
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هَنيئاً أَميــرَ المُــؤمِنينَ فَإِنَّمـا
نَجاتُــكَ لِلــدينِ الحَنيــفِ نَجـاةُ
هَنيئاً لِطَـــهَ وَالكِتـــابِ وَأُمَّــةٍ
بَقـــاؤُكَ إِبقــاءٌ لَهــا وَحَيــاةُ
أَخَـذتَ عَلـى الأَقـدارِ عَهداً وَمَوثِقاً
فَلَســتَ الَّــذي تَرقـى إِلَيـهِ أَذاةُ
وَمَـن يَـكُ فـي بُـردِ النَبِـيِّ وَثَوبِهِ
تَجُــزهُ إِلــى أَعــدائِهِ الرَمَيـاتُ
يَكـادُ يَسـيرُ البَيـتُ شـُكراً لِرَبِّـهِ
إِلَيــكَ وَيَســعى هاتِفــاً عَرَفــاتُ
وَتَسـتَوهِبُ الصـَفحَ المَسـاجِدُ خُشـَّعاً
وَتَبســُطُ راحَ التَوبَــةِ الجُمُعــاتُ
وَتَسـتَغفِرُ الأَرضُ الخَصـيبُ وَمـا جَنَت
وَلَكِــن ســَقاها قــاتِلونَ جُنــاةُ
وَتُثنـي مِـنَ الجَرحـى عَلَيكَ جِراحُهُم
وَتَـأتي مِـنَ القَتلـى لَـكَ الدَعَواتُ
ضــَحِكتَ مِـنَ الأَهـوالِ ثُـمَّ بَكَيتَهُـم
بِــدَمعٍ جَـرَت فـي إِثـرِهِ الرَحَمـاتُ
تُثــابُ بِغــاليهِ وَتُجــزى بِطُهـرِهِ
إِلــى البَعـثِ أَشـلاءٌ لَهُـم وَرُفـاتُ
وَمـا كُنـتَ تُحييهِـم فَكِلهُـم لِرَبِّهِم
فَمـا مـاتَ قَـومٌ فـي سَبيلِكَ ماتوا
رَمَتهُـم بِسـَهمِ الغَـدرِ عِنـدَ صَلاتِهِم
عِصـــابَةُ شـــَرٍّ لِلصـــَلاةِ عُــداةُ
تَبَـــرَّأَ عيســى مِنهُــمُ وَصــِحابِهِ
أَأَتبـاعُ عيسـى ذي الحَنـانِ جُفـاةُ
يُعــادونَ دينـاً لا يُعـادونَ دَولَـةً
لَقَــد كَــذِبَت دَعـوى لَهُـم وَشـُكاةُ
وَلا خَيـرَ في الدُنيا وَلا في حُقوقِها
إِذا قيـــلَ طُلّابُ الحُقــوقِ بُغــاةُ
بِـأَيِّ فُـؤادٍ تَلتَقـي الهَـولَ ثابِتاً
وَمــا لِقُلــوبِ العــالَمينَ ثَبـاتُ
إِذا زُلزِلَـت مِـن حَولِكَ الأَرضُ رادَها
وَقــارُكَ حَتّــى تَســكُنَ الجَنَبــاتُ
وَإِن خَرَجَــت نــارٌ فَكـانَت جَهَنَّمـاً
تُغَــذّى بِأَجســادِ الــوَرى وَتُقـاتُ
وَتَرتَـــجُّ مِنهــا لُجَّــةٌ وَمَدينَــةٌ
وَتَصـــلى نَــواحٍ حَرَّهــا وَجِهــاتُ
تَمَشـَّيتَ فـي بُـردِ الخَليـلِ فَخُضتَها
ســَلاماً وَبُــرداً حَولَــكَ الغَمَـراتُ
وَســــــِرتَ وَمِلـــــءُ الأَرضِ أَدرُعٌ
وَدِرعُـــكَ قَلـــبٌ خاشـــِعٌ وَصــَلاةُ
ضـَحوكاً وَأَصـنافُ المَنايـا عَـوابِسٌ
وَقــوراً وَأَنــواعُ الحُتـوفِ طُغـاةُ
يَحوطُـكَ إِن خـانَ الحُماةَ اِنتِباهُهُم
مَلائِكُ مِـــن عِنــدِ الإِلَــهِ حُمــاةُ
تُشـــيرُ بِـــوَجهٍ أَحمَــدِيٍّ مُنَــوِّرٍ
عُيــونُ البَرايــا فيـهِ مُنحَسـِراتُ
يُحَــيِّ الرَعايــا وَالقَضـاءُ مُهَلِّـلٌ
يُحَييـــهِ وَالأَقـــدارُ مُعتَـــذِراتُ
نَجاتُـــكَ نُعمـــى لِلإِلَــهِ ســَنِيَّةٌ
لَهــا فيــكَ شــُكرٌ واجِـبٌ وَزَكـاةُ
فَصــَيِّر أَميـرَ المُـؤمِنينَ ثَناءَهـا
مَــآثِرَ تُحــيِ الأَرضَ وَهــيَ مَــواتُ
إِذا لَـم يَفُتنـا مِـن وُجـودِكَ فائِتٌ
فَلَيـــسَ لِآمــالِ النُفــوسِ فَــواتُ
بَلَونـاكَ يَقظـانَ الصـَوارِمِ وَالقَنا
إِذا ضــَيَّعَ الصـيدَ المُلـوكَ سـُباتُ
ســَهِرتَ وَلَــذَّ النَـومُ وَهـوَ مَنِيَّـةٌ
رَعايــا تَوَلّاهــا الهَــوى وَرُعـاةُ
فَلَــولاكَ مُلــكُ المُســلِمينَ مُضـَيَّعٌ
وَلَــولاكَ شــَملُ المُســلِمينَ شـَتاتُ
لَقَـد ذَهَبَـت رايـاتُهُم غَيـرَ رايَـةٍ
لَهـا النَصـرُ وَسـمٌ وَالفُتـوحُ شِياتُ
تَظَــلُّ عَلــى الأَيّــامِ غَـرّاءَ حُـرَّةً
مُحَجَّلَـــةً فــي ظِلِّهــا الغَــزَواتُ
حَنيفِيَّـــةٌ قَــد عَزَّهــا وَأَعَزَّهــا
ثَلاثــونَ مَلكــاً فــاتِحونَ غُــزاةُ
حَماهـا وَأَسـماها عَلى الدَهرِ مِنهُمُ
مُلـــوكٌ عَلـــى أَملاكِــهِ ســَرَواتُ
غَمـائِمُ فـي مَحـلِ السـِنينِ هَواطِـلٌ
مَصـابيحُ فـي لَيـلِ الشـُكوكِ هُـداةُ
تَهــادَت ســَلاماً فـي ذَراكَ مَطيفَـةً
لَهــا رَغَبــاتُ الخَلـقِ وَالرَهَبـاتُ
تَمـوتُ سـِباعُ الجَـوِّ غَرثـى حِيالَها
وَتَحيــا نُفـوسُ الخَلـقِ وَالمُهَجـاتِ
سـَنَنتَ اِعتِدالَ الدَهرِ في أَمرِ أَهلِهِ
فَبــاتَ رَضــِيّاً فـي دَراكَ وَبـاتوا
فَــأَنتَ غَمــامٌ وَالزَمــانُ خَميلَـةٌ
وَأَنــتَ ســِنانٌ وَالزَمــانُ قَنــاةُ
وَأَنـتَ مِلاكُ السـِلمِ إِن مـادَ رُكنُـهُ
وَأَشـــفَقَ قُـــوّامٌ عَلَيــهِ ثُقــاتُ
أَكــانَ لِهَـذا الأَمـرِ غَيـرُكَ صـالِحٌ
وَقَــد هَــوَّنَتهُ عِنــدَكَ الســَنَواتُ
وَمَــن يَسـُسِ الـدُنيا ثَلاثيـنَ حِجَّـةً
تُعِنـــهُ عَلَيهــا حِكمَــةٌ وَأَنــاةُ
مَلَكـتَ أَميـرَ المُـؤمِنينَ اِبنَ هانِئٍ
بِفَضــلٍ لَــهُ الأَلبــابُ مُمتَلَكــاتُ
وَمـازِلتُ حَسـّانَ المَقـامِ وَلَـم تَزَل
تَلينـي وَتَسـري مِنـكَ لـي النَفَحاتُ
زَهِـدتُ الَّـذي فـي راحَتَيـكَ وَشاقَني
جَــوائِزُ عِنــدَ اللَــهِ مُبتَغَيــاتُ
وَمَن كانَ مِثلي أَحمَدَ الوَقتِ لَم تَجُز
عَلَيــهِ وَلَـو مِـن مِثلِـكَ الصـَدَقاتُ
وَلـي دُرَرُ الأَخلاقِ في المَدحِ وَالهَوى
وَلِلمُتَنَبّــــــي دُرَّةٌ وَحَصــــــاةُ
نَجَــت أُمَّــةٌ لَمّـا نَجَـوتَ وَدورِكَـت
بِلادٌ وَطـــالَت لِلســـَريرِ حَيـــاةُ
وَصــينَ جَلالُ المُلــكِ وَاِمتَـدَّ عِـزُّهُ
وَدامَ عَلَيــهِ الحُســنُ وَالحَســَناتُ
وَأُمِّــنَ فــي شـَرقِ البِلادِ وَغَربِهـا
يَتــامى عَلــى أَقــواتِهِم وَعُفـاةُ
ســَلامِيَ عَــن هَـذا المَقـامِ مُقَصـِّرٌ
عَلَيــكَ ســَلامُ اللَــهِ وَالبَرَكــاتُ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932