
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـي الهَضـْبةُ الشـّمّاءُ بادٍ وقارُها
تَحــامَى حِماهـا ليلُهـا ونهارُهـا
لقـدْ أخـذَتْ منْ حادِثِ الدّهْرِ حِذْرَها
إلـى مـالهُ يومَ الجَزاءِ انتظارُها
فلـم يرْمِهـا مرُّ الجديدينِ بالبِلَى
ولا راعَهـا مثْـلَ البُـدورِ سـِرارُها
سـوى أن بدَتْ منها الهضابُ مَفارقاً
ببِنْيَتِهـا البيْضـاءِ شـابَ عِـذارُها
ومَـولَى المُلـوكِ الـبرُّ يوسفٌ الذي
لـهُ راحـةٌ بـالجودِ مـاجَتْ بحارُها
تواضــَعَ للــه العظيــمِ بوضـْعِها
تُصــافِحُ عُلْــويَّ الـدّراريّ دارُهـا
علـى البِـر والتقوَى أقامَ بناءها
فقَـرّ علـى رغْـمِ العُـداةِ قرارُهـا
وأســـّس مَبْناهــا بكــفٍّ كريمَــةٍ
سـحابُ نَـداها للعُفـاةِ انهمارُهـا
وقـد حجـرَ الأعْداءَ عن ربْعِها الذي
تناقَــلُ بالأيْــدي لـدَيْهِ حِجارُهـا
تـروقُ علـى الرّاحـاتِ حُسناً كأنها
كُــؤوسُ مُــدامٍ بــالأكُفِّ مَــدارُها
ودارَتْ بهــا دوْرَ السـّوارِ كتـائِبٌ
بناصـِر ديـنِ اللهِ فيها انتصارُها
كتــائب عــزٍّ إن أغـارَتْ وأنجَـدَتْ
تُغيـرُ فيُـرْدي بالعُـداةِ اغتِرارُها
لقـد فرَعَـتْ نحْـرَ الكتائِبِ وارْتَقَتْ
وإن عــزّ مرْماهــا وشـطّ مزارُهـا
فعُـدّتْ مـن الشـُهْبِ الثّواقبِ عندَما
أنـارَتْ لـدى جِنْـحِ الدُّجُنّـةِ نارُها
حَمَيْـتَ حِماهـا كالضـّبارِمِ والظُبـا
مُشـهّرةٌ فـي الخـافِقينَ اشـتِهارُها
وقـد نلْـتَ بالإنفـاقِ بِـرّاً ورفْعَـةً
فكــمْ بِــدَرٍ نحْـو الأكُـفِّ بِـدارُها
وجــالَتْ بهـا خـدّامُ مُلْكِـكَ جوْلَـةً
فبانَ على الصّنْعِ الجميلِ اقْتدارُها
تطـوفُ بهـا للأمْـنِ واليُمْـنِ كعْبـةً
فللرُّكْـنِ منهـا حجُّهـا واعْتِمارُهـا
وترْمــي بأعْلاهـا الحجـارةَ آخِـراً
كـأنّ وفـودَ الحـجّ تُرْمَـى جِمارُهـا
وفـي معْـدِن البـارودِ أعظَـمُ آيـةٍ
بـدَتْ فالنُّهَى فيها يَطولُ اعْتِبارُها
نصـبْتَ بهـا للنفْـطِ أبراجَها التي
يُضــاهي بُـروجَ النّيّـراتِ جِـدارُها
فكيَّــفَ منــهُ اللـهُ للحَـرْبِ عُـدّةً
ففي القَفْرِ منه ما إليْهِ افتِقارُها
وقابَلَهـا المبْنَـى الرّفيعُ مُجاوِراً
لهـا إذْ بمَـوْلَى الخَلْقِ عزّ جوارُها
يُريـك لـدَى الظّلمـاءِ غُـرّةَ أدْهَـمٍ
بِهــا غـرّةُ الأعـداءِ فُـلّ غِرارُهـا
عمــرْت بــه ثَغْـراً كـأنْ بعُـداتِه
وقــد أقفَـرتْ أوْطانُهـا وديارُهـا
تسـُلُّ عليْهـا سـيْفَ عزْمِـكَ إذ لهـا
بـهِ حالَتاهـا قَتْلُهـا أو إسـارُها
أقمْتهمــا كالفرْقـدَيْن لـذاك قـدْ
بَـدا مـنْ شـياطِينِ الضـّلالِ نفارُها
ودونَــكَ يـا مَـولايَ منهـا عُجالـةً
تـبيّن للتّقصـيرِ فيهـا اعْتِـذارُها
علــى أنّ أفكـاري بوصـْفِكَ لا تَفـي
فســِيّانِ فيـهِ طولُهـا واختِصـارُها
أبو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي.شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته.وقد ورث شاعرنا عن أبيه الذكاء الحاد والنبوغ المبكر، وقال الشعر صغيراً ولا يعرف له اسم سوى كنيته أبو الحسين.وكان ينظر في شبابه إلى العمل في ديوان الإنشاء ، وقد حصل له ما أراد بعمله في كتاب المقام العلي.ولما بويع يوسف الثالث مدحه ابن فركون، فنال عنده الحظوة، وغدا شاعره المختص المؤرخ لأيامه بشعرهوأصبح ابن فركون بفضل منصبه وأدبه مرموقاً في المجتمع الغرناطي.