
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
سـَلو قَلـبي غَـداةَ سـَلا وَثابـا
لَعَـلَّ عَلـى الجَمـالِ لَـهُ عِتابا
وَيُسـأَلُ فـي الحَـوادِثِ ذو صَوابٍ
فَهَـل تَـرَكَ الجَمـالُ لَـهُ صَوابا
وَكُنـتُ إِذا سـَأَلتُ القَلـبَ يَوماً
تَـوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا
وَلــي بَيـنَ الضـُلوعِ دَمٌ وَلَحـمٌ
هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَبابا
تَسـَرَّبَ فـي الـدُموعِ فَقُلـتُ وَلّى
وَصـَفَّقَ فـي الضـُلوعِ فَقُلتُ ثابا
وَلَــو خُلِقَـت قُلـوبٌ مِـن حَديـدٍ
لَمـا حَمَلَـت كَمـا حَمَلَ العَذابا
وَأَحبــابٍ ســُقيتُ بِهِــم سـُلافاً
وَكـانَ الوَصـلُ مِـن قِصـَرٍ حَبابا
وَنادَمنـا الشـَبابَ عَلـى بِسـاطٍ
مِــنَ اللَــذاتِ مُختَلِـفٍ شـَرابا
وَكُــلُّ بِسـاطِ عَيـشٍ سـَوفَ يُطـوى
وَإِن طـالَ الزَمـانُ بِـهِ وَطابـا
كَــأَنَّ القَلــبَ بَعــدَهُمُ غَريـبٌ
إِذا عـادَتهُ ذِكـرى الأَهـلِ ذابا
وَلا يُنبيـكَ عَـن خُلُـقِ اللَيـالي
كَمَــن فَقَـدَ الأَحِبَّـةَ وَالصـَحابا
أَخـا الـدُنيا أَرى دُنياكَ أَفعى
تُبَـــدِّلُ كُــلَّ آوِنَــةٍ إِهابــا
وَأَنَّ الرُقــطَ أَيقَــظُ هاجِعــاتٍ
وَأَتـرَعُ فـي ظِلالِ السـِلمِ تابـا
وَمِــن عَجَــبٍ تُشــَيِّبُ عاشـِقيها
وَتُفنيهِــمِ وَمـا بَرَحَـت كَعابـا
فَمَــن يَغتَــرُّ بِالـدُنيا فَـإِنّي
لَبِسـتُ بِهـا فَـأَبلَيتُ الثِيابـا
لَهـا ضـَحِكُ القِيـانِ إِلـى غَبِـيٍّ
وَلـي ضـَحِكُ اللَـبيبِ إِذا تَغابى
جَنَيــتُ بِرَوضــِها وَرداً وَشـَوكاً
وَذُقــتُ بِكَأسـِها شـُهداً وَصـابا
فَلَـم أَرَ غَيـرَ حُكـمِ اللَهِ حُكماً
وَلَـم أَرَ دونَ بـابِ اللَـهِ بابا
وَلا عَظَّمــتُ فــي الأَشــياءِ إِلّا
صـَحيحَ العِلـمِ وَالأَدَبِ اللُبابـا
وَلا كَرَّمــــتُ إِلّا وَجـــهَ حُـــرٍّ
يُقَلِّـدُ قَـومَهُ المِنَـنَ الرَغابـا
وَلَـم أَرَ مِثـلَ جَمـعِ المالِ داءً
وَلا مِثــلَ البَخيـلِ بِـهِ مُصـابا
فَلا تَقتُلـــكَ شــَهوَتُهُ وَزِنهــا
كَمـا تَـزِنُ الطَعامَ أَوِ الشَرابا
وَخُــذ لِبَنيــكَ وَالأَيّـامِ ذُخـراً
وَأَعــطِ اللَـهَ حِصـَّتَهُ اِحتِسـابا
فَلَـو طـالَعتَ أَحـداثَ اللَيـالي
وَجَـدتَ الفَقـرَ أَقرَبَها اِنتِيابا
وَأَنَّ البِــرَّ خَيــرٌ فــي حَيـاةٍ
وَأَبقــى بَعــدَ صـاحِبِهِ ثَوابـا
وَأَنَّ الشـــَرَّ يَصــدَعُ فــاعِليهِ
وَلَــم أَرَ خَيِّــراً بِالشـَرِّ آبـا
فَرِفقـاً بِـالبَنينِ إِذا اللَيالي
عَلـى الأَعقـابِ أَوقَعَـتِ العِقابا
وَلَـم يَتَقَلَّـدوا شـُكرَ اليَتـامى
وَلا اِدَّرَعـوا الدُعاءَ المُستَجابا
عَجِبــتُ لِمَعشـَرٍ صـَلّوا وَصـاموا
عَــواهِرَ خِشــيَةً وَتُقـى كِـذابا
وَتُلفيهُــمُ حِيـالَ المـالِ صـُمّاً
إِذا داعـي الزَكـاةِ بِهِم أَهابا
لَقَـد كَتَمـوا نَصـيبَ اللَـهِ مِنهُ
كَـأَنَّ اللَـهَ لَـم يُحـصِ النِصابا
وَمَـن يَعـدِل بِحُـبِّ اللَـهِ شـَيئاً
كَحُـبِّ المـالِ ضـَلَّ هَـوىً وَخابـا
أَرادَ اللَــهُ بِــالفُقَراءِ بِـرّاً
وَبِالأَيتــامِ حُبّــاً وَاِرتِبابــا
فَـــرُبَّ صــَغيرِ قَــومٍ عَلَّمــوهُ
سـَما وَحَمـى المُسـَوَّمَةَ العِرابا
وَكــانَ لِقَــومِهِ نَفعـاً وَفَخـراً
وَلَـو تَرَكـوهُ كـانَ أَذىً وَعابـا
فَعَلِّـم مـا اِسـتَطَعتَ لَعَـلَّ جيلاً
سـَيَأتي يُحـدِثُ العَجَـبَ العُجابا
وَلا تُرهِــق شـَبابَ الحَـيِّ يَأسـاً
فَـإِنَّ اليَـأسَ يَختَـرِمُ الشـَبابا
يُريـدُ الخـالِقُ الرِزقَ اِشتِراكاً
وَإِن يَــكُ خَـصَّ أَقوامـاً وَحـابى
فَمـا حَـرَمَ المُجِـدَّ جَنـى يَـدَيهِ
وَلا نَســِيَ الشـَقِيَّ وَلا المُصـابا
وَلَـولا البُخـلُ لَـم يَهلِـك فَريقٌ
عَلـى الأَقـدارِ تَلقـاهُمُ غِضـابا
تَعِبــتُ بِــأَهلِهِ لَومـاً وَقَبلـي
دُعـاةُ البِرِّ قَد سَئِموا الخِطابا
وَلَــو أَنّـي خَطَبـتُ عَلـى جَمـادٍ
فَجَـرتُ بِـهِ اليَنـابيعَ العِذابا
أَلَـم تَـرَ لِلهَـواءِ جَـرى فَأَفضى
إِلـى الأَكـواخِ وَاِختَرَقَ القِبابا
وَأَنَّ الشـَمسَ فـي الآفـاقِ تَغشـى
حِمـى كِسـرى كَما تَغشى اليَبابا
وَأَنَّ المـاءَ تُـروى الأُسـدُ مِنـهُ
وَيَشـفي مِـن تَلَعلُعِهـا الكِلابـا
وَسـَوّى اللَـهُ بَينَكُـمُ المَنايـا
وَوَسـَّدَكُم مَـعَ الرُسـلِ التُرابـا
وَأَرســَلَ عــائِلاً مِنكُـم يَتيمـاً
دَنـا مِـن ذي الجَلالِ فَكانَ قابا
نَبِــيُّ البِــرِّ بَيَّنَــهُ ســَبيلاً
وَســَنَّ خِلالَــهُ وَهَـدى الشـِعابا
تَفَـرَّقَ بَعـدَ عيسـى النـاسُ فيهِ
فَلَمّـا جـاءَ كـانَ لَهُـم مَتابـا
وَشـافي النَفـسِ مِـن نَزَعـاتِ شَرٍّ
كَشـافٍ مِـن طَبائِعِهـا الـذِئابا
وَكــانَ بَيــانُهُ لِلهَـديِ سـُبلاً
وَكــانَت خَيلُــهُ لِلحَــقِّ غابـا
وَعَلَّمَنــا بِنــاءَ المَجـدِ حَتّـى
أَخَــذنا إِمـرَةَ الأَرضِ اِغتِصـابا
وَمـا نَيـلُ المَطـالِبِ بِـالتَمَنّي
وَلَكِــن تُؤخَــذُ الـدُنيا غِلابـا
وَمـا اِستَعصـى عَلـى قَـومٍ مَنالٌ
إِذا الإِقـدامُ كـانَ لَهُـم رِكابا
تَجَلّــى مَولِــدُ الهـادي وَعَمَّـت
بَشــائِرُهُ البَـوادي وَالقِصـابا
وَأَســدَت لِلبَرِيَّــةِ بِنــتُ وَهـبٍ
يَــداً بَيضـاءَ طَـوَّقَتِ الرِقابـا
لَقَــد وَضــَعَتهُ وَهّاجـاً مُنيـراً
كَمـا تَلِـدُ السـَماواتُ الشِهابا
فَقـامَ عَلـى سـَماءِ البَيتِ نوراً
يُضــيءُ جِبـالَ مَكَّـةَ وَالنِقابـا
وَضـاعَت يَـثرِبُ الفَيحـاءُ مِسـكاً
وَفــاحَ القـاعُ أَرجـاءً وَطابـا
أَبـا الزَهـراءِ قَد جاوَزتُ قَدري
بِمَـدحِكَ بَيـدَ أَنَّ لِـيَ اِنتِسـابا
فَمــا عَـرَفَ البَلاغَـةَ ذو بَيـانٍ
إِذا لَــم يَتَّخِــذكَ لَـهُ كِتابـا
مَـدَحتُ المـالِكينَ فَـزِدتُ قَـدراً
فَحيـنَ مَـدَحتُكَ اِقتَـدتُ السَحابا
سـَأَلتُ اللَـهَ فـي أَبنـاءِ ديني
فَـإِن تَكُـنِ الوَسـيلَةَ لي أَجابا
وَمــا لِلمُســلِمينَ سـِواكَ حِصـنٌ
إِذا مــا الضـَرُّ مَسـَّهُمُ وَنابـا
كَـأَنَّ النَحـسَ حيـنَ جَـرى عَلَيهِم
أَطــارَ بِكُــلِّ مَملَكَــةٍ غُرابـا
وَلَـو حَفَظـوا سـَبيلَكَ كان نوراً
وَكـانَ مِـنَ النُحـوسِ لَهُم حِجابا
بَنَيــتَ لَهُـم مِـنَ الأَخلاقِ رُكنـاً
فَخانوا الرُكنَ فَاِنهَدَمَ اِضطِرابا
وَكــانَ جَنـابُهُم فيهـا مَهيبـاً
وَلَلأَخلاقِ أَجــــدَرُ أَن تُهابـــا
فَلَولاهـا لَسـاوى اللَيـثُ ذِئبـاً
وَسـاوى الصـارِمُ الماضي قِرابا
فَــإِن قُرِنَــت مَكارِمُهـا بِعِلـمٍ
تَــذَلَّلَتِ العُلا بِهِمــا صــِعابا
وَفـي هَـذا الزَمـانِ مَسـيحُ عِلمٍ
يَـرُدُّ عَلـى بَنـي الأُمَمِ الشَبابا
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932