
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ناشـِئٌ فـي الـوَردِ مِـن أَيّـامِهِ
حَســبُهُ اللَــهُ أَبِـالوَردِ عَثَـر
سـَدَّدَ السـَهمَ إِلـى صـَدرِ الصِبا
وَرَمــاهُ فــي حَواشـيهِ الغُـرَر
بِيَـــدٍ لا تَعـــرِفُ الشــَرَّ وَلا
صـــَلَحَت إِلّا لِتَلهـــو بِــالأُكَر
بُســِطَت لِلســُمِّ وَالحَبــلِ وَمـا
بُســِطَت لِلكَـأسِ يَومـاً وَالـوَتَر
غَفَــرَ اللَــهُ لَــهُ مــا ضـَرَّهُ
لَـو قَضـى مِن لَذَّةِ العَيشِ الوَطَر
لَــم يُمَتَّــع مِـن صـِبا أَيّـامِهِ
وَلَيــــاليهِ أَصـــيلٌ وَســـَحَر
يَتَمَنّــى الشــَيخُ مِنــهُ سـاعَةً
بِحِجـابِ السـَمعِ أَو نـورِ البَصَر
لَيــسَ فـي الجَنَّـةِ مـا يُشـبِهُهُ
خِفَّـةً فـي الظِـلِّ أَو طيـبَ قِصـَر
فَصـــِبا الخُلــدِ كَــثيرٌ دائِمٌ
وَصــِبا الـدُنيا عَزيـزٌ مُختَصـَر
كُــلُّ يَــومٍ خَبَــرٌ عَــن حَــدَثٍ
سـَئِمَ العَيـشَ وَمَـن يَسـأَم يَـذَر
عـافَ بِالـدُنيا بِنـاءً بَعـدَ ما
خَطَــبَ الــدُنيا وَأَهـدى وَمَهَـر
حَـلَّ يَـومَ العُـرسِ مِنهـا نَفسـَهُ
رَحِـمَ اللَـهُ العَـروسُ المُختَضـَر
ضــاقَ بِالعيشــَةِ ذَرعـاً فَهَـوى
عَـن شـَفا اليَأسِ وَبِئسَ المُنحَدَر
راحِلاً فـي مِثـلِ أَعمـارِ المُنـى
ذاهِبـاً فـي مِثـلِ آجـالِ الزَهَر
هارِبـاً مِـن سـاحَةِ العَيـشِ وَما
شـارَفَ الغَمـرَةَ مِنهـا وَالغُـدُر
لا أَرى الأَيّــــامَ إِلّا مَعرَكـــاً
وَأَرى الصـِنديدَ فيـهِ مَـن صـَبَر
رُبَّ واهــي الجَــأشِ فيـهِ قَصـَفٌ
مــاتَ بِـالجُبنِ وَأَودى بِالحَـذَر
لامَــهُ النــاسُ وَمــا أَظلَمَهُـم
وَقَليــلٌ مَــن تَغاضـى أَو عَـذَر
وَلَقَـــد أَبلاكَ عُـــذراً حَســَناً
مُرتَـدي الأَكفانِ مُلقىً في الحُفَر
قــالَ نــاسٌ صــَرعَةٌ مِـن قَـدَرٍ
وَقَــديماً ظَلَـمَ النـاسُ القَـدَر
وَيَقــولُ الطِــبُّ بَـل مِـن جَنَّـةٍ
وَرَأَيـتُ العَقـلَ فـي الناسِ نَدَر
وَيَقولــــونَ جَفـــاءٌ راعَـــهُ
مِـن أَبٍ أَغلَـظَ قَلبـاً مِـن حَجَـر
وَاِمتِحـــانٌ صـــَعَّبَتهُ وَطـــأَةٌ
شـَدَّها فـي العِلـمِ أُسـتاذٌ نَكِر
لا أَرى إِلّا نِظامــــاً فاســـِداً
فَكَّــكَ الغَلــمَ وَأَودى بِالأُســَر
مِــن ضــَحاياهُ وَمــا أَكثَرَهـا
ذَلِـكَ الكـارِهُ فـي غَـضِّ العُمُـر
مـا رَأى فـي العَيـشِ شَيئاً سَرَّهُ
وَأَخَــفُّ العَيـشِ مـا سـاءَ وَسـَر
نَـزَلَ العَيـشَ فَلَـم يَنـزِل سـِوى
شــُعبَةِ الهَـمِّ وَبَيـداءِ الفِكَـر
وَنَهـــارٍ لَيــسَ فيــهِ غِبطَــةٌ
وَلَيـــالٍ لَيــسَ فيهِــنَّ ســَمَر
وَدُروسٍ لَـــم يُـــذَلِّل قَطفَهــا
عــالِمٌ إِن نَطَــقَ الـدَرسَ سـَحَر
وَلَقَــد تُنهِكُــهُ نَهــكَ الضـَنى
ضـــَرَّةٌ مَنظَرُهــا ســُقمٌ وَضــُر
وَيُلاقــي نَصــَباً مِمّــا اِنطَـوى
فـي بَنـي العَلّاتِ مِـن ضـِغنٍ وَشَر
إِخـــوَةٌ مــا جَمَعَتهُــم رَحِــمٌ
بَعضـُهُم يَمشـونَ لِلبَعـضِ الخَمَـر
لَــم يُرَفـرِف مَلَـكُ الحُـبِّ عَلـى
أَبَـوَيهِم أَو يُبـارِك فـي الثَمَر
خَلَـقَ اللَـهُ مِـنَ الحُـبِّ الـوَرى
وَبَنــى المُلــكَ عَلَيــهِ وَعَمَـر
نَشــَأَ الخَيــرِ رُوَيـداً قَتلُكُـم
فـي الصـِبا النَفـسَ ضـَلالٌ وَخُسُر
لَـو عَصـَيتُمُ كـاذِبِ اليَـأسِ فَما
فـي صـِباها يَنحَرُ النَفَسَ الضَجَر
تُضـمِرُ اليَـأسَ مِـنَ الدُنيا وَما
عِنـدَها عَـن حـادِثِ الدُنيا خَبَر
فيــمَ تَجنــونَ عَلــى آبـائِكُم
أَلَـمَ الثُكـلِ شـَديداً في الكِبَر
وَتَعُقّـــونَ بِلاداً لَـــم تَـــزَل
بَيــنَ إِشــفاقٍ عَلَيكُــم وَحَـذَر
فَمُصــابُ المُلــكِ فــي شـُبّانِهِ
كَمُصـابِ الأَرضِ فـي الزَرعِ النَضِر
لَيــسَ يَـدري أَحَـدٌ مِنكُـم بِمـا
كـانَ يُعطـى لَـو تَـأَنّى وَاِنتَظَر
رُبَّ طِفــلٍ بَــرَّحَ البُــؤسُ بِــهِ
مُطِــرَ الخَيــرَ فَتِيّــاً وَمَطَــر
وَصـــَبِيٍّ أَزرَتِ الـــدُنيا بِــهِ
شـَبَّ بَيـنَ العِـزِّ فيهـا وَالخَطَر
وَرَفيــــعٍ لَـــم يُســـَوِّدهُ أَبٌ
مَـن أَبـو الشَمسِ وَمَن جَدُّ القَمَر
فَلَــكٌ جــارٍ وَدُنيـا لَـم يَـدُم
عِنـدَها السَعدُ وَلا النَحسُ اِستَمَر
رَوِّحـوا القَلـبَ بِلَـذّاتِ الصـِبا
فَكَفــى الشــَيبُ مَجـالاً لِلكَـدَر
عـالِجوا الحِكمَةَ وَاِستَشفوا بِها
وَاِنشُدوا ما ضَلَّ مِنها في السِيَر
وَاِقــرَأوا آدابَ مَــن قَبلِكُــم
رُبَّمــا عَلَّــمَ حَيّــاً مَـن غَبَـر
وَاِغنَمـوا مـا سـَخَّرَ اللَـهُ لَكُم
مِـن جَمـالٍ في المَعاني وَالصُوَر
وَاِطلُبوا العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا
لِشـــــَهاداتٍ وَآرابٍ أُخَـــــر
كَــم غُلامٍ خامِــلٍ فــي دَرســِهِ
صـارَ بَحـرَ العِلمِ أُستاذَ العُصُر
وَمُجِــدٍّ فيــهِ أَمســى خــامِلاً
لَيـسَ فيمَـن غـابَ أَو فيمَن حَضَر
قاتِــلُ النَفـسِ لَـو كـانَت لَـهُ
أَسـخَطَ اللَـهَ وَلَـم يُـرضِ البَشَر
سـاحَةُ العَيـشِ إِلـى اللَهِ الَّذي
جَعَــلَ الــوِردَ بِـإِذنٍ وَالصـَدَر
لا تَمــوتُ النَفــسُ إِلّا بِاِســمِهِ
قــامَ بِــالمَوتِ عَلَيهـا وَقَهَـر
إِنَّمــا يَسـمَحُ بِـالروحِ الفَـتى
سـاعَةَ الرَوعِ إِذا الجَمعُ اِشتَجَر
فَهُنــاكَ الأَجــرُ وَالفَخـرُ مَعـاً
مَـن يَعِـش يُحمَـد وَمَـن ماتَ أُجِر
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932