
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا راكِبَ الريحِ حَيِّ النيلَ وَالهَرَما
وَعَظِّـمِ السـَفحَ مِـن سـيناءَ وَالحَرَما
وَقِــف عَلـى أَثَـرٍ مَـرَّ الزَمـانُ بِـهِ
فَكــانَ أَثبَــتَ مِـن أَطـوادِهِ قِمَمـا
وَاِخفِـض جَناحَـكَ في الأَرضِ الَّتي حَمَلَت
موسـى رَضـيعاً وَعيسى الطُهرَ مُنفَطِما
وَأَخرَجَــت حِكمَــةَ الأَجيــالِ خالِـدَةً
وَبَيَّنَــت لِلعِبـادِ السـَيفَ وَالقَلَمـا
وَشــُرِّفَت بِمُلــوكٍ طالَمــا اِتَّخَـذوا
مَطِيَّهُــم مِـن مُلـوكِ الأَرضِ وَالخَـدَما
هَــذا فَضــاءٌ تُلِـمُّ الريـحُ خاشـِعَةً
بِـهِ وَيَمشـي عَلَيـهِ الـدَهرُ مُحتَشـِما
فَمَرحَبــاً بِكُمــا مِـن طـالِعينَ بِـهِ
عَلـى سِوى الطائِرِ المَيمونِ ما قَدِما
عـادَ الزَمـانُ فَـأَعطى بَعـدَما حَرَما
وَتـابَ فـي أُذُنِ المَحـزونِ فَاِبتَسـَما
فَيـا رَعـى اللَـهُ وَفداً بَينَ أَعيُنِنا
وَيَرحَـمُ اللَـهُ ذاكَ الوَفـدُ ما رَحِما
هُـم أَقسـَموا لِتَـدينَنَّ السـَماءُ لَهُم
وَاليَـومَ قَـد صَدَّقوا في قَبرِهِم قَسَما
وَالنــاسُ بــاني بِنـاءٍ أَو مُتَمِّمُـهُ
وَثــالِثٌ يَتَلافـى مِنـهُ مـا اِنهَـدَما
تَعــاوُنٌ لا يُحِــلُّ المَــوتُ عُروَتَــهُ
وَلا يُـــرى بِيَــدِ الأَرزاءِ مُنفَصــِما
يـا صـاحِبي أَدرَميـدٍ حَسـبُها شـَرَفاً
أَنَّ الرِيـاحَ إِلَيهـا أَلقَـتِ اللُجُمـا
وَأَنَّهـا جـاوَزَت فـي القُـدسِ مِنطَقَـةً
جَـرى البِسـاطُ فَلَـم يَجتَز لَها حَرَما
مَشــَت عَلـى أُفـقٍ مَـرَّ البُـراقُ بِـهِ
فَقَبَّلَـــت أَثَــراً لِلخُــفِّ مُرتَســِما
وَمَســَّحَت بِالمُصــَلّى فَاِكتَسـَت شـَرَفاً
وَبِالمَغـارِ المُعَلّـى فَاِكتَسـَت عِظَمـا
وَكُلَّمــا شــاقَها حــادٍ عَلـى أُفُـقٍ
كــانَت مَزاميـرُ داوُدٍ هِـيَ النَغَمـا
جَشــَّمتُماها مِــنَ الأَهــوالِ أَربَعَـةً
الرَعـدَ وَالبَـرقَ وَالإِعصـارَ وَالظُلَما
حَتّـى حَوَتهـا سـَماءُ النيلِ فَاِنحَدَرَت
كَالنَسرِ أَعيا فَوافى الوَكرَ فَاِعتَصَما
يـا آلَ عُثمـانَ أَبنـاءَ العُمومَةِ هَل
تَشـكونَ جُرحـاً وَلا نَشـكو لَـهُ أَلَمـا
إِذا حَزِنتُـم حَزِنّـا فـي القُلوبِ لَكُم
كَـالأُمِّ تَحمِـلُ مِـن هَـمِّ اِبنِهـا سَقَما
وَكَــم نَظَرنـا بِكُـم نُعمـى فَجَسـَّمَها
لَنـا السـُرورُ فَكـانَت عِنـدَنا نِعَما
وَنَبـذُلُ المـالَ لَـم نُحمَل عَلَيهِ كَما
يَقضـي الكَريـمُ حُقوقَ الأَهلِ وَالذِمَما
صـَبراً عَلـى الـدَهرِ إِن جَلَّت مَصائِبُهُ
إِنَّ المَصــائِبَ مِمّــا يـوقِظُ الأُمَمـا
إِذا المُقاتِــلُ مِـن أَخلاقِهِـم سـَلَمَت
فَكُــلُّ شــَيءٍ عَلــى آثارِهـا سـَلَما
وَإِنَّمــا الأُمَــمُ الأَخلاقُ مــا بَقِيَـت
فَـإِن تَـوَلَّت مَضـَوا فـي إِثرِها قُدُما
نِمتُـم عَلـى كُـلِّ ثـارٍ لا قَـرارَ لَـهُ
وَهَـل يَنـامُ مُصـيبٌ فـي الشُعوبِ دَما
فَنـالَ مِـن سـَيفِكُم مَـن كـانَ ساقِيَهُ
كَمـا تَنـالُ المُدامُ الباسِلَ القَدَما
قـالَ العَـذولُ خَرَجنـا فـي مَحَبَّتِكُـم
مِـنَ الوَقـارِ فَيـا صـِدقَ الَّذي زَعَما
فَمـا عَلـى المَرءِ في الأَخلاقِ مِن حَرَجٍ
إِذا رَعـى صـِلَةً فـي اللَـهِ أَو رَحِما
وَلَـو وَهَبتُـم لَنـا عُليـا سـِيادَتِكُم
مـا زادَنـا الفَضلُ في إِخلاصِنا قُدُما
نَحنـو عَلَيكُـم وَلا نَنسـى لَنـا وَطَناً
وَلا ســـَريراً وَلا تاجــاً وَلا عَلَمــا
هَـذي كَـرائِمُ أَشـياءِ الشـُعوبِ فَـإِن
مــاتَت فَكُـلُّ وُجـودٍ يُشـبِهُ العَـدَما
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932