
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فـي المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسبابِهِ
كُــلُّ اِمــرِئٍ رَهـنٌ بِطَـيِّ كِتـابِهِ
أَسـَدٌ لَعَمـرُكَ مَـن يَمـوتُ بِظُفـرِهِ
عِنـدَ اللِقـاءِ كَمَـن يَموتُ بِنابِهِ
إِن نــامَ عَنـكَ فَكُـلُّ طِـبٍّ نـافِعٌ
أَو لَـم يَنَـم فَـالطِبُّ مِن أَذنابِهِ
داءُ النُفــوسِ وَكُــلُّ داءٍ قَبلَـهُ
هَـــمٌّ نَســـينَ مَجيئَهُ بِــذَهابِهِ
النَفــسُ حَـربُ المَـوتِ إِلّا أَنَّهـا
أَتَـتِ الحَيـاةَ وَشـُغلَها مِن بابِهِ
تَسـَعُ الحَيـاةَ عَلـى طَويلِ بَلائِها
وَتَضـيقُ عَنـهُ عَلـى قَصـيرِ عَذابِهِ
هُـوَ مَنـزِلُ السـاري وَراحَةُ رائِحٍ
كَثُـرَ النَهـارُ عَلَيـهِ في إِنعابِهِ
وَشـَفاءُ هَـذي الـروحِ مِـن آلامِها
وَدَواءُ هَـذا الجِسـمِ مِـن أَوصابِهِ
مَــن ســَرَّهُ أَلّا يَمـوتَ فَبِـالعُلا
خَلُـدَ الرِجـالُ وَبِالفِعالِ النابِهِ
مـا مـاتَ مَـن حازَ الثَرى آثارَهُ
وَاِسـتَولَتِ الـدُنيا عَلـى آدابِـهِ
قُــل لِلمُــدِلِّ بِمــالِهِ وَبِجـاهِهِ
وَبِمـا يُجِـلُّ النـاسُ مِـن أَنسابِهِ
هَــذا الأَديـمُ يَصـُدُّ عَـن حُضـّارِهِ
وَيَنـامُ مِلـءَ الجَفـنِ عَـن غُيّابِهِ
إِلّا فَنــىً يَمشــي عَلَيـهِ مُجَـدِّداً
ديبـــاجَتَيهِ مُعَمِّــراً بِخَرابِــهِ
صـادَت بِقارِعَـةِ الصـَعيدِ بَعوضـَةٌ
فـي الجَـوِّ صـائِدَ بـازِهِ وَعُقابِهِ
وَأَصـابَ خُرطـومُ الذُبابَـةِ صـَفحَةً
خُلِقَـت لِسـَيفِ الهِنـدِ أَو لِذُبابِهِ
طـارَت بِخافِيَـةِ القَضـاءِ وَرَأرَأَت
بِكَريمَتَيـــهِ وَلامَســَت بِلُعــابِهِ
لا تَســمَعَنَّ لِعُصــبَةِ الأَرواحِ مـا
قـالوا بِباطِـلِ عِلمِهِـم وَكِـذابِهِ
الــروحُ لِلرَحمَــنِ جَــلَّ جَلالُــهُ
هِـيَ مِـن ضـَنائِنِ عِلمِـهِ وَغِيـابِهِ
غُلِبـوا عَلـى أَعصـابِهِم فَتَوَهَّموا
أَوهــامَ مَغلــوبٍ عَلـى أَعصـابِهِ
مــا آبَ جَبّـارُ القُـرونِ وَإِنَّمـا
يَـومُ الحِسـابِ يَكـونُ يَومَ إِيابِهِ
فَـذَروهُ فـي بَلَدِ العَجائِبِ مُغمَداً
لا تَشــهَروهُ كَـأَمسِ فَـوقَ رِقـابِهِ
المُســتَبِدُّ يُطــاقُ فـي ناووسـِهِ
لا تَحــتَ تــاجَيهِ وَفَـوقَ وِثـابِهِ
وَالفَـردُ يُـؤمَنُ شـَرُّهُ فـي قَـبرِهِ
كَالسـَيفِ نـامَ الشـَرُّ خَلفَ قِرابِهِ
هَــل كـانَ توتَنـخٌ تَقَمَّـصُ روحُـهُ
قُمُــصَ البَعـوضِ وَمُسـتَخَسَّ إِهـابِهِ
أَو كـانَ يَجزيـكَ الرَدى عَن صُحبَةٍ
وَهــوَ القَـديمُ وَفـاؤُهُ لِصـِحابِهِ
تَـاللَهِ لَو أَهدى لَكَ الهَرَمَينِ مِن
ذَهَـبٍ لَكـانَ أَقَـلَّ مـا تُجـزى بِهِ
أَنـتَ البَشـيرُ بِـهِ وَقَيِّـمُ قَصـرِهِ
وَمُقَـــدِّمُ النُبَلاءِ مِــن حُجّــابِهِ
أَعلَمـتَ أَقـوامَ الزَمـانِ مَكـانَهُ
وَحَشــَدتَهُم فــي سـاحِهِ وَرِحـابِهِ
لــولا بَنانُـكَ فـي طَلاسـِمِ تُربِـهِ
مـا زادَ فـي شـَرَفٍ عَلـى أَترابِهِ
أَخنى الحِمامُ عَلى اِبنِ هِمَّةِ نَفسِهِ
فـي المَجدِ وَالباني عَلى أَحسابِهِ
الجـائِبُ الصـَخرَ العَتيـدَ بِحاجِرٍ
دَبَّ الزَمــانُ وَشـَبَّ فـي أَسـرابِهِ
لَـو زايَـلَ المَـوتى مَحاجِرَهُم بِهِ
وَتَلَفَّتــوا لَتَحَيَّــروا كَضــَبابِهِ
لَـم يَـألُهُ صـَبراً وَلَـم يَـنِ هِمَّةً
حَتّــى اِنثَنـى بِكُنـوزِهِ وَرِغـابِهِ
أَفضـى إِلـى خَتـمِ الزَمـانِ فَفَضَّهُ
وَحَبـا إِلـى التاريخِ في مِحرابِهِ
وَطَـوى القُرونَ القَهقَرى حَتّى أَتى
فِرعَــونَ بَيــنَ طَعـامِهِ وَشـَرابِهِ
المَنــدَلُ الفَيّـاحُ عـودُ سـَريرِهِ
وَاللُؤلُـؤُ اللَمّـاحُ وَشـيُ ثِيـابِهِ
وَكَـأَنَّ راحَ القـاطِفينَ فَرَغـنَ مِن
أَثمــارِهِ صــُبحاً وَمِـن أَرطـابِهِ
جَـدَثٌ حَـوى مـا ضـاقَ غُمـدانٌ بِهِ
مِـن هالَـةِ المُلكِ الجَسيمِ وَغابِهِ
بُنيــانُ عُمــرانٍ وَصـَرحُ حَضـارَةٍ
فـي القَـبرِ يَلتَقِيانِ في أَطنابِهِ
فَتَـرى الزَمـانَ هُناكَ عِندَ مَشيبِهِ
مِثـلَ الزَمـانِ اليَومَ بَعدَ شَبابِهِ
وَتُحِـسُّ ثَـمَّ العِلـمَ عِنـدَ عُبـابِهِ
تَحـتَ الثَـرى وَالفَـنُّ عِندَ عُجابِهِ
يـا صـاحِبَ الأُخـرى بَلَغـتَ مَحَلَّـةً
هِـيَ مِن أَخي الدُنيا مُناخُ رِكابِهِ
نُـزُلٌ أَفـاقَ بِجـانِبَيهِ مِنَ الهَوى
مَـن لا يُفيـقُ وَجَـدَّ مِـن تَلعـابِهِ
نـامَ العَـدُوُّ لَـدَيهِ عَـن أَحقادِهِ
وَسـَلا الصـَديقُ بِـهِ هَـوى أَحبابِهِ
الراحَــةُ الكُــبرى مِلاكُ أَديمِـهِ
وَالسـَلوَةُ الطـولى قِـوامُ تُرابِهِ
وادي المُلـوكِ بَكَـت عَلَيكَ عُيونُهُ
بِمُرَقــرَقٍ كَـالمُزنِ فـي تَسـكابِهِ
أَلقـى بَيـاضَ الغَيـمِ عَن أَعطافِهِ
حُزنـاً وَأَقبَـلَ فـي سـَوادِ سَحابِهِ
يَأسـى عَلـى حَربـاءِ شـَمسِ نَهارِهِ
وَنَزيــلُ قيعَتِــهِ وَجـارُ سـَرابِهِ
وَيَــوَدُّ لَـو أُلبِسـتَ مِـن بَردِيَّـهِ
بُردَيـنِ ثُـمَّ دُفِنـتَ بَيـنَ شـِعابِهِ
نَـوَّهتَ فـي الـدُنيا بِـهِ وَرَفَعتَهُ
فَــوقَ الأَديــمِ بِطـاحِهِ وَهِضـابِهِ
أَخرَجـتَ مِـن قَـبرٍ كِتـابَ حَضـارَةٍ
الفَــنُّ وَالإِعجــازُ مِـن أَبـوابِهِ
فَصــَّلتَهُ فَــالبَرقُ فـي إيجـازِهِ
يُبنـى البَريـدُ عَلَيهِ في إِطنابِهِ
طَلَعـا عَلـى لَوزانَ وَالدُنيا بِها
وَعَلـى المُحيـطِ مـا وَراءَ عُبابِهِ
جِئتَ الشـُعوبَ المُحسـِنينَ بِشـافِعٍ
مِـن مِثـلِ مُتقَـنِ فَنِّهِـم وَلُبـابِهِ
فَرَفَعـتَ رُكنـاً لِلقَضـِيَّةِ لَـم يَكُن
ســَحبانُ يَرفَعُــهُ بِسـِحرِ خِطـابِهِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932