
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَنـا مَـن بَـدَّلَ بِـالكُتبِ الصِحابا
لَـم أَجِـد لـي وافِياً إِلّا الكِتابا
صــاحِبٌ إِن عِبتَــهُ أَو لَــم تَعِـب
لَيــسَ بِالواجِــدِ لِلصـاحِبِ عابـا
كُلَّمــــا أَخلَقتُــــهُ جَــــدَّدَني
وَكَسـاني مِـن حِلـى الفَضـلِ ثِيابا
صــُحبَةٌ لَــم أَشــكُ مِنهـا ريبَـةً
وَوِدادٌ لَـــم يُكَلِّفنـــي عِتابــا
رُبَّ لَيــلٍ لَــم نُقَصــِّر فيـهِ عَـن
ســَمَرٍ طـالَ عَلـى الصـَمتِ وَطابـا
كــانَ مِــن هَــمِّ نَهـاري راحَـتي
وَنَـــدامايَ وَنَقلِــيَ وَالشــَرابا
إِن يَجِـــدني يَتَحَـــدَّث أَو يَجِــد
مَلَلاً يَطــوي الأَحــاديثَ اِقتِضـابا
تَجِــدُ الكُتـبَ عَلـى النَقـدِ كَمـا
تَجِــدُ الإِخــوانَ صــِدقاً وَكِـذابا
فَتَخَيَّرهــــا كَمــــا تَختـــارُهُ
وَاِدَّخِر في الصَحبِ وَالكُتبِ اللُبابا
صــالِحُ الإِخــوانِ يَبغيـكَ التُقـى
وَرَشـيدُ الكُتـبِ يَبغيـكَ الصـَوابا
غــالِ بِالتاريــخِ وَاِجعَـل صـُحفَهُ
مِـن كِتـابِ اللَـهِ في الإِجلالِ قابا
قَلِّـبِ الإِنجيـلَ وَاِنظُـر فـي الهُدى
تَلــقَ لِلتاريــخِ وَزنـاً وَحِسـابا
رُبَّ مَـــن ســافَرَ فــي أَســفارِهِ
بِلَيــالي الــدَهرِ وَالأَيّـامِ آبـا
وَاِطلُــبِ الخُلــدَ وَرُمــهُ مَنـزِلاً
تَجِـدِ الخُلـدَ مِـنَ التاريـخِ بابا
عــاشَ خَلــقٌ وَمَضـَوا مـا نَقَصـوا
رُقعَــةَ الأَرضِ وَلا زادوا التُرابـا
أَخَــذَ التاريــخُ مِمّــا تَرَكــوا
عَمَلاً أَحســـَنَ أَو قَـــولاً أَصــابا
وَمِـــنَ الإِحســانِ أَو مِــن ضــِدِّهِ
نَجَـحَ الراغِـبُ فـي الـذِكرِ وَخابا
مَثَــلُ القَــومِ نَســوا تـاريخَهُم
كَلَقيـطٍ عَـيَّ فـي النـاسِ اِنتِسابا
أَو كَمَغلــــوبٍ عَلـــى ذاكِـــرَةٍ
يَشـتَكي مِـن صِلَةِ الماضي اِنقِضابا
يــا أَبـا الحُفّـاظِ قَـد بَلَّغتَنـا
طِلبَــةً بَلَّغَــكَ اللَــهُ الرِغابـا
لَــكَ فــي الفَتـحِ وَفـي أَحـداثِهِ
فَتَــحَ اللَــهُ حَــديثاً وَخِطابــا
مَـــن يُطــالِعهُ وَيَســتَأنِس بِــهِ
يَجِــدُ الجِــدَّ وَلا يَعــدَم دِعابـا
صـــُحُفٌ أَلَّفَتهـــا فـــي شـــِدَّةٍ
يَتَلاشـى دونَهـا الفِكـرُ اِنتِهابـا
لُغَــةُ الكامِــلِ فــي اِستِرسـالِهِ
وَاِبــنُ خَلــدونَ إِذا صـَحَّ وَصـابا
إِنَّ لِلفُصـــحى زِمامـــاً وَيَـــداً
تَجنِـبُ السـَهلَ وَتَقتـادُ الصـَعابا
لُغَــةُ الــذِكرِ لِســانُ المُجتَـبى
كَيــفَ تَعيـا بِالمُنـادينَ جَوابـا
كُــلُّ عَصــرٍ دارُهــا إِن صــادَفَت
مَنـــزِلاً رَحبـــاً وَأَهلاً وَجَنابــا
إِئتِ بِــالعُمرانِ رَوضــاً يانِعــاً
وَاِدعُهــا تَجــرِ يَنـابيعَ عِـذابا
لا تَجِئهــا بِالمَتــاعِ المُقتَنــى
ســَرَقاً مِــن كُــلِّ قَـومٍ وَنِهابـا
ســَل بِهــا أَندَلُســاً هَـل قَصـَّرَت
دونَ مِضـمارِ العُلـى حيـنَ أَهابـا
غُرِســَت فــي كُــلِّ تُــربٍ أَعجَــمٍ
فَزَكَــت أَصـلاً كَمـا طـابَت نِصـابا
وَمَشـــَت مِشــيَتَها لَــم تَرتَكِــب
غَيـرَ رِجلَيهـا وَلَـم تَحجِـل غُرابا
إِنَّ عَصــراً قُمــتَ تَجلــوهُ لَنــا
لَبِــسَ الأَيّــامَ دَجنــاً وَضــَبابا
المَماليــــكُ تَمَشـــّى ظُلمُهُـــم
ظُلُمــاتٍ كَــدُجى اللَيــلِ حِجابـا
كُلُّهُــم كــافورُ أَو عَبـدُ الخَنـا
غَيــرَ أَنَّ المُتَنَبّــي عَنـهُ خابـا
وَلِكُـــلٍّ شـــيعَةٌ مِـــن جِنســـِهِ
إِنَّ لِلشــَرِّ إِلـى الشـَرِّ اِنجِـذابا
ظُلُمـــاتٌ لا تَــرى فــي جُنحِهــا
غَيـرَ هَـذا الأَزهَـرِ السـَمحِ شِهابا
زيـــدَتِ الأَخلاقُ فيـــهِ حائِطـــاً
فَــاِحتَمى فيهـا رِواقـاً وَقِبابـا
وَتَــرى الأَعــزالَ مِــن أَشــياخِهِ
صـــَيَّروهُ بِســِلاحِ الحَــقِّ غابــا
قَســَماً لَــولاهُ لَــم يَبــقَ بِهـا
رَجُــلٌ يَقـرَأُ أَو يَـدري الكِتابـا
حَفِـــظَ الـــدينَ مَلِيّــاً وَمَضــى
يُنقِـذُ الـدُنيا فَلَـم يَملِك ذَهابا
أوذِيَـــت هَيبَتُـــهُ مِــن عَجــزِهِ
وَقُصـــارى عــاجِزٍ أَن لا يُهابــا
لَــم تُغــادِر قَلَمــاً فـي راحَـةٍ
دَولَــةٌ مــا عَرَفَـت إِلّا الحِرابـا
أَقعَــدَ اللَــهُ الجَــبرَتِيَّ لَهــا
قَلَمــاً عَــن غـائِبِ الأَقلامِ نابـا
خَبَّــأَ الشــَيخُ لَهــا فـي رُدنِـهِ
مِرقَمـاً أَدهـى مِـنَ الصِلِّ اِنسِيابا
مَلِـــكٌ لَــم يُغــضِ عَــن ســَيِّئَةٍ
يـا لَـهُ مِـن مَلَـكٍ يَهوى السِبابا
لا يَــراهُ الظُلــمُ فــي كــاهِلِهِ
وَهـوَ يَكـوي كاهِـلَ الظُلـمِ عِقابا
صــــُحُفُ الشــــَيخِ وَيَومِيّـــاتُهُ
كَزَمـانِ الشـَيخِ سـُقماً وَاِضـطِرابا
مِــن حَــواشٍ كَجَليــدٍ لَــم يَـذُب
وَفُصــولٍ تُشـبِهُ التِـبرَ المُـذابا
وَالجَبَرتِــــيُّ عَلــــى فِطنَتِـــهِ
مَــرَّةً يَغــبى وَحينــاً يَتَغــابى
مُنصــِفٌ مــا لَــم يَــرُض عاطِفَـةً
أَو يُعالِــجُ لِهَـوى النَفـسِ غِلابـا
وَإِذا الحَـــيُّ تَـــوَلّى بِــالهَوى
سـيرَةَ الحَـيِّ بَغـى فيهـا وَحـابى
وَقعَــةُ الأَهــرامِ جَلَّــت مَوقِعــاً
وَتَعـالَت فـي المَغـازي أَن تُرابا
عِظَــةُ الماضــي وَمُلقــى دَرســِهِ
لِعُقــولٍ تَجعَــلُ الماضـي مَثابـا
مِــن بَنــاتِ الــدَهرِ إِلّا أَنَّهــا
تَنشــُرُ الــدَهرَ وَتَطـويهِ كَعابـا
وَمِــنَ الأَيّــامِ مــا يَبقــى وَإِن
أَمعَـنَ الأَبطالُ في الدَهرِ اِحتِجابا
هِـــيَ مِـــن أَيِّ ســَبيلٍ جِئتَهــا
غايَـةٌ فـي المَجـدِ لا تَـدنو طِلابا
اُنظُــرِ الشــَرقَ تَجِــدها صــَرَّفَت
دَولَـةَ الشـَرقِ اِسـتِواءً وَاِنقِلابـا
جَلَبَـــت خَيـــراً وَشــَرّاً وَســَقَت
أُمَمـاً فـي مَهـدِهِم شـُهداً وَصـابا
فــي نَصــيبينَ لَبِســنا حُســنَها
وَعَلــى التَــلِّ لَبِسـناها مَعابـا
إِنَّ ســـِرباً زَحَــفَ النَســرُ بِــهِ
قَطَـــعَ الأَرضَ بِطاحـــاً وَهِضــابا
إِن تَرامَـــت بَلَـــداً عِقبـــانُهُ
خَطَفَــت تاجــاً وَاِصـطادَت عُقابـا
شـــَهِدَ الجَيــزِيُّ مِنهُــم عُصــبَةً
لَبِسوا الغارَ عَلى الغارِ اِغتِصابا
كَـذِئابِ القَفـرِ مِـن طـولِ الـوَغى
وَاِختِلافِ النَقــعِ لَونــاً وَإِهابـا
قــادَهُم لِلفَتــحِ فـي الأَرضِ فَـتىً
لَــو تَـأَنّى حَظَّـهُ قـادَ الصـَحابا
غَـــرَّتِ النـــاسَ بِـــهِ نَكبَتُــهُ
جَمَـعَ الجُـرحُ عَلى اللَيثِ الذُبابا
بَــرَزَت بِــالمَنظَرِ الضـاحي لَهُـم
فَيلَـقٌ كَـالزَهرِ حُسـناً وَاِلتِهابـا
حُلِّــيَ الفُرســانُ فيهــا جَـوهَراً
وَجَلالُ الخَيــــلِ دُرّاً وَذَهابــــا
فــي ســِلاحٍ كَحُلِــيِّ الغيــدِ مـا
لَمَســَت طَعنــاً وَلا مَســَّت ضـِرابا
طَرِحَـــت مِصــرٌ فَكــانَت مومِيــا
بَيــنَ لِصــَّينِ أَراداهــا جُـذابا
نالَهــا الأَعــرَضُ ظَفَــراً مِنهُمـا
مِـن ذِئابِ الحَـربِ وَالأَطـوَلُ نابـا
وَبَنــو الــوادي رِجـالاتُ الحِمـى
وَقَفـوا مِـن سـاقِهِ الجَيـشَ ذُنابى
مَوقِـفَ العـاجِزِ مِـن حِلـفِ الـوَغى
يَحـرُسُ الأَحمـالَ أَو يَسـقي مُصـابا
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932