
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هَـل تَهبِـطُ النَيِّـراتُ الأَرضَ أَحيانـا
وَهَــل تَصــورُ أَفــراداً وَأَعيانــا
نَزَلــنَ أَوَّلَ دارٍ فـي الثَـرى رَفَعَـت
لِلشــَمسِ مُلكــاً وَلِلأَقمـارِ سـُلطانا
تَفَنَّنَـت قَبـلَ خَلـقِ الفَـنِّ وَاِنفَجَـرَت
عِلمـاً عَلـى العُصُرِ الخالي وَعِرفانا
أُبُــوَّةٌ لَــو سـَكَتنا عَـن مَفـاخِرِهِم
تَواضــُعاً نَطَقَــت صــَخراً وَصــَوّانا
هُـم قَلَّبـوا كُـرَةَ الدُنيا فَما وَجَدَت
أَقـوى عَلـى صـَولَجانِ المَلكِ أَيمانا
وَصـَيَّروا الـدَهرَ هُـزءاً يَسـخَرونَ بِهِ
حَتّـى يَنـالَ لَهُـم بِالهَـدمِ بُنيانـا
لَـم يَسـلُكِ الأَرضَ قَـومٌ قَبلَهُـم سُبُلاً
وَلا الزَواخِـــرَ أَثباجــاً وَشــُطّانا
تَقَـدَّمَ النـاسَ مِنهُـم مُحسـِنونَ مَضَوا
لِلمَـوتِ تَحـتَ لِـواءِ العِلـمِ شُجعانا
جـابوا العُبـابَ عَلـى عـودٍ وَسارِيَةٍ
وَأَوغَلـوا فـي الفَلا كَالأُسـدِ وُحدانا
أَزمـانَ لا البَـرُّ بِـالوابورِ مُنتَهَباً
وَلا البُخــارُ لِبِنـتِ المـاءِ رُبّانـا
هَل شَيَّعَ النَشءُ رَكبَ العِلمِ وَاِكتَنَفوا
لِعَبقَرِيَّــــةٍ أَحمـــالاً وَأَظعانـــا
وَسـايَروا المَـوكِبَ المَرمـوقَ مُتَّشِحاً
عِــزَّ الحَضــارَةِ أَعلامــاً وَرُكبانـا
يَسـيرُ تَحـتَ لِـوائِهِ العَلَـمُ مُؤتَلِفاً
وَلَـن تَـرى كَجُنـودِ العِلـمِ إِخوانـا
العِلـمُ يَجمَـعُ فـي جِنـسٍ وَفـي وَطَـنٍ
شــَتّى القَبـائِلِ أَجناسـاً وَأَوطانـا
وَلَــم يَــزِدكَ كَرَســمِ الأَرضِ مَعرِفَـةً
بِــالأَرضِ داراً وَبِالأَحيــاءِ جيرانـا
عَلَـمٌ أَبـانَ عَـنِ الغَـبراءِ فَاِنكَشَفَت
زَرعــاً وَضــَرعاً وَإِقليمـاً وَسـُكّانا
وَقَســـَّمَ الأَرضَ آكامـــاً وَأَودِيَـــةً
وَفَصــَّلَ البَحــرَ أَصـدافاً وَمُرجانـا
وَبَيَّــنَ النــاسَ عــاداتٍ وَأَمزِجَــةٍ
وَمَيَّــزَ النــاسَ أَجناسـاً وَأَديانـا
وَفـدَ المَمالِـكِ هَـزَّ النيـلُ مَنكَبَـهُ
لَمّـا نَزَلتُـم عَلـى واديـهِ ضـيفانا
غَـدا عَلـى الثَغـرِ غادٍ مِن مَواكِبِكُم
فَــراحَ مُبتَســِمَ الأَرجــاءِ جَــذلانا
جَـــرَت ســَفينَتُكُم فيــهِ فَقَلَّبَهــا
عَلــى الكَرامَــةِ قَيـدوماً وَسـُكّانا
بِلُقــاكُمُ بِســَماءِ البَحــرِ ضـاحِيَةً
وَتــارَةً بِفَضــاءِ البَــرِّ مُزدانــا
وَلَــو نَزَلتُـمُ بِـهِ وَالـدَهرُ مُعتَـدِلٌ
نَزَلتُــمُ بِعَــروسِ المُلــكِ عُمرانـا
إِذِ الفَنــارُ وَراءَ البَحــرِ مُؤتَلِـقٌ
كَــأَنَّهُ فَلَــقٌ مِــن خِــدرِهِ بانــا
أَنــافَ خَلـفَ سـَماءِ اللَيـلِ مُتَّقِـداً
يُخــالُ فـي شـُرَفاتِ الجَـوِّ كيوانـا
تَطـوي الجَـواري إِلَيـهِ اليَمَّ مُقبِلَةً
تَجــري بَـوارِجَ أَو تَنسـابُ خُلجانـا
نـورُ الحَضـارَةِ لا تَبغـي الرُكابُ لَهُ
لا بِالنَهــارِ وَلا بِاللَيــلِ بُرهانـا
يـا مَوكِبَ العِلمِ قِف في أَرضِ مَنفَ بِهِ
يُنـاجِ مَهـداً وَيَـذكُر لِلصـِبا شـابا
بَكــى تَمــائِمَهُ طِفلاً بِهــا وَبَكــي
مَلاعِبـاً مِـن رُبـى الـوادي وَأَحضانا
أَرضٌ تَرَعــرَعَ لَــم يَصـحَب بِسـاحَتِها
إِلّا نَبِيّيــنَ قَــد طــابوا وَكُهّانـا
عيسـى اِبـنُ مَريَـمَ فيهـا جَرَّ بُردَتَهُ
وَجَـرَّ فيهـا العَصا موسى بنُ عِمرانا
لَــولا الحَيـاءُ لَنـاجَتكُم بِحاجَتِهـا
لَعَــلَّ مِنكُـم عَلـى الأَيّـامِ أَعوانـا
إِذا تَفَرَّقتُــمُ فــي الغَـربِ أَلسـِنَةً
لَيَّنتُــمُ كُــلَّ قَلـبٍ لَـم يَكُـن لانـا
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932