
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إِلـى عَرَفـاتِ اللَـهِ يا خَيرَ زائِرٍ
عَلَيــكَ ســَلامُ اللَـهِ فـي عَرَفـاتِ
وَيَـومَ تُـوَلّى وُجهَـةَ البَيتِ ناضِراً
وَسـيمَ مَجـالي البِشـرِ وَالقَسـَماتِ
عَلــى كُــلِّ أُفـقٍ بِالحِجـازِ مَلائِكٌ
تَــزُفُّ تَحايــا اللَـهِ وَالبَرَكـاتِ
إِذا حُـدِيَت عيـسُ المُلـوكِ فَـإِنَّهُم
لِعيسـِكَ فـي البَيـداءِ خَيـرُ حُداةِ
لَـدى البـابِ جِبريلُ الأَمينُ بِراحِهِ
رَســـائِلُ رَحمانِيَّـــةُ النَفَحــاتِ
وَفـي الكَعبَـةِ الغَـرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّبٌ
بِكَعبَـــةِ قُصــّادٍ وَرُكــنِ عُفــاةِ
وَمـا سـَكَبَ الميـزابُ مـاءً وَإِنَّما
أَفــاضَ عَلَيــكَ الأَجـرَ وَالرَحَمـاتِ
وَزَمـزَمُ تَجـري بَيـنَ عَينَيكَ أَعيُناً
مِـنَ الكَـوثَرِ المَعسـولِ مُنفَجِـراتِ
وَيَرمـونَ إِبليـسَ الرَجيـمَ فَيَصطَلي
وَشــانيكَ نيرانـاً مِـنَ الجَمَـراتِ
يُحَيّيــكَ طَــهَ فـي مَضـاجِعِ طُهـرِهِ
وَيَعلَــمُ مـا عـالَجتَ مِـن عَقَبـاتِ
وَيُثنـي عَلَيـكَ الراشـِدونَ بِصـالِحٍ
وَرُبَّ ثَنــاءٍ مِــن لِســانِ رُفــاتِ
لَـكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم
لِبَيــتٍ طَهـورِ السـاحِ وَالعَرَصـاتِ
أَرى النـاسَ أَصنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ
إِلَيـكَ اِنتَهَـوا مِـن غُربَـةٍ وَشَتاتِ
تَسـاوَوا فَلا الأَنسـابُ فيها تَفاوُتٌ
لَـــدَيكَ وَلا الأَقــدارُ مُختَلِفــاتِ
عَنَـت لَـكَ في التُربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ
يَـدينُ لَهـا العـاتي مِنَ الجَبَهاتِ
مُنَــوِّرَةٌ كَالبَـدرِ شـَمّاءُ كَالسـُها
وَتُخفَــضُ فــي حَــقٍّ وَعِنــدَ صـَلاةِ
وَيـا رَبِّ لَـو سـَخَّرتَ ناقَـةَ صـالِحٍ
لِعَبـدِكَ مـا كـانَت مِـنَ السَلِسـاتِ
وَيــا رَبِّ هَـل سـَيّارَةٌ أَو مَطـارَةٌ
فَيَـدنو بَعيـدُ البيـدِ وَالفَلَـواتِ
وَيـا رَبِّ هَـل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ
وَفـي العُمـرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ
وَتَشـهَدُ مـا آذَيـتُ نَفساً وَلَم أَضِر
وَلَـم أَبـغِ فـي جَهـري وَلا خَطَراتي
وَلا غَلَبَتنــي شــِقوَةٌ أَو ســَعادَةٌ
عَلــى حِكمَــةٍ آتَيتَنــي وَأَنــاةِ
وَلا جـالَ إِلّا الخَيـرُ بَيـنَ سَرائِري
لَــدى ســُدَّةٍ خَيرِيَّــةِ الرَغَبــاتِ
وَلا بِــتُّ إِلّا كَـاِبنِ مَريَـمَ مُشـفِقاً
عَلــى حُســَّدي مُسـتَغفِراً لِعِـداتي
وَلا حُمِّلَــت نَفــسٌ هَــوىً لِبِلادِهـا
كَنَفسـِيَ فـي فِعلـي وَفـي نَفَثـاتي
وَإِنّــي وَلا مَــنٌّ عَلَيــكَ بِطاعَــةٍ
أُجِـلُّ وَأُغلـي فـي الفُـروضِ زَكاتي
أُبلَــغُ فيهـا وَهـيَ عَـدلٌ وَرَحمَـةٌ
وَيَترُكُهـا النُسـّاكُ فـي الخَلَـواتِ
وَأَنـتَ وَلِـيُّ العَفـوِ فَاِمـحُ بِناصِعٍ
مِـنَ الصـَفحِ مـا سَوَّدتُ مِن صَفَحاتي
وَمَـن تَضـحَكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَرِر
يَمُــت كَقَتيـلِ الغيـدِ بِالبَسـَماتِ
وَرَكِــبَ كَإِقبــالِ الزَمـانِ مُحَجَّـلٍ
كَريـمِ الحَواشـي كـابِرِ الخُطُـواتِ
يَســيرُ بِـأَرضٍ أَخرَجَـت خَيـرَ أُمَّـةٍ
وَتَحــتَ سـَماءِ الـوَحيِ وَالسـُوَراتِ
يُفيـضُ عَلَيهـا اليُمـنَ في غَدَواتِهِ
وَيُضـفي عَلَيهـا الأَمنَ في الرَوَحاتِ
إِذا زُرتَ يــا مَـولايَ قَـبرَ مُحَمَّـدٍ
وَقَبَّلــتَ مَثـوى الأَعظَـمِ العَطِـراتِ
وَفاضـَت مَـعَ الدَمعِ العُيونُ مَهابَةً
لِأَحمَــدَ بَيــنَ السـِترِ وَالحُجُـراتِ
وَأَشــرَقَ نــورٌ تَحــتَ كُـلِّ ثَنِيَّـةٍ
وَضــاعَ أَريــجٌ تَحــتَ كُـلِّ حَصـاةِ
لِمُظهِـرِ ديـنِ اللَـهِ فَـوقَ تَنوفَـةٍ
وَبــاني صـُروحِ المَجـدِ فَـوقَ فَلاةِ
فَقُـل لِرَسـولِ اللَـهِ يا خَيرَ مُرسَلٍ
أَبُثُّــكَ مـا تَـدري مِـنَ الحَسـَراتِ
شـُعوبُكَ فـي شـَرقِ البِلادِ وَغَربِهـا
كَأَصــحابِ كَهـفٍ فـي عَميـقِ سـُباتِ
بِأَيمــانِهِم نــورانِ ذِكـرٌ وَسـُنَّةٌ
فَمـا بـالُهُم فـي حالِـكِ الظُلُماتِ
وَذَلِــكَ ماضــي مَجـدِهِم وَفَخـارِهِم
فَمــا ضــَرَّهُم لَـو يَعمَلـونَ لِآتـي
وَهَــذا زَمــانٌ أَرضــُهُ وَســَماؤُهُ
مَجــالٌ لِمِقــدامٍ كَــبيرِ حَيــاةِ
مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَئوا
بَــوارِجَ فــي الأَبـراجِ مُمتَنِعـاتِ
فَقُــل رَبِّ وَفِّــق لِلعَظـائِمِ أُمَّـتي
وَزَيِّــن لَهـا الأَفعـالَ وَالعَزَمـاتِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932