
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
آذارُ أَقبَـلَ قُـم بِنـا يـا صـاحِ
حَــيِّ الرَبيــعَ حَديقَــةَ الأَرواحِ
وَاِجمَـع نَدامى الظَرفِ تَحتَ لِوائِهِ
وَاِنشــُر بِسـاحَتِهِ بِسـاطَ الـراحِ
صـَفوٌ أُتيـحَ فَخُـذ لِنَفسـِكَ قِسطَها
فَالصـَفوُ لَيـسَ عَلى المَدى بِمُتاحِ
وَاِجلِـس بِضـاحِكَةِ الرِيـاضِ مُصَفِّقاً
لِتَجـــاوُبِ الأَوتــارِ وَالأَقــداحِ
وَاِستَأنِسـَنَّ مِـنَ السـُقاةِ بِرُفقَـةٍ
غُــرٍّ كَأَمثــالِ النُجــومِ صـِباحِ
رَقَّــت كَنُـدمانِ المُلـوكِ خِلالُهُـم
وَتَجَمَّلـــوا بِمُـــروءَةٍ وَســَماحِ
وَاِجعَـل صَبوحَكَ في البُكورِ سَليلَةً
لِلمُنجِبَيــنِ الكَــرمِ وَالتُفّــاحِ
مَهمـا فَضَضـتَ دِنانَهـا فَاِستَضحَكَت
مُلِـئَ المَكـانُ سـَنىً وَطيـبَ نُقاحِ
تَطغـى فَـإِن ذَكَـرَت كَريمَ أُصولِها
خَلَعَـت عَلـى النَشوانِ حِليَةَ صاحي
فِرعَــونُ خَبَّأَهــا لِيَـومِ فُتـوحِهِ
وَأَعَــدَّ مِنهــا قُربَــةً لِفَتــاحِ
مـا بَيـنَ شادٍ في المَجالِسِ أَيكُهُ
وَمُحَجَّبــاتِ الأَيــكِ فــي الأَدواحِ
غَـرِدٌ عَلـى أَوتـارِهِ يـوحي إِلـى
غَـــرِدٍ عَلــى أَغصــانِهِ صــَدّاحِ
بيـضُ القَلانِـسِ فـي سـَوادِ جَلابِـبٍ
حُلّيـــنَ بِـــالأَطواقِ وَالأَوضــاحِ
رَتَّلــنَ فــي أَوراقِهِــنَّ مَلاحِنـاً
كَالراهِبــاتِ صــَبيحَةَ الإِفصــاحِ
يَخطُــرنَ بَيــنَ أَرائِكٍ وَمَنــابِرٍ
فــي هَيكَــلٍ مِــن سـُندُسٍ فَيّـاحِ
مَلِــكُ النَبــاتِ فَكُـلُّ أَرضٍ دارُهُ
تَلقـــاهُ بِــالأَعراسِ وَالأَفــراحِ
مَنشــورَةٌ أَعلامُــهُ مِــن أَحمَــرٍ
قـانٍ وَأَبيَـضَ فـي الرُبـى لَمّـاحِ
لَبِسـَت لِمَقـدَمِهِ الخَمـائِلُ وَشيَها
وَمَرَحــنَ فــي كَنَـفٍ لَـهُ وَجَنـاحِ
يَغشـى المَنـازِلَ مِن لَواحِظِ نَرجِسٍ
آنــاً وَآنــاً مِـن ثُغـورِ أَقـاحِ
وَرُؤوسُ مَنثـــورٍ خَفَضــنَ لِعِــزِّهِ
تيجــــانَهُنَّ عَــــواطِرَ الأَرواحِ
الـوَردُ فـي سـُرُرِ الغُصـونِ مُفَتَّحٍ
مُتَقابِــلٍ يُثنــى عَلـى الفَتّـاحِ
ضـاحي المَواكِبِ في الرِياضِ مُمَيَّزٌ
دونَ الزُهـــورِ بِشــَوكَةٍ وَســِلاحِ
مَــرَّ النَســيمُ بِصـَفحَتَيهِ مُقبِلاً
مَــرَّ الشــِفاهِ عَلـى خُـدودِ مِلاحِ
هَتَـكَ الـرَدى مِـن حُسـنِهِ وَبَهائِهِ
بِاللَيـلِ مـا نَسـَجَت يَـدُ الإِصباحِ
يُنبيـــكَ مَصـــرَعُهُ وَكُــلٌّ زائِلٌ
أَنَّ الحَيــــاةَ كَغَـــدوَةٍ وَرَواحِ
وَيَقـائِقُ النَسـرينِ فـي أَغصانِها
كَالــدُرِّ رُكِّـبَ فـي صـُدورِ رِمـاحِ
وَالياســـَمينُ لَطيفُــهُ وَنَقِيُّــهُ
كَســَريرَةِ المُتَنَــزِّهِ المِســماحِ
مُتَــأَلِّقٌ خَلَــلَ الغُصــونِ كَـأَنَّهُ
فـي بُلجَـةِ الأَفنـانِ ضـَوءُ صـَباحِ
وَالجُلَّنــارُ دَمٌ عَلــى أَوراقِــهِ
قـاني الحُـروفِ كَخـاتَمِ السـَفّاحِ
وَكَــأَنَّ مَخـزونَ البَنَفسـَجِ ثاكِـلٌ
يَلقــى القَضــاءَ بِخَشـيَةٍ وَصـَلاحِ
وَعَلــى الخَــواطِرِ رِقَّـةٌ وَكَآبَـةٌ
كَخَـواطِرِ الشـُعَراءِ فـي الأَتـراحِ
وَالسَروُ في الحِبَرِ السَوابِغِ كاشِفٌ
عَــن ســاقِهِ كَمَليحَــةٍ مِفــراحِ
وَالنَخـلُ مَمشـوقُ العُـذوقِ مُعَصـَّبٌ
مُتَزَيِّــــنٌ بِمَنـــاطِقٍ وَوِشـــاحِ
كَبَنــاتِ فِرعَـونٍ شـَهِدنَ مَواكِبـاً
تَحـتَ المَـراوِحِ فـي نَهـارٍ ضـاحِ
وَتَـرى الفَضـاءَ كَحـائِطٍ مِن مَرمَرٍ
نُضــِدَت عَلَيــهِ بَـدائِعُ الأَلـواحِ
الغَيــمُ فيـهِ كَالنَعـامِ بَدينَـةٌ
بَرَكَــت وَأُخــرى حَلَّقَــت بِجَنـاحِ
وَالشـَمسُ أَبهـى مِـن عَروسٍ بُرقِعَت
يَــومَ الزِفــافِ بِعَســجَدٍ وَضـّاحِ
وَالمـاءُ بِـالوادي يُخالُ مَسارِباً
مِــن زِئبَــقٍ أَو مُلقِيـاتِ صـِفاحِ
بَعَثَـت لَـهُ شـَمسُ النَهـارِ أَشـِعَّةً
كـانَت حُلـى النَيلـوفَرِ السـَبّاحِ
يَزهـو عَلـى وَرَقِ الغُصونِ نَثيرُها
زَهـوَ الجَـواهِرِ فـي بُطونِ الراحِ
وَجَـرَت سـَواقٍ كَالنَوادابِ بِالقُرى
رُعــنَ الشــَجِيَّ بِأَنَّــةٍ وَنُــواحِ
الشــاكِياتُ وَمـا عَرَفـنَ صـَبابَةً
الباكِيـــاتُ بِمَـــدمَعٍ ســـَحّاحِ
مِـن كُـلِّ بادِيَـةِ الضـُلوعِ غَليلَةٍ
وَالمــاءُ فـي أَحشـائِها مِلـواحِ
تَبكـي إِذا رَتَبَـت وَتَضحَكُ إِن هَفَت
كَـــالعيسِ بَيــنَ تَنَشــُّطٍ وَرَزاحِ
هِـيَ في السَلاسِلِ وَالغُلولِ وَجارُها
أَعمــى يَنــوءُ بِنيـرِهِ الفَـدّاحِ
إِنّــي لَأَذكُــرُ بِـالرَبيعِ وَحُسـنِهِ
عَهـدَ الشـَبابِ وَطِرفِـهِ المِمـراحِ
هَــل كــانَ إِلّا زَهــرَةً كَزُهـورِهِ
عَجِـلَ الفَنـاءُ لَهـا بِغَيـرِ جُناحِ
هَـولَ كيـنِ مِصـرُ رِوايَةٌ لا تَنتَهي
مِنهــا يَــدُ الكُتّـابِ وَالشـُرّاحِ
فيهـا مِنَ البُردِيِّ وَالمُزمورِ وَال
تَــوراةِ وَالفُرقــانِ وَالإِصــحاحِ
وَمِنــا وَقِمــبيزٌ إِلـى إِسـكَندَرٍ
فَالقَيصــَرَينِ فِــذى الجَلالِ صـَلاحِ
تِلــكَ الخَلائِقُ وَالـدُهورُ خَزانَـةٌ
فَـاِبعَث خَيالَـكَ يَـأتِ بِالمِفتـاحِ
أُفـقُ البِلادِ وَأَنـتَ بَيـنَ رُبوعِها
بِــالنَجمِ مُــزدانٌ وَبِالمِصــباحِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932