
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هَمَّــتِ الفُلـكُ وَاِحتَواهـا المـاءُ
وَحَــداها بِمَــن تُقِــلُّ الرَجــاءُ
ضـَرَبَ البَحـرُ ذو العُبـابِ حَـوالَي
هـا سـَماءً قَـد أَكبَرَتهـا السَماءُ
وَرَأى المــارِقونَ مِــن شـَرَكِ الأَر
ضِ شـــِباكاً تَمُـــدُّها الــدَأماءُ
وَجِبـــالاً مَوائِجــاً فــي جِبــالٍ
تَتَــــدَجّى كَأَنَّهـــا الظَلمـــاءُ
وَدَوِيّـــاً كَمــا تَــأَهَّبَتِ الخَــي
لُ وَهـــاجَت حُماتَهــا الهَيجــاءُ
لُجَّــةٌ عِنــدَ لُجَّــةٍ عِنــدَ أُخـرى
كَهِضــابٍ مــاجَت بِهــا البَيـداءُ
وَســَفينٌ طَــوراً تَلــوحُ وَحينــاً
يَتَـــوَلّى أَشـــباحَهُنَّ الخَفـــاءُ
نــازِلاتٌ فــي ســَيرِها صــاعِداتٌ
كَـــالهَوادي يَهُزُّهُـــنَّ الحُــداءُ
رَبِّ إِن شـــِئتَ فَالفَضــاءُ مَضــيقٌ
وَإِذا شـــِئتَ فَالمَضـــيقُ فَضــاءُ
فَاِجعَـلِ البَحـرَ عِصمَةً وَاِبعَثِ الرَح
مَــةَ فيهــا الرِيــاحُ وَالأَنـواءُ
أَنــتَ أُنــسٌ لَنـا إِذا بَعُـدَ الإِن
سُ وَأَنـــتَ الحَيـــاةُ وَالإِحيــاءُ
يَتَــوَلّى البِحـارَ مَهمـا اِدلَهَمَّـت
مِنـــكَ فـــي كُـــلِّ جــانِبٍ لَألاءُ
وَإِذا مــا عَلَــت فَــذاكَ قِيــامٌ
وَإِذا مــا رَغَــت فَــذاكَ دُعــاءُ
فَـــإِذا راعَهـــا جَلالُــكَ خَــرَّت
هَيبَــةً فَهــيَ وَالبِســاطُ ســَواءُ
وَالعَريــضُ الطَويـلُ مِنهـا كِتـابٌ
لَـــكَ فيـــهِ تَحِيَّـــةٌ وَثَنـــاءُ
يـا زَمـانَ البِحـارِ لَـولاكَ لَم تُف
جَــع بِنُعمــى زَمانِهـا الوَجنـاءُ
فَقَـديماً عَـن وَخـدِها ضاقَ وَجهُ ال
أَرضِ وَاِنقــادَ بِالشــِراعِ المـاءُ
وَاِنتَهَـت إِمـرَةُ البِحارِ إِلى الشَر
قِ وَقــامَ الوُجــودُ فيمـا يَشـاءُ
وَبَنَينـــا فَلَـــم نُخَــلِّ لِبــانٍ
وَعَلَونـــا فَلَـــم يَجُزنـــا عَلاءُ
وَمَلَكنـــا فَالمـــالِكونَ عَبيــدٌ
وَالبَرايـــا بِأَســـرِهِم أُســَراءُ
قُــل لِبــانٍ بَنـى فَشـادَ فَغـالى
لَـم يَجُـز مِصـرَ فـي الزَمانِ بِناءُ
لَيـسَ فـي المُمكِناتِ أَن تُنقَلَ الأَج
بــالُ شــُمّاً وَأَن تُنـالَ السـَماءُ
أَجفَــلَ الجِـنُّ عَـن عَـزائِمَ فِرعَـو
نَ وَدانَـــت لِبَأســـِها الآنـــاءُ
شـادَ مـا لَـم يُشـِد زَمـانٌ وَلا أَن
شـــَأَ عَصـــرٌ وَلا بَنـــى بَنّــاءُ
هَيكَــلٌ تُنثَــرُ الــدِياناتُ فيـهِ
فَهــيَ وَالنــاسُ وَالقُـرونُ هَبـاءُ
وَقُبــورٌ تَحُــطُّ فيهــا اللَيـالي
وَيُـــوارى الإِصـــباحُ وَالإِمســاءُ
تَشــفَقُ الشـَمسُ وَالكَـواكِبُ مِنهـا
وَالجَديــدانِ وَالبِلــى وَالفَنـاءُ
زَعَمــوا أَنَّهــا دَعــائِمُ شــيدَت
بِيَــدِ البَغــيِ مِلؤُهــا ظَلمــاءُ
فَاِعـذُرِ الحاسـِدينَ فيهـا إِذا لا
مـوا فَصـَعبٌ عَلـى الحَسودِ الثَناءُ
دُمِّــرَ النـاسُ وَالرَعِيَّـةُ فـي تَـش
ييـــــدِها وَالخَلائِقُ الأُســــَراءُ
أَيـنَ كـانَ القَضاءُ وَالعَدلُ وَالحِك
مَــةُ وَالـرَأيُ وَالنُهـى وَالـذَكاءُ
وَبَنــو الشــَمسِ مِـن أَعِـزَّةِ مِصـرٍ
وَالعُلــومُ الَّــتي بِهـا يُستَضـاءُ
فَـاِدَّعَوا مـا اِدَّعـى أَصـاغِرُ آثـي
نــا وَدَعــواهُمُ خَنــاً وَاِفتِـراءُ
وَرَأَوا لِلَّــذينَ ســادوا وَشـادوا
ســــُبَّةً أَن تُســــَخَّرَ الأَعـــداءُ
إِن يَكُــن غَيـرَ مـا أَتَـوهُ فَخـارٌ
فَأَنــا مِنــكَ يــا فَخـارُ بَـراءُ
لَيـتَ شـِعري وَالـدَهرُ حَـربُ بَنيـهِ
وَأَيــــاديهِ عِنـــدَهُم أَفيـــاءُ
مـا الَّـذي داخَـلَ اللَيـالِيَ مِنّـا
فــي صــِبانا وَلِلَّيــالي دَهــاءُ
فَعَلا الــدَهرُ فَـوقَ عَليـاءِ فِرعَـو
نَ وَهَمَّـــــت بِمُلكِـــــهِ الأَرزاءُ
أَعلَنَـت أَمرَهـا الـذِئابُ وَكـانوا
فـي ثِيـابِ الرُعاةِ مِن قَبلُ جاؤوا
وَأَتـى كُـلُّ شـامِتٍ مِـن عِـدا المُل
كِ إِلَيهِـــم وَاِنضـــَمَّتِ الأَجــزاءُ
وَمَضـــى المــالِكونَ إِلّا بَقايــا
لَهُـمُ فـي ثَـرى الصـَعيدِ اِلتِجـاءُ
فَعَلـــى دَولَــةِ البُنــاةِ ســَلامٌ
وَعَلـى مـا بَنـى البُنـاةُ العَفاءُ
وَإِذا مِصـرُ شـاةُ خَيرٍ لِراعي السَو
ءِ تُــؤذى فــي نَســلِها وَتُســاءُ
قَــد أَذَلَّ الرِجــالَ فَهــيَ عَبيـدٌ
وَنُفــوسَ الرِجــالِ فَهــيَ إِمــاءُ
فَــإِذا شــاءَ فَالرِقــابُ فِــداهُ
وَيَســــيرٌ إِذا أَرادَ الــــدِماءُ
وَلِقَــــومٍ نَــــوالُهُ وَرِضــــاهُ
وَلِأَقـــوامِ القِلـــى وَالجَفـــاءُ
فَفَريــــقٌ مُمَتَّعــــونَ بِمِصــــرٍ
وَفَريـــقٍ فــي أَرضــِهِم غُرَبــاءُ
إِن مَلَكـتَ النُفـوسَ فَـاِبغِ رِضـاها
فَلَهـــا ثَــورَةٌ وَفيهــا مَضــاءُ
يَســكُنُ الـوَحشُ لِلوُثـوبِ مِـنَ الأَس
رِ فَكَيـــــــــفَ الخَلائِقُ العُقَلاءُ
يَحســَبُ الظــالِمونَ أَن سَيَســودو
نَ وَأَن لَـــن يُؤَيَّـــدَ الضــُعَفاءُ
وَاللَيــالي جَــوائِرٌ مِثلَمـا جـا
روا وَلِلـــدَهرِ مِثلَهُــم أَهــواءُ
لَبِثَــت مِصـرُ فـي الظَلامِ إِلـى أَن
قيــلَ مــاتَ الصــَباحُ وَالأَضـواءُ
لَـم يَكُـن ذاكَ مِـن عَمـىً كُـلُّ عَينٍ
حَجَــبَ اللَيــلُ ضــَوءَها عَميــاءُ
مـا نَراهـا دَعـا الوَفـاءُ بَنيها
وَأَتــاهُم مِــنَ القُبـورِ النِـداءُ
لِيُزيحـوا عَنهـا العِـدا فَأَزاحوا
وَأُزيحَــت عَــن جَفنِهــا الأَقـذاءُ
وَأُعيــدَ المَجـدُ القَـديمُ وَقـامَت
فــي مَعــالي آبائِهــا الأَبنـاءُ
وَأَتــى الــدَهرُ تائِبــاً بِعَظيـمٍ
مِـــن عَظيـــمٍ آبــاؤُهُ عُظَمــاءُ
مَـن كَرَمسـيسَ فـي المُلـوكِ حَديثاً
وَلِرَمســــيسٍ المُلـــوكُ فِـــداءُ
بـايَعَتهُ القُلـوبُ فـي صـُلبِ سيتي
يَــومَ أَن شـاقَها إِلَيـهِ الرَجـاءُ
وَاِســتَعدَّ العُبّــادُ لِلمَولِـدِ الأَك
بَـــرِ وَاِزَّيَّنَــت لَــهُ الغَــبراءُ
جَــلَّ سيزوســتَريسُ عَهــداً وَجَلَّـت
فــــي صـــِباهُ الآيـــاتُ وَالآلاءُ
فَســَمِعنا عَـنِ الصـَبِيِّ الَّـذي يَـع
فـو وَطَبـعُ الصـِبا الغَشومُ الإِباءُ
وَيَــرى النــاسَ وَالمُلـوكَ سـَواءً
وَهَــلِ النــاسُ وَالمُلــوكُ سـَواءُ
وَأَرانـا التاريـخُ فِرعَـونَ يَمشـي
لَــم يَحُــل دونَ بِشــرِهِ كِبرِيـاءُ
يولَــدُ الســَيِّدُ المُتَــوَّجُ غَضــّاً
طَهَّرَتــهُ فــي مَهــدِها النَعمـاءُ
لَــم يُغَيِّــرهُ يَــومَ ميلادِهِ بُــؤ
سٌ وَلا نـــالَهُ وَليـــداً شـــَقاءُ
فَــإِذا مــا المُمَلِّقــونَ تَوَلَّــو
هُ تَـــــوَلَّى طِبـــــاعَهُ الخُيَلاءُ
وَســَرى فـي فُـؤادِهِ زُخـرُفُ القَـو
لِ تَـــراهُ مُســتَعذَباً وَهــوَ داءُ
فَــإِذا أَبيَــضُ الهَــديلِ غُــرابٌ
وَإِذا أَبلَـــجُ الصـــَباحِ مَســاءُ
جَـــلَّ رَمســيسُ فِطــرَةً وَتَعــالى
شـــيعَةً أَن يَقـــودَهُ الســُفَهاءُ
وَســـَما لِلعُلا فَنـــالَ مَكانـــاً
لَــم يَنَلــهُ الأَمثـالُ وَالنُظَـراءُ
وَجُيــوشٌ يَنهَضــنَ بِــالأَرضِ مَلكـاً
وَلِـــواءٌ مِــن تَحتِــهِ الأَحيــاءُ
وَوُجــودٌ يُســاسُ وَالقَــولُ فيــهِ
مــا يَقــولُ القُضـاةُ وَالحُكَمـاءُ
وَبِنــاءٌ إِلـى بِنـاءٍ يَـوَدُّ الخُـل
دُ لَــو نــالَ عُمــرَهُ وَالبَقــاءُ
وَعُلـــومٌ تُحـــيِ البِلادَ وَبِنتــا
هـــورُ فَخــرُ البِلادِ وَالشــُعَراءُ
إيـهِ سيزوسـتَريسَ مـاذا يَنالُ ال
وَصــفُ يَومــاً أَو يَبلُـغُ الإِطـراءُ
كَبُــرَت ذاتُــكَ العَلِيَّــةُ أَن تُـح
صــي ثَناهــا الأَلقـابُ وَالأَسـماءُ
لَـــكَ آمـــونُ وَالهِلالُ إِذا يَــك
بُــرُ وَالشــَمسُ وَالضــُحى آبــاءُ
وَلَــكَ الريــفُ وَالصـَعيدُ وَتاجـا
مِصــرَ وَالعَـرشُ عالِيـاً وَالـرِداءُ
وَلَــكَ المُنشــَآتُ فــي كُـلِّ بَحـرٍ
وَلَــكَ البَــرُّ أَرضــُهُ وَالســَماءُ
لَيـتَ لَـم يُبلِـكَ الزَمـانُ وَلَم يَب
لَ لِمُلـــكِ البِلادِ فيـــكَ رَجــاءُ
هَكَــذا الــدَهرُ حالَــةٌ ثُـمَّ ضـِدٌّ
مــا لِحــالٍ مَـعَ الزَمـانِ بَقـاءُ
لا رَعـاكَ التاريـخُ يـا يَومَ قَمبي
زَ وَلا طَنطَنَـــت بِـــكَ الأَنبـــاءُ
دارَتِ الــدائِراتُ فيــكَ وَنــالَت
هَــذِهِ الأُمَّــةَ اليَــدُ العَســراءُ
فَمُبصـــِرٌ مِمّـــا جَنَيــتَ لِمِصــرٍ
أَيُّ داءٍ مــــا إِن إِلَيـــهِ دَواءُ
نَكَـــدٌ خالِـــدٌ وَبُـــؤسٌ مُقيــمٌ
وَشـــَقاءٌ يَجُـــدُّ مِنـــهُ شــَقاءُ
يَـــومَ مَنفيــسَ وَالبِلادُ لِكِســرى
وَالمُلـــوكُ المُطاعَــةُ الأَعــداءُ
يَـأمُرُ السـَيفُ فـي الرِقابِ وَيَنهى
وَلِمِصــرٍ عَلــى القَــذى إِغضــاءُ
جيــءَ بِالمالِــكِ العَزيـزِ ذَليلاً
لَــم تُزَلــزِل فُــؤادَهُ البَأسـاءُ
يُبصــِرُ الآلَ إِذ يُــراحُ بِهِـم فـي
مَوقِـــفِ الــذُلِّ عَنــوَةً وَيُجــاءُ
بِنـتُ فِرعَـونَ فـي السَلاسـِلِ تَمشـي
أَزعَــجَ الـدَهرُ عُريُهـا وَالحَفـاءُ
فَكَـأَن لَـم يَنهَـض بِهَودَجِهـا الدَه
رُ وَلا ســـارَ خَلفَهـــا الأُمَــراءُ
وَأَبوهــا العَظيــمُ يَنظُــرُ لَمّـا
رُدِّيَــت مِثلَمــا تُــرَدّى الإِمــاءُ
أُعطِيَــت جَـرَّةً وَقيـلَ إِلَيـكِ الـن
نَهـر قـومي كَمـا تَقـومُ النِسـاءُ
فَمَشـَت تُظهِـرُ الإِبـاءَ وَتَحمي الدَم
عَ أَن تَســــــتَرِقَّهُ الضـــــَرّاءُ
وَالأَعـــادي شـــَواخِصٌ وَأَبوهـــا
بِيَـــدِ الخَطـــبِ صــَخرَةٌ صــَمّاءُ
فَــأَرادوا لِيَنظُـروا دَمـعَ فِرعَـو
نَ وَفِرعَـــونُ دَمعُـــهُ العَنقــاءُ
فَــأَرَوهُ الصـَديقَ فـي ثَـوبِ فَقـرٍ
يَســـأَلُ الجَمــعَ وَالســُؤالُ بَلاءُ
فَبَكـى رَحمَـةً وَمـا كـانَ مَـن يَـب
كـــي وَلَكِنَّمـــا أَرادَ الوَفــاءُ
هَكَـذا المُلـكُ وَالمُلـوكُ وَإِن جـا
رَ زَمــــانٌ وَرَوَّعَــــت بَلـــواءُ
لا تَسـَلني مـا دَولَـةُ الفُرسِ ساءَت
دَولَـةُ الفُـرسِ فـي البِلادِ وَساؤوا
أُمَّــةٌ هَمُّهــا الخَــرائِبُ تُبلــي
هـــا وَحَـــقُّ الخَـــرائِبِ الإِعلاءُ
ســـَلَبَت مِصــرَ عِزَّهــا وَكَســَتها
ذِلَّـةً مـا لَهـا الزَمـانَ اِنقِضـاءُ
وَاِرتَــوى ســَيفُها فَعاجَلَهــا ال
لَــهُ بِســَيفٍ مــا إِن لَـهُ إِرواءُ
طِلبَــةٌ لِلعِبــادِ كــانَت لِإِســكَن
دَرَ فــي نَيلِهـا اليَـدُ البَيضـاءُ
شـــادَ إِســكَندَرٌ لِمِصــرَ بِنــاءً
لَــم تَشــِدهُ المُلــوكُ وَالأُمَـراءُ
بَلَـــداً يَرحَــلُ الأَنــامُ إِلَيــهِ
وَيَحُـــــجُّ الطُلّابُ وَالحُكَمـــــاءُ
عاشَ عُمراً في البَحرِ ثَغرَ المَعالي
وَالمَنــارَ الَّــذي بِـهِ الاِهتِـداءُ
مُطمَئِنّــاً مِــنَ الكَتـائِبِ وَالكُـت
بِ بِمـــا يَنتَهــي إِلَيــهِ العَلاءُ
يَبعَـــثُ الضــَوءَ لِلبِلادِ فَتَســري
فــي ســَناهُ الفُهـومُ وَالفُهَمـاءُ
وَالجَواري في البَحرِ يُظهِرنَ عِزَّ ال
مُلــكِ وَالبَحــرُ صــَولَةٌ وَثَــراءُ
وَالرَعايــا فــي نِعمَـةٍ وَلِبَطلَـي
مــوسَ فــي الأَرضِ دَولَــةٌ عَليـاءُ
فَقَضــى اللَـهُ أَن تُضـَيِّعَ هَـذا ال
مُلـكَ أُنـثى صـَعبٌ عَلَيهـا الوَفاءُ
تَخِـذَتها رومـا إِلـى الشـَرِّ تَمهي
داً وَتَمهيـــــدُهُ بِــــأُنثى بَلاءُ
فَتَنــاهى الفَسـادُ فـي هَـذِهِ الأَر
ضِ وَجـــازَ الأَبـــالِسَ الإِغـــواءُ
ضــَيَّعَت قَيصــَرَ البَرِيَّــةِ أُنــثى
يــا لَرَبّــي مِمّـا تَجُـرُّ النِسـاءُ
فَتَنَـت مِنـهُ كَهـفَ رومـا المُرَجّـى
وَالحُســامَ الَّــذي بِــهِ الاِتِّقـاءُ
قــاهِرَ الخَصـمِ وَالجَحافِـلِ مَهمـا
جَــدَّ هَـولُ الـوَغى وَجَـدَّ اللِقـاءُ
فَأَتاهــا مَــن لَيــسَ تَملُكُـهُ أُن
ثــــى وَلا تَســــتَرِقُّهُ هَيفـــاءُ
بَطَــلُ الـدَولَتَينِ حـامى حِمـى رو
مــا الَّــذي لا تَقــودُهُ الأَهـواءُ
أَخَـذَ المُلـكَ وَهـيَ فـي قَبضَةِ الأَف
عـى عَـنِ المُلـكِ وَالهَـوى عَميـاءُ
سـَلَبَتها الحَيـاةَ فَـاِعجَب لِرَقطـا
ءَ أَراحَــت مِنهـا الـوَرى رَقطـاءُ
لَـم تُصـِب بِالخِـداعِ نُجحـاً وَلَكِـن
خَــــدَعوها بِقَـــولِهِم حَســـناءُ
قَتَلَـــت نَفســَها وَظَنَّــت فِــداءً
صــَغُرَت نَفســُها وَقَــلَّ الفِــداءُ
ســـَل كِلوبَــترَةَ المُكايِــدِ هَلّا
صــَدَّها عَــن وَلاءِ رومـا الـدَهاءُ
فَبِرومــــا تَأَيَّـــدَت وَبِرومـــا
هِـــيَ تَشــقى وَهَكَــذا الأَعــداءُ
وَلِرومـا المُلـكُ الَّـذي طالَما وا
فـاهُ فـي السـِرِّ نُصـحُها وَالـوَلاءُ
وَتَـوَلَّت مِصـراً يَميـنٌ عَلـى المِـص
رِيِّ مِــن دونِ ذا الــوَرى عَسـراءُ
تُســمِعُ الأَرضُ قَيصـَراً حيـنَ تَـدعو
وَعَقيــمٌ مِـن أَهـلِ مِصـرَ الـدُعاءُ
وَيُنيـلُ الـوَرى الحُقـوقَ فَـإِن نا
دَتـــهُ مِصـــرٌ فَـــأُذنُهُ صــَمّاءُ
فَاِصـــبِري مِصـــرُ لِلبَلاءِ وَأَنّــى
لَـــــكِ وَالصـــــَبرُ لِلبَلاءِ بَلاءُ
ذا الَّــذي كُنــتِ تَلتَجيـنَ إِلَيـهِ
لَيــسَ مِنـهُ إِلـى سـِواهُ النَجـاءُ
رَبِّ شــُقتَ العِبـادَ أَزمـانَ لا كُـت
بٌ بِهـــا يُهتَـــدى وَلا أَنبِيــاءُ
ذَهَبـوا فـي الهَـوى مَـذاهِبَ شـَتّى
جَمَعَتهـــا الحَقيقَــةُ الزَهــراءُ
فَـــإِذا لَقَّبــوا قَوِيّــاً إِلَهــا
فَلَــهُ بِــالقُوى إِلَيــكِ اِنتِهـاءُ
وَإِذا آثَــــروا جَميلاً بِتَنــــزي
هٍ فَــإِنَّ الجَمــالَ مِنــكِ حِبــاءُ
وَإِذا أَنشــَئوا التَماثيــلَ غُـرّاً
فَإِلَيـــكِ الرُمـــوزُ وَالإيمـــاءُ
وَإِذا قَــدَّروا الكَــواكِبَ أَربــا
بـاً فَمِنـكِ السـَنا وَمِنـكِ السَناءُ
وَإِذا أَلَّهــوا النَبــاتَ فَمِــن آ
ثــارِ نُعمــاكِ حُســنُهُ وَالنَمـاءُ
وَإِذا يَمَّمــوا الجِبــالَ ســُجوداً
فَـــالمُرادُ الجَلالَـــةُ الشــَمّاءُ
وَإِذا تُعبَــدُ البِحــارُ مَــعَ الأَس
مـــاكِ وَالعاصـــِفاتُ وَالأَنــواءُ
وَســـِباعُ الســـَماءِ وَالأَرضِ وَالأَر
حــــامُ وَالأُمَّهــــاتُ وَالآبـــاءُ
لِعُلاكَ المُــــــذَكَّراتُ عَبيـــــدٌ
خُضــــَّعٌ وَالمُؤَنَّثــــاتُ إِمـــاءُ
جَمَــعَ الخَلــقَ وَالفَضــيلَةَ ســِرٌّ
شــَفَّ عَنــهُ الحِجـابُ فَهـوَ ضـِياءُ
ســَجَدَت مِصـرُ فـي الزَمـانِ لِإيـزي
سَ النَـدى مَـن لَها اليَدُ البَيضاءُ
إِن تَــلِ البَــرَّ فَــالبِلادُ نُضـارٌ
أَو تَــلِ البَحـرَ فَالرِيـاحُ رُخـاءُ
أَو تَـلِ النَفـسَ فَهـيَ فـي كُلِّ عُضوٍ
أَو تَــلِ الأُفـقَ فَهـيَ فيـهِ ذُكـاءُ
قيـلَ إيزيـسُ رَبَّـةَ الكَـونِ لَـولا
أَن تَوَحَّــدتِ لَــم تَــكُ الأَشــياءُ
وَاِتَّخَـذتِ الأَنـوارَ حُجبـاً فَلَـم تُب
صـــِركِ أَرضٌ وَلا رَأَتـــكِ ســـَماءُ
أَنـتِ مـا أَظهَـرَ الوُجـودُ وَما أَخ
فــى وَأَنــتِ الإِظهــارُ وَالإِخفـاءُ
لَـــكَ آبيـــسُ وَالمُحَبَّـــبُ أوزي
ريــسُ وَاِبنــاهُ كُلُّهُــم أَولِيـاءُ
مُثِّلَــت لِلعُيــونِ ذاتُــكِ وَالتَـم
ثيــلُ يُــدني مَـن لا لَـهُ إِدنـاءُ
وَاِدَّعـاكِ اليونـانُ مِـن بَعـدِ مِصرٍ
وَتَلاهُ فــــي حُبِّـــكِ القُـــدَماءُ
فَــإِذا قيــلَ مــا مَفـاخِرَ مِصـرٍ
قيــلَ مِنهــا إيزيسـُها الغَـرّاءُ
رَبِّ هَــذي عُقولُنــا فــي صـِباها
نالَهـا الخَـوفُ وَاِستَباها الرَجاءُ
فعَشــِقناكَ قَبـلَ أَن تَـأتِيَ الـرُس
لُ وَقــــامَت بِحُبِّـــكَ الأَعضـــاءُ
وَوَصــَلنا الســُرى فَلَـولا ظَلامُ ال
جَهـلِ لَـم يَخطُنـا إِلَيـكِ اِهتِـداءُ
وَاِتَّخَــذنا الأَســماءَ شـَتّى فَلَمّـا
جـاءَ موسـى اِنتَهَـت لَـكَ الأَسـماءُ
حَجَّنـا فـي الزَمـانِ سـِحراً بِسـِحرٍ
وَاِطمَـأَنَّت إِلـى العَصـا السـُعَداءُ
وَيُريــدُ الإِلَــهُ أَن يُكـرَمَ العَـق
لُ وَأَلّا تُحَقَّـــــــــــــرَ الآراءُ
ظَــنَّ فِرعَــونُ أَنَّ موســى لَـهُ وا
فٍ وَعِنـدَ الكِـرامِ يُرجـى الوَفـاءُ
لَـم يَكُـن فـي حِسـابِهِ يَـومَ رَبّـى
أَن سـَيَأتي ضـِدَّ الجَـزاءِ الجَـزاءُ
فَـــرَأى اللَــهُ أَن يَعِــقَّ وَلِــلَّ
هِ تَفـــي لا لِغَيـــرِهِ الأَنبِيــاءُ
مِصـرُ موسـى عِنـدَ اِنتِمـاءٍ وَموسى
مِصــرُ إِن كــانَ نِسـبَةٌ وَاِنتِمـاءُ
فَبِــهِ فَخرُهــا المُؤَيَّــدُ مَهمــا
هُــزَّ بِالســَيِّدِ الكَليـمِ اللِـواءُ
إِن تَكُـن قَـد جَفَتهُ في ساعَةِ الشَكِّ
فَحَــظُّ الكَــبيرِ مِنهــا الجَفـاءُ
خِلَّــةٌ لِلبِلادِ يَشــقى بِهـا النـا
سُ وَتَشـــقى الــدِيارُ وَالأَبنــاءُ
فَكَــــبيرٌ أَلّا يُصــــانَ كَـــبيرٌ
وَعَظيـــمٌ أَن يُنبَـــذَ العُظَمــاءُ
وُلِــدَ الرِفـقُ يَـومَ مَولِـدِ عيسـى
وَالمُــروءاتُ وَالهُــدى وَالحَيـاءُ
وَاِزدَهـى الكَـونُ بِالوَليـدِ وَضاءَت
بِســَناهُ مِــنَ الثَــرى الأَرجــاءُ
وَســَرَت آيَــةُ المَسـيحِ كَمـا يَـس
ري مِـنَ الفَجرِ في الوُجودِ الضِياءُ
تَملَأُ الأَرضَ وَالعَــــوالِمَ نـــوراً
فَـــالثَرى مــائِجٌ بَهــاً وَضــّاءُ
لا وَعيـــدٌ لا صــَولَةٌ لا اِنتِقــامُ
لا حُســـامٌ لا غَـــزوَةٌ لا دِمـــاءُ
مَلَـــكٌ جــاوَرَ التُــرابَ فَلَمّــا
مَـلَّ نـابَت عَـنِ التُـرابِ السـَماءُ
وَأَطـــاعَتهُ فــي الإِلَــهِ شــُيوخٌ
خُشــــَّعٌ خُضـــَّعٌ لَـــهُ ضـــُعَفاءُ
أَذعَـنَ النـاسُ وَالمُلـوكُ إِلـى ما
رَســــَموا وَالعُقــــولُ وَالعُقَلاءُ
فَلَهُـــم وَقفَــةٌ عَلــى كُــلِّ أَرضٍ
وَعَلـــى كُـــلِّ شـــاطِئٍ إِرســاءُ
دَخَلــوا ثَيبَــةً فَأَحســَنَ لُقيــا
هُـــم رِجـــالٌ بِثيبَــةٍ حُكَمــاءُ
فَهِمـوا السـِرَّ حيـنَ ذاقـوا وَسَهلٌ
أَن يَنــالَ الحَقــائِقَ الفُهَمــاءُ
فَــإِذا الهَيكَــلُ المُقَــدَّسُ دَيـرٌ
وَإِذا الـــدَيرُ رَونَـــقٌ وَبَهــاءُ
وَإِذا ثَيبَـــةٌ لِعيســـى وَمَنفــي
سُ وَنَيـــلُ الثَــراءِ وَالبَطحــاءُ
إِنَّمـــا الأَرضُ وَالفَضــاءُ لِرَبّــي
وَمُلـــوكُ الحَقيقَـــةِ الأَنبِيــاءُ
لَهُــمُ الحُـبُّ خالِصـاً مِـن رَعايـا
هُــم وَكُـلُّ الهَـوى لَهُـم وَالـوَلاءُ
إِنَّمــا يُنكِــرُ الــدِياناتِ قَـومٌ
هُــم بِمــا يُنكِرونَــهُ أَشــقِياءُ
هَرِمَــت دَولَــةُ القَياصـِرِ وَالـدَو
لاتُ كَالنـــاسِ داؤُهُــنَّ الفَنــاءُ
لَيـسَ تُغنـي عَنهـا البِلادُ وَلا مـا
لُ الأَقــاليمِ إِن أَتاهـا النِـداءُ
نـالَ رومـا مـا نالَ مِن قَبلُ آثي
نــا وَســيمَتهُ ثَيبَــةُ العَصـماءُ
سـُنَّةُ اللَـهِ فـي المَمالِـكِ مِن قَب
لُ وَمِــن بَعـدِ مـا لِنُعمـى بَقـاءُ
أَظلَـمَ الشـَرقُ بَعـدَ قَيصـَرَ وَالغَر
بُ وَعَــــمَّ البَرِيَّـــةَ الإِدجـــاءُ
فَـــالوَرى فــي ضــَلالِهِ مُتَمــادٍ
يَفتُـــكُ الجَهــلُ فيــهِ وَالجُهَلاءُ
عَــرَّفَ اللَــهَ ضــِلَّةً فَهــوَ شـَخصٌ
أَو شـــِهابٌ أَو صـــَخرَةٌ صـــَمّاءُ
وَتَــوَلّى عَلـى النُفـوسِ هَـوى الأَو
ثــانِ حَتّـى اِنتَهَـت لَـهُ الأَهـواءُ
فَــرَأى اللَــهُ أَن تُطَهَّـرَ بِالسـَي
فِ وَأَن تَغســِلَ الخَطايـا الـدِماءُ
وَكَــذاكَ النُفــوسُ وَهــيَ مِــراضٌ
بَعــضُ أَعضــائِها لِبَعــضٍ فِــداءُ
لَـم يُعـادِ اللَـهُ العَبيـدَ وَلَكِـن
شـــَقِيَت بِالغَبـــاوَةِ الأَغبِيــاءُ
وَإِذا جَلَّـــتِ الـــذُنوبُ وَهــالَت
فَمِــنَ العَـدلِ أَن يَهـولَ الجَـزاءُ
أَشـرَقَ النـورُ فـي العَـوالِمِ لَمّا
بَشــــَّرَتها بِأَحمَـــدَ الأَنبـــاءُ
بِــاليَتيمِ الأُمِّـيِّ وَالبَشـَرِ المـو
حــى إِلَيــهِ العُلــومُ وَالأَسـماءُ
قُــوَّةُ اللَــهِ إِن تَــوَلَّت ضـَعيفاً
تَعِبَــت فــي مِراســِهِ الأَقوِيــاءُ
أَشــرَفُ المُرســَلينَ آيَتُـهُ النُـط
قُ مُبينـــاً وَقَـــومُهُ الفُصــَحاءُ
لَـم يَفُـه بِـالنَوابِغِ الغُـرِّ حَتّـى
ســَبَقَ الخَلــقَ نَحــوَهُ البُلَغـاءُ
وَأَتَتــهُ العُقـولُ مُنقـادَةَ اللُـب
بِ وَلَبّـــى الأَعــوانُ وَالنُصــَراءُ
جــاءَ لِلنــاسِ وَالسـَرائِرُ فَوضـى
لَـــم يُؤَلِّـــف شــَتاتُهُنّ لِــواءُ
وَحِمــى اللَـهُ مُسـتَباحٌ وَشـَرعُ ال
لَـــهِ وَالحَـــقُّ وَالصــَوابُ وَراءُ
فَلِجِبريـــــــــــلَ جَيئَةٌ وَرَواحٌ
وَهُبــوطٌ إِلــى الثَـرى وَاِرتِقـاءُ
يُحســَبُ الأُفـقُ فـي جَنـاحَيهِ نـورٌ
ســـُلِبَتهُ النُجـــومُ وَالجَــوزاءُ
تِلــكَ آيُ الفُرقــانِ أَرسـَلَها ال
لَـهُ ضـِياءً يَهـدي بِـهِ مَـن يَشـاءُ
نَســَخَت ســُنَّةَ النَبِيّيــنَ وَالـرُس
لِ كَمــا يَنسـَخُ الضـِياءَ الضـِياءُ
وَحَماهـــا غُـــرٌّ كِــرامٌ أَشــِدّا
ءُ عَلــى الخَصــمِ بَينَهُـم رُحَمـاءُ
أُمَّــةٌ يَنتَهــي البَيــانُ إِلَيهـا
وَتَـــؤولُ العُلـــومُ وَالعُلَمــاءُ
جــازَتِ النَجــمَ وَاِطمَـأَنَّت بِـأُفقٍ
مُطمَئِنٍّ بِـــهِ الســَنا وَالســَناءُ
كُلَّمــــا حَثَّـــتِ الرِكـــابَ لِأَرضٍ
جــاوَرَ الرُشـدُ أَهلَهـا وَالـذَكاءُ
وَعَلا الحَــقُّ بَينَهُـم وَسـَما الفَـض
لُ وَنـــالَت حُقوقَهــا الضــُعَفاءُ
تَحمِـلُ النَجـمَ وَالوَسـيلَةَ وَالمـي
زانَ مِـن دينِهـا إِلـى مَـن تَشـاءُ
وَتُنيــلُ الوُجــودَ مِنــهُ نِظامـاً
هُــوَ طِـبُّ الوُجـودِ وَهـوَ الـدَواءُ
يَرجِـعُ النـاسُ وَالعُصـورُ إِلـى ما
ســـَنَّ وَالجاحِـــدونَ وَالأَعـــداءُ
فيـهِ مـا تَشـتَهي العَزائِمُ إِن هَم
مَ ذَووهـــا وَيَشــتَهي الأَذكِيــاءُ
فَلِمَــن حــاوَلَ النَعيــمَ نَعيــمٌ
وَلِمَـــن آثَــرَ الشــَقاءَ شــَقاءُ
أَيَـرى العُجمُ مِن بَني الظِلِّ وَالما
ءِ عَجيبــاً أَن تُنجِــبَ البَيــداءُ
وَتُــثيرُ الخِيــامُ آســادَ هَيجـا
ءَ تَراهـــا آســادَها الهَيجــاءُ
مـا أَنـافَت عَلى السَواعِدِ حَتّى ال
أَرضُ طُــرّاً فـي أَسـرِها وَالفَضـاءُ
تَشــهَدُ الصـينُ وَالبِحـارُ وَبَغـدا
دُ وَمِصـــرٌ وَالغَــربُ وَالحَمــراءُ
مَـن كَعَمـرِو البِلادِ وَالضـادُ مِمّـا
شــادَ فيهــا وَالمِلَّــةُ الغَـرّاءُ
شــادَ لِلمُســلِمينَ رُكنـاً جَسـاماً
ضــافِيَ الظِــلِّ دَأبُــهُ الإيــواءُ
طالَمــا قــامَتِ الخِلافَــةُ فيــهِ
فَاِطمَـــأَنَّت وَقـــامَتِ الخُلَفــاءُ
وَاِنتَهـى الـدينُ بِالرَجـاءِ إِلَيـهِ
وَبَنــو الــدينِ إِذ هُــمُ ضـُعَفاءُ
مَــن يَصــُنهُ يَصــُن بَقِيَّــةَ عِــزٍّ
غَيَّــضَ التُــركُ صــَفوَهُ وَالثَـواءُ
فَاِبـكِ عَمَـراً إِن كُنـتَ مُنصِفَ عَمرو
إِنَّ عُمَــــراً لَنَيِّــــرٌ وَضــــّاءُ
جـادَ لِلمُسـلِمينَ بِالنيـلِ وَالنـي
لُ لِمَـــن يَقتَنيـــهِ أَفريقـــاءُ
فَهـيَ تَعلـو شـَأناً إِذا حُرِّرَ الني
لُ وَفــــي رِقِّـــهِ لَهـــا إِزراءُ
وَاِذكُــرِ الغُـرَّ آلَ أَيّـوبَ وَاِمـدَح
فَمِــنَ المَــدحِ لِلرِجــالِ جَــزاءُ
هُـم حُمـاةُ الإِسـلامِ وَالنَفَـرُ البي
ضُ المُلـــوكُ الأَعِــزَّةُ الصــُلَحاءُ
كُـــلَّ يَــومٍ بِالصــالِحِيَّةِ حِصــنٌ
وَبِبُلبَيــــسَ قَلعَــــةٌ شــــَمّاءُ
وَبِمِصـــرٍ لِلعِلـــمِ دارٌ وَلِلضــَي
فـــانِ نـــارٌ عَظيمَــةٌ حَمــراءُ
وَلِأَعــــداءِ آلِ أَيّــــوبَ قَتـــلٌ
وَلِأَســــراهُمُ قِــــرىً وَثَــــواءُ
يَعــرِفُ الـدينُ مَـن صـَلاحٌ وَيَـدري
مَــن هُــوَ المَســجِدانِ وَالإِسـراءُ
إِنَّــهُ حِصــنُهُ الَّـذي كـانَ حِصـناً
وَحُمــاهُ الَّــذي بِــهِ الاِحتِمــاءُ
يَــومَ سـارَ الصـَليبُ وَالحـامِلوهُ
وَمَشــى الغَــربُ قَـومُهُ وَالنِسـاءُ
بِنُفــوسٍ تَجــولُ فيهــا الأَمـاني
وَقُلــوبٍ تَثــورُ فيهــا الـدِماءُ
يُضــمِرونَ الـدَمارَ لِلحَـقِّ وَالنـا
سِ وَديــنِ الَّـذينَ بِـالحَقِّ جـاؤوا
وَيَهُـــدّونَ بِـــالتِلاوَةِ وَالصـــُل
بـانِ مـا شـادَ بِالقَنـا البَنّـاءُ
فَتَلَقَّتهُــــمُ عَــــزائِمُ صــــِدقٍ
نُـــصَّ لِلـــدينِ بَينَهُــنَّ خِبــاءُ
مَزَّقَــت جَمعَهُــم عَلــى كُــلِّ أَرضٍ
مِثلَمـــا مَــزَّقَ الظَلامَ الضــِياءُ
وَســَبَت أَمــرَدَ المُلــوكِ فَــرَدَّت
هُ وَمــا فيــهِ لِلرَعايــا رَجـاءُ
وَلَـــو أَنَّ المَليــكَ هيــبَ أَذاهُ
لَـم يُخَلِّصـهُ مِـن أَذاهـا الفِـداءُ
هَكَـذا المُسـلِمونَ وَالعَـرَبُ الخـا
لــونَ لا مــا يَقــولُهُ الأَعــداءُ
فَبِهِـم فـي الزَمانِ نِلنا اللَيالي
وَبِهِــم فـي الـوَرى لَنـا أَنبـاءُ
لَيــسَ لِلــذُلِّ حيلَــةٌ فـي نُفـوسٍ
يَسـتَوي المَـوتُ عِنـدَها وَالبَقـاءُ
وَاِذكُـرِ التُـركَ إِنَّهُـم لَم يُطاعوا
فَيَـرى النـاسُ أَحسَنوا أَم أَساؤوا
حَكَمَــت دَولَــةُ الجَراكِــسِ عَنهُـمُ
وَهــيَ فـي الـدَهرِ دَولَـةٌ عَسـراءُ
وَاِســتَبَدَّت بِــالأَمرِ مِنهُــم فَبـا
شـا التُـركِ فـي مِصـرَ آلَـةٌ صَمّاءُ
يَأخُـذُ المـالَ مِـن مَواعيدَ ما كا
نــوا لَهـا مُنجِزيـنَ فَهـيَ هَبـاءُ
وَيَســـومونَهُ الرِضـــا بِـــأُمورٍ
لَيــسَ يَرضــى أَقَلَّهُــنَّ الرَضــاءُ
فَيُــداري لِيَعصــِمَ الغَــدَ مِنهُـم
وَالمُـــداراةُ حِكمَـــةٌ وَدَهـــاءُ
وَأَتـى النَسـرُ يَنهَـبُ الأَرضَ نَهبـاً
حَــولَهُ قَــومُهُ النُســورُ ظِمــاءُ
يَشــتَهي النيـلَ أَن يُشـيدَ عَلَيـهِ
دَولَــةً عَرضـُها الثَـرى وَالسـَماءُ
حَلُمَـت رومَـةٌ بِهـا فـي اللَيـالي
وَرَآهـــا القَياصـــِرُ الأَقوِيــاءُ
فَــأَتَت مِصــرَ رُســلُهُم تَتَــوالى
وَتَرامَـــت ســودانَها العُلَمــاءُ
وَلَــوِ اِستَشـهَدَ الفَرَنسـيسُ رومـا
لَأَتَتهُـــم مِــن رومَــةَ الأَنبــاءُ
عَلِمَــت كُــلُّ دَولَــةٍ قَــد تَـوَلَّت
أَنَّنــا ســُمُّها وَأَنّــا الوَبــاءُ
قــاهِرُ العَصـرِ وَالمَمالِـكِ نابِـل
يــونُ وَلَّــت قُــوّادُهُ الكُبَــراءُ
جـاءَ طَيشـاً وَراحَ طَيشـاً وَمِـن قَب
لُ أَطاشـــَت أُناســَها العَليــاءُ
ســَكَتَت عَنــهُ يَــومَ عَيَّرَهـا الأَه
رامُ لَكِـــن ســُكوتُها اِســتِهزاءُ
فَهـيَ تـوحي إِلَيـهِ أَن تِلـكَ واتِر
لـو فَـأَينَ الجُيـوشُ أَيـنَ اللِواءُ
وأتــى المنتمــي لأمــة عثمـا
ن عليٌّ: مـــن يعـــرف الأحيــاء
ملـك الحلـم والعـزائم إن عد
دت ملـــوك الزمــان والأمــراء
رام بـالريف والصـعيد أمورا
لـم تنـل كنـه غورهـا الاغبيـاء
رام تاجيهمــا وعـرش المعـالي
ويـــروم العظـــائم العظمــاء
أمـــل ابيــض الخلال رفيــع
صــــغرته الأذلـــة الأشـــقياء
فكفــاه أن جـاء ميتـا فأحيـا
وكفـــى مصـــر ذلــك الإحيــاء
واذكـر العـادل الكريـم سعيدا
إن قومــا لــه انتمـوا سـعداء
المهيـب اللواء في السيف والس
لــم المفــدى فمـا لـه اعـداء
عربـــــي زمـــــانه عمــــري
عهـــده فيـــه رحمــة ووفــاء
مثلمــا شــاءت الرامــل والأي
تـــام والبائســون والضــعفاء
جمــع الزاخريــن كرهـا فلا كـا
نــا ولا كــان ذلــك الإلتقــاء
أحمـر عنـد أبيـض للبرايـا
حصــة القطــر منهمــا ســوداء
وغزير الهدى من الحمد والتو
فيــق صــيغت لــذاته الأســماء
بثــت العــدل راحتــاه وعـزت
فــي حمــاه العلـوم والعلمـاء
إن أتاهـا فليـس فيهـا بباد
أو جناهــا فـذا الـورى شـركاء
أخطـا الأقربـون موضـعها الدا
نــي وفــازت بنيلـه البعـداء
لا يلـم بعضـكم علـى الخطب بعضا
أيهــا القــوم كلكــم أبريـاء
ضــلة زانهــا الشــقاء لمصـر
ومـن الـذنب مـا يجيـء الشـقاء
وقضــى اللـه للعزيـز بنصـر
فــأتى نصــره وكــان القضــاء
يـا عزيـز الأنـام والعصر سمعا
فلقــد شــاق منطقــي الإصــغاء
إن عصــرا مـولاي فيـه المرجـى
أنــا فيــه القريـض والشـعراء
هــذه حكمــتي وهــذا بيــاني
لــي بـه نحـو راحتيـك ارتقـاء
ألثـم السدة التي إن أنلها
تهــو فيهــا وتســجد الجـوزاء
ســائلا أن تعيـش مصـر ويبقـى
لــك منهـا ومـن بنيهـا الـولاء
كيــف تشــقى بحــب حلمـي بلاد
نحــن أسـيافها وحلمـي المضـاء
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932