ
قـدْ ابْتَـلّ مـنْ دَمْعِ الغَمامةِ بُرْدُهُ
يــذَكِّرُ مــن تلـك المعاهِـد حَلَّـةً
سـَقى عهـدَها مـن دمـعِ عيْنيَ عهْدُهُ
وحيّــا فأهْــدَى المُسـتَهامَ تحيّـةً
سـَنا بـارقٍ فـي السُّحْبِ يُقدحُ زَنْدُهُ
يؤجّــجُ دمـعَ العيـنِ نـار غرامِـه
مــتى ودّ أنْ يلقــى خليلاً يــودُّهُ
وتبْلَـى الليالي في الهَوى وفؤادُهُ
جديــدٌ علــى مـرِّ الجَديـديْنِ وُدُّهُ
فلا منجِـــدٌ إلا أســـاهُ ودمْعُـــهُ
ولا مُســـْعِدٌ إلا جـــواهُ وســـُهْدُهُ
ومائلـةِ الأعطـافِ لـم أنْـسَ عهدَها
بمعْهَــدِ أُنْــسٍ قـد تقـادَمَ عهْـدُهُ
علــى حُسـْن مرآهـا وقفْـتُ محبّـتي
وإنْ جــدّ بـالقلبِ المـتيّمِ وجْـدُهُ
وفـوْقَ مُتـونِ العيـس ركْبٌ حَدا بهِمْ
إلـى المُلْتَقـى نـصُّ المَسيرِ ووَخْدُهُ
يميلــون للــذّكْرى كـأنّ وُرودَهـا
نسـيمٌ بـه مـالَتْ مـن الدّوحِ مُلْدُهُ
يقولـون مـا بال المَطايا ضوامِراً
ولـوْلا نحـول السـيْفِ مـا راعَ حدُّهُ
ومـا ورْدُهـا عذبٌ إذا لمْ يَبِنْ لها
علــى كثَـبٍ بـانُ العُـذَيْبِ ورَنْـدُهُ
وروْضٍ تـرى الآمـالَ قـد حُلّتِ الحُبا
لــدَيْهِ وعهـدُ الأنْـسِ أُحْكِـمَ عَقـدُهُ
كـأنّ الرُبـى والنـورُ فوق بِطاحِها
لآلِــئُ فــي جيــدٍ تَنــاثرَ عِقْـدُهُ
كـأنّ النسـيمَ اعْتلّ فيها وقدْ أتى
رسـولاً فلـم يمكِـن على البُعْدِ ردُّهُ
كـأنّ وميـضَ الـبرقِ يبـدُو حُسـامُه
دُجـىً فيـوارِيه مـن السـّحْبِ غِمْـدُهُ
كــأنّ ضــياءَ الفجـرِ سـيفٌ مُشـهَّرٌ
مَـتى ادّرَع الليـلُ البَهيـمُ يَقُـدُّهُ
كــأنّ نجــومَ الأفــقِ جيــشٌ مُحَلَّأٌ
تَـواريهِ فـي نهـرِ النّهـارِ وورْدُهُ
كــأنّ طلـوعَ البـدْرِ عنـدَ تمـامِهِ
مُحَيّـا ابـنِ نصـرٍ والكـواكِبَ جُنْدُهُ
كـأنّ الضـحى وجْـهُ الخليفـةِ يوسُفٍ
وما احْمرَّ فيه من سنَا الفجْرِ بَنْدُهُ
كــأنّ سـَنا الأفْـقِ المـوَرَّدِ سـيْفُهُ
وقـد راقَ مـنْ تحـتِ النجيعِ فِرِنْدُهُ
فللــهِ روضٌ بــاكَرَ الغيْـثُ زَهْـرَهُ
وذاعَ بهبّـــاتِ النّواســـِم نــدُّهُ
تُحَيّــا بــه الآفـاقُ لكِـنْ يفـوقُهُ
ثنــاءُ أميــر المسـْلمين وحَمْـدُهُ
وللــهِ زُهـر الأفْـقِ إذ لاحَ نورُهـا
وأشـرَق غَـوْرُ الجـوِّ منهـا ونَجْـدُهُ
ولكنهـا تخْفَـى ونـورُ الهُدَى الذي
يُريـه ابْـنُ نصـْرٍ ليـسَ يُمكِنُ جحْدُهُ
فقـد راقَهـا منـهُ الكمـال وقُرْبُه
وقـد راعَهـا منـهُ المنـالُ وبُعْدُهُ
وللــه مَولانــا الخليفَــةُ يوسـُفٌ
إمــامَ هُــدىً عـمّ البريّـة رِفْـدُهُ
تَــؤمُّ عُفـاةُ الجـودِ منـهُ مـؤمَّلاً
غَـدا مُسـْعِفاً قصـْدَ المؤمّـلِ قَصـْدُهُ
جَــوادٌ جــوادٌ إنْ تُسـوبِقَ للنّـدَى
فيُعْجِـزُ مـن يَبْغـي مَدَى الجودِ شدُّهُ
فلـوْ أمّـن المـأمونَ فـازَتْ قِداحُهُ
وأهْـدَى الرشيدَ الهَدْيَ وافاهُ رُشْدُهُ
إذا قِيسـَتِ الأملاكُ بالنّاصـِر الرضَى
فمــا يســْتَوي هـزْلُ الكلامِ وجِـدُّهُ
وكيـفَ يجـارى فـي مـدىً مَلِـكٌ غدَتْ
ملائكــةُ الســّبعِ الطّبــاقِ تُمِـدُّهُ
فينْهَـدُ قبـل الجيـش للفتْـحِ عزمُهُ
ويضـرِبُ قبل السّيفِ في الحَرْبِ سعْدُهُ
بطيْبَــةَ منــهُ طـابَ أصـْلٌ ومَنشـأٌ
وفـي مكَّـةٍ أعْظِـمْ بمـا حـاز جـدُّهُ
ففــي هــذه للفتــحِ قُـدِّم قَيْسـُهُ
وآوَى رسـول اللـه فـي تلـكَ سعْدُهُ
ومـنْ كـان للصّحبِ الكرامِ انتِسابُهُ
فكيــف يُضـاهَى فـي الخلائِفِ مجْـدُهُ
بهـمْ عـزّ ديـنُ اللـهِ لمّـا أعدّهُمْ
لنصــْرِ الهُــدَى عــدْنانُهُ ومَعَـدُّهُ
لقـد أنجبـوا منهُـمْ خلائِفَ فارتقَتْ
إلـى العِـزّ مرقـىً لا يُجـاوَزُ حـدُّهُ
فــإنْ غرُبَـتْ منهُـمْ نجـومُ هِدايـةٍ
فـأنتَ هـوَ البَـدْرُ الذي طال رصْدُهُ
وإن غـاضَ مـن جَـدْواهُمُ نَيـلُ نائِلٍ
فنائِلُـكَ البحْـرُ الـذي فـاضَ مَـدُّهُ
وإنْ درَجـوا قـد خلّفوا منك ناصِراً
غَـدا الـدّين للنّصـْرِ العَزيزِ يُعِدُّهُ
ليعْلَــم أهْـلُ الشـّركِ أنّـك فيهِـمُ
تُجاهِـدُ حـتى يـوهِنَ الكُفْـرَ جَهْـدُهُ
وإنّ العُلَـى مـنْ بعـدِهم بـكَ شُيّدَتْ
معالِمُهــا والفتْــح أُنجِـزَ وَعْـدُهُ
وإنّ نجـومَ الأفْـقِ لـمْ يخـبُ نورُها
وإن سـحابَ الجـودِ مـا عـزّ وجْـدُهُ
وإنّ مـدَى العَليـاءِ لـم يكْبُ طِرْفُهُ
وإنّ لـواءَ النصـْرِ مـا حُـلَّ عَقْـدُهُ
وإنّ قَنــاةَ العـزّ مـا رُدَّ نصـْلُها
وإنّ حُســامَ المُلْـكِ مـا فُـلَّ حـدُّهُ
خلَفْتَهُــمُ عِلْمــاً وحِلمــاً وعزْمـةً
حليفُـكَ نصـْرُ اللـهِ فيهـا وعَضـدُهُ
فلا أمَــــلٌ إلا تُســــدّدُ ســـهْمَهُ
ولا خَلَــلٌ فــي الثغْــرِ إلا تَسـُدُّهُ
ومــا شـيّدَ الإشـْراكُ مَعْلَـمَ دينِـه
وأعْلاهُ إلا والعَــــوالِي تهُــــدُّهُ
يـرومُ عـدوُّ الدّين في الدّين فُرْصَةً
فتمْنَعُـــهُ عـــنْ قَصــْدِه وتصــدُّهُ
وكــمْ واردٍ قــد أمّ بابَــك آمِلاً
ليَحْظَــى بجَــدْواكَ المُهنَّــإِ ورْدُهُ
فأنجَـــح مســْعاهُ وأُمِّــنَ ســِرْبُهُ
وفــــاز مُعَلّاهُ وبُلِّــــغَ قَصـــْدُهُ
وللــــهِ إمْلاكٌ ســـعيدٌ أقمْتَـــهُ
مُلـوكُ الـورَى فيـه القِيـامَ تودُّهُ
وقــد طلعَـتْ للسـّعْدِ فيـه كَـواكِبٌ
تحُــلُّ حُباهــا حيْـث أُحكِـم عَقْـدُهُ
دعـوْتَ لـه أهْـلَ الجهـادِ فأهْطَعوا
كمـا زارَ بيـتَ اللـهِ للحـجِّ وفْدُهُ
وللــه مـن أفْـق السـّبيكةِ ملعَـبٌ
تُجـاري لَـديْهِ مُرسـَلَ الرّيـحِ جُرْدُهُ
تَـروقُ جيادُ النّصْرِ فيه متى ارْتَمَتْ
إلــى لعِــبٍ فيـه المَسـيرَ تُجِـدُّهُ
تجـولُ كمـا شـاءَ الكَمـيُّ فيُجْتَلَـى
بإقْبالهــا عكْــسُ الغـويِّ وطَـرْدُهُ
وتُصــْمِتُ عُجْبــاً كُـلَّ ذي لجَـبٍ إذا
أغـارَتْ وغـابُ الحـرْبِ تـزأرُ أُسْدُهُ
ترى الصّبْحَ يتْلو حُمرَةَ الفجْرِ كُلّما
يُلاعِـبُ منهـا الأشـْهَبَ اللـون ورْدُهُ
فهنِّئْتَـــهُ صـــُنْعاً جميلاً تشــوّفَتْ
لــهُ صــينُ معْمـور البلادِ وهِنـدُهُ
أمَـولايَ أمـا الوصـْفُ منـكَ فمُعْجِـزٌ
ومنْ ذا الذي يُحْصِي الحَصَى أو يعُدُّهُ
وعبـدُكَ يُلْقـي منـهُ مـا يَسـْتَطيعُهُ
فإحْصــاؤُهُ يُعْيــي البليـغَ وعَـدُّهُ
فخـذْ منـهُ ما ينْسي اللآلِئَ إذْ غدَتْ
نســيئَتُهُ لا نَقْــدَ فيهــا ونَقْـدُهُ
يؤمِّــل مــن مــوْلايَ عـادةَ صـَفْحِهِ
إذا حـادَ عـن نهـجِ الهِدايةِ عبْدُهُ
ومــا تُخْلِـقُ الأيّـامُ ثـوْبَ مـآمِلي
ونُعْمـاكَ يـا مَـوْلَى الورَى تسْتَجِدُّهُ
فـدُمْ وعـدُوُّ الـدّين إنْ أمَّ مقْصـَداً
لِملكِـــكَ رُجْعَــى مُلْكِــهِ ومَــرَدُّهُ
فأفضــَلُ مــا يَرْجــوهُ كـلُّ مُوحِّـدٍ
بَقــاءُ المَقـامِ اليوسـُفيّ وخُلْـدُهُ
أبو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي.شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته.وقد ورث شاعرنا عن أبيه الذكاء الحاد والنبوغ المبكر، وقال الشعر صغيراً ولا يعرف له اسم سوى كنيته أبو الحسين.وكان ينظر في شبابه إلى العمل في ديوان الإنشاء ، وقد حصل له ما أراد بعمله في كتاب المقام العلي.ولما بويع يوسف الثالث مدحه ابن فركون، فنال عنده الحظوة، وغدا شاعره المختص المؤرخ لأيامه بشعرهوأصبح ابن فركون بفضل منصبه وأدبه مرموقاً في المجتمع الغرناطي.