
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قُـــم لِلمُعَلِّـــمِ وَفِّــهِ التَبجيلا
كــادَ المُعَلِّــمُ أَن يَكـونَ رَسـولا
أَعَلِمـتَ أَشـرَفَ أَو أَجَـلَّ مِـنَ الَّـذي
يَبنــي وَيُنشــِئُ أَنفُســاً وَعُقـولا
ســـُبحانَكَ اللَهُــمَّ خَيــرَ مُعَلِّــمٍ
عَلَّمــتَ بِــالقَلَمِ القُـرونَ الأولـى
أَخرَجـتَ هَـذا العَقـلَ مِـن ظُلُمـاتِهِ
وَهَــدَيتَهُ النـورَ المُـبينَ سـَبيلا
وَطَبَعتَــهُ بِيَــدِ المُعَلِّــمِ تــارَةً
صــَدِئَ الحَديــدُ وَتــارَةً مَصـقولا
أَرســَلتَ بِـالتَوراةِ موسـى مُرشـِداً
وَاِبــنَ البَتــولِ فَعَلِّــمِ الإِنجيلا
وَفَجَــرتَ يَنبــوعَ البَيـانِ مُحَمَّـداً
فَسـَقى الحَـديثَ وَنـاوَلَ التَنـزيلا
عَلَّمــتَ يونانــاً وَمِصــرَ فَزالَتـا
عَــن كُـلِّ شـَمسٍ مـا تُريـدُ أُفـولا
وَاليَــومَ أَصــبَحَتا بِحـالِ طُفولَـةٍ
فــي العِلــمِ تَلتَمِســانِهِ تَطفيلا
مِـن مَشـرِقِ الأَرضِ الشـَموسُ تَظـاهَرَت
مــا بــالُ مَغرِبِهـا عَلَيـهِ أُديلا
يـا أَرضُ مُـذ فَقَـدَ المُعَلِّـمُ نَفسـَهُ
بَيــنَ الشـُموسِ وَبَيـنَ شـَرقِكِ حيلا
ذَهَـبَ الَّـذينَ حَمَـوا حَقيقَـةَ عِلمِهِم
وَاِسـتَعذَبوا فيهـا العَـذابَ وَبيلا
فــي عـالَمٍ صـَحِبَ الحَيـاةَ مُقَيَّـداً
بِــالفَردِ مَخزومــاً بِــهِ مَغلـولا
صـَرَعَتهُ دُنيـا المُسـتَبِدِّ كَمـا هَوَت
مِـن ضـَربَةِ الشـَمسِ الـرُؤوسُ ذُهولا
سـُقراطُ أَعطـى الكَـأسَ وَهـيَ مَنِيَّـةٌ
شــَفَتَي مُحِــبٍّ يَشــتَهي التَقـبيلا
عَرَضـوا الحَيـاةَ عَلَيـهِ وَهيَ غَباوَةٌ
فَــأَبى وَآثَــرَ أَن يَمــوتَ نَـبيلا
إِنَّ الشـَجاعَةَ فـي القُلـوبِ كَـثيرَةٌ
وَوَجَــدتُ شــُجعانَ العُقــولِ قَليلا
إِنَّ الَّــذي خَلَـقَ الحَقيقَـةَ عَلقَمـاً
لَـم يُخـلِ مِـن أَهـلِ الحَقيقَةِ جيلا
وَلَرُبَّمــا قَتَــلَ الغَـرامُ رِجالَهـا
قُتِـلَ الغَـرامُ كَـمِ اِسـتَباحَ قَتيلا
أَوَكُـلُّ مَـن حـامى عَـنِ الحَقِّ اِقتَنى
عِنــدَ الســَوادِ ضـَغائِناً وَذُحـولا
لَـو كُنـتُ أَعتَقِـدُ الصـَليبَ وَخَطبُـهُ
لَأَقَمــتُ مِــن صـَلبِ المَسـيحِ دَليلا
أَمُعَلِّمــي الــوادي وَساسـَةَ نَشـئِهِ
وَالطــابِعينَ شــَبابَهُ المَــأمولا
وَالحــامِلينَ إِذا دُعـوا لِيُعَلِّمـوا
عِبــءَ الأَمانَــةِ فادِحــاً مَسـؤولا
كــانَت لَنــا قَـدَمٌ إِلَيـهِ خَفيفَـةٌ
وَرِمَـــت بِــدَنلوبٍ فَكــانَ الفيلا
حَتّــى رَأَينـا مِصـرَ تَخطـو إِصـبَعاً
فـي العِلـمِ إِن مَشَتِ المَمالِكُ ميلا
تِلــكَ الكُفــورُ وَحَشــوُها أُمِّيَّــةٌ
مِـن عَهـدِ خوفـو لا تَـرَ القِنـديلا
تَجِـدُ الَّـذينَ بَنـى المِسـَلَّةَ جَـدُّهُم
لا يُحســــِنونَ لِإِبـــرَةٍ تَشـــكيلا
وَيُـــدَلَّلونَ إِذا أُريــدَ قِيــادُهُم
كَـالبُهمِ تَـأنَسُ إِذ تَـرى التَدليلا
يَتلــو الرِجـالُ عَلَيهُـمُ شـَهَواتِهِم
فَالنـــاجِحونَ أَلَـــدُّهُم تَــرتيلا
الجَهــلُ لا تَحيــا عَلَيــهِ جَماعَـةٌ
كَيـفَ الحَيـاةُ عَلـى يَـدَي عِـزريلا
وَاللَـــهِ لَــولا أَلســُنٌ وَقَــرائِحٌ
دارَت عَلــى فِطَـنِ الشـَبابِ شـَمولا
وَتَعَهَّــدَت مِــن أَربَعيــنَ نُفوسـَهُم
تَغـزو القُنـوطَ وَتَغـرِسُ التَـأميلا
عَرَفَــت مَواضــِعَ جَـدبِهِم فَتَتـابَعَت
كَــالعَينِ فَيضـاً وَالغَمـامِ مَسـيلا
تُسـدي الجَميـلَ إِلى البِلادِ وَتَستَحي
مِــن أَن تُكافَــأَ بِالثَنـاءِ جَميلا
مــا كــانَ دَنلــوبٌ وَلا تَعليمُــهُ
عِنــدَ الشــَدائِدِ يُغنِيـانِ فَـتيلا
رَبّـوا عَلـى الإِنصـافِ فِتيانَ الحِمى
تَجِــدوهُمُ كَهــفَ الحُقــوقِ كُهـولا
فَهـوَ الَّـذي يَبنـي الطِبـاعَ قَويمَةً
وَهـوَ الَّـذي يَبنـي النُفـوسَ عُدولا
وَيُقيــمُ مَنطِــقَ كُـلِّ أَعـوَجِ مَنطِـقٍ
وَيُريـهِ رَأيـاً فـي الأُمـورِ أَصـيلا
وَإِذا المُعَلِّـمُ لَـم يَكُـن عَـدلاً مَشى
روحُ العَدالَـةِ فـي الشـَبابِ ضَئيلا
وَإِذا المُعَلِّــمُ سـاءَ لَحـظَ بَصـيرَةٍ
جـاءَت عَلـى يَـدِهِ البَصـائِرُ حـولا
وَإِذا أَتـى الإِرشـادُ مِن سَبَبِ الهَوى
وَمِــنَ الغُــرورِ فَسـَمِّهِ التَضـليلا
وَإِذا أُصــيبَ القَـومُ فـي أَخلاقِهِـم
فَــأَقِم عَلَيهِــم مَأتَمــاً وَعَـويلا
إِنّــي لَأَعــذُرُكُم وَأَحســَبُ عِــبئَكُم
مِــن بَيـنِ أَعبـاءِ الرِجـالِ ثَقيلا
وَجَــدَ المُســاعِدَ غَيرُكُـم وَحُرِمتُـمُ
فــي مِصــرَ عَــونَ الأُمَّهـاتِ جَليلا
وَإِذا النِســاءُ نَشــَأنَ فـي أُمِّيَّـةً
رَضــَعَ الرِجــالُ جَهالَــةً وَخُمـولا
لَيـسَ اليَـتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن
هَـــمِّ الحَيـــاةِ وَخَلَّفــاهُ ذَليلا
فَأَصـابَ بِالـدُنيا الحَكيمَـةِ مِنهُما
وَبِحُســنِ تَربِيَــةِ الزَمـانِ بَـديلا
إِنَّ اليَـتيمَ هُـوَ الَّـذي تَلقـى لَـهُ
أُمّــاً تَخَلَّــت أَو أَبــاً مَشــغولا
مِصــرٌ إِذا مــا راجَعَــت أَيّامَهـا
لَـم تَلـقَ لِلسـَبتِ العَظيـمِ مَـثيلا
البَرلَمــانُ غَــداً يُمَــدُّ رُواقُــهُ
ظِلّاً عَلــى الـوادي السـَعيدِ ظَليلا
نَرجــو إِذا التَعليـمُ حَـرَّكَ شـَجوَهُ
أَلّا يَكــــونَ عَلـــى البِلادِ بَخيلا
قُـل لِلشـَبابِ اليَـومَ بـورِكَ غَرسُكُم
دَنَــتِ القُطــوفُ وَذُلِّلَــت تَـذليلا
حَيّــوا مِــنَ الشـُهَداءِ كُـلَّ مُغَيَّـبٍ
وَضـــَعوا عَلــى أَحجــارِهِ إِكليلا
لِيَكــونَ حَـظُّ الحَـيِّ مِـن شـُكرانِكُم
جَمّــاً وَحَــظُّ المَيـتِ مِنـهُ جَـزيلا
لا يَلمَــسُ الدُســتورُ فيكُـم روحَـهُ
حَتّــى يَــرى جُنــدِيَّهُ المَجهــولا
ناشــَدتُكُم تِلــكَ الــدِماءَ زَكِيَّـةً
لا تَبعَثـــوا لِلبَرلَمــانِ جَهــولا
فَليَســـأَلَنَّ عَـــنِ الأَرائِكِ ســائِلٌ
أَحَمَلــنَ فَضــلاً أَم حَمَلــنَ فُضـولا
إِن أَنــتَ أَطلَعـتَ المُمَثِّـلَ ناقِصـاً
لَـم تَلـقَ عِنـدَ كَمـالِهِ التَمـثيلا
فَـاِدعوا لَها أَهلَ الأَمانَةِ وَاِجعَلوا
لِأولـى البَصـائِرِ مِنهُـمُ التَفضـيلا
إِنَّ المُقَصـِّرَ قَـد يَحـولُ وَلَـن تَـرى
لِجَهالَــةِ الطَبــعِ الغَبِــيِّ مُحيلا
فَلَــرُبَّ قَـولٍ فـي الرِجـالِ سـَمِعتُمُ
ثُــمَّ اِنقَضــى فَكَــأَنَّهُ مــا قيلا
وَلَكَـم نَصـَرتُم بِالكَرامَـةِ وَالهَـوى
مَــن كـانَ عِنـدَكُمُ هُـوَ المَخـذولا
كَـرَمٌ وَصـَفحٌ فـي الشـَبابِ وَطالَمـا
كَــرُمَ الشــَبابُ شــَمائِلاً وَمُيـولا
قوموا اِجمَعوا شَعبَ الأُبُوَّةِ وَاِرفَعوا
صــَوتَ الشــَبابِ مُحَبَّبــاً مَقبـولا
مــا أَبعَــدَ الغايــاتِ إِلّا أَنَّنـي
أَجِــدُ الثَبــاتَ لَكُـم بِهِـنَّ كَفيلا
فَكِلـوا إِلى اللَهِ النَجاحَ وَثابِروا
فَـــاللَهُ خَيـــرٌ كـــافِلاً وَوَكيلا
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932