
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا فَرَنسـا نِلتِ أَسبابَ السَماء
وَتَمَلَّكـــتِ مَقاليــدَ الجِــواء
غُلِــبَ النَســرُ عَلــى دَولَتِــهِ
وَتَنَحّـى لَـكِ عَـن عَـرشِ الهَـواء
وَأَتَتــكِ الريــحُ تَمشــي أَمَـةً
لَـكِ يـا بَلقيسُ مِن أَوفى الإِماء
رُوِّضـــَت بَعــدَ جِمــاحٍ وَجَــرَت
طَــوعَ ســُلطانَينِ عِلـمٌ وَذَكـاء
لَـــكِ خَيــلٌ بِجَنــاحٍ أَشــبَهَت
خَيــلَ جِبريـلَ لِنَصـرِ الأَنبِيـاء
وَبَريــدٌ يَســحَبُ الــذَيلَ عَلـى
بُـرُدٍ فـي البَـرِّ وَالبَحـرِ بِطاء
تَطلُــعُ الشـَمسُ فَيَجـري دونَهـا
فَوقَ عُنُقِ الريحِ أَو مَتنِ العَماء
رِحلَــةُ المَشـرِقِ وَالمَغـرِبِ مـا
لَبِثَــت غَيــرَ صــَباحٍ وَمَســاء
بُســَلاءُ الإِنــسِ وَالجِــنِّ فِــدىً
لِفَريــقٍ مِــن بَنيــكِ البُسـَلاء
ضــاقَتِ الأَرضُ بِهِــم فَاِتَّخَــذوا
فـي السـَماواتِ قُبـورَ الشُهَداء
فِتيَــةٌ يُمسـونَ جيـرانَ السـُها
سـُمَراءَ النَجـمِ فـي أَوجِ العَلاء
حُوَّمــاً فَــوقَ جِبـالٍ لَـم تَكُـن
لِلرِيـاحِ الهـوجِ يَومـاً بِوِطـاء
لِســــُلَيمانَ بِســـاطٌ واحِـــدٌ
وَلَهُـم أَلـفُ بِسـاطٍ فـي الفَضاء
يَركَبـونَ الشـُهبَ وَالسـُحبَ إِلـى
رِفعَـةِ الـذِكرِ وَعَليـاءِ الثَناء
يـا نُسـوراً هَبَطوا الوادي عَلى
ســالِفِ الحُـبِّ وَمَـأثورِ الـوَلاء
دارُكُــم مِصــرُ وَفيهـا قَـومُكُم
مَرحَبــاً بِــالأَقرَبينَ الكُرَمـاء
طِرتُــمُ فيهــا فَطــارَت فَرَحـاً
بِــأَعَزِّ الضــَيفِ خَيـرِ النُـزَلاء
هَـل شـَجاكُم فـي ثَـرى أَهرامِها
مـا أَرَقتُـم مِـن دُمـوعٍ وَدِمـاء
أَيــنَ نَسـرٌ قَـد تَلَقّـى قَبلَكُـم
عِظَـةَ الأَجيـالِ مِـن أَعلـى بِناء
لَــو شـَهِدتُم عَصـرَهُ أَضـحى لَـهُ
عــالَمُ الأَفلاكِ مَعقـودَ اللِـواء
جَــرَحَ الأَهــرامَ فــي عِزَّتِهــا
فَمَشــى لِلقَـبرِ مَجـروحَ الإِبـاء
أَخَــذَت تاجــاً بِتــاجٍ ثَأرَهـا
وَجَــزَت مِــن صـَلَفٍ بِالكِبرِيـاء
وَتَمَنَّـــت لَــو حَــوَت أَعظُمَــهُ
بَيـنَ أَبنـاءِ الشـُموسِ العُظَماء
جَــلَّ شـَأنُ اللَـهِ هـادي خَلقِـهِ
بِهُـدى العِلـمِ وَنـورِ العُلَمـاء
زَفَّ مِــن آيـاتِهِ الكُـبرى لَنـا
طِلبَـةً طـالَ بِهـا عَهـدُ الرَجاء
مَركَــبٌ لَــو سـَلَفَ الـدَهرُ بِـهِ
كـانَ إِحـدى مُعجِـزاتِ القُـدَماء
نِصـــفُهُ طَيـــرٌ وَنِصــفٌ بَشــَرٌ
يـا لَهـا إِحدى أَعاجيبِ القَضاء
رائِعٌ مُرتَفِعــــاً أَو واقِعـــاً
أَنفُـسَ الشـُجعانِ قَبـلَ الجُبَناء
مُســرَجٌ فــي كُــلِّ حيـنٍ مُلجَـمٌ
كامِـلُ العُـدَّةِ مَرمـوقُ الـرُواء
كَبِسـاطِ الريـحِ فـي القُدرَةِ أَو
هُدهُـدِ السـيرَةِ فـي صِدقِ البَلاء
أَو كَحــوتٍ يَرتَمـي المَـوجُ بِـهِ
ســابِحٌ بَيــنَ ظُهــورٍ وَخَفــاء
راكِــبٌ مـا شـاءَ مِـن أَطرافِـهِ
لا يُــرى مِـن مَركَـبٍ ذي عُـدَواء
مَلَأَ الجَــــوَّ فِعـــالاً وَغَـــدا
عَجَـبَ الغِربـانِ فيـهِ وَالحِـداء
وَتَــرى الســُحبَ بِــهِ راعِــدَةً
مِــن حَديـدٍ جُمِّعَـت لا مِـن رَواء
حَمَــلَ الفــولاذَ ريشــاً وَجَـرى
فــي عِنـانَينِ لَـهُ نـارٍ وَمـاء
وَجَنـــاحٍ غَيـــرِ ذي قادِمَـــةٍ
كَجَنــاحِ النَحـلِ مَصـقولٍ سـَواء
وَذُنـــابى كُــلُّ ريــحٍ مَســَّها
مَســَّهُ صــاعِقَةٌ مِــن كَهرُبــاء
يَتَـــراءى كَوكَبـــاً ذا ذَنَــبٍ
فَــإِذا جَــدَّ فَسـَهماً ذا مَضـاء
فَــإِذا جــازَ الثُرَيّـا لِلثَـرى
جَــرَّ كَالطــاووسِ ذَيـلَ الخُيَلاء
يَملَأُ الآفـــاقَ صـــَوتاً وَصــَدىً
كَعَزيـفِ الجِـنِّ في الأَرضِ العَراء
أَرســَلَتهُ الأَرضُ عَنهــا خَبَــراً
طَــنَّ فـي آذانِ سـُكّانِ السـَماء
يـا شـَبابَ الغَدِ وَاِبنايَ الفِدى
لَكُــمُ أَكـرِم وَأَعـزِز بِالفِـداء
هَـل يَمُـدُّ اللَـهُ لِيَ العَيشَ عَسى
أَن أَراكُـم في الفَريقِ السُعَداء
وَأَرى تـــاجَكُمُ فَــوقَ الســُها
وَأَرى عَرشـــَكُمُ فَـــوقَ ذُكــاء
مَـن رَآكُـم قـالَ مِصـرُ اِستَرجَعَت
عِزَّهـا فـي عَهـدِ خوفـو وَمِنـاء
أُمَّــةٌ لِلخُلــدِ مـا تَبنـي إِذا
مـا بَنـى الناسُ جَميعاً لِلعَفاء
تَعصـِمُ الأَجسـامَ مِن عادي البِلا
وَتَقـي الآثـارَ مِن عادي الفَناء
إِن أَســَأنا لَكُـمُ أَو لَـم نُسـِئ
نَحـنُ هَلكـى فَلَكُـم طولُ البَقاء
إِنَّمــا مِصــرُ إِلَيكُــم وَبِكُــم
وَحُقـوقُ البِـرِّ أَولـى بِالقَضـاء
عَصـــرُكُم حُـــرٌّ وَمُســـتَقبَلُكُم
فـي يَميـنِ اللَـهِ خَيـرِ الأُمَناء
لا تَقولـوا حَطَّنـا الـدَهرُ فَمـا
هُــوَ إِلّا مِــن خَيـالِ الشـُعَراء
هَــل عَلِمتُـم أُمَّـةً فـي جَهلِهـا
ظَهَـرَت في المَجدِ حَسناءَ الرِداء
بــاطِنُ الأُمَّــةِ مِــن ظاهِرِهــا
إِنَّمـا السـائِلُ مِـن لَونِ الإِناء
فَخُــذوا العِلــمَ عَلـى أَعلامِـهِ
وَاِطلُبـوا الحِكمَةَ عِندَ الحُكَماء
وَاِقـرَأوا تـاريخَكُم وَاِحتَفِظـوا
بِفَصــيحٍ جــاءَكُم مِــن فُصـَحاء
أَنــزَلَ اللَــهُ عَلــى أَلسـُنِهِم
وَحيَـهُ فـي أَعصُرِ الوَحيِ الوِضاء
وَاِحكُمـوا الـدُنيا بِسُلطانٍ فَما
خُلِقَـــت نَضـــرَتُها لِلضــُعَفاء
وَاِطلُبـوا المَجدَ عَلى الأَرضِ فَإِن
هِـيَ ضـاقَت فَاِطلُبوهُ في السَماء
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932